بطولة تعانق الأسطورة

لينا سعيد موللا

الحوار المتمدن-العدد: 3810 - 2012 / 8 / 5 - 18:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هذه القصة واقعية استبدلت فيها الأسماء بالألقاب وغيبت أسماء المناطق لأسباب أمنية وقد حدثت منذ ساعات قلائل .

في أحد الأتوسترادات التي تربط دمشق بمحافظة أخرى وعلى الطريق الدولية تجاوزت سيارة سيدان يقودها أبو نادر قاف
لة عسكرية تسير على نسق واحد .. مكونة من عشر مدرعات وسيارتي BMB وأربعة سيارات زيل عسكرية محملة بالجنود، كان بإمكان أبو نادر ملاحظة وجوههم المرهقة التعبة وهم يتأملون ما حولهم بغير اكتراث وقد غلبهم الوجوم والأهم الخذلان ..
ما أن تجاوز سيارة الحماية التابعة للشرطة العسكرية والتي تسير بالمقدمة حتى أطلق لسيارته العنان، أخرج مرافقه أبو جمال من أحد جيوب السيارة جهاز إرسال أسود اللون بحجم الكف، وضغط على أحد الأزرار قائلاً :
تركنا بالمستودع عشرة سحارات بندورة بيناتهن أربعة سحاحير خيار أو سحارة وأخر سحارة بصل بلدي .. بعد ربع ساعة مروا وخدوهن، ولا تنسوا تقشوا الحباشات ، معك أبو جمال عم تسمعني، حول ..
ليسمع مباشرة صوت واثق مع بعض الضجيج :
- معك أبو العز .. علم، حول .

أغلق أبو العز جهازه والتفت إلى كتيبة كبيرة من الرجال التفت حوله بكامل أسلحتها تنتظر الإيعاز :
- أبو محمد خود رجالك وروح لنقطة ( ... ) وانتظروهن، ما بتضربوا النار عليهن حتى تمر كل القافلة وبتصيبوا آخر 3 عربات وسيارة زيل وحدة بتضلوا بتضربو عليهن حتى يشتعلوا، يالله يا أبطال تحركو والله معكن، وإذا قدر حدا ينزل من الزيل معك أبو محمود وأبو عبد القادر معهن رشاشات ... ببيدوهن من الميلتين . ما بدي وصيكن هدول رايحين على مدينة ميشان يقتلوا أهلها ويسرقوا أملاكن ويغتصبوا أخواتكن، نتركن يأجرموا فينا واللا نربي كلاب الأسد فيهن .



يصيح رجال أبو محمد بصوت واحد :
- الله أكبر و منتصرين بإذن الله، ويثبون على سيارتي بيك آب وهم مدججين بالأسلحة .

وأكمل أبو العز :
- أبو بسام أنتو عشر عناصر ومعك سبع رماة آر بي جي، بتوقفو بعد أبو محمد ب ـ 500 متر عند نقطة ..... بتاخذوا مواقعكن تمام، بدكون تشوفوالقافلة هربانة من جماعة أبو محمد، في شي منهن بدو يطلع عن الطريق وزع رجالك متل ما اتفقنا واتمترسوا منيح بدكون تصيبو هالكلاب و خبر رجالك أنوا أهدافهن بدها تتحرك متل المجانين وما لازم يفلت من إيديكن حدا، ركزو منيح الاصابة بدها تكون عالأهداف اللي اتفقنا عليها، والغلط ممنوع بدي تصيبو سبع دبابات وتعطبوها . وما بدي حدا يقدر يهرب منهن، أبو محمد بخبرك شو ضللك لتتصرف معهن .

يلتفت إلى رجلين يحملان بنادق قناصة ويرتديان الكوفيات.. ويتابع :
- وأنتو بتضربو على سيارة القيادة، أبو علي إنتي على الدواليب وأبو العز إنت على الضابط هاد أسمو ... كلب كبير بدنا راسو هاد شنع بأهلكن برقبة هالواطي أكتر من 100 شهيد وشهيدة وهلأ أجت ساعتو بإذن الله ...

