أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - مسرحية (فلم أبيض وأسود) .. صورة رمادية للوجع














المزيد.....

مسرحية (فلم أبيض وأسود) .. صورة رمادية للوجع


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 21:20
المحور: الادب والفن
    



تمتلك اللغة خاصية تختلف عن غيرها من مصادر إنتاج المعنى ، ذلك ان الانزياح الناتج عن المنطوق اللغوي يمتلك دلالاته الايقونية التي تشكلت في وعي المتلقي كما هو الحال في مسرحية (فلم أبيض وأسود) والتي قدمت على خشبة المسرح الوطني في بغداد ، تمثيل (بشرى إسماعيل ، أياد الطائي ، طه المشهداني ، حيدر سعد ) ، تصميم الإضاءة (جبار جودي ) إخراج (حاتم عودة)، والتي يحيل عنوانها إلى فرضيات فكرية وجمالية يمتزج فيها العرض المسرحي مع الفلم السينمائي ، وتعود تلك الإحالة إلى أن مؤلفا العرض (سمر قحطان و حاتم عودة) قد عملا على مغازلة وعي المتلقي ومرجعياته الجمالية التي إنطلقت بإتجاه إستكشاف المعنى المضمر وراء عنوان المسرحية ، ذلك أن (افلام الابيض والأسود) التي كانت تعد واحدة من معجزات الفن السابع والتي إستطاع من خلالها عدد من المخرجين تقديم روائع فنية سينمائية لم تزل راسخة في ذاكرة التلقي العالمي والعربي والمحلي .
إلا ان المخرج عمل في المشهد الاول على الاطاحة بذاكرة المتلقي الجمالية والمعرفية التي كانت قد بدأت بتكوين علاقة حسية ترتبط فيها الصورة البصرية بمنظومة الفلم السينمائي في تشكيل جمالي للمعنى، إلا ان حضور الملفوظ اللغوي الهجين على منظومة العرض البصري والذي بات مهيمناً على معطيات العرض؛ دفع بالمتلقي إلى مغادرة الفرضيات التي منحها عنوان المسرحية إبتداءً.
وقد كشف المخرج عن معطيات النص التي وقفت بمعزل عن عنوان المسرحية الذي يبدو ان إختياره جاء بطريقة عشوائية ، على الرغم من إحتكامه على فرضيات عدة من بينها الإشتغال على منظومة (الفلم الأبيض والاسود) كما في تجارب (شارلي شابلن) في السينما الصامتة ، وغيرها من تجارب السينما البصرية التي كان من الممكن الافادة منها في العرض المسرحي ، إلا ان المخرج إختار ان تكون فكرة (الحرب ) عنواناً ضمنياً لطروحات النص ، وهو يمتلك الحق في تفسير النص كما يشتهي لاسيما وانه كان قد إشترك في كتابته ، وعلى الرغم من القطيعة المعرفية بين العنوان والمتن النصي إلا ان المتلقي سرعان ما دخل في لعبة تأويل العلامات التي يطرحها العرض، والتي تلخصت في الكشف عن منظومة الحرب التي اطاحت بالشعب العراقي قبل إطاحتها بالسلطة في سنوات الحرب التي أشعلها النظام السابق سواء على مستوى الحروب الداخلية أو على مستوى محاربة البلدان المجاورة ، والتي لم تزل المقابر الجماعية وسجلات المفقودين تبوح بمعاناتها في نشرات الاخبار اليومية، وعلى الرغم من الخزين الذي تمتلكه الحرب في ذاكرة المتلقي إلا ان المخرج لم يوظف ذلك الخزين بل إكتفى بتحول ذلك الوحش الابدي (الحرب ) إلى ملفوظات لغوية أستهلكتها اوجاع الامهات وصرخات الاطفال ، مع انه كان يمتلك القدرة على تحويل تلك الملفوظات إلى وجع حقيقي يدفع المتلقي إلى التفاعل مع العرض وذلك عن طريق الافادة من (الأبيض والاسود) وهما يشكلان لونين متناقضين في الحياة لكنهما يتطابقان في الموت ذلك ان الاول وهو الابيض يمكن ان يتحول عن طريق سلوك الممثل إلى أكفان متناثرة لضحايا الحروب ، اما الثاني والذي يتمثل بالاسود الذي يمتلك دلالة واضحة المعنى يمكن الكشف من خلالها عن مآسي الحرب ، فضلا عن ذلك فإن إضاءة (جبار جودي ) قد منحت العرض مساحة واسعة من اجل تحقيق فرضيات (الأبيض والاسود) إلا ان المخرج إختزل التشكيل البصري عبر تصميم ملصق متواضع يتمثل في شريط سينمائي إعتمد على لوني : أسود وأبيض؛ لم يمتلك حضوره على خشبة المسرح .
ومن جهة اخرى فإن ادوات المخرج التعبيرية والتي تمثلت بالاداء التمثيلي الذي جاء متباينا بين الكلائشية التي إعتدنا مشاهدتها في البرامج التلفزيونية التي يشارك فيها عدد من الممثلين، وبين البحث عن شخصيات مغايرة للتقليد من اجل إثارة المتلقي والتواصل معه.
ختاماً .. لابد من الإشارة إلى ان المنظومة الفكرية للمسرح العراقي المعاصر باتت تدور في حلقة واحدة مفرغة ، ويبدو ان الرؤية الاخراجية تكشف عن عجزها في الكشف عن معالجات إخراجية تمتلك حضورها الفاعل على خشبة المسرح العراقي.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الخراب .. -جئتُ لأراك-
- إشكالية توظيف الرمز في مسرحية -مطر صيف-
- القصدية وإشكالية تأويل العلامة في (حروب) إبراهيم حنون
- المقولات التي تفقد معناها في العرض المسرحي
- محنة الجنون ولذة العسل ..في مسرحية أيام الجنون والعسل
- جماليات بريخت في مسرح ابراهيم جلال
- المخرج الانتقائي في المسرح العراقي
- مسرحية روميو وجوليت في بغداد .. مقترحات طائفية تغازل الثقافة ...
- دلالة الحركة وجماليتها في مسرح عوني كرومي
- الصورة تعيد إنتاج الحلم في تجارب صلاح القصب المسرحية
- مسرح فاضل خليل :بين النص الواقعي والرؤية السحرية
- الفيلم العراقي (كرنتينة) صناعة الواقع من ذاكرة لا تموت !!
- مسرحية ( البَرَدة ) : جماليات المكان وحدود الاشتغال التأويلي
- (ندى المطر) عرض مسرحي يتجه نحو المجهول !
- (فيس بوك) :عرض مسرحي بعيد عن تكنولوجيا التغيير
- الإيقاع المسرحي في عرض خارج الزمن
- مسرحية (camp ) : محنة الرفض والقبول في الثقافة العراقية
- -غربة - سامي عبد الحميد على خشبة المسرح
- المؤسسة الرسمية تفتح الأبواب للمزورين
- مونودراما الممثل الواحد في مخفر الشرطة القديم


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - مسرحية (فلم أبيض وأسود) .. صورة رمادية للوجع