أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - هانى جرجس عياد - دستور 2012.. قراءة أولية فى مسودة أولى















المزيد.....


دستور 2012.. قراءة أولية فى مسودة أولى


هانى جرجس عياد

الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 00:14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لست متأكدا من جدوى إبداء الرأى فى المسودة الأولى للدستور، المطروحة بالفعل للمناقشة، ذلك أن تجربة التعامل مع اللجنة التأسيسية أقرب ما تكون إلى السير فى حقل ألغام، فهى تجربة تفتقد –أولا- للشفافية، حيث مارست اللجنة عملها وراء الأبواب محكمة الإغلاق، ثم أنها (تجربة) تقود دائما إلى متاهة يصعب الخروج منها، وكأنك سقطت فى فخ، لا تكاد تحرج منه حتى تجد الأخر بانتظارك، لتبقى تائها بين نصوص أقرتها اللجان النوعية، ونصوص لم تقرها، نصوص مازالت قيد الصياغة، ونصوص انتهت صياغتها لكنها تنتظر إعادة صياغة، فلا يعود بوسع أحد معرفة النص المطروح للرأى العام والنص الذى لم يزل تائها بين أروقة اللجنة ولجانها الفرعية، والنص الذى تقرر إلغاؤه.
والنسخة التى بين أيدينا هى النسخة الثانية التى تقول لجنة كتابة الدستور إنها مطروحة للنقاش العام، وهى النسخة التى قالت عنها مصادر من داخل اللجنة إنها غير مطروحة للنقاش العام، لأن اللجنة لم تقرها بعد، وبما أن يعنى أن إبداء الرأى فيها قد يكون غير مجدى، وربما يذهب مع الريح.
لكن لندع هذا –مؤقتا- وندخل إلى المضمون.
هل توجد أمة إسلامية؟
مادة 1: « جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة.... والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية.....» الشرط الأساسى والأهم لتحقق الأمة هو الدولة الواحدة، وبالتالى فالأمة العربية غير موجودة فى الواقع، والأمة الإسلامية لم تعد موجودة منذ سقوط الدولة الإسلامية. ولئن أردنا بعض التفاصيل فلعنا نتساءل: هل يمكن أن يتخيل أحد وجود أمة تمتد من ماليزيا وإندونيسيا مرورا بأفغانستان وإيران حتى موريتانيا؟ وهل إيران (الشيعية) جزء من «الأمة الإسلامية» المقصودة؟ حتى الحدود المشتركة بين الدول الإسلامية غير موجودة (مثلما هو الحال مع البلدان العربية).
الصحيح أن مصر جزء من «الوطن العربى»، المتحقق نتيجة الحدود المشتركة بين دوله، أما دوائر الحركة العربية والإفريقية والإسلامية فهى موضوع سياسى لا مكان له فى الدستور.
عن الأديان السماوية:
تقول المادة الثالثة «مبادئ شرائع المصريين المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية ، واختيار قياداتهم الروحية» وقبل أن يسأل أحد عن المصريين غير المنتمين لإحدى الديانات الثلاث، سوف يجد نفسه أمام المادة 37 التى تنص على «حرية الاعتقاد مصونة. وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية على النحو الذى ينظمه القانون» ليكتشف أن مشروع الدستور المطروح أمامنا يمارس تمييزا صارخا بين المصريين بناء على الانتماء الدينى، رغم أن المشرع يقول فى المادة 30 «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك؛ بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأى أو الوضع الاجتماعى أو الإعاقة»، هكذا، لا تمييز بين المواطنين بسبب «الدين أو العقيدة» فى المادة 30، لكن كل من لا ينتمى لإحدى «الديانات السماوية» لا يحق له التعبد إلى الله على طريقته، وفق المادة الثالثة.
