|
الشاعروقصيدته:أيهما يكتب الآخر..!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3884 - 2012 / 10 / 18 - 03:21
المحور:
الادب والفن
الشاعروقصيدته:أيهما يكتب الآخر..! القصيدة الإبداعية تتجدد ولاتتكرر. .الخيال ماء حياة الشعر... إبراهيم اليوسف طالما تحدَّث الشعراء، عن ولادات قصائدهم الشعرية، حيث يتم التعبير عن ذلك، من قبل كل منهم، على طريقته الخاصة، كما أن تكون الحالة الشعرية لدى أي شاعر، لابدّ وأنه يتم على نحوواحد، بالرغم من فارق درجة الحساسية، وسرعة استجابة الشاعرلعناصرالقصيدة التي تحتاج إلى مجردإعادة صياغتها، وهوما يخضع أولاً وأخيراً إلى قوة التجربة الإبداعية لدى المبدع. و عند أي تحليل للعناصرالأولى لأية قصيدة إبداعية، فإنه لابدَّ من الإشارة إلى عامل الفطرة، أوالموهبة، والرؤية، وبراعة الخيال، وإمكان التقاط الفكرة، وكيفية بناء القصيدة، اعتماداً على الرَّصيد اللغوي لدى الشاعر...........! وانطلاقاً من مثل هذا التحليل الأولي، فإن كل هذه العناصرالأولى، من الممكن أن تتوافرلدى الناس عامة، ومن بين ذلك الموهبة، وإن اللَبنة الأولى للموهبة قد لايخلو منها امرؤ البتة، و هي الدليل على أن القصيدة التي يكتبها الشاعر، تلاقي صدى لدى أوساط جد كبيرة من المتلقين، ممن يساهمون في كتابتها بشكل أو بآخر، بل إن الأمرليبلغ حداً، يكاد يدفعنا إلى أن نتصور، وكأن كل امرىء إنما هوفي أعماقه، شاعر،أو أن في داخل كل منا ثمة شاعراً، وإن استكمال أدوات هذاالشاعر في حاجة إلى الدُّربة، والمران، والبيئة اللازمة، بل وأصالة الدافع الذاتي لديه. ومايمكن الحديث عنه حول حالة تدرُّج الحساسية لدى الناس، يمكن أن يقال، في الوقت نفسه، عن التدرج بين الشعراء ، حيث أن هؤلاء الشعراء، ذواتهم، يبدون على درجات متباينة، من الشاعرية، إذ ثمة من تمتلك قصيدته الحد الأدنى من الشعرية، كما أن هناك من تحقق قصيدته أعلى مستوى من الشعرية، وهوالسرُ في أنه ليس هناك صورة نمطية للشاعر، لاسيما وأن الشاعريمكن أن يحقق فتوحات شعرية جديدة، بين قصيدة وأخرى، لأن باب الإبداع مفتوح على مصراعيه لدى الشاعرالأصيل، هذا الشاعرالذي يتجاوز ذاته، ومجايليه، والسابقين عليه، عبرقصيدته، ليكون التجاوز-بهذا- علامة إبداعية مهمة..!.
الشاعر وفضاء المؤثرات الكبرى: ومن المؤكد، هنا، أن ثمة جملة مؤثرات خارجية، لابد من تأثيرها في الشاعر، ومن بين هذه المؤثرات، بيئته وثقافته الأوليان، حيث ستظل سطوتهما على رحلته الإبداعية، منذ قصيدته الأولى، وحتى آخرقصيدة يكتبها، وهذا لايعني البتة أن هذين العاملين نهائيين، لأنهما خاضعان للتطور، مع عمق تجربة الشاعرالإبداعية، وإذاكان هذان العاملان من عداد الركائزالأولى التي لاغنى للشاعرعنهما، فإن للأحداث اليومية التي يواجهها الشاعردوراًكبيراً في استفزازالملكة الإبداعية لديه، كي يكون على موعد جديد، مع حدث مؤثر. كما أن الاستجابة للحدث اليومي، تختلف بين شاعروآخر، إذ نجد حدثاً عابراً يتم التقاطه من قبل شاعرما، كي تعكس قصيدته عالماً كاملاً، لتكون قصيدته أكثردهشة من الواقع، بل رب أحداث كبيرة، قدلاتجد صدى لدى بعض الشعراء، ومن بين ذلك فإن أحداثاً عظمى، مدوية، قد تمرّ، من دون أن تنعكس في مرايا إبداع بعضهم، بيدأن هناك من يستطيع تناول مثل هذه الأحداث، وبثِّ روح الحياة فيها، كي يبدي الشاعر، من خلال قصيدته موقفه مما يتم، وهويبث الحياة في هاتيك الأحداث، كي يحقق وظيفتي العمل الإبداعي، شكلاً ومضموناً، على اعتبارأن الشكل والمضمون، هما جناحا هذا الإبداع، ولايمكن للقصيدة أن تحلق عالياً، كمايروم الشاعر،دونهما البتة...! وهكذا، فإننا نجد أن لمايسمى ببصمة المبدع، الدورالكبيرفي التعامل مع المادة الخام، فهوقادرأن يصوغ حياة موازية للحظة المعيشة، من خلال تفاعله مع الواقع، كما