مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 3810 - 2012 / 8 / 5 - 21:11
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
عصر المال والدولار.. لا زال مستمراً وبالاً على شعوبنا
النفط يتكلم .. النفط يحكم
الأحداث العربية يصنعها النفط , يطوّعها وفق مصالحه , ويصنّع منها مواد أولية للبيع والتصدير .
ليس النفط فقط ما ينتج عنه من مواد مادية أولية كاالبنزين والمازوت والكاز والقطران والديزل والزفت والإسفلت وغير ذلك , بل أصبح أيضاً يستخدم الناتج وفائض القيمة الهائل لإنتاج فائض سياسي وسلاح وسياسيين , ومن المادة الخام منتوج سياسي معنوي ومادي معاش بالدم على مساحة الوطن العربي كله .
إستخدام النفوذ المالي بنفوذ سياسي وإعلامي وتجاري وسياحي وفضائيات وأساطيل بشرية من المراسلين والمصورين والممولين ,,
أصبح النفط يصنّع الأحداث !
هكذا أشاهد الصورة أمامي واللوحة السياسية العربية والدائرة حولها ..
" والمعامل شغّالة " ..!
يصلّح الطرقات والسكك وخارطات الطريق .. ويصنع اللهب والحرائق والحروب والفتن والسلاح والبنوك والأسواق ومدارس للطاعة والحفظ عن غيب ما في المعاجم وحروف لا تتبدل حتى لو أتى عام 2080 ..!!
لم تعد وحدهما الدولتان الكبيرتان ( القطبان روسيا وأميركا ) هما اللتان تديران العالم وتغيّران من مجرى التاريخ بل دخل على الخط ( برميل النفط .. وبئر الغاز ) العربي , والإيراني –
تغيّر مجرى التاريخ والأحداث في منعطفات خطيرة نتيجة ( التزحلق) بالنفط والزيت , نتيجة السرعة وحفريات الطريق !؟
الأسباب والعوامل عديدة والطاقات تنوعت أيضاً ـ أصبحت لدينا ودخلت علينا عوامل وطاقات جديدة , فبدل التقدم واللحاق بحركة الأقمار الصناعية والمرّيخ واكتشاف المجهول في الأرض , وإكمال الرحلات إلى القطب الجنوبي والشمالي في نقلات نوعية للبشرية , نرى
الطاقة الشمسية , البترول , الرياح , المياه , الغاز , النفط , تذهب مجاناً أو إلى القواعد الثابتة والمتحركة والمستأجرة , والفنادق , إسرائيل , السلاح , الشركات , الأساطيل , ناقلات النفط , ناقلات الوقود , تشكيل المجموعات والمليشيات الجاهزة تحت الطلب , وتصوير المجازر , وحصاد الأطفال ..وفن سرقة حضارتنا ومتاحفنا ومدننا وأسماؤنا في لمحة بصر في معارك الجنون الأسدية !!
أصبح النفط يغيّر ويبدّل الطقس السياسي والطبيعي وألوان الثورات والمعارضات .. والشعارات !!
أصبح النفط ينتج مطر أسود وقنابل ومطربين وفنانين وإعلاميين وكتّاب وأفلام ومهرجانات , ينتج رياضة ورياضيون وثقافة وأقنية فضائية وتحليل وأجيال نفطية ( معجعجة ) –
يصنّع ويسوّق أنماط معيشة .. وأنماط أزياء وشوارع وظواهر جديدة للتبادل الثقافي والديني - المتطّوّر !
النفط النفط نعمة ونعمة ,, ونقمة ؟؟
نعمة لأناس , لقلة جهلة متخلفة مريضة نهمة جشعة فاسدة سارقة لاهية , ونقمة للملايين من الناس .. كانت وبالاً عليها تهجيراً وقتلاً واستغلالاً وخراباً واحتلالاّ وتخلّفاً وموتاً وفناء .. وخسارة
خسارة النور والكهرباء والإضاءة والتدفئة والطعام واللباس والعلم والعمل والوظائف والدواء والسكن والقرار الوطني والأرض .. وحق الحياة !؟
نعمة على الأسود المفترسة و الحكام الطغاة والحواشي والأقرباء .. وورثة الكراسي
ونقمة على الحرية والشباب والخبز والعمل والشعوب ومستقبلها ,
نعمة على العائلات المالكة الماكثة في مقصورات الذهب ووارثة العروش والتيجان وريش الطواويس , ومن يدور في الفلك النفطي والسلطوي والمالي والتجاري والبورصات ولغة الدولار والينّ واليورو والإسترليني ..
النفط .. يجهض الثورات , و يتلاعب بثورة شعبنا في سورية , يحاول أن يشوّهها ويحرفها عن مسارها الطبيعي ومكوناتها التحررية المنفتحة , وينصرالإنقلاب ومجموعات وقاعدة , يعيد القديم , يبعد الجديد , يخلق جديد برائحة النفط , ويبعد أناس ويقرّب أناس , هو الاّمر والناهي والمقرّر والمموّل ..
المال المال الجهل الجهل الفقر التخلف , والمال يدور ويدور حول الفقراء حول الضعفاء من كل طبقة ووظيفة وانتماء ..