مصطلح «الأديان السماوية» فى ذاته دخيل على اللغة القانونية والدستورية المصرية، حيث لا وجود له فى كل ما عرفته مصر من دساتير وقوانين عبر تاريخها، فضلا عن أنه غير موجود فى نصوص أى من الأديان الموصوفة بالسماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام)، عندها يصبح من المشروع أن نسأل من هو الحكم الذى يمكن أن يقول هذا دين سماوى وهذا دين غير سماوى؟ وإذا كان هناك من يؤمن بدين أخر (غير هذه الأديان الثلاثة)، ويعتقد أن دينه سماوى، فمن يملك حق تجريده من هذا الاعتقاد؟ فضلا عن حق منعه من التعبد لله على طريقته؟
خطورة هذا التمييز بين المواطنين تمتد لما هو أبعد كثيرا من حرمان من لا ينتمون إلى أحد «الأديان السماوية» من حقهم فى بناء دور عباداتهم، لتصل إلى عدم الاعتراف بوثائق زواجهم (إذا افترضنا أنهم سيمارسون طقوس زواجهم الدينية فى المنازل) وبالتالى عدم الاعتراف بأبنائهم، لتتعثر بالتالى كل معاملاتهم المدنية مع أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة، من المدارس وحتى البنوك، مرورا بالجوازات والجنسية، وتنشأ لدينا مستقبلا (طائفة «البدون»)!.
ثم يبدو الأمر مثيرا لما هو أكثر من الخجل عندما نعرف أن دولة مثل الصين، التى يحكمها حزب شيوعى، ولا تؤمن الأغلبية العظمى من شعبها بأى من «الأديان السماوية»، تسمح بإقامة مساجد وكنائس ومعابد (يهودية)، يمارس الناس داخلها بحرية كاملة شعائر عباداتهم. والأزهر كان يرسل سنويا الأئمة والوعاظ إلى الجمهوريات الإسلامية فى الاتحاد السوفييتى السابق (الذى كان يحكمه حزب شيوعى) لإحياء ليالى رمضان والإشراف على مسابقات حفظ القرآن الكريم. والدول الغربية (العلمانية!) ذات الأغلبية المسيحية، تسمح لمواطنيها وللوافدين المقيمين على أراضيها، من كافة الأديان السماوية والوضعية ببناء دور عبادتهم وممارسة شعائر أديانهم بحرية كاملة (أرجو ألا يتنطع احد ويشير إلى منع بناء المآذن فى سويسرا، ليس فقط لأنها حالة واحدة وحيدة، لكن أيضا وأساسا لأن المنع –أولا- اقتصر على المآذن دون المسجد ذاته وبما لم يؤثر على حرية المسلمين فى أداء شعائرهم الدينية، وبما يعنى –ثانيا- أنه إجراء لم يستهدف حرمان المسلمين من بناء دور عبادتهم، وإنما الحفاظ على الشكل المعمارى للبلد). كل هذا بينما لجنة كتابة الدستور عندنا، وفيها أغلبية «إسلامية»، ترفض الأخر وتقرر تصنيف المواطنين والتمييز بينهم على أساس «الأديان السماوية»!.
إن عبارة «الأديان السماوية» هى إعلان صريح بممارسة الدولة تمييزا صارخا بين مواطنيها على أساس «الدين» أو «العقيدة»، ويتعين إسقاطها، لتقوم الدولة بدورها فى ضمان حق كل المواطنين ببناء دور عباداتهم وممارسة شعائرهم الدينية، بحرية كاملة داخلها.
عن «تقاليد» الأسرة المصرية
تنص المادة التاسعة على «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وحماية تقاليدها وقيمها الخلقية»، والمادة العاشرة تؤكد الأمر نفسه «تلتزم الدولة والمجتمع برعاية الأخلاق والآداب العامة وحمايتها، والتمكين للتقاليد المصرية....»، دعك الآن من أن الدستور ليس كتابا لتعليم الناس الأخلاق، ودعك أنه ليس من بين وظائف الدولة تعليم مواطنيها الأدب وإدخالهم الجنة قسرا، دعك من هذه وتلك وتأمل قليلا مصطلح «الطابع الأصيل للأسرة المصرية»، وحاول أن تفهم ثم تفسر معناه!! لن تعرف بالقطع، انتقل الآن إلى «تقاليد الأسرة المصرية» التى ألزم المشرع الدولة بحمايتها، المؤكد أنك تعرف الآن أن من بين تقاليد الأسرة المصرية تبادل أطباق الكحك والبسكويت وأم على فى المناسبات وغير المناسبات، فهل تتعهد الدولة المصرية بحماية هذا التقليد؟ كما أن الجلابية المصرية التى يرتديها الفلاحون، شمالا وجنوبا هو أيضا من بين التقاليد الموروثة لدى الأسرة المصرية، فى حين أن «الدشداشة» السعودية التى يرتديها الرئيس مرسى فى صلاة الفجر تقليد وافد وغير أصيل، فهل يعتبر السيد الرئيس مخالفا لمواد الدستور؟
التعليم بين الاستثمار والتعدد:
مادة 50 تقول «لكل مواطن الحق فى التعليم المطابق لمعايير الجودة، وهو مجانى فى مراحله المختلفة، وإلزامى فى مرحلة التعليم الأساسي؛ وتتخذ الدولة كافة التدابير لمد مدة الإلزام إلى مراحل أخرى، وتعنى بالتوسع فى التعليم الفنى وتشجعه، وتشرف على التعليم بكل أنواعه، وتلتزم جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأهلية وغيرها بخطة الدولة التعليمية وأهدافها؛ وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج» والسؤال الطبيعى هنا هو هل ستلتزم «المؤسسات التعليمية الخاصة والأهلية» بشرط «مجانية التعليم فى مراحله المختلفة»؟ وما معنى «التعليم بكل أنواعه»؟ هل توجد دولة محترمة فى العالم تقر على أراضيها أنواعا مختلفة من التعليم؟. مخاطر تعدد أنواع التعليم فى الوطن الواحد على وحدة الوطن ومستقبله تحدث عنها كثيرون من علماء الاجتماع وخبراء التعليم، لذا نكتفى هنا بالإشارة إلى أن الاستثمار فى التعليم لا يمكن ولا يجب أن يكون استثمارا ماليا، يؤدى إلى زيادة رصيد المستثمر فى البنك، ومن غير اللائق أن ندع الفرصة لكل من معه «قرشين» أن يفكر فيما إذا كان من الأجدى له أن يستثمر أمواله فى بناء مدرسة أم فى شراء محل فى وكالة البلح؟. الاستثمار فى التعليم هو استثمار فى القوى البشرية، ينتج للوطن أجيالا شابة بعقول متفتحة، تسهم فى قيادته وبنائه، وتلك مهمة الدولة أساسا، وربما أيضا بمساعدة المجتمع المدنى غير الهادف للربح.
أحكام الشريعة ومبادئها:
مادة 68 تنص على «تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التى ترسخ مساواة المرأة مع الرجل فى مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية....» النص هنا على «دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية» يثير مشكلة مزدوجة، لا علاقة لها البتة بالموقف من الشريعة فى ذاتها، الوجه الأول من المشكلة أن المادة الثانية فى باب مقومات الدولة تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع» بينما هذه المادة تعيد المرجعية إلى أحكام الشريعة، والفارق بين «المبادئ» و«الأحكام» شاسع جدا، وبما يعنى تعدد المرجعيات فى الدستور، بين الأحكام والمبادئ، وهذا خلل دستورى كبير، والوجه الأخر للمشكلة هو اقتصار التحذير من الإخلال بمبادئ الشريعة على هذه المادة وحدها دون غيرها، وبما يعنى –بمفهوم المخالفة- أنه من الجائز الإخلال بأحكام الشريعة فيما عداها من مواد. وعلى سبيل المثال فإن المادة التالية مباشرة (69) التى تنص على «تكفل الدولة رعاية النشء والشباب وتأهيلهم...»، تخلو من إلزام الدولة بكفالة رعاية النشء.... «دون الإخلال بأحكام الشريعة» الأمر الذى يعنى –بمفهوم المخالفة- جواز الإخلال بهذه الأحكام فى هذه المهمة، وقس على ذلك باقى مواد الدستور!!.
إن النص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فى صدر الدستور يشمل بالضرورة كل ما يتضمنه الدستور من أحكام، بما فى ذلك –بالقطع- قضايا الميراث والزواج وما إلى ذلك. واحتكار مادة واحدة لنص «دون الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية» يعنى –بمفهوم المخالفة- تحرير باقى مواد الدستور من هذا الالتزام، وبالتالى وجب حذف هذا الإلزام من هذه المادة.
رجل الأعمال.. رئيسا:
«تشكل بمعرفة مجلس النواب والجهاز المركزى للمحاسبات، مجموعات عمل اقتصادية، عند الاقتضاء، تستقل بإدارة استثمارات كل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشيوخ ووكلائهم ورؤساء لجانهما النوعية، ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء، ومن فى حكمهم، وفى كل الأحوال يكون هذا الاستثمار بعيداً عن تصرفهم وعلمهم طوال مدة شغلهم لهذه المناصب» هذا هو نص المادة 169 فى مشروع الدستور، ولست أعرف سببا لكل هذا الدلال الذى يسبغه المشرع على رجال الأعمال؟ والادعاء بتشجيع الكفاءات الوطنية على التنافس لشغل هذه المناصب تبريرا لهذه المادة يحتاج بدوره إلى تفسير، لماذا نشجع رجال أعمال على ترك مشروعاتهم الناجحة لشغل مناصب تنفيذية وتشريعية رفيعة فى الدولة، دون أن يكون بوسع أحد الجزم أن نجاحهم فى إدارة استثماراتهم يعنى بالضرورة نجاحهم فى المناصب التنفيذية؟ هل خلت الدولة من كفاءات إلا هؤلاء؟ ثم هل يضمن المشرع نزاهة وتكافؤ فرص الدعاية الانتخابية بين رجال أعمال بكل ما يملكون من أموال وعلاقات عامة وتأثير فى المجتمع، وبما يتجاوز إمكانيات المرشحين الأخريين على الدعاية؟ وهل يضمن المشرع أن رئيس الجمهورية، رجل الأعمال السابق، سوف يعدم الوسيلة لاختراق عمل «المجموعة الاقتصادية التى تدير استثماراته» ليعرف ما يدور وما يجرى ويوجه بما يلزم؟ وهل يضمن صاحب اقتراح هذه المادة أن المجموعة التى تدير استثمارات الرئيس (أو أى صاحب منصب أخر) لن يتسرب منها ما يفيد بأنها تدير استثمارات هذا المسئول أو ذاك، وبما يؤدى إلى تمييزها فى السوق واستحواذها على حصص أكبر منه، وكأن المسئول نفسه هو من يدير استثماراته، ويتنافى بالضرورة مع مبدأ تكافؤ الفرص بين المستثمرين؟ وهل يضمن المشرع أن البرلمان، وهو من اختار المجموعات الاقتصادية لإدارة مشروعات المسئولين، لن ينحاز فى تشريعاته مع (أو ضد) استثمارات هذا المسئول أو ذاك، حسب الأغلبية النيابية فيه؟. هذه المادة –باختصار- هى أحد المفاتيح السحرية لكل أبواب الفساد السرى والعلنى فى الدولة والمجتمع، وإذا كان على أستاذ الجامعة –مثلا- أن يستقيل من عمله فور وصوله إلى أحد المناصب المذكورة فى هذه المادة، فعلى رجل الأعمال تصفية استثماراته أو تجميدها تماما، فور شغله مسئولية تنفيذية أو تشريعية. المناصب العامة لها ضريبتها الخاصة، ويجب على من يتصدى لمنصب عام أن يدفع ضريبته، وليس مفهوما لماذا نعفى رجل الأعمال من دفع هذه الضريبة.
تحصين الرئيس، أو مكافأة المخطئ!!
