أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سنان أحمد حقّي - الأنساب لماذا؟















المزيد.....

الأنساب لماذا؟


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3862 - 2012 / 9 / 26 - 07:15
المحور: الطب , والعلوم
    


لا أدّعي هنا أن لي معرفة تفصيليّة وعميقة في علم الأنساب ولا أنوي الدفاع عن كل ما خالطه من تفاصيل وادّعاءات ونوايا عنصريّة وفي البدء لا بدّ أن أقول أننا لو إطّلعنا على أي علم أو معرفة ولم نجد أو نتعرّف على أسراره أو غاياته أو مغاليقة فلا أجد أنه يتوجّب علينا أن نهدمه أو نهاجمه فقط لأننا لم نقع على طلاسمه بل أجدر بنا أن نحفظه كما هو حتّى يتهيّأ له من يفعل ما عجزنا عن فعله ولو كان أجدادنا قد حطّموا الأهرامات مثلا أو أزالوا أسد بابل أو حطّموا مسلّة حمورابي أو الثور المجنّح لما إستطاع علماء العصر الحديث أن يقفوا على شئ من التاريخ الفرعوني أو السومري أو البابلي أو الآشوري وغيره مع أن أجدادنا لم يكونوا يعرفون شيئا عن اللغة الهيروغليفيّة ولا المسماريّة ولو تحاملوا على ما يواجهه جهلهم لحطّموا ما وجدوه أمامهم ولكنهم كانوا أكثر حصافة وتفكيرا حينما تركوا كلّ شئ على حاله وكما هو حتّى وصل أيدي العلماء في عصرنا هذا واستطاعوا أن يفكّوا طلاسم الهيروغليفيّة والمسماريّة وكثيرا من الأسرار التي غابت عن عقول وأذهان أسلافنا وهنا لا بدّ أن نسجّل عظيم إحترامنا وتقديرنا لأولئك الأجداد الذين لم يعبثوا بما لم يفهموا وأنهم إحترموا تراث ما قبلهم وبطبيعة الحال كانت هناك إستثناءات كثيرة أخرى ولكننا نركّز الآن على ما هو محل تقديرنا واحترامنا.
منذ بدء الخليقة وكما تبيّن لنا اللقى الآثاريّة المختلفة نجد أن الإنسان بذل عناية كبيرة بالسلالات البشريّة حتّى تم تسمية عصر كامل بعصر فجر السلالات وقد وجدنا أن الحكام لمختلف الشعوب كانوا يُحافظون على أسرهم الحاكمة لفترات ووحقب طويلة بل أن الأسر الفرعونية قد إستمرّت لأكثر من عشرين أو ثلاثين خلـَفٍ وأعقبتها أسرٌ أخرى فعلت نفس الشئ ولهذا فإننا نحسب أن علم الأنساب علمٌ قديم ٌجدا .
وهكذا سارت الأسر الحاكمة في معظم أنحاء العالم وجميع الذين حكموا كوّنوا لهم أسر بهدف إستمرار حكمهم وأنظمة الحكم القديم كانت جميعها ملكيّة وراثيّة تعقبها أخرى تتّخذ من توارث الحكم سبيلا .
لاحظ الإنسان أن هناك عوامل متعدّدة تلعب دورا مهما في تحسين النوع وإعادة تشكيله بما يُلائم البيئة والظروف المناخيّة وبعض الغايات المنشودة الأخرى، ولم يكن متيّسرا له في العهود السابقة أن يعزز بحثه بالوسائل العلميّة الموجودة الآن وفي عصرنا هذا فاعتمد على ما هو متيسّر من تجارب وأسس معرفيّة فسلكوا طريق التزاوج والتركيب وتضريب مختلف الأنواع والأجناس .وما زالت تلك أهم وسائل التضريب وتحسين النوع حتّى اليوم.
ومثلما كان الأمر في تضريب الزروع والأشجار كان الأمر في تضريب الخيل وبعض أنواع الحيوانات فأنتجت الزروع حمضيات متعدّدة حيث نتج من الليمون البرتقال والنارنج وكثير من الأنواع الأخرى حتّى حصلنا في العصر الحالي على اليوسف أفندي والبرتقال الذي يُسمونه في بلادنا بالجهنّمي والذي يكون داخله أحمر وكان الأمر فيما مضى يعتمد على التضريب بالأقلام حيث يعرف كثيرون كيف يؤدّي ذلك لإنتاج أنواع من الفاكهة مختلفة نسبيا وكذلك في الكروم وغيرها ولكنّ الوضع أصبح واضحا منذ تم البدء في تضريب الخيل حيث ظهرت خيول تتمتّع بخواص لم تكن موجودة أو تم تطويرها وكل هذا بفضل مبدأ التضريب وقد رأينا كيف عني ملوك وأمراء أوربا وروسيا ولا سيما في إسبانيا بتربية وتضريب الخيول بهدف إنتاج خيول تتمتّع بخواص جديدة أو محسّنة كأن تتحمّل المصاعب أو تتمتّع بالسرعة أو الخفّة أو الفطنة والذكاء والشجاعة و..إلخ
لم يغفل السابقون عن كل هذا وإلاّ فيم كان تمسّكهم بالسلالات ؟
إنهم رغبوا أو حاولوا بكل تأكيد تطبيق معلوماتهم في الأحياء المختلفة على الإنسان وكان البدء في إنتخاب الأفراد المتميّزين والذين لهم مواهب خاصّة وصفات متقدّمة وكان أهمها الصفات المعروفة في الشجاعة والكرم والقوّة والذكاء وهكذا وعندما يتم إختيار زعيم عليهم كانوا يضعون بين يديه إنتخاب من يصلحون للإحتفاظ بصفاتهم لبناء سلالة جديدة وكلما تقدّم الزمن دخلت في الإعتبارعوامل جديدة حتّى وصلنا العصر الحديث الذي أيّدت فيه العلوم المختلفة إمكانيّة تحسين النوع وإدخال صفات محسّنة وإنتاج أجيال كما في البذور المحسّنة والأنواع الزراعيّة والحيوانيّة المختلفة فلم يقتصر الأمر على الخيول بل تجاوزها إلى الأبقار وغيرها وأصبح ممكنا ومتاحا إنتاج طماطة وخضار وحبوب متنوعة إمّا تحتوي على نسبة أكبر من البروتين أو أن تكون قشرتها أكثر متانة لمقاومة ظروف النقل أو لمقاومتها الكبرى للآفات الزراعيّة أو إستهلاكها القليل للماء وهكذا وبنفس الأسس أمكن أيضا إنتاج أبقار محسّنة يكون عطاؤها من الحليب أكثر أو نسبة الدهون أكثر أو البروتين أو أن يكون وزنها أكبر لتعطي كميّة من اللحوم زيادة عن المعتاد وهلمجرا..
وما دامت الأحياء جميعا ينطبق عليها نفس المفاهيم العلميّة فلماذا يستثني الإنسان نفسه؟
ففي البشر خصائص كثيرة متباينة في البنية واللياقة البدنيّة وفي المهارات والمواهب وكذلك في القدرات العقليّة والذكاء وغير ذلك.
ففي عصرنا هذا تطوّر البحث العلمي كثيرا فيما يختصّ بالوراثة والحقيقة أنها لا تعني الوراثة أي المواريث كما توحي الكلمة بل تعني التضريب وتحسين النسل والنوع وقد شهد العقدان الأخيران من القرن العشرين تقدّما سريعا في مجال البحث في علوم المورثات وتم رسم الخارطة الوراثيّة للجينات والمتعلّقة بالإنسان وباستعمال مبادئ الهندسة الوراثية أصبح ممكنا الخوض في تحسين الجنس البشري وتضريب الإنسان للوصول إلى إنسان يتمتّع بخواص محسّنة أو جديدة وغير خافٍ ما تتطلّبه العمليّة من وسائل حيويّة متطوّرة قد تصل لاستخدام علوم حديثة وتكنولوجيا متقدّمة وربما يستخدمون بعض الإشعاعات أو الليزر أو مواد عضويّة مختلفة بهدف توفير صفات جديدة وطفرات مهمة من شأنها تحسين النوع الإنساني .
ولكن الإنسان فيما مضى لم تكن متوفّرة لديه كل هذه الوسائل العلميّة أولا وثانيا أنها حتّى في عصرنا الحالي نجدها محفوفة بمخاطر جسيمة قد تُنتج لنا أجيالا لا يُكتب لها النجاح فيتسبب العلم بحصول إخفاقات خطيرة لا إنجازات ولكن القدماء لم يُفكّروا بهذه الطريقة بل أخذوا بما هو متوفّر وسائد في نظام الحياة وهو التضريب والتزاوج الإعتيادي ولكي يحفظوا منظومة الصفات التي يتحصّلون عليها ويستطيعوا تطويرها فإنه لهذه الأغراض تم إيجاد علم الأنساب والذي كان من شانه أن يجنبهم التعرّض لسلبيات ما يجري البحث فيه الآن كما بيّنّا
وما يتّجه له العلم هذا اليوم في الأحياء وفي البشر أيضا كانوا يعملونه نفسه منذ عصر فجر السلالات بطريقتهم الخاصّة وبحساباتهم التي إمتحنتها الحقب والأزمان وصحّحتها التجارب .
ولا أدري أننا هذا اليوم في الوقت الذي نتّخذ العلم منهجا ووسيلة ونؤمن بمعطياته ونُسمّي هذا المنهج بالمنهج العلمي ونخلع مصطلحات جديدة على العلوم التي تُعنى بالصفات والمورثات والهندسة الوراثيّة وعلم الخليّة والكروموسومات وكل ما يتعلّق بهذا ؛ لا أدري لماذا نقف موقفا سلبيا من علم الأنساب وهو أصل كل هذه العلوم وأساسها وسندها ؟ أم هو مجرّد تنكّر للتراث العلمي الماضي وجحودٌ فيه؟ وإلاّ فما الفرق بين هذا وذاك على أن القدماء فعلوا ما فعلوا دون تعريض البشر إلى تجارب قد تؤدّي إلى إخفاقات محتملة كما يُزمعون هذا اليوم.
هذا هوالأساس والمبادئ التي تتعلّق بعلم الأنساب والتي لا تتناقض مع العلوم الحديثة في المورثات وتحسين النوع ومبادئ الهندسة الوراثيّة والتي بكل غرور نعتقد اننا بدأناها منذ عهد مندل .
إن مواصلة العمل بهذا العلم النظيف ونقصد بذلك غير المحفوف بالتلوث أو الإضرار بالبيئة أو الأخطاء الجسيمة أو التناقضات الأخلاقيّة والدينيّة ضرورة ملحّة جدا لأن الحياة تفرض يوما بعد يوم علينا التفكير يتحسين النوع البشري بهدف تحسين التعامل مع التقدّم الذي يُصاحب جميع جوانبها ويُملي علينا توفير قدرات أرقى من جميع الجوانب
هكذا نستطيع أن نفهم علم الأنساب على حقيقته ولا نستهجنه أو نهاجمه باعتباره مبررلعوامل التمييز بين الشعوب أو الأفراد بل هو علم قديم وجديد في آن واحد ولا يجدر بنا تجنّب الحقائق ودفن رؤوسنا في الرمال، هذا فضلا عن أن علم الإنساب علم أخلاقي جدا وليس هناك أي خرق أو تعارض مع الأديان ولا الأخلاق العامّة ولا الموروث منها أيضا.
ونظن ان توريث الخصائص المختلفة للإنسان هي أفضل من جميع الجوانب من عمليّة إكتساب تلك الخصائص بالتعلّم والتدرّب فهي أوفر في الجهد والمال والوقت، كما أنه يتّضح لنا بوضوح أنه ليس كل قديم بالي
وللحديث صلة والسلام عليكم.



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في جدليّة الزعيم وعبد الناصر..!
- إنسانيّة الكلاب والقطط..!
- المادّة في الأدب الفلسفي..!
- واحرّ قلباه..!
- هوامش وتعاليق على مقال من هو الشيوعي؟
- الحاجة أم الإختراع..!
- البديهيّة والمُسلَّمة واختلاف التنوّع ..!
- البصرة من منظور التنمية الشاملة
- هوامش وتفاصيل سريعة حول الواقع الحضري لمدينة البصرة
- ربيعٌ أم ثورةٌ ؟ ..أم فوضى خلاّقة؟
- في مفهوم الإيمان ..ولماذا الإيمان أولا؟..مرّة أخرى ..!
- البلم ..والبلم العشّاري..!
- تحوّلٌ مثير وجديد..!
- روسيا الأمس ؟ أم اليوم؟ .. !
- قولٌ على قول ٍفي الرد على قول ماركسَ في الأديان..!
- في قول ماركس في الأديان..!
- الإيمان أوّلا..لماذا؟
- الفنان والمعماري هندرتفاسر يكتب عن نفسه ( مترجمة عن الأنكلي ...
- التعرّض لأية مسألة فلسفيّة يتطلب إلماما بمبادئ الفلسفة..!
- قولٌ في الأنظمة السياسيّة ..!


المزيد.....




- رائدا فضاء روسيان ينفذان مهمة خارج محطة الفضاء الدولية
- يا لولو يا لولو في نونو .. تردد قناة وناسة كيدز Wanasah 2024 ...
- كرواتيا تستقبل أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية بالمياه ...
- لولو صارت شرطية.. تردد قناة وناسه بيبي الجديدة 2024 على جميع ...
- الشاي السيرلانكي مقابل التكنولوجيا الايرانية
- هل تنتقل المواجهات النووية إلى الفضاء؟.. وما خطورة نظام النب ...
- شاهد: ارتفاع قياسي في مستويات المياه تزامنًا مع فيضانات تضرب ...
- ريابكوف: روسيا تعد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو لمنع س ...
- كيف أثر التغير المناخي على شدة أمطار الإمارات وعُمان؟ دراسة ...
- الرواد الروس يخرجون بأول مهمة إلى الفضاء المفتوح لهذا العام ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سنان أحمد حقّي - الأنساب لماذا؟