راقب لاحات الرجال فوجدها تنطق عزيمة وتصميم فأكمل بصوته الرخيم :
- يا رب .. يالله تحركوا.. بدي أسمع منكن أخبار طيبة بعد ساعة ونحنا قريبين منكن للمؤازرة وبتعرف أبو بسام كيف تطلب مدد إذا احتجت .

يصيح الرجال :
- منصورين منصورين بإذن واحد أحد ....

ويتابع أبو العز في توزيع المهام :
- وإنتي يا أم نوار خدي معك البنات وخليكي ورا أبو فؤاد، إذا حدى انصاب لا سمح الله معك كل اللوازم ، اعملي بأصلك يا أم نوار يا أم الشهيد البطل، وفضلك على هالبلد كبير .

تهز أم نوار رأسها وتأخذ معها أربعة بنات يرتدين الكوفيات وثياب الجيش العسكرية . وترفع إحداهن علامة النصر فيصفق لها أبو العز ورجلين معه ويهتفون منصورات والله أكبر .
فيجبن بصوت واحد :
- الله أكبر .

تتحرك أربعة سيارات إلى ضالتها وما هي إلا دقائق حتى تتمركز المجموعات في أماكنها المدروسة والمعدة سابقاً، وتجهز الأسلحة لتكون على أهبة الاستعداد للإطلاق .
بعد دقائق من الترقب و الصمت المطبق ..
أطلت القافلة على مجموعة أبو محمد المترصدين وهي تسير ببطْئ شديد في هذه المنطقة من الطريق، وهمس أبو اسماعيل :
- هدول هنن الله أكبر الله عليك يا بشار يا مجرم أجت ساعتكن يا كلاب ..

ومرت القافلة بموازاتهم ومع إشارة أبو محمد، انتصب ثلاثة رجال يجملون قاذفات آر بي جي، ووجهوا صواريخهم المضادة للمدرعات إلى أهدافها، فأصابت ثلاث أهداف إصابة مباشرة ثم انتصب ثلاثة آخرون ليطلقوا الدفعة الثانية من قذائفهم على سيارة زيل وسيارة المؤخرة ودبابة كانت تحاول الانحراف والنزول من الشارع وكانت الاصابات موفقة، توقفت مدرعة تحترق وقد قذف برجها خارج هيكلها وألسنة النار ترتفع منها عالية مصاحبة بدخان أسود، بينما أصيبت سيارة الزيل إصابة مباشرة لكن جنديين استطاعا الفرار منها راكضان باتجاه رجال أبو محمد وقد رفع أحدهم قطعة قماش بيضاء يلوح بها بعد أن تمدد أرضاً يعاني من إصابة أقعدته أرضاً . في حين صرخ الآخر :
- لا تضربوا الله يستركن أنا منشق منشق ..حاملاً بارودة الروسية إلى أعلى ثم ألقاها أرضاً .


وكما كان منتظراً أكملت القافلة بسرعة إلى الأمام وانزلقت مدرعتين من الطريق لتهربان من مرمى النيران لكن تلك النقطة من الطريق لم تسمح لهما بالتقدم طويلاً وفوجئتا بقذائف صاروخية تطالهما أعطبت الأولى في حين استطاعت الثانية من التقدم أكثر رغم إصابتها، لتجد نفسها محاصرة بحاجز إسمنتي، خرج منها السدنة ليجدوا أنفسهم محاصرين من ثلاثة رجال يحملون بنادق رشاشة ، فاستسلمو مباشرة وقد بدى عليهم الذهول التام .
كان صوت الرصاص قوياً جداً، انقض رجال أبو محمد إلى الطريق ليتفحصوا السيارات المصابة فوجدوا سيارة زيل معطوبة بالكامل وأربعة جرحى إصابة إثنين منهم بليغة وعشرة قتلى، أما الدبابة فكانت ما زالت تحترق وسدنتها بداخلها، أما سيارة البي أم بي فقد تدهورت عن الطريق وانقلبت على جنبها وانشغل الأبطال بفتح أبوابها لتفقد حالة من في داخلها .
تم ذلك خلال دقائق معدودة أرسل في بدايتها أبو محمد رسالة عبر جهاز إرساله قائلاً :
- نفذت المهمة أخدنا سحارة بندورة واتنين اتفعسوا وسحارة خيار أكلناهن وسحارة البصل طلعت ريحتا، بيبقالك أبو بسام الباقي وصحتين على قلبك . قللا لأم نوار عندا شغل شوي كم خيارة صاروا بصحنا وبدنا همتها .. ونحنا لاحقينكن .

