ويرد الغزل كله المطاويّه

عبد الله السكوتي

الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 18:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هواء في شبك
( ويرد الغزل كلّه المطاويّه)
عبد الله السكوتي
وهذه كناية عن عودة الامور الى سيرتها الاولى، وفي هذا قال المله عبود الكرخي يشكو من الزراعة، ويتوجع لحال الفلاح الذي يكد طوال السنة، ولاينال مايكفي لقوت عياله، لان الاقطاع كما هو معروف كان يسلب جهد الفلاح اضافة الى المتسلطين والذين وضعوا ايديهم في ايدي الانكليز:
( دون عراقنا نبذل عزيز ارواح ماييقى مقيّد والغرب مرتاح
يزرع سيح شتوي بالسنه الفلاح كل افلاحته ابصايه وجفيّه)
ويعود الكرخي ثانية يحرض الناس من ان الزراعة وهي مصدر العيش المهم في ذلك الزمان، بدأت لاتلبي غايات الناس، وهو قد اشار في البيت الشعري السابق، ان جهد الفلاح لايخرج بسوى، صاية وجفيّه، والصاية هي رداء خفيف بطول الانسان، يحتزم عليه، فان كان خفيفا فهو صاية، وان كان ثخينا فهو زبون، والجفيّة هي غطاء الرأس عند الفلاح، وهي منديل مرقط بنقاط سوداء او حمراء، ويسميه البغداديون اليشماغ، وهي مفردة تركية يشمق، اي مايلف به الرأس، ويحرض الكرخي في ان الامور يجب ان تعود الى سابق عهدها في ان الفلاح يزرع ويحصد جهده ولايصادره منه احد وهو من قبل قد كان حرا فيقول:
( يرجال العراق الماتحمل العار ماتدرون بالزراع والتجار
يمته ابهالزراعه نصير ناس احرار ويرد الغزل كلّه المطاويّه)
ولا اعتقد ان احدا يريد ان نعود كما كنا لزمن التسلط والقهر والديكتاتورية، لكن الفوضى الكبيرة وفقدان مراكز القرار، وتلاعب البعض بمقدرات الناس، والفساد الكبير الذي سرى بعروق البعض، جعل البعض يفكر في العودة الى الماضي ويتمنى الخلاص من هذا الوضع القلق، من المؤكد ان الزراعة هي ثروة الشعوب الازلية والباقية، ولايمكن لها ان تنتهي، لكن مايجري الان اننا اهملنا هذه الثروة، ولم نشجع عليها، هناك وسائل كثيرة لترغيب الفلاح واعادته الى ماكان عليه، منها العودة الى العمل بنظام الجمعيات، لتوفر الدولة من خلالها مستلزمات الزراعة، كالارض والماء والسماد ووسائل النقل والدعم المادي، اي شراء المحصول من الفلاح وبيعه في السوق بسعر مدعوم للمواطن.
لم يدر بخلد احد في يوم من الايام ان الموز المستورد من خارج العراق يساوي الكيلو منه، نصف سعر كيلو البصل المزروع في العراق والمبذول قديما، حتى ان الفقير المعدم كان يدلل على حاجته بقوله: ناكل خبز وبصل، فكيف به الان هل سيأكل (خبز وموز) ام ( خبز وتفاح)، لان التفاح هو الآخر لايوازي سعر البصل، هذه الامور تحتاج الى اناس متخصصين يأخذون على عاتقهم النهوض بالزراعة من جديد، وعدم ترك الامور على ماهي عليه، نحن في الحقيقة ندور في حلقة مفرغة هناك اناس تصدوا للامور من غير الكفوئين دمروا الاول والتالي، وهؤلاء فرضتهم الحالة السياسية، وفوق هذا وذاك فانهم جاؤوا للوظيفة والمنصب وكأنه غنيمة، اي انهم يريدون المنفعة الشخصية وبالمقابل نراهم غير قادرين على فعل شيء، ما اعني ان في المدرسة اربعة من مدرسي الرياضة، واربعة من مدرسي الفنية، والدرسان مفقودان لارياضة ولافنية، هذا نموذج للحال الذي نحن عليه، اننا نمارس البطالة المقنعة، والمدارس اقلها شأنا في هذا، المهم الوظيفة يعمل لايعمل، مايعني ان الكثير من الوزارات والوزراء لايعلمون حاجتهم الفعلية من الموظفين، يكدسون لكسب تأييد شعبي او من اجل سباق انتخابي، وهذه الفوضى اذا ما استمرت فسوف يذهب الاخضر بسعر اليابس، وينتهي كل شيء، فشل السياسيين في المعارضة، ومجيء اميركا الى العراق واصطحابها للسياسيين، ووضعهم في بداية التغيير في محلاتهم جعل منهم دمى يتحركون بفعل فاعل، ما يعني ان الابداع والتصرف لم يكن في تفكيرهم، ما ادى الى خشيتهم من اي مستجد يواجههم، وساعدت على ذلك الديمقراطية ووسائل الاعلام التي زادت خوفهم على حرية الحركة ورسم الخطط واتخاذ القرارات المناسبة.
المطلوب الكثير من العمل والقليل من الكلام، ونحن نسير عكس هذا القول، فالسياسيون والوزراء في العراق كثيرو الكلام ، ولكنهم امام العمل خرس لايستطيعون الابانة او التوضيح، الكل يشكو من انه مكبل لايستطيع الحركة ولايعرف كيف يتصرف، ويعزو ذلك الى المال القليل، او فوضى مركز القرار، وقلة الخبرات، وسنبقى على هذا طويلا، ونحن نريد ان يعود الغزل الى مطاويه.

#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل