يحكم ...من داخل قبره

حامد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 06:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

وأنت في تركيا .... تدرك من أول وهلة إن الذي يحكم هو كمال أتاتورك ولا احد غيره ..... وهذه الحقيقة أينما تذهب تجدها حاضرة .فهو مؤسس الدولة التركية الحديثة وضابط إيقاعها طيلة الفترة منذ إلغاء الخلافة العثمانية وطرده للخليفة وعائلته عام 1924 ولعقود طويلة قادمة .
تركيا....هذا العنوان الكبير .... دولة تملك الكثير من الأوراق المؤثرة في العراق وفي المنطقة ..شئنا أم أبينا..ان السياسة في ابسط تعريف لها هي فن الممكن وفن احتواء الأزمات والخروج بأقل الخسائر... وتركيا
تملك الكثير من أوراق اللعب التي تجعل الآخرين يفكرون أكثر من مرة قبل الإقدام على اتخاذ أي موقف يضر بالعلاقات معها ....وسنحاول أن نتعرض لبعض النقاط التي تهمنا ... 1- إن تركيا لم تسمح لأمريكا باستخدام أراضيها وقواعدها ضد العراق أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .على عكس كل الدول المجاورة للعراق . وهذا يعطيها ميزة مهمة في ان القرار التركي لا يخضع للوصاية او الابتزاز .
2- إن تركيا هذا البلد الكبير صاحب تجربة رائدة في التقدم والتطور ...ممكن ان نكون نحن في العراق من اشد الطامحين للاستفادة من هذه التجربة .
3- إن تركيا هي منبع نهري دجلة والفرات الخالدين ....وهي تمسك بمعدلات المياه في السدود .ولم تقدم الحكومات السابقة في إبرام اتفاقية تضمن للعراق تدفق حصصه المائية التي تتناسب مع حاجته .
4 - إن تركيا تملك الكثير من مفاتيح المشكلة الكردية ...والمشتركات بيننا كثيرة في هذا الملف ...فلماذا نتخلى عنها لمصلحة الآخرين .
5- إن تركيا هي الامتداد الجغرافي للقناة الجافة التي ستغير طرق التجارة في العالم .
6- إن تركيا هي أفضل طريق للبترول والغاز العراقي إلى دول العالم .ويخطأ من يظن غير ذالك ...ورفض السعودية الأخير... لاستخدام الخط البترولي المار عبر أراضيها خير دليل على صحة الاستنتاج .
7- إن تركيا وهذا المهم ليست دولة سنية أو دولة طائفية ...وإنما دولة علمانية وان كمال أتاتورك يحكم تركيا من داخل القبر لعدة عقود قادمة . ويخطئ كثيرا من يحاول ان يصنفها ضمن مفهوم طائفي فالأتراك يدركون جيدا خطورة هذا التوجه على دولتهم .وهم يحترمون اعتدالهم ويروجون له .
8- إن السياسة التركية تضع مصالح تركيا في المقدمة في كل علاقاتها ..وهي لم تتخلى يوما عن حلمها في الدخول الى السوق الأوربية المشتركة .
9- يجب إن نفهم إننا أكثر الدول التي يجب ان تؤسس لعلاقات إستراتيجية مع تركيا وان نبني شراكة اقتصادية وان نمنح الأتراك فرصا اكبر في الاستثمار... والدخول في مشاريع إستراتيجية مشتركة .......تجعل صاحب القرار التركي يتردد في اتخاذ أي موقف سياسي يسيء للعلاقة .ولا ننسى ان هناك في تركيا معارضة قوية تراقب وتتحفز ...
10- إن الابتعاد عن تركيا ومناصبتها العداء ولأي سبب كان لن تعود على العراق بالنفع بل ستكلف العراق الكثير...وسيخسر العراق أوراقا قوية . ويكفي ان نعرف حجم الاستثمارات الخليجية في تركيا لنفهم هذا التقارب والتطابق بمواقفهما السياسية .
11- إن الأوضاع في منطقتنا على أبواب تغيرات كبيرة وخطيرة ...فهناك احتمال توجيه ضربة إلى إيران ولا احد يعلم بردة الفعل الإيرانية ....ربما تشتعل المنطقة وتقوم إيران بضرب القواعد الأمريكية في الخليج ويتم إغلاق مضيق هرمز .
12- هنا ... يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي ... هل خلق خصومة مع تركيا ينفع العراق في مثل هذا الوقت والمنطقة مقبلة على المجهول ؟
13- إن السياسة المبنية على ردود الأفعال ...لا تصنع سلما ولا تبني بلدا ....فمن غير المعقول والمقبول انه بسبب فرد مطلوب للقانون ...أن تسيء علاقاتنا مع دولة بحجم تركيا وان نقفز على مصالح العراق الكبرى لنكسر كل البيض في سلتنا ....
14- نعم ... من حق العراق ان يطلب ضمانات من تركيا لاحترام سيادته ومراعاة مصالحه وان يتم التنسيق بين الطرفين في مجمل السياسات التي تتعلق بمصلحة البلدين . ويستطيع العراق ان يستثمر علاقته المتميزة مع أمريكا ليشركها كمراقب في اتفاقياته ومواثيقه .وان تركيا ستحاز حتما للتفاهم مع بغداد لعدة أسباب.. ذالك ان المشتركات والمصالح الإستراتيجية كثيرة وعند اطمئنانها فإنها حتما ستدير ظهرها للآخرين .
15- إن التمادي في خلق أزمة مع تركيا لا يبرر أبدا صمتنا أمام التجاوزات الإيرانية ...بحجة اخف الضررين .... لان إيران ليست أفضل اللاعبين على الساحة العراقية . والسياسة يجب أن تكون عابرة للطائفية والعرقية .وان تجتهد لتفتح آفاقا جديدة وتتجاوز كل العراقيل وصولا لعلاقات مستقرة ورصينة تعود على الشعوب بالنفع والاستقرار والتقدم .
16- كما إننا يجب أن نعلم أن حزب الحرية والعدالة يواجه معارضة قوية في الداخل وكل المؤشرات تنبأ بتغير في مزاج الشعب التركي لصالح الأحزاب المعارضة ....

#حامد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل