أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أسعد البصري - سبينوزا و أنا سيرة شخصية للعذاب














المزيد.....

سبينوزا و أنا سيرة شخصية للعذاب


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3807 - 2012 / 8 / 2 - 08:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


 
ما أجمل أن تكون إلهاً
لا يخلق عبيداً ولا يحب الإزعاج
أجلس على صخرة سوداء في الجبل الممنوع
جبل لم يقف عليه نبيّ ولم تُسمع فيه موعظة
جبل مسحور كل مَن فوّق سهماً إليّ
يرتدّ عليه و يخترقُ نحره
المسافة بين فهم الشيء و تغييره
بين قول الأفكار و تطبيقها
الثقافة الثورية تعني صراعاً و ألماً
لكنها أيضاً عزلة لأن الوعي يظل فردياً
خصوم الثقافة يفضحون عقولهم بالمقاومة
لا يمكن مقاومة الثقافة بالثقافة هذا مستحيل
هذا ما يُسوِّد الوجوه و يجلب الخزي لهم
لستُ فكرة أو نظرية مجرد تحريض و غواية
عدم ارتياح التاريخ و صيرورة انقلاب
يحاصر الوطنيون في الأزمات والإنحطاط الثقافي
ولا يرفع الحصار إلا بخيانة وطنية
ولأن تاريخي نظيف سيخترعون القذارة اختراعاً ويلصقونها باسمي
لقد حول اليهود الفيلسوف سبينوزا ( 1632 - 1677 ) إلى نجس
لا يمكن الإقتراب منه لأكثر من متر
كان المتصدقون يرمون الطعام على بابه ويفرون من نجاسته
بعد أن دبر الحاخامات تهمة الزندقة وألصقوها به
لم تؤد تلك التهمة الإرهابية إلى حرمانه من الميراث فقط
بل كان لزاماً عليه مغادرة مسقط رأسه
أمستردام ( أكثر المدن تسامحاً في عصره ) حين أطلقت طائفته
اليهودية الفتوى بتكفيره عام 1656م حدث أمر ذو مغزى كبير
وهو تحالف رجالات الكنيسة مع الحاخامات في تحويل سبينوزا
إلى طريد يتلفت و منفي . تحالفات عجيبة لا تخطر على بال تحدث
لوأد صوت مستنير و متمرد
ضريبة الحقيقة كبيرة حين كنت أدافع عن هادي المهدي
أرسلت لي سيدة رسالة من أقاربه تقول إن المحققين
يتعاملون مع الشهيد كمتهم ويريدون إلصاق تهمة الزنى به
بل يدعون أن الجريمة كانت قضية شرف و غسل عار.
أبو ذر الغفاري و سبينوزا و هادي المهدي
هؤلاء فضائح صارخة لعصورهم و ربما مشرد مثلي
يتشرف اللحاق بهذا الركب . بعد وفاة سبينوزا ب خمسين سنة
كتب احد اللاهوتيين المسيحيين العبارة
التالية لكي توضع كشاهدة
على الضريح: (( هنا يرقد سبينوزا
ابصقوا على قبره ))
إن رغبتك بفعل شيء ليس في الواقع
بل في الثقافة تدفعك إلى حماقات قديمة
يقولون لي كيف تضحي بنشر نصوص
و أفكار بأسماء مستعارة ما هي الغاية ؟؟
وما هي الغاية صديقي من نشر سبينوزا
كتابه الشهير (( مقالة في اللاهوت السياسي )) بلا توقيع وباسم
مزور ( الكتاب المصنف أكثر إلحاداً في عصره )) ، بل
غير سكنه بعد نشره من ( لايدن ) الى ( لاهاي ) من الخوف
إن الضيق الذي نتعرض له أحياناً هو دليل آخر على أننا نعيش
في عصر مظلم يشبه القرن السابع عشر الذي عاش فيه سبينوزا .
تخيل التلاحم والحب العاطفي في القرن السابع عشر
التماسك العائلي و التضحية والتجارب الروحية الكبيرة
المدارس الموسيقية في الكنيسة والرقص المحتشم في الأعياد
كل ذلك كان قائماً على حب الله و تفاني القساوسة والرهبان و صلواتهم
تلك العناية الإلهية في القرون الوسطى التي تشفي من الأمراض و تجلب البركة
تخيل في ذلك الزمان يظهر رجل غاضب مثل سبينوزا
ويكتب بأن الدين يحتقر العقل ، وكذلك العقل يحتقر الدين
يكتب بأن كل معجزات القديسين والإيقونات والكنائس لم تحدث حقاً
وأنها مجرد أكاذيب لا يعول عليها ولا تصمد أمام الفحص المنطقي
ألا يبدو هذا الرجل كريهاً و حقيراً و مسكوناً بأرواح شريرة ؟؟؟
ألن يعتقد الجميع حينها بأنه يريد تفرقة الناس وزرع الشر والفتنة ؟؟؟
هل هناك من يقرأ كلاما كهذا حينها أو يسمح لأبنائه جلب كلام نجس كهذا
الى المنزل ؟؟؟؟ أريد فقط أن نتخيل الحالة والظروف
نفس الشيء حين تكتب أنت أو أنا ضد النفاق والكذب والفساد العراقي
نبدو أشراراً و مثيري فتن و مشاكل و لا نبعث على الإرتياح
بينما المنافقون والموزرون هم المحبة والروح والنقاء والجمال و السكينة والأمل
هذا هو الإنحطاط الثقافي العراقي العار الأكبر أم الكبائر
في اللحظات المظلمة من حياة سبينوزا
دعم قليل جاءه من أصدقاء و علماء على أصابع اليد الواحدة
هذا الدعم في تلك الفترة التي كان فيها ملعوناً و نجساً و زنديقا
كان يعني له الكثير و ساعده على الإستمرار
ولكن طبعا مثل كل الرؤيويين الكبار لم يعش الرجل الفيلسوف
الذي تأثر أول ما تأثر باليهودي العربي ( ابن ميمون )
سوى 44 عاماً قضى نصفها هارباً جائعاً
متنقلاً بين مدن أوربا من الخوف
أبو ذر الغفاري يمثل مقاومة الفساد والدفاع عن الفقراء
سبينوزا يمثل الحرية الفكرية و كرامة الإنسان
هادي المهدي يمثل حق التعبير . كل كاتب
و مفكر يجب أن يمثل فكرة أو موقفاً ليستحق القراءة
السؤال هنا : كيف استطاع أدونيس أو سعدي يوسف
أن ينالا شهرتيهما
رغم أنهما كانا يمارسان نوعاً من التمرد الثقافي
كيف كان لهما ذلك الترحيب الذي نعرفه ؟؟
الإجابة على هذا السؤال تكمن في وجود
قوى متكافئة و متصارعة بشرف في خمسينات القرن الماضي
فترة حركات التحرر والأمل القومي و ما تلا ذلك
الذي عاشه سبينوزا هو ما نعيشه اليوم
فترة انحطاط و فساد واتفاق ظلامي من جميع القوى على التنوير
وعلى هذا المنوال يصبح الأمل بكلمة يزرعها راهب
ثم يعثر عليها صبية يلعبون تحت سفح جبل

لَعَمْرُكَ، ما بالأرض ضيقٌ على أمرئٍ
سَرَى راغباً أو راهباً، وهو يعقلُ
الشنفرى
 
 
 
 
 



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واصف شنون ملحد عراقي محترم
- شرود البقرة
- الشاعر
- قاطع طريق
- الحكمة من أفواه المجانين
- الإنسان حيوانٌ صامت
- أهمية الشعر و جدواه
- وطني سفسطة و سفسطائيون لا يمكن دحضهم
- نخاس الشعراء
- عيد الحُب
- واحسيناه
- الأبد
- الطائفية في دقيقة واحدة
- شعر غامض و تقارير واضحة
- الجحيم
- صدر المسجد
- ابن عُرس
- نصف مُطرب نصف رادود حُسيني
- الكتابة فوق الجُثث
- الذّبح المقدّس


المزيد.....




- عشية انتخاب بابا جديد.. مسيحيون عراقيون يريدون منه عدم نسيان ...
- هل سيلعب لوبي ترامب دورًا في انتخاب بابا الفاتيكان الجديد؟
- جدل في مصر حول من يحق له الإفتاء.. والأزهر يحسم الأمر
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية بدء التصويت لاختيار حبر ...
- حدثها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ل ...
- الفاتيكان يلغي رمزين من رموز سلطة البابا فرنسيس
- بنعبد الله يستقبل وفدًا روسيًا والمتحدث باسم جماعة “ناتوري ك ...
- الاحتلال يعتدي على أحد المعالم التاريخية الملاصقة لأسوار الم ...
- المسجد التذكاري.. رمز لبطولات المسلمين
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية بدء التصويت لاختيار حبر ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أسعد البصري - سبينوزا و أنا سيرة شخصية للعذاب