مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 3826 - 2012 / 8 / 21 - 23:10
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
من دار لدار يا ثورتنا الحلوة .. المسيرة المدينية للثورة السورية ؟
في الحقيقة إن الثورة السورية التاريخية العظيمة بحاجة إلى دراسة وأبحاث معمّقة سياسية وفكرية وجمالية وفنية عديدة فقد فاضت بجمال ورونق ورائحة شعبية شامية مميزة .
فكل جانب من هذه الجوانب بحاجة إلى توثيق ودراسة وتقييم - فيها الكثير من الدروس والعبر والأخلاقيات وجديد التراث والإبداع والخلق والإبتكارات والمعطيات السورية الفريدة , وفيها الشرور والاّثام الغير مسبوقة في التاريخ أيضاً من قبل النظام .
بما أنني إبنة هذه الأرض السورية التي تغربت عنها قسراً حوالي 30 عاماً بسبب كفاحنا ومواقفنا الوطنية والسياسية , وحبي وإخلاصي لها ولشعبي , فمشاعري وفكري الساكن هناك منذ غادرنا الوطن جسدياً بقيت الروح متعلقة بالجذور والتراب والأمكنة ... فاليد تصنّع خبزها اليومي و تكتب وتكتب بلا انقطاع عما يدور في الذات والدواخل من حب واحتراق ووفاء وخوف باّن على الوطن المصادر بإيد غريبة انتهكت حريته وقراره وحضوره ومساحته الخصيبة ’ وأفقرت أهله وشردتهم وأذلتهم 40 عاما وأكثر موزعين على أرصفة العالم أو في السجون التي شيدها النظام الأسدي الفاشي .. أو خرساء تأكل وتنام بلا هدف أو تمدح بعطايا السلطان ..!
***
انطلقت الثورة السورية الشعبية بزخم التظاهرات اليومية مرددّة الشعارات التي ألهبت الجماهير الثائرة المنتفضة ضد النظام ..
شعبنا السوري كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر ليعبّر عن تمرده ضد الظلم والقمع واللصوصية والفساد المستشري في المجتمع السوري وليبرهن عن عشقه للحرية والكرامة ومعنى المواطنة الحقيقية ..
هذه الإنتفاضة المتنقلة من بلد لبلد , ومن مدينة لمدينة نصرة و ( فزعة ) وتضامن مع أختها المدينة التالية في تأييدها والتركيز على شعار : الشعب السوري ما بينذلّ – الشعب السوري يريد إسقاط النظام – واحد واحد واحد الشعب السوري واحد -
أخذ النظام الديكتاتوري يرد على التظاهرات السلمية بأسلوب قمعي عسكري مستعملاً كل الوسائل الهمجية من قتل و ضرب وتهديم منازل واعتقالات أطفال ونساء وتعذيبهم واقتلاع أضافرهم , حتى استمرت المظاهرات السلمية أكثر من ( 7 ) أشهر ولم يستطع إخمادها أو القضاء عليها بل جابهها النظام بشراسة أكثر و بموجة من العنف المتصاعد من حرائق و تهجير السكان واختطاف الشباب والمتظاهرين واعتقالهم أو إخفائهم وقتلهم بعد تشويه الجثث أو سرقة أعضاء أجسادهم ثم حرقهم , ونزوح وسرقات وتقنيص و مجازر و مذابح وشبيحة وتطويق المدن بالدبابات والجيش النظامي الذي دفعه للميدان لمكافحة الإنتفاضة الشعبية وترويع الأهالي قتلاً وتمثيلاً بالشهداء المتزايد عددهم في كل يوم ,, مزوّداً الجيش بعصابات القتل والشبيحة .. و بعد المصفّحات وناقلات الجند استعمل طيارات الهيلوكوبتر والمروحيات , ثم المتفجرات في الأسواق والأحياء , ثم تطويق المدن والأرياف والأحياء السكنية بالفرقة الرابعة الشهيرة بالإجرام , والقصف المدفعي من قريب وبعيد , ثم الطيران الحربي أخيراً طيارات الميغ والسوخوي , والأسلحة والغازات الممنوعة دولياً الإنشاطرية والفراغية وغيرها ,,, كل هذا كان يتم وينفّذ تحت خطة ( الحل الأمني العسكري ) للقضاء على الثورة المتصاعدة المستمرة والمتّسعة عدداً وزخماً ونشاطاً ,,, مما أدّى لتهديم الأحياء والمدن بكاملها على أصحابها بما فيها المستشفيات الرسمية والأهلية والميدانية والمدارس ودور العجزة و الجوامع والمساجد والكنائس والقلاع والاّثار والأسواق التاريخية في حلب وحمص ودمشق وغيرها ,,, وتطبيق سياسة إبادة إبادة كاملة لكل ما هو حياة على الأرض وبمنتهى الجنون , لا شئ يردعه لا مجتمع دولي ولا جامعة عربية ولا محاكم دولية ولا مبعوثين دوليين وغيرهم توقفه عند حده أو تنهره عن أفعاله الطائشة المجنونة مع صمت دولي غير مسبوق في ثورات العالم وأحداثه الدموية والنزاعات والحروب كل ذلك .. رافقها إعتقالات بالجملة بالاّلاف ونزوح بالجملة بمئات اللاّلاف في جميع الإتجاهات والحدود الأردنية العراقية واللبنانية ...
