أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - ديمقراطية… “بلقيس”؟!













المزيد.....

ديمقراطية… “بلقيس”؟!


سيد القمني

الحوار المتمدن-العدد: 3887 - 2012 / 10 / 21 - 13:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


“يا أيها الملأ أفتوني في أمري”. كان هذا هو خطاب ملكة سبأ لقومها حسب الرأي القرآني ، بعد أن أتاها كتاب سليمان. “أيها الملأ” والملأ هم المختارون من شعبهم لتمثيلهم أمام الملكة ، والملكة التي تورد الروايات باسم “بلقيس” هي في التصوير القرآني ، من تتوجه لممثلي الشعب تسألهم رأيهم فيما أتاها ، وبصياغة أخرى هي تقول لشعبها “إني ما كنت قاطعة أمرا إلا بكم وبرأيكم”.

بلقيس كانت تعلم أن الرأي الفردي في شأن يخص الأمة هو رأي لا خير فيه. ورأت في الرجوع إلى الملأ اعترافا بقدرهم ، وتقديرا لشعبها في المواقف الحرجة ، ولم يعب القرآن هذا الشكل من الحكم ولم يرد به ، بل اهتم أن يحكيه للمسلمين بما في هذا الحكي من صدى لشعوب ، كانت ذات كلمة مسموعة تتمتع بالهيبة والكرامة وحق المواطنة الكامل.

لقد حكم سليمان حكما مطلقا بحسبانه نبيا ، لا يحكم من عنده إنما من عند الله ، حكم بالحكمة التي أعطاه الله إياها وأعلنها في آياته ، وهكذا إذن حكم الأنبياء ، لأنه يتصل بالسماء ، تشرف عليه وترعاه بعدل. وإن هذا الحكم هو اللائق ، وإلا كان القرآن قد قدح في طريقة حكم بلقيس ، أو أمر باتباع طريقة سليمان في الحكم ، وهو لم يفعل هذا ولا ذاك ، وهو ما يؤدي مباشرة إلى الدرس المبتغى في الآيات ، والذي يدعمه بشدة أن نعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وأن السماء لن ترسل هداة للبشر بعده ، و مع ذلك لا تخبر المسلمين بنظام الحكم الأمثل!.

لقد قرر القرآن رفع القداسة عن السياسة وتركها مشاعا للناس لأنها حياتهم ومصالحهم الذين هم أدرى بها حسبما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح.

انظر إلى الحوار الذي يحمل الإشارات الواضحات إلى نظام الحكم ، فبعد أن تشاور الملأ فعلا وليس قولا ، وبحثوا الأمر ونقبوا فيه من كافة جوانبه ، توجهوا إلى ملكتهم ليسلموا لها قرارهم وفيه يقولون: “نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ، والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين”. لقد خيروها بين الأمرين بأدب الحديث مع الملوك: الأمر الأول هو أننا أقوياء وواثقون من قوتنا وأنت تعلمين ، وأننا على استعداد لخوض المعركة دفاعا عن بلادنا ضد المعتدي ، ولا يبقى سوى خيار ثان هو السلام ، لكن هذا السلام أو تلك الحرب معقودة دوما وفي النهاية في النظم الحضارية لقرار رئيس الدولة ، وهكذا أخبرنا القرآن وهكذا فعل ملأ بلقيس.

أخبرنا أنه رغم ثقتهم في أنفسهم وفي قوتهم لم يتجرأ أحدهم على إعلان الحرب أو القتال. هذا نظام ليس فوضويا إذن ، لأنهم أبناء حضارة لا يخرج فيها أحدهم ليحارب العالم رغما عن أنف الشعوب وعن أنف الحكام. الحضارة تقول إنه بعد وضع كل الاحتمالات أمام الحاكم فإنه هو من يتخذ قرار الحرب أو السلام. أترون مدى الاحترام المتبادل بين الحاكم والمحكوم؟ وألا ترون أن رأس السلطة في هذه المملكة الإنسانية “امرأة”؟.

ويستمر الدرس فترد بلقيس على ممثلي شعبها ، هي لا تتخذ القرار وتنفذه بعدما فوضوها وأعادوا إليها الأمر ، إنما هي ترد الاحترام باحترام مماثل فتقول لهم ما رأته: “وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون فلما جاء سليمان قال: أتمدوني بمال؟ فما آتاني الله خير مما آتاكم”.

انظر بلقيس في خطوة تمهيدية ذات حنكة سياسية تختبر صدق نبوة سليمان فترسل له هدية ، فيرفضها ، فتدرك أنه قد آن أوان أن تتوجه بنفسها إليه لتسمع ما عنده.


رواية لطيفة وهادئة لا معنى لوجودها في القرآن لمجرد تسلية النبي في أوقات فراغه لأنها من عند عزيز حكيم ، إنها الدرس الذي نقارنه بحالنا لنجد ملأ بلقيس أكثر اعتبارا منا ولهم من دولتهم شأن ، وأنهم كانوا من السابقين إلى إدراك معان حقوقية لا تفرزها إلا الحضارة ولا تفرز إلا حضارة.



#سيد_القمني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنوك الربوية هل هي ربوية؟
- الإسلام هو الحل
- البنوك الإسلامية… هل هي إسلامية؟
- دولة الاستعباد التام أو الموت الزؤام
- دروس من زمن النبوة
- المرأة ليست نصف الذكر
- اذا اختلف اللصان ظهر المسروق
- مقترح لدستور … الدولة الإسلامية الحديثة بعد الربيع العربي
- صوتوا معي لشفيق كأفضل الحلول المطروحة الآن
- خطاب مفتوح إلى أم النور
- السياسة والدين فى خلافة الراشدين
- قبل الفزع الأكبر (5)
- قبل الفزع الاكبر (4)
- قبل الفزع الأكبر (3)
- قبل الفزع الأكبر (2)
- قبل الفزع الأكبر ( 1 )
- غزوة ماسبيرو المباركة !!!
- مساجد الضرار
- الإسلاميون في مصر يقولون أن القمني كان من أنصار النظام
- حوار مع المفكر المصري الكبير د. سيد القمني


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف بيّاض بليدا والراهب والرا ...
- الاحتلال يقيد وصول المسيحيين لكنيسة القيامة بالقدس في -سبت ا ...
- الجبهة اللبنانية واحتمالات الحرب الشاملة مع الاحتلال.. وقمة ...
- جامعة الدول العربية تشارك فى أعمال القمة الاسلامية بجامبيا
- البطريرك كيريل يهنئ المؤمنين الأرثوذكس بعيد قيامة المسيح
- اجعل أطفالك يمرحون… مع دخول الإجازة اضبط تردد قناة طيور الجن ...
- ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟ ...
- الرئيس الصيني يؤكد استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع الدول الإ ...
- الاحتلال يشدد إجراءات دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء شعائر ...
- “أحلى أغاني البيبي الصغير” ضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - ديمقراطية… “بلقيس”؟!