أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)















المزيد.....


من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3821 - 2012 / 8 / 16 - 12:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)
انقلاب 8 شباط 1963:


9 - تطرق البيان إلى فكرة [تعزيز الأخوة العربية - الكردية]. وجود هذا النص في سياق تحقيق الهدفين المشار إليهما أعلاه، أريد منه تطمين قيادة الحركة الكردية، التي سبق وإن عقدت مع حزب البعث، تحالفاً غير مكتوباً، بغية إسقاط نظام حكم الزعيم قاسم برعاية دولة خارجية .
إن هذا التحالف (غير المقدس) لم يكن قائماً على القناعة المشتركة لحل القضية الوطنية عامةً و الكردية خاصةً. لقد نظر إليه البعث برغماتياً لكونه عامل تمني [لاستمرار القتال لإضعاف قاسم من جهة، وضمان عدم تحرك الأكراد ضدنا إذا نجحنا في استلام السلطة من جهة أخرى. أما في حالة الفشل فالعلاقة بالحركة الكردية تتيح لنا الهرب إلى الشمال] حسب تعبير الفكيكي، عضو القيادتين القومية والقطرية آنذاك. إذ كان البعثيون وأغلب قوى التيار القومي ينظرون إلى الأمة الكردية المجزئة على [أنها قومية نازحة إلى الأراضي العربية، جاءت لتحل ضيفاً على العرب في بلادهم ولم تكن الحقيقة كذلك... ] حسب قول طالب شبيب، الذي كان نفسه[من المعادين الأشداء للمطالب الكردية ودائم التهديد لهم ... ].
في الوقت الذي كان [قادة الانقلاب وأعوانهم يضغطون على قاسم باعتباره لا يقمع الحركة القومية الكردية بالقسوة والشدة اللازمة. كانوا ومازالوا يطمحون إلى قمع عسكري أشد دموية وقسوة ضد الشعب الكردي. ان منشوراتهم حتى قبل انقلابهم بأيام اعتبرت حركة القوميين الأكراد حركة استعمارية مشبوهة... ].
كما أن هذا الاتفاق الشفوي لم يضمن للحركة الكردية الحدود الدنيا لما كانت تطمح إليه، لأن البعث وأجنحة الحكم غير مؤمنة بالحل الجذري العادل للقضية الكردية بغية تحقق وتعزيز البعدين الوطني للعراق وامتداده القومي الطبيعي من جهة وللأكراد تحقيق الذات القومية وفقاً لمبدأ حق تقرير المصير من جهة أخرى. والدليل على ذلك أن البعث لم يقر آنذاك إلا بـ: [الحقوق الثقافية للأكراد وإشارات عامة إلى اللامركزية]، حسب تعبير أحد قادتهم بعد المؤتمر القطري الخامس. وحتى هذه الحقوق على بساطتها لم تتحقق. إذ بعد أقل من 100 ساعة على الانقلاب، بدأت السلطة بحملتها الشعواء لاعتقال عشرات المئات من أنصار وأعضاء الحزب الوطني الكردستاني، رغم وجود وزيرين كرديين في حكومة الانقلاب.. وعقدت جلسات تفاوضية مشتركة بين سلطة الانقلاب والحركة الكردية لم تسفرعن شيء جدي لإحلال السلام في كردستان وحل القضية سياسياً، مما أدى إلى انفراط عقد التحالف وشن حرب إبادة على الحركة في 10 حزيران من العام ذاته، وبضراوة ووحشية لم تشهدها المنطقة من قبل لأن: [عبد الكريم قاسم قاتل الحركة الكردية بمسؤولية السياسي، في حين قاتل عماش وعبد الكريم فرحان والعقيلي وطه الشكرجي وإبراهيم فيصل الأنصاري وصبحي عبد الحميد ضد الأكراد كضباط فنيين يعالجون عدواً شطرنجياً أو مختبرياً... وأعتقد أن قاسم كان يقاتل الأكراد متألماً...قتال المضطرين ].
وقد رصد هذه الحالة الأكاديميان بينروز، عندما قارنا طبيعة القتال إبان الحقبة التموزية/القاسمية بالقول: [وإذا نظرنا إلى هذه الفترة على ضوء ما تلاها من أحداث وجدنا أن الاشتباكات بين الفريقين أقل عنفاً وأكثر تراخياً مما حدث بعدها في العهود التالية... ] ، حتى أن حكومة الانقلاب أشركت الجيش السوري في هذه الحرب الضروس ونسقت مع تركيا وإيران وساهمت مصر آنذاك في مد يد العون المادي من عتاد ورشاشات، حسب قول طالب شبيب . إن المنطق البرغماتي والشوفيني المنغلقين واللذين تغلفت بهما السياسة العملية للبعث العراقي غير قادرتين على فهم جدلية العلاقة القائمة بين المكونات الأرأسية للشعب العراقي من جهة، ولا الطموحات المشروعة للشعب الكردي المجزأ، في تكوين دولته القومية الموحدة مستقبلاً من جهة ثانية. وبالمحصلة لم يتمكن الحكم من الترجمة الفعلية لفحوى بيانه الأول، والمتعلق بالقضية الكردية.
10 - سطر البيان جملة من الأهداف السياسية الداخلية التي يتماشى جوهرها، باعتراف البيان، مع أهداف ثورة 14 تموز، وفي مقدمتها قانون الإصلاح الزراعي، وأخرى في السياسة الخارجية ذات لثغة تحررية، منها: الالتزام بالمواثيق والعهود الدولية؛ مكافحة الاستعمار؛ تعزيز السلم العالمي؛ استكمال الوحدة العربية واسترجاع فلسطين المحتلة... والأهم [سيؤمن تدفق البترول إلى الخارج].
واستقراءً للواقع التاريخي الذي أعقب الانقلاب، فإن هذه الأهداف كانت شعارات مجردة خالية من آلية التحقق، بل تراجعت عما تحقق في الفترة السابقة النيرة. إذ لم يكملوا تحقيق الأهداف التي لم تستطع ثورة تموز من إنجازها سواءً الداخلية أو الخارجية.. فلا الوحدة العربية (الفورية أو غير الفورية) أُنجزت؛ ولم يتم الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بعد تموز؛ وبخاصة تلك التي تهم الفئات الاجتماعية الفقيرة والكادحة، وما له علاقة بالمرأة وحقوقها والعائلة والقوانين المنظمة لها؛ ولم يتطور الإنتاج الوطني مقارنةً بالسنة السابقة ولم تتحقق العدالة الاجتماعية لتوزيع الثروة الوطنية ولا إشراك الجماهير في إدارة الحكم... الخ. رغم أنهم لم يكونوا منشغلين كما كان عليه الزعيم قاسم [في مدة حكمه القصير لمواجهة حلف بغداد وامتداداته وشركات النفط وألاعيبها، وقضية الإقطاع ومهمات تصفيته بكل متعلقاته الاجتماعية والاقتصادية والفنية، وتصفية القواعد العسكرية، وتحرير الدينار العراقي من سطوة الاسترليني، وتسليح الجيش والقوات المسلحة بالسلاح السوفييتي بعد قطع علاقاته بالسلاح الغربي، وهي قضايا لم تكن تشغل حكومات معارضيه. فقد استلموا العراق من عبد الكريم قاسم وهو مستقل ومتحرر... ] ، ناهيك عن عملية البناء الاجتماعي - الاقتصادي، وما فرضته جغرافية العراق من إمتدادات وتاريخيته من تعمق في تكوين الهوية الوطنية.
لكن الشيء الذي تحقق فعلاً كان: (تأمين تدفق النفط إلى الخارج)، وكذلك (القضاء على عدو الشعب عبد الكريم قاسم وزمرته المستهترة) حسب نص البيان.
لقد أكد وزير خارجية الانقلاب في أول مؤتمر صحفي له جوهر بيانهم عندما قال:
[لن يلحق أي ضرر بشركة نفط العراق، وستحترم الحكومة جميع اتفاقياتها مع الشركة وتؤمن تدفق النفط من العراق... ]. لأن أحد أهم دوافع الانقلاب هو مسألة النفط، خاصةً بعد صدور قانون رقم 80 ونشر مسودات قانون شركة النفط الوطنية نهاية عام 1962 و[... لأن الاستيلاء على الحقول النفطية غير المستثمرة يعتبر تحدياً للاحتكارات وإن على الزعيم التراجع عما يريد الإقدام عليه والا سيواجه ما لا تحمد عقباه]. فكان إعدامه هو العقبى لتحديه.
لقد آلت إلى النسيان والإهمال كل تلك الشعارات العريضة التي حاربوا نظام الزعيم قاسم بها وتلك المسطرة بهلامية في برامجهم. فكان الإفلاس السياسي قرينتها الأبرز، ليس على صعيد المجتمع فحسب، بل حتى على قوى الانقلاب ذاتها كحصيلة متناقضة جمعها عداؤها للزعيم قاسم، ولحزب البعث كتنظيم سياسي تشرذم وتشتت. وقد رصد هذا أحمد حسن البكر عندما كان رئيس وزراء حكومة الانقلاب عندما قال: [لقد كنت ألمح علائم الحب في عيون الناس، أما الآن فإني ألجأ إلى الطرق البعيدة وليس فيها البشر، لكي أختبئ وأتحاشى عيون الناس، لأني لم أعد أرى إلا الكره في عيون الناس... ] .
وهذا صحيح جداً طالما أن التنظيم الحزبي والحرس القومي [وبتعبير غير حزبي فإنها، ضمت المتحمسين والباحثين عن المغامرة، كما ضمت متوحشين حقيقيين إن كان للمرء أن يحكم من خلال السلوك...] وأن [... قيادة الحرس القومي تصرفت كما لو كانت هي السلطة العليا وأصبحت متهورة ومهووسة بالسلطة... فإنها شكلت مصدراً للتمزيق السياسي... وأكثر من هذا فإنها بانتقامها الموجه ضد أعدائها السياسيين والقدر الكبير من القسوة التي لجأت إليها، نجحت في جعل نفسها مكروهة عموماً وفي إلحاق أكبر الأذى بصورة الحزب في أذهان الناس... ] .
11 - خلى البيان من طبيعة التوجه الاجتصادي اللاحق، بصورة واضحة، وهذا ناجم عن عدم قدرة قوى الحكم ومحدودية أفق فكرها، على صياغة أسس السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي سوف تنتهجها. هذا الظرف اضطرها إلى الالتجاء إلى مفكريها في القيادة القومية، لكي يجدوا علاجاً وحلولاً آنية للقضايا التي طرحتها الحياة، ولأجل تجاوز المشروع القاسمي الذي كان هاجسهم الدائم. لكن وحتى [... القيادة القومية نفسها، باعتبارها أعلى سلطة قيادية في الحزب، كانت هي الأخرى أعجز بكثير من أن تقوم بمهامها وتنفذ ما هو مترتب عليها، ولا يعود ذلك لكونها تعاني شللاً كاملاً فقط... وإنما لأنه ينقصها أيضاً المعرفة العملية للواقع المعقد في العراق... ].
إن فقدان حكومة الانقلاب لبرنامج محدد واضح الأبعاد يُعبر عن توجهاتها، عمق من معضلة مدى قدرتها على المكوث والاستمرار في عربة الحكم طالما أن قيادة العربة (الأمريكان) هي التي حددت ماهية المهام الأرأسية للانقلاب. كما أفصح عن خوائها وعقمها حيث أنتجت إدارة:
[فوضوية من قبل سلطة حزبية غير مستقرة وغير خاضعة لبرلمان، سيؤدي إلى صراع شديد حول مكاسبها، وهذا أمر برز في أوضح صورة في عام 1963 عندما أوضحت أجهزة الدولة العراقية بين مجموعة تقرر ما تشاء بصورة غير منضبطة وأصبح كل واحد يتمسك بسطوته ومكاسبه وطموحاته التي أعطتها له السلطة ولم يكن بمقدور أية جهة... إيقاف تلك الموجة المتطلعة والمتحدية. فلقد وجد البسطاء والمحرومين المنتمين للحرس القومي، سهولة في إدارة الفوضى والتحلل من المسؤوليات... كانت ثقافة الحزب ممتلئة بذم السلطة والحكم وتنأى بالبعثيين عن شؤون السلطة، لكنهم فوجئوا بتربعهم على رأس حكومة العراق المتعدد الأديان والقوميات والمذاهب والثروات والمتنوع بتياراته السياسية، بل إن الموجة الفوضوية حلّت في كل شيء ما عدا تطوير جهاز الدولة والتخطيط الاقتصادي... ] كما يعترف طالب شبيب.
و [عند التحري نجد أن حكومة 8 شباط لم تقدم ولم يكن بين يديها أي برنامج مؤقت أو ثابت لتقديمه ولم تعلن أية آلية تطبيقية متميزة، لكي يقال، في حالة الإخفاق، أن الظروف كانت أقوى من إمكانية التطبيق... وما يثير العجب أن جميع قادة تلك المرحلة أخبرونا، مباشرة أو عبر قنوات مختلفة، أنهم لم يفكروا بغير إسقاط نظام قاسم ولم تكن لديهم أية فكرة عن شكل البناء السياسي الاقتصادي القادم... ولم تنجح سوى بتغيير بعض الموظفين القاسميين وبعض الهياكل الإدارية وتغيير بنية الجيش (الضباط) حيث تم طرد أكثر من ألفي ضابط منه خلال أقل من ثلاثة أشهر... وبهذا تكون سمة السلطة العامة في 8 شباط هي فقدان الاتجاه... ].
الهوامــــــــــــــــــــــــــش

- الموضوع مبحث مستل من الكتاب الثالث، من ماهيات سيرة عبد الكريم قاسم: عبد الكريم قاسم في يومه الأخير – الانقلاب التاسع والثلاثون، والمعد للطبع في طبعته الثانية المنقحة .
2- شكلت علاقة الحركة التحررية الكردية، بالقوى الخارجية، أحد أهم عناصر ضعفها. وقد نشرت جريدة نيويورك تايمس مقالة لمراسلها [دان شميت، أعادة نشره في لندن يوم 10/09/1962 جريدة الديلي تلغراف اللندنية يقول المراسل فيها: بأن شخصاً ما في بيروت دعاه لمقابلة البارزاني وأن انتقاله تم بمساعدة جهات أجنبية يقصد إيران. ويقول المراسل حرفياً أن الملا مصطفى البارزاني يطلب الآن المساعدة الامريكية بإلحاح وإصرار وهو يعرض لقاء ذلك الإطاحة برئيس الوزراء العراقي اللواء قاسم وبتحويل العراق إلى أقوى حليف للغرب في الشرق الأوسط].
ومن هذا المنطلق شاركت قيادة الحركة الكردية تطلعات الانقلابيين وأقامت معهم رابطة تحالفية هشة ومؤقتة بطبيعتها منذ 1962، تكللت بالاتفاق مع البارزاني على إسقاط الحكم الوطني مقابل وعود غير ملموسة. إذ في تلك الفترة [اتصل الاكراد بالحزب عن طريق العسكريين من أصدقاء البعث، فعرضوا التعاون والتنسيق بهدف إطاحة الزعيم وحكمه، ولكن لم يتعد همسهم إيقاف الأعمال العسكرية ضد الشعب الكردي وضمان الحكم الذاتي لكردستنان في المستقبل. كان همنا توثيق الصلة بالحركة الكردية وتمني إستمرار القتال في الشمال] (الفكيكي، ص 191). وحول هذه النقطة بالذات أيضاً نشير إلى رأي جرجيس فتح الله كما جاء في الجزء الثاني من كتاب (العراق في عهد قاسم - أراء وخواطر، ص 861 - 863) يقول فيها [لم يكن في الأمر مفاجئة، فصالح اليوسفي كان قد اُرسل سراً قبلها ببضعة أيام إلى بغداد لإكمال المحادثات التي بدأها البارتي مع المؤتمرين. وفي الخامس من شهر شباط قصدني اليوسفي برفقة المهندس شوكت عقراوي العضو في الحزب قبل أن يحضر اجتماعاً تم الاتفاق عليه مع مسؤولي البعث. في حينه كنت متشائماً من التقارب، إذ لم يكن ذلك من إستراتيجية الحزب وفلسفته فقط. كذلك لم أكن أتصور أن تحرز أية محاولة انقلابية ضد قاسم نجاحاً كبيراً... وعلمي أيضاً منه أنه ليس هناك إتفاق كتابي، وإنما شيء ممكن أن نطلق عليه ((إتفاق جنتلمان)) الشفوي وبعض الوعود الغامضة...].
وذكر الزعيم فؤاد عارف في مذكراته عن ذات الموضوع: [لقد كان بعض مخططي انقلاب رمضان على علاقة مستمرة بيّ. فقد كان طاهر يحيى والبكر وغيرهما يزوروني بين الحين والأخر وكنت أعرف ثمة إعدادأ ومقدمات لتغيّر الحكم... وبعد فترة أشعرني أحد الاصدقاء من المشتركين في تخطيط ثورة 14 رمضان برغبة أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي، علي صالح السعدي بأن يلتقي بيّ. وفعلاً إلتقينا في بيت كاظم العبادي الذي كان زميلي منذ الدراسة وهو آمر القوة الجوية في العهد الملكي (وأحد وزراء ذلك العهد - الناصري)... وفاتحني في موضوع القضية الكردية وسبل حلها، إذ ما نجحت الثورة. وقلت أني وإن كنت كردياً وتهمني القضية الكردية، لكنني أعتقد أن الأجدى أن يصار إلى الاتصال بممثلي الحركة الكردية مباشرةً، وإقترحت عليه الاتصال بصالح اليوسفي. فوافق على الاقتراح وفعلاً جرى الاتصال في حينه. إتصلت أنا بدوري بالسيد شوكت العقراوي وأفهمته بالموضوع، لأن شوكت العقراوي يعرف مقر صالح اليوسفي. وفي اليوم التالي في الساعة العاشرة مساءً تم لقاء صالح اليوسفي مع علي صالح السعدي بصحبة شوكت عقراوي في ساحة عنتر ومن هناك أصطحبه السعدي بسيارته الشخصية إلى مكان الاجتماع. في هذا الاجتماع تمت المداولة بين اليوسفي والسعدي ومن معه حول القضية الكردية والاتفاق بشأنها إذا ما نجحت الثورة] جريدة القدس العربي العددان 2928و2929 في9 و8أكتوبر 1998.
أني أعتقد أن هذا التكتيك البعثي كان من وحي خبراء الانقلابات الامريكان، لأن حزب البعث نظر للحركة الكردية نظرة غير موضوعية واسماً إياها بالعمالة وما شابه ذلك من قاموس الشتائم.
ويذكر ريتشارد أندريك في مقالته: لا جديد تحت الشمس، المذكرات الكردية1962 - 1963:
[لقد أخبر البعثييون الأكراد، قبل فترة طويلة من الانقلاب ضد قاسم، واعدين إياهم بالحكم الذاتي تحت حكمهم المدني... وبعد سنوات أخبرني جلال (الطالباني) بأنه كان ينقل إلى البارزاني عروض حزب البعث، مقترحا التعاون مع الأكراد لإحداث انقلاب كانوا يخططونه ضد الجنرال قاسم في وقت ما في السنة التالية]. مجلة كردستان نايمز المجلد الأول، العدد 2 صيف 1992. مستل من د. كمال مجيد، النفط والأكراد، مصدر سابق. ص 45. ويذكر المؤلف أيضاً في ص 45 - 46 من تقرير [قدمه عمر شيخ موسى، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستان في فيينا يوم 28/04/1984 مايلي: قام عدد من ضباط الجيش العراقي والقوميين بصورةرئيسية بقيادة عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر وطاهر يحيى بإجراء المفاوضات السرية مع الحزب الديمقراطي الكردي لقلب حكم عبد الكريم قاسم على شرط الاعتراف بالحكم الذاتي للأكراد حال سيطرتهم على الحكم... كان النظام البعثي مسنوداً من قبل القوى الغربية بكل شدة].
كما أشار زكي خيري في مذكراته ص 247 إلى أنه: [ساهمت عناصر من البارتي في انقلاب 8 شباط ولاسيما في القوة الجوية بتعطيلها الطائرات في معسكر الرشيد] ويشير محمود عثمان إلى أن صلة البعث قد بدأت منذ 1960 لأن [علاقتنا (البارتي) مع الشيوعيين كانت متوترة بسبب مساندتهم لقاسم حتى سقوطه، ولوجود خلافات شديدة بين البارزاني ومكتبه السياسي... أن هنالك اتصالات كثيرة قبل 14 رمضان 1963 لكن أهم اتصال كان بين البعث والمكتب السياسي للبارتي وسكرتيره ابراهيم أحمد عن طريق طاهر يحيى التكريتي] مراجعات، هامش ص 252.
وأرتباطاً بما ذكر أعلاه، ودور خبراء الانقلابات العسكرية تشير بعض وثائق الحزب الشيوعي العراقي المنشورة إلى أن إجتماع سكرتارية اللجنة المركزية في 31/12 /1962 قد ناقشت رسالة حزبية مرفوعة من أحد الحزبيين بتاريخ 24 /12 إلى أنه:
[تم لقاء في الاسبوع الماضي بين مبعوث من الولايات المتحدة والملا وبعد مداولات بينهما توصلا إلى: 1 - إعلان الحكومة الكردية والانفصال وأن الحكومة الامريكية تتعهد من جانبها الاعتراف بهذه الحكومة فوراً وتبادر إلى تقديم العون العسكري والمادي وتمارس الضغط على الحكومات السائرة في ركابها للاعتراف الفوري بحكومة كردستان العراق وفق الحدود المتفق عليها والمبتدئة من حدود جبل حمرين جنوباً إلى الحدود التركية العراقية الإيرانية شرقا ًوشمالاً والمحاولة لإثارة الموضوع في هيئة الأمم المتحدة لقبولها عضواً فيها. 2 - يتعهد الملا وقيادة الحركة الكردية للامريكان بإعادة النظر في إمتيازات شركات النفط لإعطاء حصة للامريكان من النفط تعادل 30%. كما تتعهد حركة القوميين الأكراد في حالة تشكيل الدولة الكردية الامتناع عن بيع النفط ومنتجاته وعدم التعامل مع أي دولة أجنبية في الأمور الستراتيجية والعسكرية إلا بعد استشارة الحكومة الامريكية. 3 - وبناءً على هذه الاتفاقية تم في الأيام الأخيرة، وكنقطة انطلاق لتنفيذها، تخلية كافة مراكز حرس الحدود التابعة لإيران وتركيا لإستعمالها من قبل القوميين الأكراد كمستشفيات ومذاخر ومخازن تموين بإعتبارها مراكز آمنة من القصف الجوي وقد طرحت هذه الاتفاقية على كافة لجان حزب البارتي والقوميين الأكراد في كافة أنحاء العراق وكانت الموافقة في لجنة بغداد إجماعية]. مستل من صالح دكلة، مصدر سابق، ص 219.، وكذلك ثمينة ناجي يوسف ونزار خالد، محضر اجتماع سكرتارية اللجنة المركزية في 31/12/1962مصدر سابق، الجزء الثاني، ص 474 وما بعدها. كذلك راجع حول الموضوع ديفيد ادامسن وجرجيس فتح الله، الحرب الكردية وإنشقاق 1964، ستوكهولم 1990، دار النشر بلا..
3 - د. علي كريم سعيد، مراجعات، مصدر سابق، ص 247
4 - الأكادميان بينروز، مصدر سابق الجزء الثاني ص 22.
5- راجع آخر توجيه أصدره سلام عادل قبل اعتقاله، وهو بمثابة تقييم لانقلاب شباط، وكان بعنوان (ملاحظات اولية إلى لجان المناطق والالوية (والمنشور في كتاب صلاح خرسان بعنوان صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق، ص 105 - 111، دار الفرات، بيروت 1994، الطبعة الأولى ). وقد حمل سلام عادل جزء من مسؤولية الانقلاب عندما قال:
[ان القوميين الاكراد حاربوا قاسم بصورة عمياء طالبوا العون من أية جهة لاسقاط قاسم، وغازلوا القوميين العرب اليمينيين وتعاونوا معهم وتصوروا بأن انقلاب 8 شباط كما لو كان انتصار لهم، أن هذه السياسة تنم عن ضيق الآفق القومي وقصر نظر البرجوازي. أنهم يجابهون الآن عدو أشرس من قاسم، أن مطامح الشعب الكردي تتعارض مع أهداف الانقلاب على خط مستقيم تماماً]، ص 106 ذات المصدر. راجع نص التقرير في الملحق رقم 1
6 - د. علي كريم سعيد، مراجعات، مصدر سابق، ص 262

7 - الاكاديميان بينروز مصدر السابق، ص 442.

8 - د. علي كريم سعيد، مراجعات، مصدر سابق، ص 258

9 - حسن العلوي، رؤية بعد العشرين، مصدر سابق، ص 157.

10- التصريح مستل من كتاب يونس بحري، ثورة 14 رمضان المبارك، مصدر سابق ص 106
11- نضال البعث عبر بيانات قيادته القومية 1963 - 1966، ص 88 وما بعدها. مستل من حسن السعيد، نواطير الغرب، مصدر سابق، ص 137.

2 - حنا بطاطو، الجزء الثالث، ص 324، مصدر سابق. وقد استند المؤلف إلى وثيقة داخلية لحزب البعث معنونة بـ ((محاولة لتفسير الأزمة الراهنة ولتقييم تجرية الحزب في العراق)) شباط/فبراير: 1964.

13 - مصطفى الدندشلي، مصدرسابق. مستل من حسن السعيد، مصدر سابق، ص 135.
4 - مراجعات، مصدر سابق، ص 152. على ضوء هذه الاعترافات المتأخرة والفشل في الحكم [لذلك تفرض سنة الحياة على الفاشلين أن يفسحوا الطريق لغيرهم بإرادتهم أم بغيرها، وتستمر الحياة ويزول الأفراد مهما كانت مشاعرهم ومبرراتهم. ولن يُخلّد أحداً إذا لم يترك آثاراً مادية أو معنوية بين الناس مرمزة في التراث وتتناقلها الأجيال] هامش ص 153، كان الأَولى بشبيب أن يطرح على نفسه السؤال الكبير لماذا قتلوا الزعيم قاسم وهدموا النظام وما بناه، قبل تبرير فشلهم.

5 - المصدر السابق، هامش د. علي كريم سعيد، ص 153



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر انقلاب 8 شباط 196 ...
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :
- 14 تموز والتيار الديمقراطي
- حوار عن قاسم وتموز
- (8-8) من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (7-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (6-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم ...
- (5-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (الجمه ...
- (4-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (3-8)
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثان ...
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثا ...
- رحيل آخر عمالقة رواد الفكر الديمقراطي في العراق المعاصر
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(4-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(3-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر (2-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر (1-5)
- من أجل تاريخ موضوعي لتموز وعبد الكريم قاسم (2-2)*
- من أجل تاريخ موضوعي لتموز وعبد الكريم قاسم (1-2)*


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)