***
لا شك نحن نقدّر ثورة تونس الرائدة .. لأن الشرارة الأولى التي ألهبت وفجّرت الثورات العربية كانت بفضل شرارة ( الشهيد بولعزيزي ) وثورة الياسمين لتونس الخضراء .. ثم امتدادها لثورة مصر وملايينها في ميدان التحرير ثم ليبيا واليمن والمغرب والبحرين وعمان والجزائر والمغرب والأردن وجزر القمر ثم استقبلتها سوريا وأشعلت فتيل الثورة في دمشق العاصمة بداية من ( سوق الحميدية والحريقة ) ..
مشت الثورة من مدينة دمشق إلى مدينة درعا...مهد الثورة السورية .. ثم مدينة حمص وحماه والسلمية والبيضا وبانياس وطرطوس و اللاذقية والقامشلي ثم مدينة الرستن وإدلب وجسر الشغور ودير الزور والحسكة والبوكمال والرقة ثم مدينة حلب العاصمة الإقتصادية لسوريا ثم السويداء ....
في بداية المظاهرات وفي الشهر الأول كان عدد الشهداء يتراوح بين 5 – 10 شهداء يومياً ..
لقد شبّهت الثورة السورية الشعبية بداية ب " العروس " * والعرس القروي بموكبها المهرجاني الذي يمر في كل حي على كافة البيوت لتتبارك ويقدموا ( الخلعة ) لها أي الهدايا والتحايا من كل أهالي البلدة على الصواني مع رش العطور والسكاكر والأرز والورد والتسالي والمشروب وتتقدمها فتيات وشباب البلدة والأصدقاء المدعوّون بالرقص والدبكات و " العراضات " والأغاني والسيوف ولعبة " السيف والترس " ...... ما أجملها من إيقاع ومشاهد رائعة كنا نتباهى بها مع أنفسنا وأمام الشعوب والعالم , مشدوهين برقيها وعنفوانها وفرادتها السلمية .. مع فرش أجسام الشباب العارية والثوار المتظاهرين على الأرض وهم يحملون الورود في الطرقات ورتل الدبابات يقدم هاجماً عليهم ... منظر لا يفارقني .. في أروع لوحة ثورية خالدة وطنية سلمية ولا أروع , أقوى من سلاح الطيران وجديد السلاح الروسي والأميركي وغيره ... !
يا إلهي ...ما هذا الفيلم الثوري الشعبي الجماعي الذي مررنا به لأروع ثورة في العصر الجديد , كان السوريون الأحرار يعيشونه في الداخل والخارج قلباً واحداً فرحاً واعتزازاً وفخراً وتضامناً وطنياً لم يحصل في تاريخ سوريا الحديثة .. وما زلنا نعيشه حتى الساعة لكن , اليوم بأكثر ألماً وحزناً على حصاد الدمار والرعب وكمّ الشهداء .. وكمّ السلاح !!؟
استمرّت عصابات النظام تقتل وتغتال , ويعود جيش النظام ( الإحتلال ) يضرب ويعتقل وينسحب ثم يعود يقتل ويقتل .. و يداهم ويطوّق ويعتقل وينتقل من مدينة لمدينة أخرى وأخرى.... تجاوبت وناصرت وأيدت وتضامنت مع أختها المدينة المنكوبة وهكذا, , من القامشلي إلى اللاذقية فدرعا ..ومن درعا لحمص وحماه وحلب وإدلب وهكذا .. دوران دوران ... حول المدن ليعود ثانية للمركز درعا.. ثم درعا ثم درعا .. يصبّ جام غضبه عليها لأنها أشعلت الثورة وكانت مهدها وجذوتها التي لم تستطع كل اّلة النظام وترسانته الحربية أن توقفها !!
