أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - منتجوا الثقافة ، نُقّادا..!؟















المزيد.....

منتجوا الثقافة ، نُقّادا..!؟


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 13:16
المحور: الادب والفن
    



لطالما رغبنا في التعرّف على آراء ووجهات نظر عدد من المبدعين من الشعراء وكتاب القصة والفنانين على إختلاف تخصّصهم الإبداعي ، ولكنّ مهمّة النقد شئ مختلف تماما عن ما ذكرنا ، وقد يكون بعض الشعراء لهم باع في التحليل والنقد وكذلك بعض الفنانين ونحبّ أن يُطلعونا على وجهات نظرهم المختلفة ولكن لا أعتقد أن الناقد والشاعر أو الناقد والكاتب أو سواهم من منتجي الثقافة يمكن ان يزدوجا في روحٍ واحدة وليست هذه قاعدة ولكن أقول من الصعب تصوّر ذلك إذ أن الشاعر أو الكاتب أو المبدع ولنسمّيه الآن (منتج الثقافة) يختط له منهجا وأسلوبا فنّيّا وليس هذا بالشئ اليسير وقد يتمكّن أن يُنتج أعماله وفق ما ذهب إليه وقد تكون موهبته أدنى من متطلبات ذلك المذهب وما تحتاجه من مهارات فنيّة أو لغويّة أو تعبيريّة فنجد ثقافة المنتج هذا تعلو نتاجه الثقافي ولا يستطيع أن يرتقي إلى متطلباتها كما ذكرنا وقد نجد آخر يتفوّق على ذخيرته الثقافيّة فيصبح نتاجه أرقى من تحصيله وقد يتوازن المستويان وقد نجد أيضا من لا يستطيع أن يتوفّر على أدنى المتطلبات وهذا كله ليس مهما جدا ولكن كثيرا ما يجد المنتج الثقافي نفسه بين تحصيل ثقافي جيّد ومستوى في إنتاج الثقافة يرسم مقدرته وموهبته فيبدأ بتبرير مستوى نتاجاته في كل مناسبة ويُحاول عبر تحصيله الثقافي أن يُروّج لنتاجاته الثقافيّة ويوفّر لنفسه تبريرات وتعاليل وتحليلات تستهدف أساسا ترويج مستواه في الكتابة أو الإنتاج الثقافي وهنا يبدأ بأن يُصبح ليس أهلا للنقد
صدق من قال أن لكل شاعر مدرسة نقديّة ينفرد بها وهذا يعني أن الشاعر أو كما قلنا منتِج الثقافة له مدرسة نقديّة هو بدأها ومضى على أسسها وهي لا تُشابه غيره فمثلا لو أخذنا شعر أبي تمام نموذجا فإن أبا تمام يقول الشعر بما يوافق نظريّته النقديّة وتعمّق أبي تمام في البديع وفنون البيان لا يستوي مع ما يقوله المتنبّي ولا مع البحتري وما يعتبره أبو تمام هو الشعر وهو الأسس والمبادئ الصحيحة للشعر أي نظريّة أبي تمام للشعر قد يُنكرها عليه البحتري أو أبو فراس الحمداني أو المتنبّي ولا توجد معايير نقديّة مشتركة بشكل دقيق ومتكامل وكذلك الأمر بالنسبة للآداب الأوربيّة فلو أخذنا لامارتين وسان جون بيرس فإننا لا نرى وشائج نقديّة مشتركة أبدا وكذلك الأمر بين بول إيلوار وأراغون ونفس الشئ نجده في شعر شكسبير ولو وقفنا عند معايير شكسبير النقديّة فلن نستطيع أن نقيّم شعر ووردزورث أبدا إذا كيف نستطيع أن نقيّم العمل الشعري ؟ هنا يجب أن نفهم جيدا أن تقييم العمل الشعري لا يعني تحليله إلى مكونات صالحة كي نسميها شعرا ومكونات شعريّة أخرى لا تصلح أو أنها لا يمكن أن نسميها شعرا ! بل إن مهمة النقد هنا هي إبراز القيم والأجزاء والمقاطع التي نستمتع بها بعد التحليل بشكل أكبر من إستمتاعنا بها قبله أي ليس بمعنى التقويم بل بمعنى إستنباط قيم النص الشعري النقديّة التي يُرسيها النص الذي نضعه أمامنا ولا نستطيع أبدا أن نحاكم شعر أيدث سيتويل بمعايير ييتس النقديّة أي التي نستخرجها من نصوص ييتس ولا نستطيع أن نستخدم معايير مستنبطة من شعر رامبو لكي نقيّم بها شعر وولت ويتمان أو بودلير هذا كلّه لا يجوز ويعلم السادة النقاد وكذلك الشعراء والفنانون أن شيئا من هذا لا يمكن العمل به بل لا يمكن تطبيقه ولكي نمضي في توضيح مقصدنا مقدارا قليلا أيضا نقول لو أننا إتّخذنا شعر الجواهري مثالا واستنبطنا معايير نقديّة منها فهل يمكن أن نستخدمها في نقد شعر الرصافي؟ أو الزهاوي؟ سيكون مثل هذا العمل النقدي أشدّ نكوصا لو أردنا أن نمارس بتلك المعايير النقديّة نقدا لأدب السياب أو البياتي أو الحيدري أو الملائكة بل سيكون الأمر مضحكا بل مضحكا جدا.
إذا من هنا نقول إن الشاعر أو معظم منتجي الثقافة لا يصلحون بشكل عام كنقّاد لأنهم سيُحاولون أن يُسقطوا المعايير المستنبطة من منهجهم الفنّي أو الشعري ومن خلال عتادهم الثقافي وموقفهم الفكري على ما يواجهون من شعر أو أدب أي أنهم سيجدون ما يوافق نظرتهم إلى الشعر هو النتاج الجيّد وأن ما يُخالفهم إنما نتاج فاشل أو مخفق ولن تتاح فرصة لقيمة نقدية جديدة بالظهور لا سيما أن هناك طغيان للشهرة والناس ومنهم الشعراء والفنانون والأدباء تتحكّم في تحقيق نجاحاتهم شهرة منتجي الثقافة البارزين فيُسرع بالعدو خلفهم كلّ سالك وكثيرا ما يكون الأمر غير صحيح ولكن لا نكتشفه إلاّ بعد مضي حقبة من الزمن.
اليوم تتمتّع النصوص النثريّة أو ما يُسمّى بقصيدة النثر باهتمام بالغ وقد برزت عن طريقها أسماء لمعت في فضاء قصيدة النثر من أمثال أدونيس وبعض كبار المثقفين ومنهم من حملة الدرجات العلميّة ومن المثقفين الكبار فأصبح لقصيدة النثر منظّرين وشعراء بارزين ونظريات نقديّة ولكن قبل نصف قرن كان أحد شعراء بغداد هو الوحيد الذي يكتب قصيدة النثر وكان هو رائدها الاول بيد أنه لم ينل الإهتمام الذي ناله شعراء قصيدة النثر هذا اليوم ولا يوجد فارق أساسي سوى الشهرة والموقع الإجتماعي فلقد كان حسين مردان رجلا لم ينل حظّا وافرا من الدرجات العلميّة الأكاديميّة وأنه ثقّف نفسه بنفسه وأنه وُلد في عائلة فقيرة وعاش في الشوارع والمقاهي ولم يستطع أن يحصل على عمل يليق به لعدم توفّر أيّة مؤهلات مدرسيّة مناسبة فهل أن هذه التفاصيل هي جزء من النظريّة النقديّة التي كانت سائدة؟ أم أنه كان فريد عصره وزمانه ولا تنطبق عليه أيّة نظريّة نقديّة أو معايير عامّة ؟ طبعا لا هذا ولا ذاك ولكن الذائقة العامّة والنظريات النقديّة التي كانت تُحابي السائد الإجتماعي هي التي لم تجعل حسين مردان أدونيسا .
ولكي نتحرر من أيّة قيود نقديّة علينا كما يُقال أن ننطلق من النص الذي يتم طرحه أمام أنظارنا لكي نحاول إستنباط قيمه النقديّة ونقيّمه وفق تلك القيم النابعة منه أي كما لو كنّا نحاول أن نشتقّ نظريّة نقديّة خاصّة به لا أن نقيّم النص الشعري على ضوء ما نؤمن به من قيم ومقاسات أي وفق ما نكتب وما نعمل نحن وكأننا نعاقب من لا يُقلّدنا أو يُعجب بمسارنا.
لهذا أرى بكل تواضع أن الشاعر لا يصلح أن يكون ناقدا لأنه متحيّز لنفسه وأسلوبه ومنهجه الذاتي وسيجد كل من لا ينتهج منهجه وكأنه يُقدّم تجربة فاشلة إذ أنها ربما تكون تجربة جديدة لها معيارها النقدي الخاص .
من جانب آخر نجد أن كثيرا من الناس يُحمّلون القصيدة أعباءً كثيرة ويُحاولون أن يجعلون منها نصّا شبه إلهي في الوقت الذي يجب أن ننظر إلى القصيدة كما نظر إليها السابقون إذ أنها أغنية أو نشيد ولهذا يُقال أنشد الشاعر قصيدته وقد تحمل القصيدة رسالة ضمن ما تحمل من مجاز الكلام ولكن لا يجب أن تكون على شكل شفرة لا يستطيع فكّها إلاّ متخصّصون فالصواب أن القصيدة كالموجة التي تبثها محطّة التلفزيون يمكن لها أن تحمل موجة الصوت معها لتعود كل منهما لتأدية دورها على المشاهد والسامع في آن واحد لا أن تظل محمولة على موجة الصورة حتّى بعد وصولها أنظار المشاهدين فلا نحصل إلاّ على صورة مشوّشة ومضطربة وكأنها أحجية تتطلّب من يفكّ تشفيرها.
إنني أدعو بكل تواضع إلى أن لا يوضع أي شاعر موضع الناقد لأنه متحيّز لنفسه وتحصيله وتجربته ، وأن نُهيّئ نقادا متخصّصين من غير منتجي الثقافة أي من غير الشعراء ولا الكتاب ولا الفنانين وأن يقوم النقد بالمهام التي وصفنا أي أن ينطلق لاكتشاف نظريّة نقديّة أو منهج نقدي لكل عمل ثقافي ثم تقييم العمل الثقافي وفق المعايير والقيم المستخرجة ، فإننا لو سألنا فرجيل عن شعر محمود البريكان لقال إنه ليس بشعر والحق معه فأين معايير الشعر في زمان فرجيل من المنهج الذي يكتب به محمود البريكان؟ولا أظن أن أبا نؤاس يقول شيئا غير ذلك عن البريكان أيضا.



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترجمة جديدة لقصيدة لوركا - الزوجة الخائنة -
- ماركسيون وعلمانيون ..لا تبشيريون..!
- قصيدتان في المطر..!
- ومن -الحلول- السهلة ما قتل..!
- نظريّة الفوضى توطئة مترجمة عن الإنكليزيّة ***
- أكلُّ من أمسكَ بالدفّ هو المغنّي..!
- هل قُتلوا بالصعقة الكهربائيّة؟
- وجاءت جرادةٌ وأخذت حبّةًً ً وخرجت..! *
- (فار التنّورُ) بين البيان وبين الصرف وعلم الإشتقاق..!
- قولٌ في الفصاحة..!
- بين عصرالمسرح وعصرالطابعة 3D..!
- هل يوجد فكرٌ يساريٌ إصلاحيّ..؟
- شكلُ الحريّة..لونُ الحرّيّهْ..!
- إلى ذات التنورة النيليّة والسماء الزرقاء..!
- الأنساب لماذا؟
- في جدليّة الزعيم وعبد الناصر..!
- إنسانيّة الكلاب والقطط..!
- المادّة في الأدب الفلسفي..!
- واحرّ قلباه..!
- هوامش وتعاليق على مقال من هو الشيوعي؟


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - منتجوا الثقافة ، نُقّادا..!؟