أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سنان أحمد حقّي - المادّة في الأدب الفلسفي..!















المزيد.....

المادّة في الأدب الفلسفي..!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 18:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في اكثر من مقال بيّنتُ أن هناك قواعد وقوانين تتوصّل لها العلوم المختلفة سواء كانت طبيعيّة أو إجتماعيّة أو نفسيّة أو سلوكيّة ولكن المعرفة الإنسانيّة والحياة الفكريّة لا تُعنى بها قدر عنايتها بالمفاهيم الكليّة المشتقّة عنها ونقصد بالمفاهيم الكليّة هي تلك القواعد والقوانين التي تنطبق على مختلف العلوم والمعارف بشكل موحّد وتلك المفاهيم تتفاعل جدليا مع القوانين الخاصّة من خلال العلاقة بين العام والخاص أيضا .
ولهذا فإن الفرق شاسع وكبير بين المادّة والطاقة في قوانين الفيزياء والعلوم الطبيعيّة وبين المادة والفكرة في العلوم الفلسفيّة إذ أن المادة في الفيزياء لها معنى وتعريف مختلف عن المادة في الفلسفة والمعرفة الفكريّة والفلسفيّة أي في موضوعة المفاهيم الكليّة أو الشاملة ونستطيع أن نقوم بالشرح والتمثيل للحالتين على النحو التالي : ــ
المادّة في الفيزياء كما يتعلّم اي مبتدئ في العلوم أنها كل ما يشغل حيّزا في الفراغ وله كتلة والكتلة تقاس بمعدل السرعة المتحقّقة عند تسليط قوّة عليها . اما الطاقة فبكل تجريد هي الشغل والشغل هو الإزاحة التي يقطعها جسم ما عند تسليط قوة عليه باتجاه الحركة اي انه تعبير عن حركة الأجسام فكل جسم عندما يتحرّك يُنتج أو يُحرر شغلا وقد تكون الطاقة ظاهرة وتكون أيضا كامنة إن كانت في موضعها بالنسبة لموضع آخر ممنوعة من تحقيق الطاقة بفعل حاجز أو مانع كما هي حالة الكتاب عندما يوضع على المنضدة إذ أن المنضدة تمنعه من السقوط وتحرير طاقة بمقدار الإزاحة التي يمثلها إرتفاع المنضدة وهكذا..
ولكننا عندما نتكلّم عن المادّة في الفلسفة والمفاهيم الكليّة ونذكر المادّة والفلسفة الماديّة فلا نعني بهذا كل ما ذكرناه إذ أن تعميم تلك المفاهيم على العلوم الأخرى كالرياضيات أو الأحياء أو التاريخ أو علم النفس غير ممكن ولهذا فإن مفهوم المادّة في الفكر الفلسفي مختلف كثيرا عنه في القوانين والقواعد الفيزياويّة والطبيعيّة وقد وضع ماركس مفهوما ما زال متداولا عن المادّة وذلك المفهوم مستمدّ من مفهوم الواقع وتعريف الواقع والمادة عند ماركس والماركسيين هي الواقع الموضوعي نفسه أي انها بتعبير أدقّ : ــ (كل ما هو خارج وعينا ومستقلّ عن إرادتنا) وهكذا ينظر المفكّر والفيلسوف الماركسي إلى المادّة وهذا هو سرّ الإختلاف الكبير بين الفريق الذي يُحاول معالجة الأفكار الماركسية الفلسفيّة بمنطق أحد مكونات الفلسفة وهي العلوم الطبيعيّة ومع ذلك فإن الفكرة أو الأفكار في المفهوم الماركسي تبقى هي نفسها حركة المادّة كما في العلوم الطبيعيّة ولكن باختلاف تعريف المادة بيد أن ذلك لا يعني أن الفكرة هي الطاقة التي يُعبّر عنها الفيزياويون بالشغل ، ولذلك يمكن أن نعتبر أن المعلومات التاريخيّة هي مادّة تاريخيّة ولكن المفهوم مختلف وليس المقصود بذلك الحيّز والكتلة والكثافة وسوى ذلك ، وبسبب هذا التباين في التعريف لا يمكن أن نتعامل مع المادّة في الفيزياء وكأنها نفسها المادّة المذكورة في الفلسفة وهذا هو أحد الأخطاء التي يقع فيها كثير من المحللين والمفكرين إذ أن ما ينجم عن حركة الفكر من حقائق مؤكّدة وراسخة ومجرّبة حسب نظرية المعرفة تنظمّ إلى مجمل المعطيات الماديّة في الحلقة اللاحقة لأنها أصبحت جزءا من الواقع الموضوعي أو جزءا مما هو خارج عن وعينا ومستقل عن إرادتنا كما ذكرنا .
لهذا لا يصح أن نعمم قواعد وقوانين علم محدد من علوم الطبيعة أو الكيمياء أو التاريخ أو اللغة أو النفس على المعرفة ونعتبرها مفاهيم كليّة إلاّ من خلال العلوم الفلسفيّة والإنجازات الفكريّة الفلسفيّة باعتبارها معنيّة بالمعرفة الكليّة من خلال منهج فلسفي محدد وعن طريق العلاقة الجدليّة بين الخاص والعام وعن سبيل إشتقاق وبلورة مفهوم عام ومشترك من مجموعة القوانين والقواعد التي تطرحها العلوم المختلفة طبيعيا وإجتماعيا ونفسيا أو سلوكيا ولكي نوضّح بعض ما ذكرنا على سبيل التمثيل أي ضرب الأمثال فنقول مثلا أن الفيلسوف الرياضي يقول أن المقدار كذا لو إتّحد (مع) المقدار كذا ولكنه عندما يتكلّم في نظريّة الأعداد فإنه يقول أو يذكر عمليّة الجمع او الطرح فتجريد عمليتي الجمع