يا إلهي ما هذا الشعب الرائع الذي يفوق التصوّر بالعناد والتحدي وعدم الخوف والردّ على القمع والمجازر اليومية بمزيد من التظاهرات السلمية الليلية والصباحية غطت سوريا كلها كأنها في عيد لا نهاية له ... هو عيد الحرية فعلاً ,, والتباري بالأغاني والهتافات والأناشيد وكرنفالات تشييع الشهداء اليومي تحت زخّات الرصاص ..!!
ما أبدعك وما أبهاك ياشعبي البطل الثائر
***
1 - العاصمة دمشق
من سوق الحميدية والحريقة ..... ابتدأت المظاهرات نساء ورجالاً ثم قابلها النظام الفاشي بالإعتقالات والتعذيب واغتصاب النساء والفتيات ..!!؟
-------------------------------- ( ستوب) فترة مما أدى إلى توقفها إلى حين - في دمشق فقط , نظراً للصدمات النفسية والمعنوية والعقلية والجسدية التي أحدثتها هذه الممارسات الساقطة للنظام القاتل الذي استعمل كل الأساليب المنحطة لتوقيف موجة الإنتفاضة الشعبية الهادرة و( كسر رجل النساء ) لأنه يعرف مدى تحرر المرأة السورية وتوقها للحرية واشتراكها بالحراك الشعبي التاريخي العريق من أيام الإحتلال – التركي والفرنسي والديكتاتوري العسكري الشيشكلي - وهذه ناحية أساسية في منحى الثورة السورية ركّز عليها النظام الأمني الفاسد ,, استمر الوضع هكذا حتى استفاقت الأحياء البعيدة عن مركز العاصمة كالميدان وعرنوس واليرموك والمزة والضواحي وغيرها .. حتى أخذت تعم كل أحياء دمشق وفي كل الجهات من دمشق القديمة إلى الجديدة متحدّية قوة النظام وشراسته الوحشية ..
دمشق وضواحي دمشق : شملت أحياء اليرموك المزة الميدان القابون العدوي كفر سوسة عرنوس الصالحية باب توما سفل التلّة حي الزيتون القصاع الحميدية الحريقة الميدان باب الجابية عسالي الزاهرة القدم الحجر الأسود العباسيين التضامن التجارة السادات شارع حلب شارع بغداد ساحة التحرير سبع بحرات الشاغور مدحت باشا البرامكة الكسوة القصور جوبر المزرعة المهاجرين ركن الدين الغوطة الشرقية الجسر باب سريجة باب شرقي القزّازين الدحداح القدم طيبة الإمام -
ريف وضواحي دمشق : الزبداني , مضايا , دوما , التل, منين , معربا , رنكوس , عسال الورد , عين التينة , تلدو , زملكا , قطنا , السبّينة , بخعة , بسّيمة , جديدة عرطوز, حرستا , عربين , الجرد , المعضمية , قدسيا , عين ترما , كفر بطنا , سرمدا , سقبا , يبرود , النبك , دير عطية , ضمير, قرى الغوطة كلها, والمرج , دك الشوك نهر عيشة , الميدان , جوبر , وادي بردى , خان الشيح , حرّان العواميد , النشابية , داريّا , صحنايا , قطنا , دير العصافير معضمية الشام . المليحة , العتيبة ..
2 - مدينة درعا :
مهد الثورة الشعبية السورية وقنديلها الذي أشعل الضوء في كل المدن السورية وحرك النخوة والتلاحم والتحدي ثورة الأطفال والإعتقالات واستشهاد أول الأطفال : حمزة الخطيب والجوابرة وغيرهم ...
..............
ثم انتقلت من درعا إلى مدن حوران كلها , مدينة داعل , بصرى الشام , درعا البلد , أنخل , الصنمين , نوى , الحارّة , جاسم , المسيفرة , طفس , بصر الحرير , الحراك , أبطع , وحي النعيمية في درعا وووو..
