أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - ربُّ الشّعراء / ربُّ الشِّعرى














المزيد.....

ربُّ الشّعراء / ربُّ الشِّعرى


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3836 - 2012 / 8 / 31 - 16:03
المحور: الادب والفن
    


قبل ثلاثين سنة سقطت من نخلة عالية جداً
لو سقط أي إنسان من منتصفها لتكسر و مات
لكن شيئاً لم يحدث لي على الإطلاق ما زلت أتذكر
الزمن الذي استغرقه سقوطي
كان الشعور بالعدم ممزوجاً بالأبدية
((الموت عالم آخر )) عرفت ذلك في سقوطي الطويل
ارتطمت بالأرض على قدمي
وارتفعتُ لأسقط وأرتفع مرة أخرى
حين انقطع الهواء عرفت أنه أعز شيء في الوجود
وهو مجاني بلا ثمن
كان الصوفيون العظام في فارس يقدمون لبعضهم هدية
ثمينة و عزيزة قد تكون ورقة شجر أو قطرة ماء
الصوفي يعرف قيمة الأشياء التي لا يعرفها الناس
حين عاد الهواء و نظرت إلى النخلة الشاهقة في السماء
تحسست أعضائي التي لم يمسسها سوء
عرفت أن لله الأمر من قبل و من بعد
وبأن حياتي ليست لي و كل عبث و خراب له مغزى
هذه التي تنام الى جانبي كل ليلة و تتكلم بلساني
هي في الحقيقة حياتي
و هي منذورة لهدف غامض لا أعرف ما هو ؟؟
حياتي التافهة أقوى من قوانين الفيزياء و إرادة الملوك
لأنها منذورة لشيء أكبر مني
حين أعود سأفتح فمي على مصراعيه
حتى أسمح لكم برؤية روحي
لست بشاعر وما ينبغي لي
الكلام الحلو في سوق الحلوى
والكلام الأخير في فمي
هذا اليوم كنت عند طبيبي النفسي وقال لي :
بأن مرضي لا شفاء له و قد كان ذات المرض الذي عذب الموسيقار شوبان و دفع همنغواي إلى الإنتحار و لوّع الأديبة المعروفة فرجينيا وولف . جزء من مرضي هو شعوري بالعظمة أحياناً . ولكن حتى أمراضي يتحول كشفها إلى شجاعة و صدق و إخلاص أمام صديقة عراقية عالمة نشأت في العلم و على احترام الحقيقة والإنسان .

الجمال هو الذي ترك الشعراء تعوي كالذئاب تحت القمر ، حتى النبي محمد صاح (( اللهم خفف عليّ سكرات الموت إن للموت لسكرات )) و النبي عبقري حر إن السّكرات التي يشعر بها نبي هي سكرات الفراق لكل هذا الجمال ، الشمس والجوع والعطش والفتيات والشوارع في الليل شيء مؤلم أن نفارق كل هذا ، في آخر ساعاتها كانت جدتي (( زاچية)) تبكي في مستشفى الجمهوري و تقول لجدي: (( إنه الهواء لذيذ جداً يا حاج تركي لم أشبع من الهواء .)) إنه الجمال والقمر والحب والهواء لمن نترك كل هذا ؟؟؟

لا فرق بين الشعر والنثر
قال لي بعد أن أيقظني صديقي الشبح
النثر مشيُ مُبصرين والشعر مشيُ عميان
أفلتتْ خطوتي مني في الطريق إليكم
هذا الفلتان الفتان أسميه شعراً
الشتاء الجديد يمسك بي وبصراحة لم أعد أحتمل
هذه الأمطار القادمة ستمحو أثري تماماً
هل أُطعمُكم نفسي و أسقيكم حنيني
ولماذا تستحقون ميراث رجلٍ مريض جداً
أتركُ يدي تعبث بوجوهكم وأتظاهرُ بمعرفتكم
لا يُمكنُ لهذا أن يستمر
نصفي في اليقظة ونصفي في الأحلام
لا أستطيع رؤية شروق الشمس بسبب الحرمان
ولولا العتاب الذي لا ينتهي ما احتملت القمر
لا أُصدّق أنني فعلتُ كلّ هذا بنفسي
لا أُصدّق أنني خرجتُ تماماً عن الطريق
أفتحُ الباب ببطء لكي لا تستفيق جراحي
هذا الباب لا ينفتح
هذا الباب أفسده المطر و الهجران
هذا الباب مكتوبٌ عليه :
لا تفتحني

القصيدة الكبيرة مدفونة ك كنز
لا تحتاج إلى قارئها بل هو سيحتاجها يوماً
وربما يعثر عليها في ذلك اليوم بالذات
لهذا لا تحمِّلوا النجوم والبشر دماءكم أيها الشعراء
هل تسمعون الريح قادمة ؟
إنه الخريف ذاته الذي كنس الصنوبر و أوراق هوميروس
إنها الريح العالية تحمل أرواحكم و تخطف أبصاركم
فلا تركعوا لسواها
إنما ربُّ الشعراء / ربّ الشِّعرى هو هذا : ( قبضة ريح )
ها أنا أدفع الشاعر المغني الى الغناء
أستفز الفنون أجعلها تلجأ إلى عتبة النداء والإنشاد
الحياة كلها في قلبك الحيّ
تنتفض و تغني تدافع عن دقات قلبها
أسمع صوت ريح و ضربات المجذاف في ماء التاريخ
فقط لأنني (( ميّتٌ يتكلّمُ )) لا يعني بأن على الجميع أن يتبعني
لن يتبعني أحد ، ولن ينساني أحد
أنا آخر الموتى المتكلمين

(( فلمْ أرَ بدراً ضاحكاً قبل وجهها
ولمْ ترَ قبليْ ميّتاً بتكلّمُ )) / أبو الطيّب



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعنى
- يسيل غناؤك من النافذة
- لأن فائز حداد فاضحٌ غسيل الأعين بالتيزاب
- حوار حول الحب والشعر
- مسلمات ينبغي تكرارها بكل أسف
- عودة الشاعر المنتظر / سعدي يوسف
- الطفولة منجم الشاعرة الأمريكية لويس گلوك و عشها
- مسكنات في الوريد هذه الحروف العربية
- خبَبُ الشِّعر
- ليلى الصيفي 
- إنعام الهاشمي في نصب الحرية و في قصيدة إيلوار
- إلى سعد الحجي عن الأدب الوطني واللغة والحرير والذهب
- عزائي كتبه عبد الزهرة زكي والحب عزاء الفاشلين
- نهاية الصعاليك
- سبينوزا و أنا سيرة شخصية للعذاب
- واصف شنون ملحد عراقي محترم
- شرود البقرة
- الشاعر
- قاطع طريق
- الحكمة من أفواه المجانين


المزيد.....




- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - ربُّ الشّعراء / ربُّ الشِّعرى