أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (5)















المزيد.....


الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (5)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 21:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    




واستكمالاً للموضوع المتعلق بعمق الارتباط بالعامل الخارجي( القطار الأمريكي) نشير، كما أشار قبلنا، حسن العلوي وقبله جلال السيد وفؤاد الركابي وسامي الجندي ومصطفى الدندشلي وحسن السعيد وغيرهم، إلى أهمية هذا العامل في إنجاح الانقلاب. إذ لا يحتاج المرء إلى بذل جهد كبير من العناء للوصول إلى ذلك. لأنه من المستحيل لحزب صغير: [بلغ عدد أعضائه يوم الانقلاب 980 عضواً عاملاً... ] دون قاعدة اجتماعية واسعة؛ ينتابه الصراع الداخلي في قيادته العليا؛ وتتكون تشكيلته الدنيا من ذوي العضلات ؛ وتأثيره الضعيف في الجو الثقافي والحضور السياسي؛ ويتميز بسمة عصبوية وطائفية؛ يتنافس ويتسابق مع أجنحة التيار القومي العربي للاستيلاء على السلطة بالطريقة الانقلابية؛ ويتصارع، في الوقت نفسه، مع السلطة الوطنية والتيار اليساري، إن حزباً كهذا يستحيل أن يحقق الانقلاب بمفرده ضد نظام يتمتع - باعترافهم - بقاعدة اجتماعية واسعة لا يستهان بها، وفي بلد تصعب إدارته وغني بمكوناته الاجتماعية.
وعلى خلفية هذا الوضع، يتولد، لدى أي باحث موضوعي، اليقين بأن ما تم الكشف عنه لحد الآن من معلومات سرية عن دور العامل الخارجي حول هذا الانقلاب لا يمثل سوى النذر اليسير من خفايا الكواليس وسباق المسافات الطويلة. ومازالت الفصول المهمة منه، يلفها عالم الصمت المطبق.
كما أن أغلب (أبطال!) الانقلاب صُفّوا جسدياً والبعض الآخر معنوياً وغيبوا من الحياة العامة وطواهم الإهمال بعد القدوم الثاني للسلطة عام 1968. وهنا يكمن التساؤل عن سر هذه التصفيات التي طالت عديداً من المشاركين في الانقلاب والمطلعين على دور العامل الخارجي فيه، أو تسنى لهم الإطلاع عليه فيما بعد؟ من أمثال:
عبد الكريم مصطفى نصرت؛ طاهر يحيى ؛ عبد العزيز العقيلي؛ فؤاد الركابي؛ رشيد مصلح؛ حردان التكريتي؛ صالح مهدي عماش؛ أحمد حسن البكر؛ حماد شهاب التكريتي؛ محمد المهداوي؛ عبد الرزاق النايف؛ عبد الكريم الشيخلي؛ منيف الرزاز وغيرهم الذين يقدرون بالعشرات، ناهيك عن المجاميع التي انشقت على قيادة ميشيل عفلق سواءً مجموعة السعدي أو قيادة قطر العراق (الجناح السوري ) .
واستناداً على ذلك فـ [إننا نستطيع حصر مصادر الدعم بشكل أساس في المثلث النشط (القاهرة، بيروت، لندن) دون التقليل من أهمية دور عواصم أخرى كواشنطن التي أسندت مهماتها إلى العاصمتين العربيتين آنفتي الذكر، لقربهما من ساحة الأحداث، ولأنهما يؤديان الغرض المطلوب بوجود العملاء السريين والعلنيين والذين يتلقون التعليمات المباشرة من السفارات أو من ضباط أجهزة المخابرات الدولية على حدٍ سواء... ].
ونستطيع بكل ثقة علمية، مستقاة من التاريخ السياسي للعراق وللمنطقة، أن نضيف إليهم بعض عواصم الجوار، إن لم يكن أغلبها، والتي كانت هي الأخرى تعمل بصورة منفردة أو منسقة مع المحور الثلاثي أعلاه. إنه التلاقح المتنافر بين عديد من القوى المتضررة من ثورة 14 تموز وسلطة الزعيم عبد الكريم قاسم ومساراتها الوطنية المستقلة. وقد أكد الاستنتاج أعلاه عديد من الباحثين والأكاديمين والسياسيين وحتى ضباط المخابرات أنفسهم. نذكر منهم، على سبيل المثال لا الحصر:
- قال الكاتب جيف سيمونز حول ذات الموضوع :
"... عرف العالم طباع صدام حسين قبل وقت طويل، وقد عرفة الأمريكان منذ عام 1963 عندما كان يساهم في تأسيس جهاز حنين (ما عُرِفَ بأداة التعليم، وهو هيئة أمنية خاصة، صُممت على غرار قوات ال ( أس. أس) النازية لحماية حزب البعث العراقي باستهداف ( أعداء الشعب). وتعرضت الفئات الفئات المناوئة للترهيب الوحشي وأصبح الاستخدام المنهجي للإرهاب وسيلة الوصول إلى السلطة.وقام الجيش العراقي، في ذلك الوقت، بانقلاب ناجح ضد اللواء ( كان وقتها برتبة فريق - الناصري) عبد الكريم قاسم أول رئيس في العهد الجمهوري، وهو الذي أطاح بحكم الأسرة الهاشمية المالكة في عام 1958. وحوكم قاسم محاكمة قصيرة، ثم قيد إلى الكرسي وأعدم بالرصاص. وأظهرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تقديرها حيال محاولة الانقلاب هذه بإبداء قدر كبير من التعاون، وهو الأمر الذي أعتُرِف به على نطاق واسع في ذلك الوقت. وأعلن وزير الداخلية في النظام الجديد علي صالح السعدي: لقد وصلنا إلى السلطة على قطار ال (سي.آي.أي.C,I.A). وكانت الولايات المتحدة سعيدة بانتهاج مسار للأحداث يثبت قدمي صدام حسين على طريق السلطة. وتحججت واشنطن هنا أيضاًكما في جرائم أمريكية كثيرة ضد الإنسانية، بالخطر الشيوعي كأحد أسبابها.
كانت واشنطن تشعر بقلق شديد من تطور الأحداث، فقد بدأ عبد الكريم قاسم الذي أعتبر تهديدا متزايدأ للمصالح الغربية في تأميم اجزاء من شركة نفط العراق المملوكة بغالبيتها لشركات غربية، وأحيا مِنْ جديد المطالبة العراقية التاريخية بالكويت. وردَّ البريطانيون على تهديداته... بدعم تمرد كردي ضد الحكومة العراقية. وكانت C,I.A وسواها من هيئات التخطيط العسكري الأمريكية، في الوقت نفسه ، تطور مخططاتها لإسقاط القيادة العراقية وتمثل الأسلوب الأمريكي الذي أقتبس لاحقاً في مختلف أرجاء العالم بشن هجوم كاسح على جميع الفئات السياسية المناوئة للمصالح الغربية. وشملت هذه الحملة التصفية الجسدية لأعضاء الحزب الشيوعي العراقي وجماعات أخرى متعددة اخرى.
وسارعت وكالة الاستخبارات المركزية إلى تأمين الساحة بعد الانقلاب وإعدام قاسم ونُظمت اضطرابات داخلية شارك فيها بعثيون مستاؤون، وأصبح من الحيوي: لا يسمح سوى للفئات التي تحظى برضا C,I,A بملء فراغ السلطة. وكان الحل الذي جُرّب مراراً من قَبل بسيطاً: فقد أعدت C,i;A قوائم بأسماء الأشخاص الذين يجب تصفيتهم لضمان ألاَّتتمكن جماعات السلطة السابقة من إعادة تنظيم صفوفها، وأرسلت فِرق قتل أشرفت C.I.A على تنسيق عملها لتنفيذ مهماتها الوحشية، بينما كان المخططون الأمريكيون يتابعون التطورات بارتياح... ".
- مايكل اوبرسكالسكي، الذي أشار إلى أنه:
[...في يوم 14 تموز عام 1958، قامت مجموعة من الضباط العراقيين بقيادة العقيد ( الزعيم الركن - الناصري) عبد الكريم قاسم بإسقاط النظام الملكي الحاكم في العراق. ولكن من وجهة نظر الحكومة الأمريكية، فإن قاسم بفعلته هذه قد أقدم على ارتكاب عدد من (الجرائم): فقد أمم صناعة النفط العراقية (أمم الأراضي غير المستغلة حسب - الناصري)، وأقام علاقات صداقة مع البلدان الاشتراكية، كما انسحب من حلف بغداد الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وكانت تلك الخطوط سبباً كافياً يدفع الوكالة لأن تبدأ بوضع الخطط لاغتيال عبد الكريم قاسم، ومرة أخرى تم تكليف الخبير سيدني غوتلب باتخاذ التحضيرات اللازمة، حيث تقرر في نهاية المطاف أن يجري اغتيال قاسم عن طريق كتاب غلافه مسموم. وفي الوقت ذاته وبمساعدة الضباط العراقيين، قام جهاز الاستخبارات الأمريكية بحبك مؤامرة أطاحت فعلاً بالعقيد عبد الكريم قاسم، حيث تم إعدامه رمياً بالرصاص لاحقاً... ] .
وحول الموضوع ذاته، أشار الباحثان الأكاديميان بينروز إلى أنه:
[...كان حزب البعث العراقي القليل عدده قد انهمك في التآمر وثابر عليه. ولقلة عدده وبمساعدة أنصار له في الجيش، فقد ظل يعمل سراً وبالتعاون مع فئات مناصرة له في سوريا للتخلص من قاسم... كما - أكد لنا موظفون عراقيون موثوق بهم، ومن بينهم بعض البعثيين، بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي. آي. أي) قد تعاونت مع الانقلابيين في الإطاحة بقاسم. وكانت وجهة نظرنا وقت ذاك، والتي لم يظهر لنا ما يدعو إلى تغيرها، هي أن السفيرين الأمريكيين في هذه الفترة وهما والدمار كولمان وجون جيرنيكان، كانا رجلين مجربين وعلى جانب كبير من الصواب في أحكامهما، ولذا فهما يعرفان جيداً أن تهمة الشيوعية الملصقة بقاسم لا أساس لها من الصحة، ولكن لا يمكن أن يقال الشيء نفسه عن وكالة المخابرات الأمريكية، فقد كانت تحت إدارة آلن دلس الذي كرس جهده لمتابعة الحرب الباردة.
وبعد تلك الأحداث أخبرنا السيد هاشم جواد - وزير خارجية العراق على عهد قاسم، بأن وزارة الخارجية كانت على علم بوجود نوع من التواطؤ بين وكالة المخابرات الأمريكية وحزب البعث. وفي كثير من الأحيان كشفت وكالة المخابرات للبعثيين أسماء الشيوعيين العراقيين وأماكن إقامتهم، وقد تم بالفعل إلقاء القبض عليهم في بيوتهم وإعدامهم... ].
- وبعد سقوط نظام البعث في عام 2003، أكد روجر موريس الدبلوماسي الأمريكي السابق أن لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية يداً في انقلابين في العراق في أحلك أيام الحرب الباردة منها انقلاب 1968 ووضع صدام حسين بقوة على طريق السلطة.وكان موريس موظفاً في وزارة الخارجية الامريكية وعضوا بفريق مجلس الأمن القومي الأمريكي في إدارتي الرئيسين ليندون جونسون وريتشارد نيكسون. ويقول أن وكالة المخابرات الأمريكية ساعدت في تدبير انقلاب دموي في العراق للإطاحة بحكومة عبد الكريم قاسم ذات التوجه السوفيتي (؟؟!! أقرأ ذات التوجه العراقي_ الناصري) في عام 1963، أي بعد عامين من محاولة أمريكية للإطاحة بالحكومة الكوبية.
وأضاف مشيراً إلى انقلاب في إيران أعاد الشاه إلى السلطة " مثلما كان الحال في إيران عام 1952، كانت هناك أموال أمريكية ومشاركة أمريكية على الأرض" وأعدم قاسم، الذي سمح للشيوعيين بتولي مناصب حساسة في حكومته، بعد انقلاب 1963 وسقطت البلاد في أيدي حزب البث حينما كان صدام حسين في ذلك الوقت عضوا في حزب البعث يدرس القانون في القاهرة، مضيفاً إن حاكم العراق السابق الذي وصفه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش (أكثر المستبدين وحشية) كان يتلقى في الواقع راتباً من وكالة المخابرات المركزية في تلك الأيام. ويضيف أن وكالة المخابرات المركزية شجعت عناصر في حزب البعث على القيام بانقلاب فصر بعد ذلك بخمس سنوات بقيادة أحمد حسن البكر الذي يرعى صدام منذ فترة طويلةوالذي سلمه السلطة في عام 1979، وقال أنه نظام ولدعلى أيدي الولايات المتحدةبلا شك وكانت المخابرات المركزية هناك رئيسية حقاً... وقال أنه علم بتفاصيل التدخل الأمريكي السري في العراق من مسؤولين كبار قي وكالة المخابرات المركزية آنذاك... ",
- ويطرح الكاتب حسن العلوي - الذي سبق أن كان من مؤيدي الانقلاب - استفهامات وتساؤلات عديدة حول الانقلاب وجوهر مضامينه والقوى الواقفة خلفه. ويتهم، بأحرف كبيرة: ذلك [... الاجتماع الذي دعا إلى عقده ميشيل عفلق في ألمانيا الغربية صيف عام 1962 وفيه اتخذ قرار الثورة المضادة على حكومة 14 تموز. وسمي الاجتماع بالمؤتمر القومي الثالث، مع أنه لم يكن بمستوى مؤتمر ولم يدع إليه مندوبون من القيادات القطرية واقتصر على مجموعة صغيرة. من هنا قد نجد معلومات عن أي مؤتمر قومي إلا المؤتمر الثالث. إن ذلك كله يعطي لقرار القيادة القومية في سوريا والصادر في عام 1966 بطرد ميشيل عفلق وجناحه من الحزب مضموناً وطنياً وقومياً صائبا... ]. وتأسيساً على ذلك يتساءل العلوي ذاته عن سر الصمت الذي يلف زعماء الانقلاب، إلا النزر اليسير جداً منهم.
وتواصلاً مع هذه التساؤلات المنطقية ربما نجد، بعضاً من أوجه الإجابة الجزئية ونستقرؤها من تصريحات فؤاد الركابي، أول أمين عام للقيادة القطرية لحزب البعث العراقي لغاية 1961، عندما أكد قائلاً: [... أستطيع أن أؤكد أن بعض عناصر هذه القيادة على صلة بالاستخبارات البريطانية... وقد كتبت للقيادة في العراق راجياً أن تسمح لي بأن أضع تحت تصرف الصحافة اللبنانية ما لدينا من معلومات. وأعدكم بأنني سأفعل ذلك فور أن تصلني الموافقة... ].
وبعد ثلاثة أيام من هذا المؤتمر الصحفي، نشرت بعض الصحف البيروتية بياناً للقيادة القومية الثورية لحزب البعث العربي، التي تزعمها عبد الله الريماوي، البعثي الانتماء والناصري التوجه، أيدت فيه ما جاء على لسان الركابي، ووصفت ميشيل عفلق بـ (عميل الاستعمار). ووجهت له ذات الاتهام قيادة حزب البعث السوري التي على أساسه حكمت عليه بالإعدام غيابياً بتهمة الخيانة العظمى والارتماء في أحضان المخابرات الإنكليزية والأمريكية. وربما من هذا المنطلق ما صرح به شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، إلى السفير البريطاني في طهران ، وكان يميل إلى الافتراض أن البريطانيين لابد أن يكونوا قد هندسوا لإتقلاب 8 شباط .
ترى هل هذا الاتهام الخطير صدر بحق عفلق بغية نزع الثقة منه ضمن صراعات الحزب حسب؟ أم أنه اعتمد على وقائع مادية تدين الأمين العام للقيادة القومية ميشيل عفلق ومجموعته، وقد صدر عن دراية ومعرفة ببواطن المسألة؟ لأنه [...قد يكون موجعاً للبعثيين، إذا ذكرنا بأن إيلي كوهين/كان صديقاً لأمين الحافظ، (أحد أقطاب مجموعة الأمين العام- الناصري) وكان على وشك أن يصبح نائباً لوزير دفاعه، وليس سراً أن أموال الموساد ساهمت عن طريق كوهين في تمويل انقلاب البعث في سوريا. ولا يوجد أي ضمان بأن هذه الاموال لم تجد طريقها إلى البعث العراقي... ].
- وحول هذا الموضوع يسلط عضو القيادة القطرية السابق، خالد علي الصالح الدليمي، بعض الضوء على دور الأمريكان مع حزب البعث العراقي منذ اغتيال الزعيم قاسم بالقول:[...جاءنا طالب شبيب باستعداد إحدى الجهات لتزويد حزب البعث بالمال والسلاح، إذا كنا نسعى للتخلص من حكم عبد الكريم قاسم، وطلب فؤاد من طالب شبيب أن يقول ما عنده، فقال طالب: إلى جوار المكتب الذي يعمل فيه طالب شبيب، كمهندس والذي يقع في عمارة مرجان في الباب الشرقي، إلى جوار ذلك المكتب يوجد مكتب لمجموعة من العاملين الأميركان، وقد اتصل به (أي بطالب) أحد أولئك الأميركان العاملين في المكتب المجاور وعرض عليه استعداد أميركا لتزويد حزب البعث بالمال والسلاح.
وقد فوجئت بمثل هذا الكلام الصادر عن عضو قيادة في الحزب. ولم أترك فرصة لغيري ليقول رأيه فقلت: ليس لدينا عدو في هذه الدنيا سوى أميركا منذ اغتصاب فلسطين ولو وافقتم على ما نقله طالب فسوف أذهب من هنا مباشرةً لعبد الكريم قاسم وأخبره بكل شيء. وعندما انتهيت من كلامي تكلم فؤاد موجهاً كلامه لطالب شبيب، فقال إننا نرفض مثل هذا العرض وبلغ الشخص الذي اتصل بك رفضنا لعرضهم ويجب أن تقطع علاقتك بهذا الشخص. وأُغلق الموضوع.
وفي الاجتماع التالي كرر طالب شبيب ما قاله في المرة الأولى وذلك بحجة إلحاح الشخص الأميركي. وهنا قلت كلمة واحدة: إنني إذا أعيد مثل هذا الكلام في اجتماع آخر فسوف أستقيل فوراً من الحزب، ومن الهين عليَّ أن أُقتل بيد أي عراقي من أن أصبح عميلاً لأميركا. وعندها تكلم فؤاد وذكر طالب شبيب بأننا قد طلبنا منه أن يقطع صلته ولا يعود للكلام في هذا الأمر مرة أخرى]. وعندما طلب شبيب السفر إلى لبنان لمعالجة زوجته [... قال فؤاد والارتياح باد على وجهه أنني وافقت على كل ما طلبه مني، لأنني - وكذلك أنتم - نسعى للتخلص منه، خصوصاً بعد أن اتضح لنا أمر صلته بالأميركان... ] . (التوكيدات منا - الناصري)
لكن لم يذكر لنا الدليمي لماذا هذا الاختيار، قد وقع على حزب البعث العراقي؟ ولماذا يلح طالب شبيب على طرح الأمر؟ هل هذا له صلة بعلاقة عماش مع الامريكان؟ هذه الأمور لا تسير بشكل عفوي.
- ويتذكر فيصل حبيب الخيزران، أحد قياديي البعث آنذاك، ما أحدثه من ضجة انتخاب طالب شبيب في المؤتمر القومي الرابع في آب/أغسطس 1960، إذ من [الطبيعي أنه حينما وصل علي صالح السعدي وحازم جواد قد أثارا ضجة اتهما فيها طالب شبيب بأنه عميل بريطانيا، وقالا كيف يبقى في الحزب وكيف يعيش في بيروت ولديه شقة على البحر؟ من أين له لولا أن هناك جهات تموله؟ طبعاً نحن قلنا لهم نحن الآن لدينا معركة مع فؤاد الركابي ونريد التخلص منه، أما طالب شبيب فأمره سهل، إذا تودون نرسله إلى العراق، يوافق، وإذا لم يوافق نفصله من الحزب. فعلاً كان صعود طالب شبيب للحزب غريب. جاء تواً من بريطانيا ولم يتخرج، أي لم يأخذ شهادة الهندسة وقفز سريعاً... ] (التوكيدات منا - الناصري).




الهوامش والتعليقات:

- محمد جمال باروت، مصدر سابق، ص 187، كما يشير منيف الرزاز في كتابه التجربة المرة (ص. 90) إلى أن عدد الاعضاء العاملين كانوا 800 عضواً. وكان عددهم قبل 17 تموز لا يتجاوز ال 70 عضواً، لكن طه الجزراوي صحح الرقم بالقول [أن العدد كان 170] راجع مقابلة عامر عبد الله في مجلة أبواب، العدد الثالث 1994، مصدر سابق ص 215

2 - يقول الإعلامي إبراهيم الزبيدي "... إن أعضاء القيادة الذين أقتربت منهم وعرفتهم عن كثب، ليسوا أعضاء قيادة كما يُظن، بل أنهم في الأغلب مجموعة من الفاشلين في الدراسة أو المطرودين من المدارس لأسباب مختلفة..."..." وكان طبيعياً أن يطلع على خلافات وصراعات هؤلاء، هنا أدرك صدام هشاشة اغلب أولئك القادة وانحراف بعضهم وجبن البعض الآخر منهم...". دولة الإذاعة ، ص. 261و 127، مصدر سابق.
3- حول مصير بعثيين أخرين، زاد عددهم عن المئة شخصية، ساهم بعضهم في الانقلاب الأول والبعض الأخر في الانقلاب الثاني (1968). راجع أسماء بعضهم لدى د. علي كريم سعيد، مراجعات، ص 391 - 402.
كما يشير العلوي، في كتابه دولة المنظمة السرية، مصدر سابق، إلى العشرات من زعماء الصفوف الأولى والثانية لحزب البعث والتيار القومي الذين أعدموا من قبل سلطة الحزب الحاكم. ربما هنا يكمن سر التساؤل الذي نبحث عنه؟
4 - حسن السعيد،نواطير الغرب، مصدر سابق، ص 113.

5 - راجع أيضاً د. غسان العطية، جريدة القدس العربي ،عدد 14 شباط 1996، لندن.
6- جيف سيمونز، عراق المستقبل، السياسة الأمريكية في إعادة تشكيل الشرق الأوسط، ترجمة سعيد العظم، ص. 296، دار الساقي ، بيروت-لندن 2004.
7 - مايكل اوبرسكالسكي، نادي القتلة - وكالة المخابرات الامريكية، تعريب عبادة بوظر، دار الطليعة الجديدة، دمشق.

8 - أديث، وائي، أيف بينروز، مصدر سابق، ج. الأول، ص 446 و 453

9- مستل من جريدة المؤتمر، العدد 343قي 25/4/2003
10 - يذكر طالب شبيب أن المؤتمر الثالث انعقد في بيروت صيف 1959 قبيل محاولة اغتيال الزعيم في رأس القرية، والرابع في عام 1960. وأكد صالح حسين الجبوري، في رسالة الماجستير التي عنونها (ثورة 8 شباط 1963 في العراق)، ونشرها في بغداد عام 1990 ص 117 بأن: [جاء تحرك الحزب هذا انسجاماً مع ما أقره المؤتمر القومي الرابع الذي انعقد في ايلول عام 1960، حيث حدد ضمانات في القضاء على الوضع القائم (حكم قاسم) آنذاك. ففي التوصية الثامنة أكد على: (وجود ضمانات شعبية كافية وشروط موضوعية تضمن قيام وضع جديد منسجم مع مهام الحزب السياسية]، هل أراد العلوي الإشارة إلى المؤتمر الخامس؟
11- راجع جريدة صوت العروبة في حزيران / يونيو 1961، مستل من حسن السعيد، مصدر سابق، ص 40. كذلك مذكرات فيصل حبيب الخيزران، الحلقة السادسة، جريدة الزمان، لندن، في26 تموز/ يوليو 2001 العدد 978
12- للمزيد راجع د. حامد البياتي، أسرار انقلاب8 شباط، مصدر سابق.
13 - د. علاء الدين الظاهر، التاريخ كما لقنه القصخون، مصدر سابق. وقد سبق أن اندس كوهين في تنظيمات جناح ميشيل عفلق عندما كان منفي في الارجنتين، ولعب كوهين دور مهماً في القيادة قبل اكتشافه بالصدفة وأعدم بعد محاكمة سرية في دمشق.

14 - خالد علي الصالح،طريق النوايا الطيبة، مصدر سابق، ص 101.
15- فيصل حبيب الخيزران، جريدة الزمان، مصدر سابق الحلقة 5 في 25 تموز 2001 العدد 977.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (1-10)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :4-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر انقلاب 8 شباط 196 ...
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :
- 14 تموز والتيار الديمقراطي
- حوار عن قاسم وتموز
- (8-8) من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (7-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (6-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم ...
- (5-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (الجمه ...
- (4-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (3-8)
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثان ...
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثا ...
- رحيل آخر عمالقة رواد الفكر الديمقراطي في العراق المعاصر
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (5)