3 - مدينة حمص ( قلعة الثورة السورية ) ..ومجازرها
كرم الزيتون , بابا عمرو , الخالدية , الحميدية , البياضة , حي القصور , جبّ الجندلي , جورة الشياح * , حمص القديمة , الحولة , القصير - السلطانية , وحي القرابيص ,
دير بعلبه , تخاريم , هنانو ,
صدد – المشرفة -
4 – مدينة حماه شهيدة الثورة ... حي باب الجسر , الباشورة , الدباغة , الشجرة , الكيلانية , البرازية , الطوافرة , الأميرية , البارودية , المحالبة –
ريف حماه - طيبة الإمام , جامع وكنيسة / البطالمة , تريمسة , كفر زيتا , دير بعلبا , كفر نبو , القصير , القبير , الصابونية , الحفة, الزاوية , باب سباع , باب هود , قلعة المضيق , قلعة الحصن كفر نبودة , بنّش , مريمين , تلبيسة , حرمة ,
5 - طرطوس : الحفة – بانياس , جبلة , سرمين , , صوران , خان شيخون , القبلي , باب القبلي , العليلات , ساحة العاصي , الصابونية , حي ال 40 ,
جبلة , كفر زيتا ,
6 - القامشلي , عامودا , الحسكة , الدرباسية , ديريك
7 - اللاذقية : حي الصليبة , حي مخيم الرمل ,
8 - طرطوس . بانياس , السلمية , البيضا .. الزاوية .. دير زيتا
9 - إدلب - كفر لاتا , جنوب الزاوية , قرى الزاوية
جسر الشغور, حرّان , معرة مصرين .. معر النعمان
معر شمشة ,
10 - دير الزور ومجازرها : حي الجورة , الخريطة , الشحيل , ريف الدير , جامعة الفرات , الجبلية , الحميدية ..
11 – الرقة
12 - مدينة إدلب : كفر نبّل , خان السبيل , الباب , إعزاز , الأتارب , الحفة , معرة النعمان , خربة الجوز , أريحا , جبل الزاوية , منبج , كناكر , الرامي , ريف إدلب ..
كفر تخاريم – جبل الأكراد , كفر روما , عفرين , تل رفعت , حلب الرامة ,
13 - مدينة جسر الشغور : تفتناز – سرمين , إعزاز ..
جرجناز , بنّش , جبل الزاوية , جرابلس , كوباني ,
14 – مدينة البوكمال
15 – مدينة السويداء – القريّة ..
16 - مدينة حلب : الجامعات , الشهباء الجديدة , الحمدانية , الخالدية , سيف الدولة , النيل , الزيدية , السكري , حي الميسر , زحلية , الرامة , جبل الأكراد , كفر روما , تل رفعت , مرج دابق , معرة النعمان , خان شيخون , جبل الزاوية , دير الجمال , حلب بريتان , الباب كميلات , القياسين , مساكن هنانو , الحيدرية , منطقة الإذاعة , سليمان الحلبي , حي صلاح الدين , ريف حلب – الريف الغربي , عبدات , الأتارب ,,,
17 - الجولان – القنيطرة , أبلين , نمر ...
18 – تدمر – الصنمين –
.... وهكذا دارت الثورة السورية ولم تتعب .. ولم تعتب مدينة على مدينة أو بلدة وقرية على أختها لا بالفرح ولا بالحزن ولا بالبهجة و " الرهجة " وزفّة الشهيد ....
هنيئاً للمدن التي كتبت إسمها في سجل الخلود وعاشت معمودية الثورة , لأن التي ابتعدت ونأت نفسها ولم تشارك بأي نوع من النضالات الثورية في الداخل أو الخارج هي الخاسرة في مشاركة فرح الثورة ومهرجانها الجماعي المعاش منذ 17 شهراً حتى اليوم ...!
كل المدن السورية دارت وشاركت وما زالت تدور و تدور وتدور في قلب الثورة من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها ..
وهكذا .. تذكرني أغاني الفنانة فيروز بما يجري في وطني :
... " يا دارة دوري فينا ضلي دوري فينا .. تاينسو أساميهن وننسى أسامينا ......يا دارة دوري دوري موسمنا عالعيد تايكبر الدوري ويحمرّ القرميد ... "
** و ... عروستنا الحلوي يا نيسانة يا حلوي , يا مشوار من دار لدار تتبارك حجار البيت تتبارك العتبة , والخوابي نبيذ وزيت وتفيض المحبة , كوني قمح وسكر كوني ورد وعنبر , وقنديل الزوار اللي متوّج بالدار يا حلوي , كبروا زهور البساتين ومثل الكذبة كبرت , وحليت بين الحلوين ولعريسك صرت . عالحب تلاقيتو وعمرت قصة بيتو , ودار الهوى دار من دار لدار يا حلوي...) يا ثورتنا يا حلوة ...
........
قرائي وأحبائي والثوار الأبطال .....
من دمشق العاصمة ابتدأت الشرارة الأولى والتقطتها بقية المدن كشعلة الأولمبياد .. لن تنطفئ هذه الشعلة الثورية شعلة الحرية حتى إقامة إحتفالات النصر في ساحات الأمويين والعباسيين والمرجة ..
...............
نلقاكم في أرض الوطن المحرّر وكل عام وأنتم أحبتي جميعاً بألف خير
مريم نجمه / هولندة / 21 اّب
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