والطرح هي شكل من أشكال التعميم لها ونحن عندما نقول نوحّد المقدارين فمعنى ما نقول هو أن نجمعهما أو نطرحما ولا نعني أن نجمعهما فقط أي انه ليس معنى توحيد مقدارين هو جمعهما إذ قد يكون المقصود إيجاد الفرق بينهما لو كانت إشارة أحدهما سالبة وهكذا بالنسبة لمجموع العمليات المنطقيّة الأخرى وبسبب هذا فإن المفاهيم الفلسفية الكليّة تصلح للتطبيق على العلوم المختلفة لأنها مشتقّة منها ولكن العكس ليس صحيحا إذ أن القوانين والقواعد العلميّة المختصّة بعلم محدد لا تصلح بالضرورة للتطبيق كمفاهيم كليّة إلاّ بعد بلورتها واشتقاقها ومعالجتها وفق المنطق الفكري أو الفلسفي .
وخلاصة القول أن مفاهيم الفيزياء عن المادّة ليست هي نفسها المفاهيم الفلسفيّة عن المادّة ولا يصحّ معالجة المادة بالمنظور الفيزياوي في حين أن المقصود هو المفهوم الفكري والفلسفي لها وأن اي بحث فيزياوي في أولوية المادّة على الفكرة لا يُعدّ سليما عند تناوله من خلال تعريف المادة والطاقة الفيزياويين .
ونبيّن أيضا أن المادّة ليست هي ما يُقابل الوجود إذ أن هذا خطأ آخر وكل هذه الأخطاء تعود إلى الفروق بين القوانين والقواعد العلمية الخاصّة وبين المفاهيم الفلسفيّة العامّة والكليّة .
وبقدر ما تعني الفكرة من جانب أو آخر نوعا أو شكلا من أشكال حركة المادّة بالتعبير الفلسفي أي باعتبارها ( كل شئ خارج عن وعينا ومستقل عن إرادتنا) يمكن أن يكون لها معنى التمثيل يحركة أخرى أي وكأنها إشارة أي كما نعمل في علم الألكترونيات التماثلية أو عندما نشبّه دالة بدالّة أخرى معروفة ومفهومة ومتمثّلة لدينا .
وعندما نعود إلى الطاقة ونستعين بمعادلة آينشتاين فإننا كما هو معروف نجد أن الطاقة المتحرّرة من التفاعل النووي هي بمقدار الكتلة المستخدمة في التفاعل مضروبة في مربع سرعة الضوء ولكن لو سألنا نفسنا ألا ينتج عن ذلك التفاعل نتائج ؟ وألا تنتج عن التفاعل أيّة مخلفات؟أو نتائج تتبقّى عن التفاعل نقول طبعا تجد هناك إشعاعات وسيل من المكونات الذريّة المختلفة وربما ألكترونات أو بروتونات أو نيوترونات أو إشعاع وليس كل هذه المكونات الذريّة طاقة محضة فحسب فهي ليست شغلا أنجزته المادّة كما أن المكونات النوويّة تلك لها كتل وبالتالي هي مواد، إذا يمكن القول أن قانون حفظ المادّة ما زال ساريا وليس صحيحا تماما أن المادّة قد تحوّلت إلى طاقة إذ ليس من المعاني التي نستطيع أن تُستوعبها قولنا أن الكتلة تتحوّل إلى حركتها، إنما هي علاقة بين متغيّرين فلو قلنا أن الزخم يساوي الكتلة مضروبة في السرعة فهل نقصد أن الكتلة قد تحوّلت إلى زخم ؟ ولو قال أحد المهندسين المعماريين أن إرتفاع الغرفة يجب أن يكون 1.7 مضروبا في معدل طول الإنسان فهل نعني أن طول الإنسان قد تحوّل إلى إرتفاع غرفة؟أو عندما نعلم أن الإجهاد يُساوي المطاوعة النسبيّة مضروبا في معامل المرونة فهل يعني هذا أن المطاوعة النسبيّة قد تحوّلت إلى إجهاد؟
كما أنه يصعب فهم معلومة تقول أن الكتلة قد تحوّلت إلى طاقة لأن الطاقة هي حركة الكتلة أو ما ينتج عن حركتها إذا كيف تتحوّل الكتلة إلى حركتها؟أو إلى ما ينجم عن حركة الكتلة؟ نعم يمكن أن نفهم أن الكتلة عند التفاعل النووي تحرر طاقة هائلة ولكن يتبقّى عندنا مكونات نوويّة تنطلق بسرعة هائلة وهي جسيمات لها كتل معروفة وإن كانت صغيرة جدا فنحن نحصل على طاقة كبيرة جدا بواسطتها وذلك بسبب سرعتها الهائلة وهذا معقول ومفهوم .
وأظن أن لينين قد إستعرض شيئا من هذا المفهوم بشكل سريع أو لمّح له في كتابه ( الماديّة ونقد الفكر التجريبي ) مع أنني لست في وضع شخصي ملائم ؛ أستطيع معه أن اوفّر عرض شيئا من نصوص الكتاب الموصوف للقارئ الكريم.
ومع كل ما تقدّم يهمنا أن نؤكّد أن المادّة في العلوم لها مفهوم مختلف عن المادة في الفلسفة بسبب أن الفلسفة تتعامل مع الكلّيات وأن مفهوم المادّة الفلسفي هو أن المادّة هي كل ما هو خارج وعينا ومستقلّ عن إرادتنا أي انها هي نفس الواقع الموضوعي والذي يمكن أن يحتوي الطاقة والمادّة والتعجيل والفكرة والمادة المظلمة والحيوان والنبات وكل ما هو خارج وعينا ومستقلّ عن إرادتنا .
أي بشكل موجز نقول أن المفهوم الفلسفي العلمي إنما هو قانون القوانين ونستطيع أن نشبّهه بالدستور بالنسبة للتشريعات القانونيّة وتنوّعها.وهذا مهم جدا من حيث التدرّج الهيكلي أو الهيكل الهرمي لمنظومة القواعد والقوانين العلميّة كما هو الأمر مع التشريعات الإنسانيّة والإجتماعيّة.