هكذا تفرّغ المجتمعات وتخرّب
النفط يتكلم .. النفط يحكم .. النفط يصنّع
ويبيع ويشتري عبيد وسادة
وهو بالتالي أداة بيد الكبار بيد الإمبراطوريات الكبيرة مساحة وسلاحاً وتقدماً صناعياً وأجهزة ومافيات عريقة وووو...والذين يملكون كل شئ .. يسندون أنظمة ويبدلون أنظمة و يطيلون عمرها أو يقصروه .
المال كثير والدولارات أكثر براميل براميل بالملايين يومياً , على طول سواحلنا العربية والجيران يبيعون ويشترون الأنفس والنفوس والضمائر والأديان والأقلام والمواقف والأوطان .. يا حرام !!؟
فصندوق الدفع بالوكالة سيبقى مفتوحاً إلى إشعار اّخر .. بالملايين , وزعوا بالملايين ليس على تقليل عدد الفقراء وبناء الصناعة والأبحاث والمجتمعات الديمقراطية واللحاق بالزمن ,, بل لدعم الصلاة عن روح الذين ماتوا في الطرقات والمجالس النيابية والمقاهي الشعبية وكتبة الأحاجي وقتل النساء ,,
اغلقوا المقاهي إغلقوا المسارح ومحلاّت الباعة والسياحة والرقص والفن وموسيقى الشعوب ,,, تجلببوا تستروا نحن من بلاد الشمس والنفط والهواء الملوث بالزيت البحري تعوم بالقطران شواطئنا , وأفكار التشدّد والسلفية تحقن للشباب الناهض , والشوارع يؤطرها السواد والحداد .. والهجرات والتهجير والعنف والإرهاب والتكفير والتهميش !؟
ما أحزننا من قوم لا نعيش عصرنا ..!؟
لا نفرح ولا نفتح النوافذ للنور لنتمتع بالطقس والمناخ الربيعي المشمس المتجدّد أرضاً وفضاء وإبداعاً وعطاء الثورات ..يخاف مشايخنا علينا من رؤية النور نورالحرية لنعيش كالشعوب الأخرى على هذا الكوكب..
ما أفقرنا من شعوب
ما ابهجنا في الاستعراضات والتسوّق في " المولات العصرية "
أبراج وسيارات , وجزر أنس وملاهي , لكن , بشروط ممنوع الاختلاط الكاذب , ممنوع على اّدم وحواء الصداقة والحوار والحب على الرواق أوعلى الشرفات وفي الجامعة والصف والمكتب والعمل والحي ...
نحن شرقيون وشرقيات, ولا تنسوا نون النسوة المتمردة في كل المدن والساحات ...
***
من مفارقات الزمان و من جديد المتغيرات العالمية
أن الدولة الرأسمالية الكبرى الإمبراطورية البحرية العظمى ( أميركا ) أنقذتها من الإنهيار والسقوط دولارات النفط العربي ومدخرات الدولة السعودية وغيرها بالمليارات – وكذلك دولة إشتراكية سابقاً الغنية إنتاجاً ونمواً إقتصادياً ..هي دولة الصين الشعبية الدائنة لأمريكا بأكثر من 120 مليار دولار !!؟
هؤلاء الذين أنقذوا الدولة الكبرى الرأسمالية المفلسة التي نهبت العالم ودمرت بحروبها الإستعمارية بلداناً بكاملها مباشرة أو بواسطة عملائها هذه الدولة الطفيلية بهمجية الرأسمال العالمي ..التي لا تنتج بل تستهلك
وتفرض دولارها على العالم دون تغطية –
لقد سقطت الرأسمالية العالمية فعلياً ,,
وسقطت التحريفية السوفياتية - الروسية , والتحريفية الصينية على أعتاب الإنتفاضات والتمردات والثورات العالمية والعربية .
***
متغيرات عالمية جديدة غريبة عن إدراك العقل أليس كذلك
والسعودية تهدي أميركا مئات مئات المليارات هدايا إنقاذ الدولار فأين الغرابة ..!؟ " عش كثير بتسمع كثير " .
النفط يصنع أو يصنّع الأخبار والأحداث ويجهض ثورات ويلعب بالدماء
باسم الإخاء الكاذب , الجميع باع سوريا كما باعوا فلسطين وما زالوا .
مصالح مصالح .. دول كبرى ودول صغرى نفطية , عبارة عن صندوق تمويل لضرب وإجهاض وتجفيف وتشويه كل ما هو تقدمي وثوري ويساري وديمقراطي في المنطقة العربية والأقليمية والعالمية ..
وما على الشعوب إلا الإعتماد على قواها الذاتية والإعتماد على نفسها بإمكانياتها ومواردها الغنية المخبأة أو المسروقة , ترسم طريقها بالتحرر ونبذ التبعية والحفاظ على مصالحها الذاتية أولاً , والمعاملة بالمثل باحترام جميع الدول على قدم المساواة إذا صدقت معنا وعاملتنا كدولة مستقلة وشعب حر يطمح لبناء سورية الجديدة دون وصاية أو هيمنة ...
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