مادة (227): « تنتهى مدة رئيس الجمهورﯾة الحالى بانقضاء أربع سنوات من تاريخ انتخابـه رئيسا للجمهورية، وﻻ ﯾجوز بحال أن ﯾشغل هذا المنصب إﻻ لمدة أخرى» هذه المادة تعنى بوضوح أن لجنة كتابة الدستور (وأغلبيتها من التيارات الإسلامية) تدرك بالقطع أن إصدار دستور جديد يترتب عليه بالضرورة انتخاب رئيس للبلاد، بمعنى أن «الدستور أولا» ثم الانتخابات، والمعروف عندنا أن هذه التيارات ذاتها (الإسلامية) هى التى رفضت بعناد طريق «الدستور أولا» وفرضت على البلاد السير فى الطريق الخطأ، طريق «الانتخابات أولا»، وعندما حل موعد دفع فواتير الخطأ، فإن التيارات الإسلامية، تسعى للهروب من تحمل مسئولية ما ارتكبته فى حق الوطن، وفوق ذلك تسعى للحصول على مكافأة بالإبقاء على الرئيس الإخوانى فى السلطة، وتحصينه بمادة تحفظ له بقاؤه رئيسا بعد صدور الدستور، فيما يبدو وكأنه دعوة مفتوحة لكل من تسول له نفسه العبث بمصير ومستقبل البلاد، ألا يتردد فى أن يفعل ما يشاء، وسوف يفلت من العقاب ثم يحصل على مكافأة.
بقاء هذه المادة وصمة عار فى جبين الثورة والمستقبل.
ملاحظات سريعة
* مادة 4: «.... ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية» لماذا الإصرار على الزج بمؤسسة دينية فى الشئون القانونية والدستورية؟ هل قضاة مصر ومحاموها، ليس لديهم الدراية الكافية بالشريعة؟ أم أن هناك من يبحث عن منفذ لفرض حكم الفقيه مستقبلا؟
* مادة 13: «يهدف الاقتصاد الوطنى إلى تحقيق التنمية المستديمة المتوازنة، وحماية الإنتاج وزيادة الدخل، وكفالة العدالة الاجتماعية والتكافل.... وربط الأجر بالإنتاج.....» وماذا عن عمال الخدمات الذين لا ينتجون، رغم أنهم يساهمون مساهمة ضرورية فى عملية الإنتاج؟
* مادة 106: «لأعضاء البرلمان إبداء رغبات فى موضوعات عامة إلى رئيس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم» ما معنى إبداء رغبات؟ وما هى نوعية الرغبات المسموح بإبدائها؟ وكيف يبدى النائب رغبته لرئيس الوزراء أو غيره؟ ثم ماذا بعد إبداء الرغبة؟
* ما هى علاقة المواد من 119 حتى 121 بالسلطة التشريعية، وتحديدا مجلس النواب؟ هل وردت فى الفصل الخاص بمجلس النواب عن طريق الخطأ، أم أن شيئا ما ينقصها لتتناسب مع وجودها فى هذا الفصل؟
* مجلس الشيوخ: المواد من 113 حتى 129 تحدد وتنظم عمل مجلس النواب (الشعب الآن)، بينما مجلس الشيوخ (الشورى الآن) ليس له أية اختصاصات فى مشروع الدستور الذى بين أيدينا، والفصل الخاص به جاء فى أربع مواد فقط، مادة 130 تتحدث عن تكوين المجلس، مادة 131 تتحدث شروط الترشح لعضوية المجلس، مادة 132 تحدد مدة عمل المجلس، ثم مادة 133 تحيل اختصاصات مجلس النواب عند حله إلى مجلس الشيوخ (الشورى)، ليخلو الفصل الخاص بمجلس الشيوخ من أية اختصاصات، وكأن وظيفته الوحيدة أن يكون احتياطيا لمجلس النواب فيما لو تعرض هذا الأخير للحل. فهل هذه هى كل ضرورات الإبقاء عليه؟
