أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - ملكوت الله القادم(2)















المزيد.....

ملكوت الله القادم(2)


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3608 - 2012 / 1 / 15 - 17:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(1)

يقول جيروم سيجل Jerome . M . Siegel ، استاذ الطب النفسي في جامعة كالفورنيا وعضو معهد الابحاث الدماغية فيها والرئيس السابق لجمعية ابحاث النوم في الولايات المتحدة :

انهُ امرٌ تفعلهُ الطيور ، وكذلك النحل وذباب الفاكهة ، مثلما نفعله نحن البشر ..
هو ليس الحبُ والغرام ، انــه النــوم ..!

يعترف الاستاذ سيجل بان وظيفة النوم لا تزال غامضة رغم كثرة وجود النظريات عن الدور الهام الذي يلعبه نوعي النوم " الاثنين " ، وهما النوم الريمي والنوم اللاريمي ..
فمن تعويض الاضرار الناجمة عن فعاليات اليقظة الدماغية التي يمكنها ان تصيب خلايا الدماغ باضرار فادحة لا يمكن اصلاحها لولا فترات الراحة اثناء النوم إلى تحقيق التوازن السيكولوجي للعمليات اللاشعورية اثناء النوم او فترات الاسترخاء ، تتكاثر النظريات التي ترى في النوم مرحلة استرخاء هامة للنمو السوي للعقل والنفس البشرية ..
استغراب سيجل والعديد من الباحثين لا ينبع من دور النوم وحده في الحياة النفسية والعقلية لبني البشر وحتى باقي اجناس المملكة الحيوانية ، وانما من وقائع العمليات العقلية اللاشعورية الغامضة اثناء نوعي النوم الريمي الذي تحدث فيه الاحلام الزاهية والنوع المعاكس الذي نادراً ما نتذكر احلامه ..
السيد سيجل وعديد الباحثين في الولايات المتحدة والغرب عموماً ورغم طول باعهم البحثي المتفوق في دراسة وتحليل وظيفة وتشريح الدماغ والعمليات العصبية ، إلا ان اطار المناورة النظري لمنهجهم البحثي منحصر ضمن حدود ضيقة جداً تتمثل في " آنية " فاعلية النوم بالنسبة للدماغ وما هي نتائجه الحاضرة في الفرد الواحد ..
يغيب عن هذا المنهج تماماً مسالة ان الدماغ لا يزال يتطور ..

لا يوجد في افق تقدير العقل الغربي بان هناك وظائف جديدة للدماغ لا تزال في طور الاختبار لدى جنسنا الحالي الذي يمضي في تطوره شان الاسماك التي تطورت إلى زواحف ..
فعلى سبيل المثال ، العقل الغربي بصورة عامة تعود على اختزال " الغاية " التي تقود المستقبل ، الوعي الجمعي الغربي بتحصيل الحاصل وقف ضد الماركسية لانها تنبات بمرحلية الراسمالية كتمهيد لبزوغ فجر الاشتراكية ، وبمقابلة هذه وتلك ، يكون عندنا ان الاحلام مجرد بادئة لوظيفة جديدة للدماغ ، لم نتعرف عليها بعد مثلما ان الراسمالية بادئة للاشتراكية .. !
من الطبيعي جداً ان لا يفكر سيجل وعديد الباحثين بمستقبل تطور الدماغ تشريحياً ووظيفياً ، فالمهم حسب جاك دريدا هو " الحضور الميتافيزيقي " للعقل الغربي ..
لو كان لدينا ماركسي علمي بتخصص البروفسور سيجل العصبي في اميركا ، لكان اليوم اخبرنا بكل سهولة بان الاحلام تعبر عن وظيفة مستقبلية قادمة للدماغ ..
وان التطورات التي تحدثها الاحلام و " التخيلات " في تكوين الدماغ عبر تكييف التشابكات العصبية في الخلايا الدماغية على مر اجيالٍ متعددة ستؤدي إلى تضخم اجزاء معينة من الدماغ ونشوء الخلايا فيها بشكل يزيد عما هي عليه لدينا اليوم ..
كيف هو الدماغ المستقبلي وفق منهج تطوري ، وإلى ماذا سينمو برعم " الاحلام " مستقبلاً في وظائف الدماغ البشري حسب فلسفة علم جديدة يمكننا ان نسميها الماركسية الانثروبولوجية (علم الإنسان الماركسي ) ..؟؟

(2)