أن عدم نضوج الموهبة الإبداعية لديه، إنما ينتج نصاً مشوهاً، يبدوقزماً أثناء أية مقارنة بالواقع، ولعلنا نجد أن معارك وحروباً تم تناولها من قبل بعض الشعراء، استطاعوا من خلالها أن يضعوا متلقيهم في غمارمعارك وحروب لايزال وقع سيوف أبطالها، يتصادى في آذاننا، إلى جانب حمحمات الخيول، وصرخات النصر، ولتستجلي نواظرنا، في حضرتها، غبارالمكان، ونوافيرالدم التي لماتزل تسيل، وهوما جعل النقاد يتحدثون عن الأدب الخالد، أو المخلّد، لأن القصيدة التي كانت حاضنة الحياة، إنما ظلت حاضنة للإبداع، بل إن تفاعلها مع الحدث بلغ أوجه، وكأن الشاعروحده يحقق النصرالأكبرعبرقصيدته العظمى..!. الشَّاعرفي فضائه الداخلي: إن العامل الخارجي،لا أثرله، إن لم يكن جهازالتقاط الحدث، على درجة عالية من الحساسية، وإن هذه الحساسية، لهي في حاجة إلى أن تؤزَر، بالتجربة الحياتية العميقة، كماأن هذه التجربة الناجمة عن معايشة الواقع، والتفاعل معه، لابد لها من أن تظلَّ في تماس يومي مع العالم، فلاتنفكُّ عنه البتة، الأمرالذي يصقل الملكة الإبداعية، ويشفَّ الرؤى، ضمن تنسيق خفي، في مختبرالشاعرالإبداعي، وهو يعمل بحسب قدراته الإبداعية، وبراعته، ومهارته، في إعادة إنتاج الواقع، على نحوجمالي، بمالايقل عن جمالية ماهومتناول. وبدهيٌّ، أن سعة خيال الشاعر، وصدق حالته الوجدانية، ورقة شعوره، بل سموروحه، ورهافة ذائقته، تعدّ عوامل مهمة في بناء عمارة قصيدته، كي تمسك بتلابيبها الإبداعية، وتمارس سطوتها على متلقيها، من دون أن تستنفد جماليتها، ودهشتها، وقدرتها على التأثير، ولعلَّ مقولة" القصيدة المتجدّدة" لابدَّ وأن تتحقق في العمل الإبداعي، كي تحافظ على تقديم الدَّهشة للمتلقي الواحد، في كل مرَّة، السمة التي تتحقق في النتاجات الشعرية الفريدة..!. لايمكن لأي شاعر، أن يقدّم قصيدة تمتلك شرطها الإبداعي، مالم تكن عناصرعالمه الداخلي، تستطيع الارتقاء إلى مستوى التفاعل مع معطيات العالم الخارجي، في إطارتجاوزسطح ماهومرصود، بل لابدَّ له من أن يتوغل في أعماق اللحظة الحياتية، يستطيع اكتشاف أسرارالمرئيات، والمحسوسات، بل والمتخيلات، يسبرها، ثم يعيد خلقها، وجبلتها،حتى تكون في الشكل المطلوب، لتبدو-في التالي-براعة كل شاعرعلى حدة، بل إن براعة الشاعرفي قصيدة ما له، قد تبزُ أوتقل ُّعن براعته في إنتاج قصيدة أخرى، وهومايرتبط بدرجة حضورالروح الشاعرة، أثناء إبداع أي نص شعري..!. معجم الشاعر: ثمَّة حديث دائم، من قبل النقاد والدارسين، عن معجم الشاعر، أثناء أية قراءة أودراسة لقصيدته، وإذا كان رصيد الشاعرمن مفردات المعجم هوجزء من هذا الرصيد، كماسيبدولأول وهلة، إلا أن المعجم الفعلي للشاعر، يكمن في مايضفيه من روحه على مفردته، ضمن مختبره الشعري، نفسه، حيث يعطيها بعداً آخر، غيرالبعد المتداول، والمستهلك، من جراء كثرة الاستخدام، إذ يكون توظيف أي شاعر، للمفردة، مختلفاً عن توظيف غيره لها، وهذا-تحديداً-ما يجعل اللغة دفَّاقة، مرتبطة إلى الحياة، نابضة بها، وهذا مايبثُّ الروح في المفردة، يحصنها من التآكل، ويجعلها تنزاح، كي تكون لها دلالة مختلفة بين نص وآخر، حتى من قبل الشاعرالواحد، وربما ضمن القصيدة الواحدة، وهنا ذروة الإبداع، لاسيما عندما يكون هذا الانزياح مبنياً على أسس منطقية، وغيراعتباطي، كما يفعل بعضهم من الذين يقدمون نصاً لاحياة فيه، ولا إيقاع، ولادهشة، ولا جمالية، بل هوعبارة عن خليط غيرمتجانس من العلامات والعلاقات اللغوية التي تهبط بالنص، كي تجعله، في أدنى سلالم نثريته، في أحسن أحواله.....!. خيوط الخيال: إن أية قصيدة"والتسمية هنا مجاز وتجاوز" لا تعدو أن تكون كائناً مسخاً، كسيحاً، مالم يكن وراء خلقها شاعرذوخيال مجنح، يعرف كيف ينسج صورته، كي يغدوالخيال جزءاً منها، بيدأن حضورهذا الجزء، يجب ألا يكون طاغياً، ولا هامشياً، حيث أن هناك ما يمكن وسمه ب"تربية الخيال"، و أن للخيال موازينه، مادام أن من شأنه في حال توظيفه بالشكل المطلوب، كهربة النص،برفده بماء الحياة،أوالشعر، وجعله كائناً من واقع ومجاز، مادام أن الواقع والمجاز طرفين جدّ مهمين في النص الشعري، بل والصورة الشعرية..! وعلى هذا الأساس، فإن الخيال، ليترك أثره الكبيرفي النتاج الشعري، وإن دخوله في كيمياء النص، يمنحه الحركة، ويدفع المتلقي إلى مشاركة الشاعرفي رسم الصورة، وإبداع النص، لأن الجانب الذي يركزعليه الخيال، إنما هومساحة مفتوحة، يتشارك في إعادة صياغتها المرسل والمرسل إليه، وهي أعلى مرتبة إبداعية، لاسيما عندما لاتكون هذه المساحة نتاج تهويم لايتقاطع مع العمل الإبداعي، بل هونتيجة وهن في خيال الناص...!. بين الشاعرين: السابق واللاحق..! إن مجرَّد توافرالشرط الإبداعي، في النص الشعري، إنما يفتح بوابات الحالة الشعرية، على أقصى أمدائها، بل إنه ليضمن ديمومة الشعرية، من منطلق أن التكرارإلغاء للإبداع، وإن الإبداع إلغاء للتكرار، وهومعيارمهم، لابد َّمن أن يتمَّ الاحتكام إليه،أثناء تقويم النص الشعري، لأن من شأنه أن يميزماهوإبداعي، مما هوغيرإبداعي، وهوما يطبقه الشاعر، ذو الذائقة المائزة، والحساسية المستوفزة، على نحوتلقائي، أثناء إنتاج نصه، كي يجنبه من الوقع في مصائد المألوف، والمستهلك، لأن أية قصيدة جديدة، إنما تعطي مفاتيحها لمتلقيها، تسلس بين يديه، كي تمضي به، إلى عوالم ومناخات جديدة، غيرمطروقة البتة، وهوسرعان مايتم اكتشافه من قبل المتلقي الذي يمتلك الحسَ الجماليَ، أثناء بحثه عماهوإبداعيّ. ومن هنا، فإن القصيدة الإبداعية، تعد بمثابة" الأرض البكر"، في علاقتها بالقصيدة التي تليها، عندما تؤسس هذه الأخيرة عمارتها، منطلقة من خصوصيتهاالذاتية، على اعتبارأن الخصوصية، هوالعلامة الفارقة لكل قصيدة أصيلة، تشبه نفسها، وتتنفس برئتها، ولاتكون صدى لغيرها، وهوالهاجس الرئيس لدى كل شاعرتال، يروم التخلص من سطوة الشاعرالسابق عليه، الأمرالذي يجعل مهمة الشاعراللاحق لا تقلُّ صعوبة، عن الشاعرالسابق عليه، في الخط البياني لتاريخ الشعرية...! افتتاحية ملحق الخليج الثقافي 15-10-2012
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللغة في النص الفيسبوكي:
-
الكتابة الاستذكارية
-
سنة كاملة على غياب مشعل التمو*
-
رؤية المبدع
-
أسئلة التجنيس الأدبي فضاء الولادة الجديدة
-
كاسرات الصمت
-
المحنة والامتحان:
-
ديوان الحياة
-
هذا الدم الكردي النبيل...!
-
كاميراالصحفي
-
جبهة الكتابة:
-
الكتابة تحت الطلب
-
النص الفيسبوكي وإشكال التجنيس:*
-
تجليات الوعي بالموت: محاولة إعادة كتابة المصطلح
-
بدلاً عن محمد غانم-
-
طائر الباتروس-1-
-
الأكاديمية العليا للجريمة..!.
-
إعلام الثورة ثورة الإعلام -قراءة نقدية
-
مابعدالأسطورة:
-
الجيلان الإبداعي القديم والجديد:من التنابذ إلى المواءمة
المزيد.....
-
إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري!
...
-
ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع
...
-
كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا
...
-
شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش
...
-
-الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل
...
-
-أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر
...
-
-مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
-
الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
-
وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم
...
-
الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو
...
المزيد.....
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
المزيد.....
|