أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - بائعة السجاير














المزيد.....

بائعة السجاير


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3930 - 2012 / 12 / 3 - 23:40
المحور: الادب والفن
    



زارها الأرق في تلك الليلة وشعرت بظلال كآبة تهبط على نفسها . ساورتها الرغبة في أن تفتح

باب البلكون وتملأ رئتيها بالهواء البارد ، لكنها لم تقوَ … أحسًت كأن شيئاً إنكسر في داخلها

وهي تتذكر زيارتها الأولى الى الأردن للقاء اخوتها بعد اكثر من ربع قرن من غربتها في المنافي .

تذكرت جيدا ذلك اليوم التموزي من عام 2000 حين رأتها تجلس على الارض بين مجموعة من

النسوة اللواتي إعتدن الجلوس معها على رصيف احد شوارع عمان كل يوم ، يبعن ليف الحمًام

والديرم و .. . كانت إمرأة نحيفة ، وآثار البؤس والشقاء مرسومة في تجاعيد وجهها ،وامامها

صندوق من الكارتون تضع عليه باكيت سجاير مفتوح وبقربه قدًاحة . كانت تغمرها السعادة

ووجهها يستبشر فرحا حين ترى من بعيد مجموعة من الشباب تتجه نحوها .


حين رأتها سعاد ، شعرت بالحزن يخيًم عليها ، شيء يدعوها الى البكاء وهي ترى نساء بلدها

المجللات بالسواد تغص بهن الارصفة والاسواق الاردنية بين متسولة وبائعة متجولة بحثا عن

لقمة العيش ، والعراق السابح فوق اكبر احتياطي عالمي من النفط دون أن يستفاد شعبه حتى من

ضمان الحد الادنى للعيش الكريم .


تلك المرأة البائسة ، التي ركبت الاهوال وعبرت الحدود بحثا عن لقمة عيش كريمة ، تفترش

الارض تنتظر من يشتري منها سيجارة . بسطتها لاتأتيها منها طيلة اليوم ما يكفي لاكثر من

كسرة خبز وإيجار غرفة مشتركة غير صحية .

دنت منها سعاد وجلست بقربها وسألتها قصتها وسبب تركها الوطن .

اطلقت العجوز حسرة حزينة وراحت تسرد قصتها .. قصة مؤلمة مثل كل القصص التي عانت وتعاني منها المرأة العراقية بسبب الحروب .


ــ انا ارملة ، فقدت ولدي الوحيد في الحرب الايرانية . اسكن في بيت للايجار ولا اقوى على دفع

ايجاره . بعت كل ما املك وجئت هنا بحثا عن لقمة العيش . وانتِ هل تقيمين هنا ايضا ؟

ــ لا . انا اقيم منذ اكثر من ربع قرن خارج الوطن .
ــ اين ؟
ــ في السويد ...
ــ يبدو انك وجدتِ وطنا بديلا في غربتكِ و اكيد تعيشين حياة مرفهة هناك !

ــ صحيح كل شيء متوفر والحياة مريحة ، لكن لا تعتقدي اني عثرت في غربتي على وطن

جديد . صدقيني سكاكين الغربة تذبحني .انت تركتي الوطن بحثا عن لقمة العيش وانا تركته

هربا من الإضطهاد وبحثا عن الحرية والكرامة .

بعد اسبوع ذهبت سعاد الى ذلك الشارع .. وجدتها تجلس في ذلك المكان وامامها ذلك الصندوق

الكارتوني تتمتم مع نفسها ببعض الكلمات . وقفت سعاد في الجهة المقابلة و سؤال لم يغب عن

بالها وكان يقض مضجعها طيلة الاسبوع .” اليست هذه المرأة البائسة عراقية ؟ ولماذا لاتملك

سوى صندوق من الكارتون وعلبة سجاير ؟ “ . إتجهت اليها تستفسر عن احوالها .


اطرقت العجوز قليلا وغالبت دمعة اوشكت ان تنزلق من عينها ، وشعرت بحالة إنقباض مفاجيء

وشحب وجهها . إقتربت من سعاد وهمست في اذنها ـ

ــ كنت اريد ان اقول لكِ بأن معاناتي ستنتهي وسأتخلص من هذا الصندوق .

ــ هل ستعودين الى الوطن ؟

ــ لا .. سأغادر الى السويد …

ــ هل لديك احد هناك وعمل لك دعوة أو لم شمل ؟

ــ لا ، انت من سيعمل لي وتأخذيني معك ..…

كتمت سعاد ضحكتها وقالت بإستغراب .

ــ انا ؟ كيف لي ان اساعدكِ ، ولم استطع ان اساعد اخي ؟

غطًت وجه سعاد غيمة من الحزن والاسى ولم تقل شيئا وغادرت المكان وشيء ما يدعوها الى

البكاء .



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى ابي ظفر.. في الذكرى الثامنة والعشرين لإستشهاده
- من الذاكرة
- قالوا في الحب
- ابا ظفر ....ياخالدا في القلوب
- رسالة ارملة
- لن تقف اللغة عائقا مام الفن الرفيع
- نيسان الحب والفرح
- يوميات من عتق ( 3 )
- رسالة من الماضي
- فلادمير ماياكوفسكي .... في الذكرى الثمانين لرحيله
- ابا ظفر ... في عيد ميلادك لك الحب والوفاء
- اجمل الكلمات في عيد الأم
- تنسيق الأزهار
- ما اشبه اليوم بالبارحة
- ورحلت المناضلة زكية خليفة
- كلمات جميلة
- الشهادة والشهيد يبقيان الى الأبد
- في عيد الحب
- إنتخب النزيه والكفوء
- في الذكرى 150 لميلاده ...انطون تشيخوف الكاتب الأنساني العظيم


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - بائعة السجاير