استاذ الفيزياء جيمس ترفيل James Trefil ، صاحب كرسي كلارنس روبنسون في جامعة جورج ماسن في الولايات المتحدة ، ومؤلف الكتاب المعروف في نهايات ثمانينيات القرن الماضي : 1001 things you should know about science
كان قد ناقش في احدى مقالاته في العام 1992 عن انسان النياندرتال قضية كبر حجم دماغ النياندرتالي بنسبة تزيد على 10% ( حسب مقال ترفيل )* ، وذكر انه وعبر بحثه في الموضوع صادف ذات اليوم وفي المتحف البريطاني الامين المختص بالحفريات البشرية لذلك المتحف " كريس سترنجر " ..
هذا الرجل اخبر ترفيل بان موضوعة كبر حجم دماغ النياندرتال مبالغٌ فيها قليلاً اعتماداً على لقاءاته المتعددة في المتحف مع المختصين والباحثين في الموضوع ولسنوات طويلة ..
وقد اكد لترفيل وهو يشير إلى جوف جمجمة نيادرتال حملها بيده من ذلك المتحف بان ما تضخم من دماغ النياندرتال هو الجزء الخلفي القحفي من الدماغ .. اي الاجزاء البصرية ، وقد علق سترنجر على ذلك كما ذكر ترفيل في مقاله :
لقد كان بصرهم حاداً جداً..
قضيتنا اليوم والتي ابتدانا بها بمناقشة موضوع الاحلام في مقال اليوم برؤية البرفسور سيجل تعود لتتلاقى مع ما طرحه سترنجر حول " الاجزاء البصرية " من الدماغ ..
فالاحلام " الزاهية " التي تحدث بالالوان والصوت والصورة تنشط فيها الاجزاء البصرية والسمعية اثناء الحلم الريمي ..
كذلك تنشط الاجزاء البصرية حتى اثناء التخيلات القوية اذا ما كانت العين مغلقة ..
وهذا يعني ان التطور الدماغي القادم لدينا نحن الهوموسابينز homo sapiens يحث الخطى بنفس الطريق الذي سار به تطور دماغ النياندرتال homo sapiens neanderthalensis ..
اي ، تطور قحف الدماغ وتنامي الاجزاء البصرية الذي لم يعن للسيد سترنجر وعموم العقل العلمي الغربي سوى تزايد حدة البصر ..
مع إنه ، و بزاوية معرفية واقعية اخرى ، يعني تنامي " تشكل " جهاز فحص العالم الباطني الذي يكون مدخله الخيال التاملي meditation imagination الذي لا يزال بسيطاً لدينا نحن العقلاء في هذا الزمن ، لكنه كان اكثر تطوراً واكثر وضوحاً وحدة لدى النياندرتال وربما لدى الرائين في بني اسرائيل والانبياء والاولياء والصالحين الذين تحدث التاريخ عن رؤاهم وتجليات الملكوت لديهم ، وهو ما نسير نحن واحفادنا القادمين باتجاهه ليكون حالة عامة شاملة ربما بعد مئة الف سنة .. !

(3)

ما نود توضيحه عبر هذا العرض ، اننا بحاجة إلى فلسفة علم جديدة تتجاوز التذرع المزمن بعدم كفاية الادلة العلمية لما جرى وسوف يجري ..
وربما كانت المقاربة اكثر وضوحاً في قضية الاقتصاد العالمي وما رسمته الماركسية من مسار ومنهج لتحولات الصراع الطبقي في ماضي الازمنة وما سيؤول اليه المستقبل ..
نحن بامس الحاجة اليوم إلى مقاربة موازية تتجاوز التشبث الاعمى بالدليل المادي الملموس حول موضوعة الاحلام ولماذا نحلم كما تسائل البرفيسور سيجل في مقاله لنصل إلى مسار مستوحى من الماركسية يسبر غور الماضي للتطور الدماغي ويتنبأ بمستقبل هذا التحول ..
المفارقة هي اننا ، جنس الهوموسابينز ، نسير إلى المحطة التي سبق ووصل إليها النياندرتال..
تطور الفصوص الجدارية الخلفية من الدماغ التي تعالج المعلومات البصرية ، والتي تجري فيها مسرحة الاحلام اثناء النوم ..!
تطور هذا الفص لا يعني فقط تطور الرؤية البصرية لتصبح شديدة الحدة والوضوح ودقيقة التفاصيل ، بل تعني كذلك إن الاحلام في المنام وكذلك الاحلام في " اليقظة " تصبح من الجلاء والوضوح ما يجعل المرء في حياته يعيش في عالمين اثنين :
1. العالم الواقعي الحسي المرئي : وهو ما سوف نراه في العالم الواقعي الطبيعي بواسطة البصر المجرد وما نلمسه فيه بجلدنا المجرد ونسمع ونشم فيه بحواسنا المجردة ..
2. العالم الباطني غير المرئي بالعين المجردة : وهو عالم الاعماق الذي يصبح مسرحاً لفعاليات كونية تنتمي إلى فضاء باطني لا علاقة له بالفضاء الحقيقي ..