* مادة 129: «لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، ويكون ذلك بقرار مسبب بناء على طلب الحكومة وأخذ رأى رئيسى مجلسى البرلمان، وبعد استفتاء الشعب على هذا الحل. ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء خلال عشرين يوما على الأكثر، فإذا وافق أغلبية المشاركين فى الاستفتاء على الحل أصدر رئيس الجمهورية قراراً بدعوتهم إلى انتخابات مبكرة خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ صدور قرار الحل، ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإتمام الانتخابات. وإذا لم يشتمل قرار الحل على كل ذلك، أو انقضى الميعاد المحدد دون إجراء الاستفتاء أو الانتخابات، يعود المجلس إلى الانعقاد من تلقاء نفسه بقوة القانون فى اليوم التالى لانقضاء هذا الميعاد. وفى كل الأحوال لا يجوز حل المجلس خلال دور انعقاده السنوى الأول، أو لذات السبب الذى حل من أجله مرة أخرى» يعنى بعد طلب الحكومة حل مجلس النواب، وأخذ رأى رئيسى مجلسى البرلمان، وإجراء الاستفتاء، وموافقة الشعب على الحل، ينسى الرئيس أو يتناسى دعوة الناخبين إلى انتخابات مبكرة، ليعود المجلس الذى وافق الشعب على حله إلى ممارسة عمله، وبقوة القانون أيضا؟ أليس هذا ضربا من العبث؟ ولماذا يفلت رئيس عابث من المحاسبة؟
* مادة 204: « يعين رئيس الجمهورية رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ......» هذه المادة تفرغ استقلال هذه الهيئات من مضمونه وتحيله إلى مجرد كلام. لكى تكون الهيئة مستقلة فعلا وقولا يجب أن تحتار رئيسها بنفسها، دون تدخل من أية جهة أخرى، ويقف دور رئيس الجمهورية عند حدود إصدار القرار الجمهورى بمن اختارته هذه الهيئة أو تلك.
* مادة (220): «ﻻ ﯾجــوز تعــدﯾل الدســتور قبــل مضــى خمــس (عشــر) ســنوات علــى تاريخ العمــل به، وﻻ ﯾجــوز بحــال تعــدﯾل المقومــات اﻷساســﯾة وﻻ الحقــوق والحريات الــواردة فــى هــذا الدســتور إﻻ بغــرض مــنح المزﯾد من هذه الحقوق والحريات» هذه المادة تصادر حق البرلمان القادم (وربما الذى يليه) والرئيس الحالى (وربما الذى يليه) من ممارسة حقهم الدستورى فى طلب تعديل الدستور الذى منحهم الحق فى طلب التعديل، فضلا عن أنها (هذه المادة) حصنت مواد بعينها من أى تعديل حتى بعد فترة الأعوام الخمسة (أو العشرة). فهل تملك لجنة كتابة الدستور حق تحصين ما كتبته؟.



#هانى_جرجس_عياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بؤس المثقف وثقافة البؤس.. د. رفيق حبيب نموذجا
- بديع يتكلم...!
- حكم الإخوان.. بين قرض الصندوق ومشروع الفنكوش
- ... ومازال الإخوانى عصام العريان يتجلى!!
- «الشريعة».. أزمة مجتمع أم أزمة إسلاميين؟
- كل عام وانتم بخير
- بعدما أصبح المشير مستشارا
- جريمة سيناء والرئيس منقوص الصلاحيات
- عودة «مجلس باطل»: المعركة الخطأ فى التوقيت الخطأ
- تأملات فى حالة سعادة
- هوامش على دفتر وطن مضطرب
- عن الرئيس «اللى سمع»... وأشياء أخرى
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس المصرى الجديد
- الثورة مستمرة حتى إسقاط العسكر... ومحاكمتهم
- لا جديد تحت الشمس... قاطعوا تصحوا
- بين المباركيين والإخوان: من ينقذ مصر من كوارث قادمة؟
- رسالة مفتوحة إلى الإخوان المسلمين: بعد الحكم فى قضية القرن ا ...
- لا تجهدوا أنفسكم... شفيق هو الرئيس وهذا هو السيناريو
- والإخوان أيضا فلول
- بين مرسى وشفيق: للثورة خيار أخر


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - هانى جرجس عياد - دستور 2012.. قراءة أولية فى مسودة أولى