رقعة الشطرنج

لينا سعيد موللا

الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 12:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لكل الدول أعمار ، ويحدثنا التاريخ عن أمبراطوريات كبيرة انهارت وتآكلت حتى اندثرت ولم يبقى سوى الحجر يتحدث عن آثارها .

لكن ماذا عن الميليشيات التي تلد في رحم الدولة فتصبح أقوى منها وتسيطر على قرارها السيادي ؟

كيف يمكن إنهاء ميليشيا قوية مدججة بالسلاح ومدربة على حرب العصابات تغذيها موارد التمويل بسخاء ودون انقطاع (( وأتحدث هنا عن حزب الله ))

الوسيلة الوحيدة لانهياره هي في قطع شريان التمويل أو بهزيمته عسكرياً .

وإذا كانت إيران تعتبر هذا الحزب الرئة التي تتنفس بها، وتعتبر لبنان بمجمله جزءاً من ترابها الوطني، فإن الحل الوحيد المتاح لدى القوى المناوئة للنفوذ الايراني، هو تدمير الحزب عن طريق قوى معادية له، فإيران لن تتخلى عن حليفها السوري مهما كلفها ذلك من تضحيات، لأن بقاؤه هو الصخرة التي تبني عليها سياساتها الخارجية، وزوال النظام سيؤدي بالضرورة إلى هزيمة أيديولوجيتها القائمة على تصدير الثورة الاسلامية وبسط نفوذها التاريخي إلى منطقة ما تزال تظنها أنها من حقها منذ زمن غابر .

وإقحام حزب الله بهذا الشكل السافر لأجل تطويق الثورة السورية هو الكرت الأخير المتبقي لإيران، وهي تدرك المجازفة التي تقوم بها، في استغلال تورط الحزب في حرب تعاكس أيديولوجيته في مقاومة العدو الاسرائيلي إلى التدخل السافر في مصير دولة مجاورة و الوقوف أمام جهة يعاديها أكثرية الشعب السوري .

ولا يمكننا فهم استعراض القوة التي أظهره الحزب (( الإيراني حتماً )) في تحليق طائرته في سماء الدولة العبرية إلا رسالة أنه يملك أسلحة مفاجئة لم يكشف عنها بعد، وهو بالتالي يكشف عن مخالبه مهدداً بها .

أما إسرائيل التي تتمنى أن تتخلص من ميليشيا حزب الله، فهي تفضل حتماً أن تقوم بذلك جهة أخرى، فلا تتورط في معركة قد تكلفها بعض القذائف وبعض القتلى .

لذلك هي توعز لدول العالم التريث وتشجع سراً إلى إغراق حزب الله في الثورة السورية، لحرق جميع أوراق شعبيته وبتر الحاضنة التي يتعمتع بها .

يريدون ضرب عدة عصافير بحجر واحد ..
إسقاط النظام السوري بعد تهديم البنى التحتية السورية جميعها . بحيث تلد دولة ضعيفة تحتاج إلى وقت طويل للوقوف على قدميها والمجاهرة بحقوقها .
إنهاء حزب الله نهائياً بعد كلفة كبيرة بضرب جزء واسع من لبنان بحيث يتشظى هذا البلد المنهك بتركيبته الطائفية الهشة، ويذوف مثال التعايش الذي تغنى به الشعراء قبل السياسيين .

يبدو أن العالم يتبارى حول رقعة شطرنج حيث يحشر الشاه الايراني في مكان ضيق ليحاصره، فيضطر للدفاع عن نفسه بوزيره وهو يدرك أن يضحي بأغلب قوته، لكنه لا بد سيفعل ليبقى الملك حياً، والغرب يدرك أن الملك سيقع قريباً بعد سقوط دعائمه .
هذا أحد أسرار ديمومة الثورة والبعد عن الحسم . هذا سبب إحجام العالم عن تسليح المعارضة، و بث أن الأصوليين باتوا جهة فاعلة في المقاومة، وهو تمهيد لقبول شعبي لديهم أن من يسقطون في الحرب هم أشخاص إقصائيون وخسارتهم باي طريقة هو مكسب لشعوبهم .

هذا عما يريده العالم المتنفذ في منطقتنا

لكن ماذا عن قوتنا الذاتية ؟

كيف بإمكاننا أن نحسم الموقف لصالح ثورتنا ونبقي على ما تبقى من سوريا صامد وكذلك نساهم في بقاء لبنان البلد الجميل .

تبدو أن أسلحتنا تبدأ وتنتهي بالوعي ونشره حول مخطط الغرب وإيران وألا ننجر في معركة التجاذب الطائفي المدمرة، وأن نصرخ بأعلى صوتنا أن ثورتنا هي للمبادئ، ولا يهمنا حرب جزب الله وأي فريق آخر، كل ما نريده هو حريتنا وديمقراطيتنا، وأن نوصل رسائل واضحة لحزب الله وحاضنته الشعبية أنه سيكون كبش الفداء وأنه يقوم بانتحار إذا تورط في الدخول إلى سوريا، فإذا كان يريد فعل ذلك فليفعل ذلك خارج أرضنا .

إن ثورتنا تحارب لأجل الخلاص، وتريد أن يكون ذلك بأقل الكلف لأنها قامت لأجل الانسان السوري ويهمها بقاؤه ومساهماته، يهمنا اللحمة الوطنية والتعاضد والمحبة بين جميع أفراد الشعب . وإلا ما الفائدة ؟

هذه هي معركتنا ..
هي في جزء كبير منها معركة فكر، لا معركة تورط بأن تكون تصرفاتنا هي ردات أفعال يسعى إليها الأغيار بأن تكون .

قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية

#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل