أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حماده زيدان - سمعون (قصة)














المزيد.....

سمعون (قصة)


حماده زيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3888 - 2012 / 10 / 22 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


تقول الأسطورة:
(خلقت الآلهة السماء والأرض، وخلقت بينهما البشر، وجعلت من البشر الرسل ومن الرسل جيء بالملوك ليكونوا خلائف لهم، ويحكمون بما كتبت لهم الآلهة في الحجر المقدس).

هكذا قالت الأسطورة، وهكذا تناولتها الأجيال جيلا بعد جيل ، وها هو بطل قصتنا، سمعون الذي كان من الأخيار، وكان يفعل الخير كما تقول الآلهة في حجرها المقدس، وكان أهل بلدته يحبونه لأنه لا يترك في نهاية كل ليلة أحدهم جوعان أو عطشان، كان سمعون هو الحاكم ، الآمر ، الناهي ، في تلك القرية، وكان الجميع طوع يمينه إذا أمر أطاع، وإذا استجار وجد قرية كاملة تجيره، وخرج صيته حدود قريته ، حتى وصل إلى حاكم المملكة، وشعر بالخطر من قوته التي تزداد يوماً عن يوم ، اجتمع بوزرائه وشاورهم في حال سمعون، حدثهم كثيراً عن تأثيره في الناس، وحدثهم نفوذه الذي يزداد يوماً عن يوم، وحدثهم عما وصلت إليه قريته من تقدم في كل شيء بسبب سمعون هذا، كان كلما تحدث كلما انفتحت أفواه وزراءه وانسدت آذانهم عنه، وفي نهاية اجتماعه بهم قال بهدوء:
- ما الحل ؟!.
وكانت إجابتهم كالصاعقة على رأس مليكهم، فمنهم من قال:
- هذا رجل طيب.
ومن قال:
- مولاي المملكة في قبضتنا، وهذا الرجل لا شيء، وملكنا ثابت ثبوت الشمس في سماها.
ومن قال متعجباً:
- ومن سمعون هذا يا مولاي ؟!

سكت الملك، وأمرهم بالانصراف، وأمر رئيس ديوانه بتصريف هؤلاء الوزراء من وزارتهم على الفور، ومحاكمتهم، وسجنهم ليكونوا عبرة لغيرهم، ودعا الملك كبار الكهنة، وسألهم عن أمر سمعون، فكان عند كبيرهم المبجل وراعي أمور الآلهة في الأرض الحل والمشورة، فقال بصوته الرخيم:

- مولاي الملك، لقد وصل سمعون إلى قلوب الناس وعقولهم لأنه أطاع أوامر الآلهة، وأطاعه الناس لأنهم وجدوا فيه رسولهم للآلهة، وصاحب الدين الوسط، ونحن يا مولاي لدينا نفس السلاح، وإذا وجد السلاح ضاع الخطر، لذلك سنهزمه بنفس سلاحه، فكما في أوامر الآلهة ما هو سهل ووسط، هناك الصعب، وكما أوامر الآلهة بسيطة ومباشرة، هناك أوامر تحتاج للدراسة، والتأويل، والتحقيق والتدقيق، يا صاحب الجنان، سنغرق هؤلاء الضعفاء الذين يريدون رضاء الآلهة في التفاصيل، تفاصيل كل شيء، ماذا يأكلون، ومتى يأكلون، وكيف يأكلون، كيف يدخلون بيت الراحة لقضاء حوائجهم، وماذا يسمعون، وكيف يسمعون، وكيف يلبسون، سنغرق الجميع في التساؤلات، ومن التساؤلات ستنقسم الإجابات، ما بين مع هذا حلال ، وهذا حرام، وسينقسم الدين، وسيتفتت، وستفتت معه الناس من بين يدي صاحبنا، وسيصبح الدين ليس ملكه وحده وستنحصر قوته كلما انغمس الناس في التفاصيل وسينسون ما أمرتهم به الآلهة ولن يصبح لسمعون كلمة ولا رأي بعد الآن.
انبهار، وصل إلى حد التصفيق على ما قاله راعي أمور الآلهة، وصرخ الملك مهللاً كما لو كان طفلاً صغيراً قائلاً:

- لقد فعلتها يا راعي الآلهة، فرق تسد ، وانغمس في التفاصيل تنسى الحقيقة، هذا حق، وآلهتي حق.
قالها وانهمك هو ورعاة الآلهة في خلق الفتاوى، فشرب المياه في آواني فخارية حرام، ولبس الحرائر إذا ما كانت صفراء حرام، وركوب الحمير حرام، وأكل الفستق واللوز حرام، وهكذا انخرط هؤلاء في كتابة تلك الفتاوى التي قسمت الشارع إلى عدة أقسام، وانزاح الناس من عند سمعون، الذي اعتبروه فاسق وبعيد كل البعد عن أوامر الآلهة، وانتهى به الأمر مسجوناً بتهمة ازدراء الآلهة، وتم تنفيذ حكم الإعدام عليه صبيحة يوم اعتقاله وكتب على حجر المملكة الأعظم:

"بعد أن ترك عبادة الآلهة السمحة، وراح يفعل الكبائر هنا وهناك، تم تنفيذ شرع الآلهة وتم تنفيذ ما أمرت به الآلهة، وقطعت رأسه، ودمائه سكبت في نهرنا الأعظم لعل الآلهة تعفو وتغفر عنه".
تمت



#حماده_زيدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبيعة تتحدث عن العلمانية (1 / 3) عن التمييز تتحدث.
- أسفلت بلون الدم..!! (في ذكرى مجزرة ماسبيرو)
- اثنتا عشر عارية.. قصة.
- الفرح..!!
- دون حذاء أفضل
- الطائفية صنيعة إخوانية!!
- حفل تحرش.. (قصة)
- محمد وعيسى.. بالعكس.. قصة.
- (مينا دانيال) الذي لم أراه إلا مرة وحيدة!!
- ذيل حصان.. قصة.
- خشخاش السماء.. قصة.
- وحي من الشيطان.. قصة.
- أصنام يعبدونها وسموها (تابوهات) (3) عندما تحول (الدين) إلى ص ...
- فاي.. قصة
- صمت العرش. قصة
- (أصنام) يعبدونها وسموها (تابوهات) (2) في عبادة ال (sex) أكتب ...
- (أصنام) يعبدونها وسموها (تابوهات) (2) في عبادة ال (six) أكتب ...
- للحقيقة ظل.. قصة قصيرة.
- عروسة تحترق.. قصة قصيرة
- المرأة بين (العُهر) والسياسة


المزيد.....




- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حماده زيدان - سمعون (قصة)