فاثناء النوم ، يكون العالم الباطني هو العالم السائد ، ويصبح اكثر وضوحاً من عوالم احلامنا الافتراضية التي نراها فيما لو تطور مسرح عرض هذه الاحلام باطراد كما كان لدى النياندرتال ..
بل حتى اثناء اليقظة ، يكون العالمين الاثنين متداخلين وربما بشكل دائم يتفوق على التداخل الذي كان يحصل لدى الانبياء ومنهم النبي محمد ..
فالنبي محمد على سبيل المثال ، لم يكن يتحصل على رؤى اليقظة التي كان يخبر بان جبرئيل ياتيه بها بسهولة ، فهو احتاج للانقطاع في حراء عن الناس بما يعرف بمصطلح " الخلوة " لدى اهل العرفان قبل ان تصبح زيارات " جبرئيل " له دائمة فيما بعد ..
اقول ، بان جبرئيل ما هو إلا " تجلٍ " كلي للوعي الباطني العميق ، عموم الوعي الجمعي البشري الذي اتخذ من هذا الرمز العبري لملاك الوحي كي يكون وسيلة التنبيه والمساعدة الاعماقية لمحمد النبي كي يمضي برسالته في الاصلاح الاجتماعي .. هذه الرمزية ستتطور بما يتفوق على كل الانبياء بعد مئة الف سنة لدى ابسط الناس العاديين ، ويصبح " ملائكة الرب " أو ربما القوى الكونية او العقول الكونية الكبرى هي المرشد الاعماقي كتجلٍ لعموم الثقافة البشرية ومثاليتها الاخلاقية العليا ، لدى ابسط الناس كمسير وموجه للافراد ..

(4)

شخصياً ، ادرك تماماً بان الموضوع ، واعتباراً من هذه النقطة المفصلية الحساسة اصبح في غاية التعقيد ظاهرياً ..
لكنني اؤكد في الوقت نفسه ، ان الرهان على واقعية وحسية العقلانية البشرية المبتورة الباطنية والاستبطان التي تميز العقلانية الغربية المعاصرة ، هو رهان خاسر ولو بعد حين ..
فالوعي " الاشتراكي " الجمعي ، كإطار علمي معاصر سلط كثير الضوء عليه العالم كارل جوستاف يونج ، والذي عرفته الاساطير القديمة باسم الرب او ملاك الرب او روح القدس ، إنما هو قدرٌ انساني وحتمية تاريخية كما هي الاشتراكية ..
فالاشتراكية الاقتصادية هي قدر البشرية المستقبلي في الفضاء المادي الحسي ..
والاشتراكية العقلية الباطنية ، هي قدر تلاقي عقول البشر ومشاعرهم الجمعية ضمن إطار منظومة كلية موحدة ، تكون اجزاء الدماغ الإضافية التي ستظهر مستقبلاً اداة العقل التي تساعد الميول البشرية على تاسيس كيان انساني ثقافي شديد التوحد والاشتراك ..
فهي اشتراكية شاملة في كافة المجالات ، لا تلغي فردانية البشر human personality لكنها تكبح جماحها وتوفر للإنسان على مسار التاريخ ان يتكامل بجزئي شخصيته :

• الفردية الذاتية
• الجمعية الكلية الممثلة لهويته وإلى ما ينتمي ..

الرهان على ان حجم الدماغ سيبقى ثابتاً , رهان خاسر لا محال ، ما يجب ان نفكر فيه هو " نسبية " الدماغ بالاضافة إلى نسبية المعرفة عنه , القضية تصبح اكثر تعقيداً .. اعرف هذا ..

ولحديثنا بقية ..



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملكوت الله القادم (1)
- إمرأةٌ .. أمام مرآة !
- الطريق إلى بابل
- السيناريو الروسي لحرب الشرق الاوسط
- سوريا قاعدة للجهاد الاميركي الجديد !
- بابل و واشنطن و حربٌ على ضفة التاريخ
- البحث عن ملكوت الله (3)
- الإلحاد المزيف و المعرفة
- البحث عن ملكوت الله (2)
- البحث عن ملكوت الله (1)
- من يقود الحرب الامبريالية ؟ آل الصباح وشل الانجلوسكسونية اُن ...
- الوعي الثقافي الإنساني من ديكارت إلى ما بعد الماركسية
- الروحانية و العقل Spirituality and Mind
- الانوثة والروحانية Femininity and spirituality
- النبوة و العقلانية Prophecies and Rationality
- ثوار النيتو .. غرهم في - اميركا - الغرور
- وحيٌ من جهة موسكو ! تجربتي مع الزمن
- التاسع من اكتوبر
- متى ستنتهي الرأسمالية ؟
- العلم ورؤية في مستقبل الحضارة ..


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - ملكوت الله القادم(2)