|
|
قارب الزمن الثقيل
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 3893 - 2012 / 10 / 27 - 00:30
المحور:
الادب والفن
عبد النبي حجازي قارب الزمن الثقيل
ليس من السهل كتابة الرواية، فهي تخضع لمجموعة عوامل فنية ، من الزمن إلى الشخوص إلى المكان إلى اللغة والأسلوب، من هنا يمكن أن ينجح كاتب في كتابة القصة ولا يستطيع أن يصل إلى فن كتابة الرواية، حيث أنها تحتاج إلى نفس أطول عند الكاتب، كما تحتاج إلى إحاطة الكاتب والسيطرته على شخصيات الرواية. من هنا نبدأ البحث في هذا العمل الأدبي، فهو يمثل قصة طويلة أكثر منه رواية، لان عدد الشخصيات العمل الرئيسية لا تتجاوز ثلاث شخصيات، نوال وأمها واحمد شهاب (الفحل) الذي يستطيع أن يغوي نوال في مرات كثيرة. أما من ناحية المكان فلم يتم تحديده بدقة، ولكن نستنتج بأنه يقع في ضواحي دمشق، ورغم الحديث المتكرر في الرواية عن عملية القصف، إلا أن الكاتب تجاهل ـ عن عمد أو سهوا ـ تحديده في الرواية. أما الزمن فيتحدث عن حرب 67 تحديدا، وهنا يكمن الخلل الثالث في بنية العمل الأدبي، فالرب تاريخيا لم تستمر لأكثر من ساعات على الجبهة السورية، والكاتب عبد النبي حجازي لم يتجاوز الزمن للأحداث إلى الخلف ( الماضي) أو إلى الأمام ( المستقبل) ليجعل منه اقرب إلى زمن الروائي. من هنا يعطينا هذا العمل أنموذج للقصة الطويلة التي نجح في كتابتها الروس تحديدا، ورغم الحجم الكبير نسبيا لمثل ه8ذه8 الأعمال إلا أنها تبقى ضمن القصة وليس الرواية، فالمسألة تتعلق بالحجم بقدر تعلقها بالعناصر الرواية. هذا على صعيد الشكل الروائي، أما المضمون فلنا أيضا ملاحظات فكرته، عندما نقارن العمل "قارب الزمن الثقيل" بالأعمال الأدبية الحربية الأخرى ـ خاصة الأوروبية ـ نجد الهوة والتباين بينهما، فرواية "الأمل" لاندريه مارلو الفرنسي أو أعمال قسطنطين سيمنوف" رحى الحرب والأحياء والأموات" أو رواية "قصة الرعب والجرأة" لاسكندر بيك، نجد التباين الشاسع بين العمال الأدبية الحربية وهذا العمل.
وأيضا ينطبق ذلك على الأعمال الأدبية الحربية العربية، فرواية "حبيبتي مليشيا" لتوفيق فياض أو رواية "البكاء على صدر الحبيب" لرشاد أبو شاور لا يمكننا أن مقارنتهما بهذا العمل ـ ه8ذا إذا حكمنا على النص بالنسبة للأعمال الأدبية التي سبقته ـ أما إذا تحدثنا عن " الرب لم يسترح في اليوم السابع" لرشاد أبو شاور أو" نشيد الحياة" لحيى يخلف أو "الرفاعي" أو " ارض ارض" لجمال الغيطاني، نجد التمايز الكبير. فالأعمال الأدبية الحربية يكون الحدث الرئيس للحرب، أما الأحداث الأخرى فليست سوى مكملة وداعمة للأحداث الحربية، ولكن في هذا العمل كان فعل الزنا (الجنس) طاغي ومهيمن على العمل ـ حجما وكما، وشكلا ومضمونا ـ وما الأحداث الحربية إلا مبرر وداعم للفعل الرئيس الزنا ـ الجنس ـ من هنا لا يمكن اعتماد "قارب الزمن الثقيل" عملا أدبيا حربيا، ففعل الزنا (الجنس) جاء يتحدث عنه العمل بكثرة مبالغ فيها، ورغم عدم استمرار الحرب عام 67 لأكثر من ست أيام إلا أن فعل الزنا تم ممارسته بعدد مرات تجاوزها بكثير، فكيف تم الحديث عن عدد اللقاءات بين احمد ونوال بهذا الكم؟. وهذا يجعلنا نؤكد بان " زمن القارب الثقيل" هو عمل أدبي اجتماعي وليس من آداب الحرب، كما جاء في تسويق العمل. ولنا ملاحظة أخرى على الأحداث الحربية التي يتناولها لكاتب عبد النبي حجازي، فيذكر الأحداث الحربية على الجبهة المصرية والأردنية، ولا يتطرق إلى جبهة الجولان، رغم أنها كانت المكان الأهم استراتيجيا في الحرب، ولتحقيق اكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف قوات الاحتلال، إلا أن الكاتب ألغى أو تجاهل هذا الأمر تماما، وتم التركيز على ذكر مدينة القنيطرة والقصف الذي تتعرض له.
ولكي نضع القارئ في صورة اقرب من هذا العمل سنأخذ مقطع من صورة الحرب، والذي تكرر بنفس الشكل والمضمون ـ المكان ـ " الأرض تترجرج تحت قدميه ... الراديو يردد أغنية حماسة"ص100، مثل هذه الصورة تكررت مرات عديد مما جعلها تبدوا للقارئ ليس أكثر من ( كلاشية) توضع للتزين وليس لها مضمون فاعل حقيقة. وكذلك الأمر بالنسبة لفعل الزنا ـ الجنس ـ تم التعامل معه كفعل يجتر ليس أكثر، فلم يتغير أو تبديله وهذا الأمر جعل القارئ يشعر بعجز الكاتب عن تخيل أشكال جديدة لأحداث في عمله الأدبي" يبتعد عنها، فيضرم احتكاك يديه بها... بعنقها وشعرها لهيبا جنسيا"ص90، ففعل الزنا ـ الجنس ـ كان يقوم به كلا من لحمد ونوال تحديدا مما جعل العمل تبدوا أحداثه مكرر فعليا ومن نفس الشخصيات
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخطاء الماضي والحاضر
-
الذاكرة الخصبة
المزيد.....
-
الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال
...
-
ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
-
لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
-
مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار
...
-
جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم
...
-
شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه
-
في مثل هذا اليوم بدأت بي بي سي بثّها الإذاعي من غرفة صغيرة ف
...
-
معالم الكويت.. صروح تمزج روح الحداثة وعبق التاريخ
-
أبرز إطلالات المشاهير في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي
...
-
أسماء جلال تتألّق بفستان طوني ورد في عرض فيلم -السلّم والثعب
...
المزيد.....
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
المزيد.....
|