كان رجال أبو بسام قد توزعو في أماكنهم مترصدين وقد سمعو أصوات دوي القنابل وأزيز الرصاص، وما هي إلا لحظات حتى ظهرت عند المنعطف سيارة عسكرية تسير بسرعة وخلفها دبابتين وسيارتي زيل تئن محركاتها من فرط الاجهاد .
رفع أبو بسام إشارة النصر، فانطلقت القذائف الصاروخية من كل صوب لتضرب ما تبقى من القافلة، وتصيبها إصابات مباشرة، احترقت دبابتين واشتعلت سيارة الزيل في حين عطبت الثانية وهبط منها ثلاثة جنود وبدؤوا بإطلاق النار عشوائياً في جنون دون أن يميزوا أهدافهم فكانوا أهدافاً سهلة للقناصة الذين أوقفوا أيضاً السيارة العسكرية واصطادوا جميع من بداخلها من ضباط وصف ضباط .
حدث ذلك بأقل من دقيقة .. أحصى أبو بسام أهدافه وخاطب رجاله :
- في خمس دبابات لسه ما أجو وسيارة بي أم بي وسيارة الحراسة ..

تحركوا بسياراتهم على طريق ترابي موازي للطريق الدولي بعكس الاتجاه، ليجدوا عناصراً قد هجروا سيارة الزيل وقد ألقوا أسلحتهم مستسلمين وأعلن أربعة عشر جندياً الانشقاق والتحاقه بالجيش الحر، فيما حاولت دبابتين الهروب لكن صاروخين كانا لها بالمرصاد أعطباها ..

استمرت المعركة ربع ساعة تقريباً غنمت من خلالها هذه الكتيبة ثلاثة دبابات بحالة مقبولة وسيارة بي أم بي ودمروا ما تبقى ليتركوا الحطام في أرض المعركة وقادوا ما غنموه إلى مقرهم بعد أن أعدوا لغنائمهم أماكن خاصة للتمويه، أصيب بطلين من الجيش الحر بطلقين ناريين ولم تخسر الكتيبة أي فرد من أفرادها، في حين سقط من جبش الأسد أكثر من أربعين قتيلاً وأسر عشرين منهم وكسبوا في صفوفهم أربعة عشر منشقاً وكمية كبيرة من الأسلحة والعتاد .



وفي المساء وبعد وجبة الإفطار احتفلت الكتيبة بنصرها المظفر وصورت صورة الضابط .... مقتولاً وكذلك الدبابات المحترقة، ولم ينسوا صورة معبرة لرجال الكتيبة ونسائها معهم يرفعون إشارة النصر ويهتفون بالله أكبر في حين كان قائد الكتيبة ابو العز يعلق على الشريط المصور بنتيجة المعركة وما ظفروا بها .
كان الفرح والرضا باد عليهم جميعاً، وكانت معركة تبشر بمعركة أكبر وبنصر نهائي.

أبو محمد ملازم أول منشق

أبو بسام مقدم منشق

أبو العز عقيد منشق .



وإننا قادمون



لينا موللا

صوت من أصوات الثورة السورية

#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات