أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - نساء من بلادي .. - تتمة القصة














المزيد.....

نساء من بلادي .. - تتمة القصة


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 1119 - 2005 / 2 / 24 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


القرية وأطرافها تعمل بصمت , وذكاء , ويقظة, لتمدّ المقاتلين والثواّر خارج أسوار القرية .
الجيش الفرنسي تأقلم مع هذا الوضع والصورة القتالية بصعوبة فائقة , رغم أنها تكلّفه الكثير يوميا من القتلى والجرحى , واختفاء جنوده وعساكره .. .ز كمائن , إشغال العدو - الهجوم المفاجئ على الثكنات , ومستودعات الذخيرة - ضرب مفاصله - مناورته باستمرار حتى لا يعرف الهدؤ والنوم - قتلى - جرحى يوميا .. , لكن أين يرحل ..؟ فالوقت لا يزال مبكرا ليرحل - فالأوامر هي الأوامر .
العنجهية والغرور , والحقد , والتشبّث بالإحتلال العسكري مستمرّ , وقدرته على إحتمال ضربات الثواّر لم تنفذ بعد , فجعبته من الأساليب الخبيثة لاستمالة السكاّان البسطاء , والوجهاء إليه ما زالت ملأى كما يتصوّر ..!
الثواّار يطوّقون مداخل القرية عن بعد والطرق المؤدية إليها .., مجموعات متنقلة هنا وهناك ( حرب عصابات , مقاومة شعبيّة ) لا تترك العدوّ يستريح .. والعزف مستمرّ ... أما وسط البلدة وساحاتها الكبيرة الواسعة .. لا تزال هادئة , والعدو مطمئنّ من ناحيتها .
لماذا يشغل تفكيره بها ويكشف جنوده فيها ...؟ فهنا ساحة للبيع والشراء والعمل , الأخذ والعطاء , والتبادل التجاري والإعلامي , والسفر والتنقلات خارج البلدة - ......
فجأة وفي وضح النهار وإذ بعيارات نارية رشاشة تزغرد في الساحة الصامتة .... !!!!!؟ فيهرعون مذعورين .., إستنفار .. إستنفار... وحدات الجيش الفرنسي يتقدمهماا لكولونيل ( مويّيه ) يسيرون بخوف وحذر شديدين ليطوّقوا ويكتشفوا مصادر النار المفاجئ الصاخب .
الكولونيل : ما هذا , ما هذا ..؟ قال مونييه : من أين من أين ؟ ؟ لا يوجد هنا مقاتلين ... لا يوجد ثواّر أو رجال ..؟ إذا من أين هذه الطلقات التي أصابت جنودنا .. تحرّوا المنطقة جيّدا ..., قرّروا أخيرا الإنسحاب والتوقّف عن التفتيش , يبدو أن أحدهم قام بهذه العملية وفرّ خارج القرية ..., لا داعي يا كولونيل لا داعي , لا تشغل لا داعي لا تشغل نفسك .. حادث بسيط ومضى , لن يتكرّر بعد إطمئن , إطمئن . الكولونيل : فتشّوا البيوت , الحواري .. كل شئ كل شئ .. لا أثر للثوار هنا يا سيّدي.. إذا من أين أتى ذلك وكيف ......؟ ؟

تعود الحياة كما كانت .. وتصمت الأيام بإيقاعها السابق الصاخب الرافض المتحفّز , تعود الحركة والتنفس الطبيعي للأهالي والجنود على السواء , كأن شيئا لم يقع ...
العدو هو العدوّ .. لا يزال يرهق كاهل أهل القرية بجرائمه وعدوانيته الشرسة المتعالية على الشعوب بجزمته العسكرية علّ هذا الشعب يستكين ويرضخ ويضرب التحية للمحتل المتغطرس .
نهضت ( شرف منصور ) الشابة ذات الخمسة عشر ربيعا مع الفجر الربيعي الذي يغطّي القرية بوشاحه الزاهي مع طيور الربيع المبكّرة من أعشاشها لتغنّي للحبّ والغزل والعشق والعمل , أسرعت شرف كاللبوة تعطي الدرس الثاني والثالث والر ووو.....
تناولت بندقيّتها ( الألمانية ) القديمة التي خبّأتها تحت الحطب والقش داخل إسطبل الحيوانات , وأحضرت والدتها ( عائشة موسى ) البارودة الأخرى المخبأة في المكان الأمين جدا جدّا .
كيف لا تنهض وتشارك عائشة .. وزوجها المقاتل الشرس في التلة المجاورة يشاغل العدو يوميا ...؟
جلستا على سطح الدار بخفّة , وخفية .. وبتلك العيون الواسعة البعيدة التي حاكت من لون سهولنا الخضراء قصيدة الوطن وحبّ الأرض .... صوّبت الأم والإبنة نار غضبهما , ورفضهما على ثكنات العدو ودورياته في وسط ومفاصل ( البيضا ) .. وطلقات البندقيتين دغدغت وأطربت عصافير الوادي وأخرست صمت الصباح ... وهاج العدو وماج طول القرية وعرضها - الصراخ والتهديد والوعيد يتعالى .. الجنود والقتلى هنا وهناك .. العدو يطوّق البلدة - التنكيل والوعيد والترهيب ووو... وأخيراقرّر الإنسحاب لأن تكرار هذه الحادثة من قبل ( رجال العصابات المتنقلين ) ؟؟؟ ألغت حسابات العدو وتخطيطاته العسكرية .. ..!؟

أصبحت الفتاة ( شرف ) التي قاومت بصمت .. وشرف .. طوال هذه الفترةحكاية أهل القرية , والمنطقة كلها سنين وسنين أثناء وبعد الإنسحاب الفرنسي من بلادنا تتباهى بها دون أوسمة أو نياشين , لأن المرأة العربية بصفاتها الخجولة ,المتواضعة , كانت تعطي وتعطي دائما بشجاعة .. وصمت نبيلين .
هذه الصورة الرائعة الحي’ الصادقة الواقعية فعلا بأسمائها وحوادثها , كانت موجودة ومجسّدة بصورة أو بأخرى في كل قرية ومدينة , وبستان , ومزرعة .. على مساحة سورية أيام الإحتلال العسكري الفرنسي الغاشم _ سوريا الحبيبة يوم كان ثوّارها في كلّ مكان يطرّزون سماء الوطن .. بثورات كموج البحر ثورة إثر ثورة حتى تحقّق الإستقلال لهذا الشعب الطامح دوما للحرية والإستقلال أبدا .
وعادت شرف منصور , وعائشة موسي وأبناء قريتها تفكّ وتقرأ عليهم ,, سرّ اللغز ,, وضربات النساء الموجعات أخوات الرجال ودورهنّ في نجاح الثورة الوطنيّة التحرريّة .... وعاد الجمال والنضارة إلى الوجوه أكثر إشراقا وتألقا بعد رحيل المستعمر من بلادهم .

فهل تخرج البندقية القديمة من مخبئها مرّة أخرى لتسهم في تحرير الجولان , وطرد جنود الإحتلال الجديد , وطوابير الجلاّدين والمخبرين .. , لتعود الإبتسامة لأرضنا الطيّبة ...؟ ؟؟
وبقيت ( البيضا ) رمزا للصمود الشعبي بنسائها ورجالها يدا واحدة يبنون قريتهم بالحبّ والعطاء .. وبقيت أحجارها عالية .. عالية .. بيضاء بيضاء .. ناصعة كزهر اللوز والثلج .. تطلّ على البحر المتوسّط ..وتشرب عيون صخورها , ونسائها , من ندى البحر وغيومه أمطارا .. وخصبا .. ومهرجانات .. وأعراس فرح متواصلة .. وعشقا أبديا .
وبقيت هي هي وحدها أحجار ( قرية البيضا السورية ) الساحلية وبيوتها .. تعرف أسرار الناس .. والحكايات الثوريّة ...!

م . مريم نجمه - اّذار عام 1990 -



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة .. في مهزلة 99 , 99 ...!؟
- أيها المستلقون .. والغافلون تحت خيمة الإستبداد .., انهضوا وح ...
- قراءة ... في أرقام المهزلة ....! ؟
- مدّ يدك يا وطني إلى حافة النهر .. لنشرب معا دواء الحبّ .. ون ...
- كلنا احترقنا .. كلنا محترقون .. للوطن والشهداء .. نحن منحازو ...
- قائمة بأهم الأعمال التي كانت تقوم بها المرأة الريفية في صيدن ...
- نشارك لبنان حزنه .. وصموده
- رسائلي ...تتمة - القسم الرابع والأخير من مقدمّة رسائلي -
- شقائق الليل ... - 2 - حبيبي كما أراه .....
- الجهاز .....؟
- رسائلي .. القسم الثالث - تتمة ..
- من وحي عيد المحبّين ....
- هنيئا لأهلنا في العراق .. في أول إنتخابات ديمقراطية
- هل قرننا يقترب للمجهول ....؟ .. مهداة .. إلى ضحايا زلزال تسو ...
- - تتمة - رسائلي .... ,, الرسالة ثلثي المشاهدة ,,
- (( الرسالة .. ثلثين المشاهدة )) .
- قائمة بأهم الأعمال التي كانت تقوم بها المرأة الريفية في بلدة ...
- من ملعب الزهر .. إلى روضة العلم
- قائمة بأهم الأعمال التي كانت تقوم بها المرأة الريفية في بلدة ...
- مقدمة - الإنسان والحياة


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - نساء من بلادي .. - تتمة القصة