سنان أحمد حقّي
مهندس ومنشغل بالثقافة



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحرّ قلباه..!
- هوامش وتعاليق على مقال من هو الشيوعي؟
- الحاجة أم الإختراع..!
- البديهيّة والمُسلَّمة واختلاف التنوّع ..!
- البصرة من منظور التنمية الشاملة
- هوامش وتفاصيل سريعة حول الواقع الحضري لمدينة البصرة
- ربيعٌ أم ثورةٌ ؟ ..أم فوضى خلاّقة؟
- في مفهوم الإيمان ..ولماذا الإيمان أولا؟..مرّة أخرى ..!
- البلم ..والبلم العشّاري..!
- تحوّلٌ مثير وجديد..!
- روسيا الأمس ؟ أم اليوم؟ .. !
- قولٌ على قول ٍفي الرد على قول ماركسَ في الأديان..!
- في قول ماركس في الأديان..!
- الإيمان أوّلا..لماذا؟
- الفنان والمعماري هندرتفاسر يكتب عن نفسه ( مترجمة عن الأنكلي ...
- التعرّض لأية مسألة فلسفيّة يتطلب إلماما بمبادئ الفلسفة..!
- قولٌ في الأنظمة السياسيّة ..!
- شعارات ليست ديمقراطيّة ولا ليبراليّة ..!
- ليس بمقدور كارل ماركس أن ينحاز لغير الطبقة العاملة..!
- هزّتان تضربان أرض الكنانة..!


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سنان أحمد حقّي - المادّة في الأدب الفلسفي..!