أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هانى جرجس عياد - بعدما أصبح المشير مستشارا















المزيد.....

بعدما أصبح المشير مستشارا


هانى جرجس عياد

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 16:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


حسنا، فعلها الرئيس محمد مرسى، وأنهى حالة شاذة من ازدواجية السلطة، بمجموعة من القرارات الموصوفة بأنها «جريئة»، لكن المشكلة أن «مشير مبارك» أصبح «مستشار مرسى»، وكأن الذين هتفوا «يسقط حكم العسكر» كانوا يقصدون تحويلهم إلى مستشارين للسيد الرئيس.
«مشير مبارك» لم يحمل سوى أوسمة ونياشين عسكرية، لا أحد يعرف كيف حصل عليها، لكن يديه لم تكن ملوثة –آنئذ- بدماء شهداء ومصابين، بينما «مستشار مرسى» يحمل الآن قلادة النيل، دون أن يعرف أحد لماذا حصل عليها، ويداه ملوثتان بدماء شهداء الثورة ومصابيها.
قلادة النيل التى منحها الرئيس مرسى للمشير، الذى أصبح مستشارا، تضع حاملها –بروتوكوليا- فى المرتبة الثالثة بعد الرئيس ونائبه، فهل يليق برئيس مصر أن يقف إلى جواره «مستشار» تلوثت يداه بدماء الآلاف من أبناء مصر بين شهيد ومصاب؟
مسئولية المشير الذى أصبح مستشارا، عن كل الدماء التى سالت منذ 11 فبراير، لا تختلف كثيرا ولا قليلا عن مسئولية الرئيس المخلوع عن دماء المصريين خلال الفترة من 25 يناير حتى 11 فبراير، فلم يقل أحد إن مبارك نزل بنفسه إلى الشارع لقتل المتظاهرين، كما لم يتبين للمحكمة أنه أصدر أوامره بإطلاق النار عليهم، لكنه استحق حكم المؤبد لأنه تخلى عن مسئوليته فى حماية المتظاهرين، فهل يختلف الأمر بالنسبة للمشير الذى أصبح مستشارا؟. لو اتفقنا –جدلا- أنه لم يصدر أوامره بدهس المتظاهرين فى ماسبيرو وقتلهم فى موقعتى العباسية الأولى والثانية، وأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، وسحل وتعرية نساء مصر، فهو تقاعس –بالتأكيد- عن القيام بمسئوليته فى حماية المتظاهرين والمعتصمين، ويستحق –بالتالى- أن يلحق بقائده الأعلى السابق فى سجن طره، لكن المفارقة أنه استحق قلادة النيل، بدلا من المؤبد، والتحق بقائده الأعلى الحالى فى قصر الرئاسة.
لا أعرف على وجه الدقة ما هو شعور المشير الذى أصبح مستشارا وقد نال «الخروج الآمن» فى حماية مرشد الجماعة الخارجة على القانون (أو هكذا يعتقد الطرفان، الحامى والمحمى!!)، ما هو شعوره الآن بعدما أضاع فرصة ذهبية منحها له التاريخ لكتابة اسمه بحروف من نور، ليحصل بعدها على «دخول آمن» لقلوب الجماهير، بدلا من «خروج آمن» فى حماية المرشد، لكننى أكاد أقرأ أسباب تفضل فضيلة المرشد بمنح عساكر مبارك الخروج الأمن وتحويلهم إلى مستشارى مرسى، فالخلاف بين من حاول قتل الثورة ومن تأمر بليل لسرقة جثتها ليس سوى «زوبعة فى فنجان»، (وفقا للمصطلح الذى سكه «الرئيس المؤمن» أنور السادات، والذى هو -ويا للمفارقة- الراعى الرسمى للاثنين معا، تلاميذ حسن البنا وجنرالات حسنى مبارك)، ووقائع عام كامل، منذ خلع المخلوع، شاهدة على ذلك. وأخشى أن البلاغات التى يمكن أن تتهم المشير بالتقاعس عن أداء مسئولياته، قد تطال أيضا من أسبغ عليه الحماية.
القراءة الأولية لتشكيل حكومة مرسى الأولى، وتعيين رؤساء تحرير الصحف «القومية» بمعرفة «مجلس الشورى» (الذى يفترض أنه مؤسسة أخرى غير مجلس شورى الإخوان)، تكشف عن حالة من «التضفير» بين فلول مبارك والإخوان، وبما يعنى أن وجود «المشير والفريق» بين مستشارى الرئيس (وقد سبقهم إلى المنصب كمال الجنزورى)، ليست حالة شاذة أو استثنائية، بل انعكاس أمين لحقيقة أن الإخوان أنفسهم فلول (راجع أرشيف تصريحات ومواقف الإخوان قبل 25 يناير 2011 لتكتشف ذلك بنفسك)!!.
وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك بعض المؤشرات الأولى لسياسات الدكتور مرسى، بدءا من تعثر الإفراج عن أسرى ومعتقلى المجلس العسكرى من شباب الثورة، بينما يجرى الإفراج، بقرار رئاسى، عن مجموعة من الإرهابيين والقتلة عشية جريمة سيناء، وفى تزامن أجبر رئاسة الجمهورية على الإسراع لنفى العلاقة بين الحدثين (الإفراج عن المجرمين وجريمة سيناء)، مرورا بالهجمة الديكتاتورية على وسائل الإعلام (أكثر شراسة مما اقترفه صفوت الشريف فى عز جبروته)، والتنكيل بالمعارضين (والله ورجعت أيام حسن عبد الرحمن) وصولا إلى التصريحات اللوذعية للدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء (ترشيد استهلاك الكهرباء بالذوق أحسن لكم!!)، تماما مثلما كان يفعل الرئيس المخلوع (نزيل سجن طره الآن) الذى كان يحمل الشعب مسئولية تفشى الأزمات وتفاقمها، أقول إذا ما أضفنا هذه إلى تلك، لتبين لنا أن شيئا لم ولن يتغير، وأن مشروع النهضة الذى بشرنا به الإخوان يتلخص فى أن على الشعب أن يجمع القمامة بنفسه من الشوارع، ويعمل على ترشيد استهلاك الكهرباء، وبما لا يختلف كثيرا أو قليلا عن مشاريع مبارك الوهمية التى طالما بشرنا بها (مشروع الألف يوم، على سبيل المثال، لمن لم يزل يتذكر)، وأن شعار «نحمل الخير لمصر»، ليس سوى حلقة فى مسلسل شعارات «من أجلك أنت» و«مصر بتتقدم بينا».
حسنا، لقد أنهى الرئيس مرسى حالة ازدواجية السلطة، لكنه لم يُسقط حكم العسكر، بل احتضنهم، فهل تستدعى هذه الخطوة كل هذا التهليل والتأييد؟ ثم ماذا إذا كان السيد الرئيس ومن ورائه مكتب الإرشاد (العكس مكتب الإرشاد ومن ورائه الرئيس، لا فرق) فى سبيله الآن لإعادة إنتاج حكم مبارك فى طبعته الإخوانية؟
ظنى أن تلك هى معركتنا الرئيسية من أجل حماية الثورة واستكمالها وتحقيق أهدافها، وهى معركة يجب بالضرورة أن تأخذ مساراتها وأبعادها وفق الأساليب الديمقراطية، وحق المعارضة الكامل فى التعبير عن رأيها بكل الأشكال والوسائل والطرق المشروعة، اختلافا مع الرئيس وسياساته، ومع جماعة الإخوان المسلمين التى مازالت خارجة على القانون، لكن المأزق الآن يتمثل فيما يبدو من محاولات إخوانية لإغلاق كل منافذ التعبير عن الرأى المخالف أو المعارض، وهو ما يعنى وأد إرهاصات الديمقراطية بعدما استفاد منها الإخوان وقادتهم إلى قصر الرئاسة، وبما يعنى فى أحد تجلياته أن تكون انتخابات 2012 هى أول وأخر انتخابات تشهدها البلاد.
بيد أن المأزق الحقيقى هو مأزق الجماعة الخارجة على القانون، والتى ليس لديها أى مشروع حقيقى قادر على إخراج البلاد من أزماتها ومشاكلها ووضعها على طريق البناء والتقدم، ليس لديها أى تصور لبناء العدالة الاجتماعية، واستعادة الكرامة الإنسانية التى أهدرها نظام مبارك، وتوفير رغيف العيش لملايين الفقراء (شعارات ومطالب يناير)، ليس لدى الإخوان سوى مشروعات خيرت الشاطر وحسن مالك (إعادة إنتاج رديئة لمشروعات أحمد عز) ولا يوجد فى جعبتهم سوى الزكاة والتكافل، ومن المستحيل بناء مجتمع، فضلا عن حل مشاكله وأزماته، على الصدقة والإحسان. ربما كان الاختلاف الوحيد عما كان قبل الثورة أنه لم يعد لدينا جمال مبارك. لذا يبدو طبيعيا أن ينقلب الإخوان على الديمقراطية بعدما استفادوا منها.
لكن الحقيقة المؤكدة أن إرهاب المعارضين لا يجدى نفعا، حتى لو كان باسم الدين، وإغلاق منافذ التعبير، سيعيد إنتاج الثورة فى الشوارع والميادين، هذا هو الدرس الذى يجب على الأخوان فهمه واستيعابه.



#هانى_جرجس_عياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة سيناء والرئيس منقوص الصلاحيات
- عودة «مجلس باطل»: المعركة الخطأ فى التوقيت الخطأ
- تأملات فى حالة سعادة
- هوامش على دفتر وطن مضطرب
- عن الرئيس «اللى سمع»... وأشياء أخرى
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس المصرى الجديد
- الثورة مستمرة حتى إسقاط العسكر... ومحاكمتهم
- لا جديد تحت الشمس... قاطعوا تصحوا
- بين المباركيين والإخوان: من ينقذ مصر من كوارث قادمة؟
- رسالة مفتوحة إلى الإخوان المسلمين: بعد الحكم فى قضية القرن ا ...
- لا تجهدوا أنفسكم... شفيق هو الرئيس وهذا هو السيناريو
- والإخوان أيضا فلول
- بين مرسى وشفيق: للثورة خيار أخر
- ملاحظات أولية على نتائج شبه نهائية
- حمدين صباحى هو الحل
- أحمد الجيزاوى يفضح حكام هذا الزمان
- إرضاء لله... تاجر يحكم مصر!!
- عن الإخوان والعسكر و«شوية العيال بتوع الثورة»
- «قانون الحرابة»... هروب من أزمات الوطن إلى تقنين «جرائم ضد ا ...
- الدستور ليس برنامجا حزبيا... تلك هى «المعركة»!!


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هانى جرجس عياد - بعدما أصبح المشير مستشارا