أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - إنسانيّة الكلاب والقطط..!















المزيد.....

إنسانيّة الكلاب والقطط..!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3858 - 2012 / 9 / 22 - 22:49
المحور: كتابات ساخرة
    


إنسانيّة الكلاب والقطط..!
أوردت وكالة السومريّة للإنباء خبرا مفاده أن راعيا في جنوب كركوك عضّ أفعى عضّاً حتى مات الأفعى بعد أن لدغت تلك الأفعى إثنين من خرافه وهذا لعمري عمل فريد ولكن ألم تنص القاعدة الفقهيّة على أن الجزاء من جنس العمل ؟ وهنا في عراقنا عجائب وغرائب منها ما يُشبه هذه الحوادث أرويها لكم : إن لي أحد المعارف كان قد جلب لأبنائه كلبا ليتسلّوا به ويلعبوا معه وقد شغل الكلب وقت فراغ الأبناء وبينهم بنت وبعد مدّة وبعد أن كبر الجرو وأصبح كلبا كبيرا وهم يلعبون معه يبدو أن الأبناء يتسببون أخذوا أحيانا في إيذاء الكلب ولكي يفلت الكلب من أذاهم عضّ البنت عضّة خفيفة وهنا إستشاطت البنت غضبا وهجمت على الكلب وعضّته عضّةً جعلته يعوي ألما ويجري إلى الأب ليلوذ به وهو يتألّم وكنّا في غاية العجب! هل يعضّنا الكلب أم نعضّ الكلب ؟
وأورد الأستاذ كاظم الحجاج في مقال قديم له عن كلب له حكاية طويلة ولكن نوجزها في كون أحدهم في محلّة صبخة العرب جلب كلب حراسة ووضعه أمام داره وكان كلبا عنيفا جدا وعندما يمرّ أي مستطرق يُهاجمه ويًعضّه وعندما يسمع صاحب الكلب النباح والصراخ وهما يمتزجان يخرج على المستطرق بعصا غليظة فيضربه وهو يتألّم من عضّة الكلب وهو يقول: كلب مسكين جالس بالباب تتعدّون عليه ليش ( لماذا؟) ؟ مو حيوان ! مسكين!هذوله شلون بشر؟
ولكنني اتذكّر لكلب من كلاب جيرتنا أيام زمان موقفا إنسانيّا ( أقصد حيوانيا) جدا ، فقد كنا في دعوة شواء مع عدد من الأهل والأقارب وكان لي طفل حديث الولادة آنذاك وهو اليوم مقبل على الزواج قريبا إن شاء الهو وكان طفلي في بداية تعلّمه الخطو ولم ننتبه في برهة قصيرة إلاّ على من ينادي أين فلان ؟ فانتبهنا أن الباب الرئيس كان مشرعا قليلا ومعناه أنه خرج إلى الشارع وكان في ما يُجاورنا كلب كبير الحجم كلما أسدل المساء سدوله كلّما إزداد شراسة ونباحا ومن عادته أن يقطع الطريق على المارّة تماما حتّى الذين يستخدمون العجلات الهوائيّة فإنهم يكفّون عن المرور في ذلك الشارع بل أنه يجرّهم من فوق دراجاتهم كما أنه يركض وراء السيارات أيضا ويُحاول معها فهنا وجدت أن ولدي ربما يكون قد جرى إلى ذلك الشارع والمشكلة أن الشارع يؤدّي إلى طريق عام مزدحم جدا وهذا هو أكبر الأخطار فركضت وكان الشارع الذي يُديره الكلب ويُسيطر عليه وكأنه احد شقاة الماضي ، كان الشارعُ طويلا وليس فيه سوى مصباح إنارة واحد وعندما تقرّبت من الكلب وكان هادئا وواقفا في منتصف الشارع الفرعي وطفلي الصغير واقف أمامه بحفّاظاته و قد أخرج الكلب له لسانه الأحمر القاني الكبير وطفلي واضع يده في فم الكلب ويلعب بلسان الكلب فكاد أن يُغمى عليّ من هول المنظر العجيب إذ أن الكلب قد حال فعلا دون أن يمضي طفلي إلى الشارع العام حيث المخاطر الكبرى فضلا عن ما افاض عليه من عطف وحنان لا مثيل له ولكنني حملته عائدا ولم ألحظ أي غضب أو إنزعاج من الكلب الذي وجدتُ عنده كل معاني الإنسانيّة والحنان أقصد الحيوانيّة الراقية!
وليست الكلاب وحدها التي لمست لديها جانبا إنسانيا أقصد حيوانيا فالقطط كانت لها حصّة كبيرة ، فعندما تمت إحالتي على التقاعد قبل أقلّ من ربع قرن تقريباحاولت أن أفتح مكتب أزاول فيه مهنتي لحسابي وكان المكتب في موقع الكراج الذي تم تغييره وفتح باب خاص به وبعد ذلك الوقت بفترة قصيرة كان الله قد رزقني طفلا هو الآن رجلا يُقبل على الجامعة إن شاء الله وكان صغيرا جدا وبطبيعة الحال تجده أغلب النهار نائما في غرفته وهي من الجانب البعيد من الدار ويحصل أنني اغفل عنه عندما يستيقظ طالبا زجاجة الحليب أو أنشغل بضيف أو عمل او يحصل أن اكون منكبّا على بعض الرسومات وكانت هناك قطّة تعيش بين دارنا ودار أحد المجاورين وعندما تسمع بكاءه تأتي عند باب المكتب وتبقى تموء وتخربش أسفل الباب إلى أن أخرج وأذهب إلى طفلي الرضيع هذا وأعمل له زجاجة الحليب واستمرّت الحال هكذا طوال أشهر عديدة وكلما سمعته يبكي حضرت عند باب المكتب وهو باب خارجي مستقلّ وبدأت تموء وتخربش أسفل الباب حتّى أخرج لها.
واسمحوا لي أن أعود إلى الكلاب فقد روى لي صديق عزيز وقديم أتمنى له العافية والصحّة انه كان يعمل معلما في إحدى القرى النائية حيث لا يترك واسطة نقل إلاّ ويستعملها فهو يركب القطار والسيارة ثم الدراجة الهوائيّة وبعد ذلك الحمار ثم السير على الأقدام ونسيت أن أذكر عبوره نهرا صغيرا بالقارب الصغير ولهذا فإن تأخّر القطار عن موعد وصوله يجعله في حرج شديد خصوصا وهو في الغالب يحمل حقيبة كبيرة وتأخير موعد وصول القطار يجعله يسير المرحلة الأخيرة على قدميه في الليل وسط أرض زراعيّة لا يخفاكم ما يمكن أن يُواجه فيها ولكن ما حدث له في إحدى المرّات شئ في غاية الوفاء والإنسانيّة حيث انّه كان يسكن في نفس المدرسة التي يعمل فيها ولم تكن في تلك الأيام أيّة وسائل تسلية سوى الراديو الترانسستر فكان يجلس ساعاتٍ طوالا في باب المدرسة ومعه الراديو يستمع من خلاله إلى بعض الأغاني والبرامج المسلّية وكان في القرية مجموعة كلاب منها واحدٌ يحضر إلى باب المدرسة كل مساء لتناول ما يقدّمه معلمنا هذا له من طعام يفيض عن حاجته وقد يُلاعبه في بعض الأحين وفي ذلك اليوم الذي تأخّر فيه القطار وسار فيه وسط أرض زراعية سمع نباح مجموعة من الكلاب تعدو نحوه ولم يكن عنده أي شئ يردّ به عن نفسه والكلاب تقترب وكان عددها كثيرا وربما كانوا عشرة ومعلمنا قلق ويُحاول أن يحمل حقيبته الكبيرة فيما هو يُفكّر ما عساه أن يفعل بعد أن إقتربت الكلاب ؟ فاستعدّ وقرّر أن يُحاول إستعمال الحقيبة كدرع وسلاح يتّقي بها عضّهم ويضرب بها بعضهم وعندما إقتربت الكلاب وهي تملأ الفضاء نباحا فإذا بها تشتبك مع بعضها أمامه وبعد قليل تبيّن لمعلمنا هذا أن بين تلك الكلاب ذلك الكلب الذي كان يحضر عنده على باب المدرسة فقام بأعظم واجب واعترض العدد الباقي من الكلاب ودافع عن معلمنا هذا حتّى كفّهم عن مهاجمة المعلّم ومضى معه إلى المدرسة مصاحبا إيّاه كحماية وحارس له.
وفي يوم كنت أعمل في منطقة شبه صحراويّة وكان معنا رجل أجنبي لاحظ حضور كلب إلى مكان إقامتنا بحثا عن الطعام فبدأ يُطعمه ويجلب له ما يفيض من العظام بعد تناول طعامنا وحدثت صداقة جميلة بينه وبين الكلب المذكور وكانا يتباريان ويلعبان في وقت فراغ صاحبنا الأجنبي ويبدو على الكلب كثير من السرور عندما يلقى الأجنبي هذا ويهزّ ذيله وكنّا نعاني في وقتها من إزعاج نوع من القوارض كبيرة الحجم حيث تداهم كل مكان ولا سيما المطبخ فإذا بهذا الكلب يتولّى حمايتنا من تلك القوارض إذ أصبحنا نشاهد كل صباح ثلاثة أو أربعة ً منها مطروحة أرضا وقد قنصها ذلك الكلب حتّى كفانا شرّها تماما وكان فضله لا يمكن أن ننساه وهو يردّ جميل زميلنا الأجنبي في إطعامه وصداقته
ليست القضيّة قضيّة وفاء بل هي إنسانيّة وأي إنسانيّة أن تحمي صغيرا ليس من نوعك ولا جنسك؟ ولم تتعايش معه حتّى تألفه ؟ قد يُسمّيها بعضهم بما يرغب أن يُسمّي ولكن هل نقول تلك هي حيوانيتها أو إنسانيتها التي تتفوّق بها على إنسانيّة الإنسان ذاته.



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المادّة في الأدب الفلسفي..!
- واحرّ قلباه..!
- هوامش وتعاليق على مقال من هو الشيوعي؟
- الحاجة أم الإختراع..!
- البديهيّة والمُسلَّمة واختلاف التنوّع ..!
- البصرة من منظور التنمية الشاملة
- هوامش وتفاصيل سريعة حول الواقع الحضري لمدينة البصرة
- ربيعٌ أم ثورةٌ ؟ ..أم فوضى خلاّقة؟
- في مفهوم الإيمان ..ولماذا الإيمان أولا؟..مرّة أخرى ..!
- البلم ..والبلم العشّاري..!
- تحوّلٌ مثير وجديد..!
- روسيا الأمس ؟ أم اليوم؟ .. !
- قولٌ على قول ٍفي الرد على قول ماركسَ في الأديان..!
- في قول ماركس في الأديان..!
- الإيمان أوّلا..لماذا؟
- الفنان والمعماري هندرتفاسر يكتب عن نفسه ( مترجمة عن الأنكلي ...
- التعرّض لأية مسألة فلسفيّة يتطلب إلماما بمبادئ الفلسفة..!
- قولٌ في الأنظمة السياسيّة ..!
- شعارات ليست ديمقراطيّة ولا ليبراليّة ..!
- ليس بمقدور كارل ماركس أن ينحاز لغير الطبقة العاملة..!


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - إنسانيّة الكلاب والقطط..!