أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد مهدي - ذاتَ مساءٍ في تشرينْ














المزيد.....

ذاتَ مساءٍ في تشرينْ


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3891 - 2012 / 10 / 25 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


(1)
يوم التقيتها ذلك المساء ، لم تكن اول مرة ..
لكنها كانت انيقة وجميلة كما لو اني التقيتها اول مرة ..
قلت لها مازحاً :
لا اعرفك ..
فردت : وانا ايضاً لا اعرفك ..
ثم سألتني ، بما في الانوثة من عنفوان، ينفث ضباباً تحت اقدامها وهي تقترب ببطيء :
ما هو اسمك ؟ وكم هو عمرك ؟
تبسمتُ في وجهها وقلت :
عمري يا سيدتي سيبدأ بعد لحظات ..
اما اسمي , فها هو ذا ..
نقشته بحجر فوق جذع الشجرة التي كانت اتكأت عليها وتوقفت :
Walid ?
تهجأت تلك الحروف مبتسمة مستفهمة ..
فقلت لها :
الآن ولدتُ في فمك ..
وقبلها لم اكن سوى حروف ..
علت ضحكتها .. وضمتني

(2)

في ذلك المساء ..
تراقصت حولي كفراشة ..
تثائبت مثل زهرة تجمع ما في الشرق والغرب من فتنة وسحر ..
ما في الجنوب من رقة وكل ما في الشمال من جمال
كنتُ قد ادركت منذ اول اللقاء , كما في ذلك المساء ..
انها إمرأة ستكونُ لي كل الدنيا ..
فعلى خصلات شعرها المتناثر كثورة , تتدفق الازمنة ..
و على ايقاع الحروف والكلمات المنسابة من فمها كجدول ..
كانت شراييني تتلوى لظىً ,
واوردتي تتشابك اشتياقاً لعناق الألف عام ..
كانت الروح يتمنى الفناء فيها ..
ان يهطل مطراً فوق جسدها الماوردي الاقدس ..
حتى تلك السحائب التشرينية الداكنة فوقنا ..
كانت تتقارب وتتباعد متجنبة أن تمطر ، مثلما افعل أنا وهي ..
كأنها ادركت لعبة الاحتفاظ طويلاً بحرارة اللقاء ..

(3)

تحدثنا كثيراً في ذلك المساء الذي يختزلُ كل عمري ..
كانت مبهورة بي وبعالمي الغريب كلياً عن عالمها ...
مثلما كنت مأخوذا باللغز الكامن وراء تلك العينين ..
كانت تسالني كثيراً .. وكثيراً
كنت اجيبها بكل وضوح وصراحة حتى قالت :
ما هي قصتك يا رجل ؟
اجدني احياناً هائمة في حبك , واحيانا اخرى تجعلني انفر منك ..
لا تكن صريحاً كثيراً معي , اكذب علي قليلاً .. واتركني اغرق !
ادركتُ حينها باني امام اصعب إمرأة اواجهها في حياتي ..
فأجبتها على الفور :
يكفي انني انا هو الذي يغرق ..
فانا يا سيدتي لم اكن اريد ان اعرف الفرح في حياتي حتى التقيتك !
لم تكن تريد ؟ .. سألتني مندهشة مستغربة ..
نعم ، فهذا العالم ليس مكاناً مناسباً لكي نفرح به طويلاً ..
كل شيء طارئ ومؤقت ...
انتفضت حينها وهي تنظر الي بغضب زاد لحاظها فتكاً :
فانا اذن احدى الطارئاتُ في حياتك ؟
سألتني وقد تبدى عدم ارتياحها لوقاحتي ، فأجبتها :
انت يا سيدتي لست بطارئة في حياتي ..
لم اكن اسمح لنفسي حتى بقضاء الوقت مع " طارئة "
من مثلي حرمت عليه الاقدارُ العشق ...
انت هي اجمل واول الخطايا في كل حياتي ...
جلست وقد بدا حزنها وتعاطفها معي في محيا وجهها المنير كالبدر
ثم اردفت بصوت حانٍ حف مسامعي كما النسيم :
ارجوك , حدثني المزيد عنك ..
سيجن جنوني لأعرف حقيقتك ، ومن تكون ؟

(4)

التفتُ اليها وانا لا اصدق بأن هاتين العينين العسليتين تهيمان في ابتلاعي تلك اللحظة ، فقلت لها :
كل ما استطيعُ ان اقوله لك ، لا يغرنك هدوئي واتزاني ..
لا يخدعنك حديثي الممتلئ بالألغاز ، فأنا اولاً وأخيراً رجلٌ يريد الفوز بكل قلبك وروحك ..
انا رجلٌ ادرك انك من سلالة نادرة منقرضة من النساء , نقطةُ ضعفها هي شدةُ ذكائها !!
امسكت يدي بقوة .. واقتربت من وجهي كثيراً وقالت:
لقد فزت بقلبي ولكن ، لا بد ان اعرف الحقيقة ..!!
كان صعباً علي ان اخبرها بالحقيقة ..
لكن عينيها وانفاسها لم تترك لي من سبيل الا البوح ..
ماذا اخبرك يا مولاتي ؟؟
استطردتُ محاولاً لملمة شتاتي المتهتك في فمي واكملت :
هل اخبرك باني رجل ما خلق إلا لكي يحمل بندقية ؟
ام اخبرك بان تصوفي يصل بي لحد الانتحار مثل الحيتان .. دونما سبب ؟؟
لستُ مجنوناً ..
انامثل النحلة ، تجمع الرحيق وتطوف حول الازهار لكنها " جنديٌ " في مهمة ..
انا انسانٌ يعيش بهدوء وسكون لعشرين سنة ثم يعلن حرباً لن تستمر سوى ستة ايام ..
قاطعتني بصوت حاد كانه شهقة ، شقت سكون ايامي ..
و زلزلتفرائصي و وجداني :
اعتذر لأني سببت لك كل هذا الاضطراب وغيرت خريطة المسار الذي انت عليه ..
ان احتجت الي يوماً , انت تعرفُ اين تلقاني !!

تركتني مبتعدة , كسفينة تترك وحيداً في جزيرة مهجورة ..
كانت تتوقع مني ان ادركها ..

كانت تتصور باني لن ادعها ترحل ، قرات ذلك في وجهها حين التفت للخلف وهي تبتعد ..
كانت مصدومة بي وانا ابتسم ودموعي على خدي ..

(5)

واليوم ، بعد ان مرت كسحائب الخريف تلك ايامي ..
وبالرغم من كل هذه الاعوام التي انقضت ..
وكأنها في ذاكرتي البارحة ..
هي بكل ما فيها ، و أمسيتها البنفسجية الساحرة في تشرين ...~



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اجنحةُ الفراشةْ
- رسالة للسيد هنري كيسنجر : العقلانية و مراحل التضاد الخمس
- الشيعة و السنة قراءة ديالكتيكية – عقلانية (2)
- الشيعة و السنة قراءة ديالكتيكية – عقلانية (1)
- ذاكرة الفرد وذاكرة الامة : المعنى الميتافيزيقي للحضارة والتا ...
- الثقافة البشرية – رد على مالوم أبو رغيف
- مع الله في ملكوته (5)
- مع الله في ملكوته (4)
- مع الله في ملكوته (3)
- مع الله في ملكوته (2)
- مع الله في ملكوته (1)
- رؤية في استراتيجية الهيمنة الاميركية و دراسة علاقتها بازمة 2 ...
- افول الامبراطورية الاميركية ، هل من بديل ؟
- ملكوت الله القادم(3)
- البدء كانت الكلمة ..على شفتيك
- الماركسية الانثروبولوجية
- ملكوت الله القادم(2)
- ملكوت الله القادم (1)
- إمرأةٌ .. أمام مرآة !
- الطريق إلى بابل


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد مهدي - ذاتَ مساءٍ في تشرينْ