أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم خطاوي - فوتغراف فؤاد الطائي مفردات عراقية تحاكي الذاكرة














المزيد.....

فوتغراف فؤاد الطائي مفردات عراقية تحاكي الذاكرة


نجم خطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3814 - 2012 / 8 / 9 - 23:18
المحور: الادب والفن
    


قريبا من اللوحة التي أسماها الفنان فؤاد الطائي (كزوة تصيد بلا عتاد) وقفت مستغرقا النظر مستجمعا بقايا الذاكرة وعائدا بها صوب سنوات الطفولة.
ها ... هل تذكرت المصيادة ؟؟
قريبا مني كان الفنان فؤاد الطائي يقف هو ايضا متطلعا لدهشتي وحيرتي في عدم فك رموز اللوحة.
كلماته الجميلة نزلت كالصاعقة على قميص ذاكرتي عائدة بي نحو سنوات الطفولة ولعب العكود وصيد العصافير والجزوات والبساتين, وكنا نعشق صنع الجزوات و(المصايد) في شوارع تزورها العصافير صباحا مساء, باحثين عن حجرات حصى صغيرة تصلح لوضعها عتادا في جلدة المصيادة.
لا أدري لماذا ألحت علي هذه الفكرة المقدمة وأنا أجول النظر سعيدا منتشيا وسط لوحات
الفوتغراف الثلاثين وسبعة والتي ضمها المعرض الحادي عشر للفنان فؤاد الطائي, والتي احتفت وتزينت بها قاعة كاظم حيدر للفنون التشكيلية في بناية المركز الثقافي العراقي في ستوكهولم .
هذا المعرض ستحفظه الذاكرة العراقية في بلدان المهجر كحدث ثقافي مهم له معانيه ودلالاته, من
حيث كونه باكورة نشاط وفعاليات المركز الثقافي العراقي في العاصمة السويدية ستوكهولم .
فؤاد الطائي في معرضه الفوتغراف هذا يضيف رونقا وجمالية ومتعة فنية وفنا شعبيا يطفح بالدلالات التراثية والثقافية والدينية, عبر التركيز على ما هو مبهر وجميل ومعبر في اللوحة الصورة والفوتغراف الرمزي الكثيف الايحاء والناطق بعمق وثراء.
المفردات هذه التي اضاءتها اللوحات تكاد لا تتعب المتطلع الزائر في فهم وإدراك جذور مكنوناتها ومنابعها الأولى واصولها البيئية الشعبية, فهي عراقية الموطن ومن أول نظرة كما يقولون, ومن وطن غني عن التعريف بعمق الموروث الديني والحضاري والشعبي, والذي نهل الفنان فؤاد الطائي من منابعه الصافية الوفيرة المليئة بالرموز المبهرة المكتظة بعمق الخزين الشعبي التراثي .
هي السماور الذي شربنا منه الشاي في أماسي السمر, وهي الأباريق الخضر التي زينت فضاء الحوش في بيوتنا القديمة, وهي الخلال الذهب الشهي الطعم بلونه الذهبي وحلاوته ومذاقه الشهي, وهي أدعية النساء والخرز والمسبحات والتعاويذ بألوانها واشكالها العجيبة, وهي المهفة والسعفة والمكنسة وبركات النخلة, وهي استكانات الشاي والمنقلة, والزلابية والرقي ونوى المشمش والزردة وحليب ونذور الملبس والواهلية, والخريط الأصفر, ذلك الذي يسيل اللعاب لمذاقه, والسسي, وحبة الخضرة... والكثير الذي نطقت به اللوحات .
في اللوحات التي اختيرت بذكاء وفطنة وقدرة فنية متمرسة على توظيف الفكرة واستجماع الأشكال الأنيقة التي بعثرتها ويلات المنفى, وعبر معنى جماليا يسعى مدركا لمشاكسة وعي وعاطفة المتلقي والعودة به صوب الجذور الأولى حيث أيام الطقولة والمراهقة ولعب العكود والحارات, وصوب تلك الاحلام الوكيحة االكبيرة.
في لوحات الفنان فؤاد الطائي قرأت الحزن والخوف بعيدا خلف الدواعي والأسباب التي دعته لاختيار لوحات الفوتغراف هذه, وعبر هذه المفردات المشحونة بالموروث الشعبي الوطني .
حزنه أتى من سنوات المهجر وأوجاعه, بعيدا عن عن تلك المنابع الأليفة التي تركها يوما في شوارع مدينته الحلة التي رأى النور فيها عام 1943, وعبر شوارع وأزقة مدينة بغداد وأزقتها وحاراتها الشعبية, تلك المدينة التي عمل فيها وعاش سنوات دراسته, وتخرج من اكاديمية الفنون فيها عام 1968 .
وحزنه هذا لم يدعه ينزوي جانبا تاركا ندوب الزمن واوجاعه تدمر ذاكرته وذاكرة أبناء جيله, بل تراه يكافح ليشحن الذاكرة موقدا مكامن الفكرة والحدس وترتيب ما تناثر من خرز المسبحة, مخدشا سطح الأمكنة الرتيبة وخفايا وطلاسم ذلك الزمن البهي .
ولعل خوفه من ذلك المجهول الذي ينتظر الذاكرة وهي تطحن ايام الخواء بعيدا عن تلك الفضاءات والأمكنة الحبيبة, حرضه ليعيدها الينا عبر لوحاته الفوتغراف هذه, وربما أراد التحدي لكل الذي يريد أن يمحي هذه الذاكرة ويطفئ جمراتها المتقدة .
في لوحاته يمنحنا الطائي فنا راقيا في مفردات شعبية أليفة, طارقا أجراس الذاكرة لتنبهنا من خطر عادة النسيان القبيحة, ولتقربنا من الوطن الذي تباعدنا وابعدنا عن مفرداته ويومياته .
هذه الرموز لا زالت رغم تقادم الزمن عالقة طرية في ذاكرة الفنان الطائي, حبيبة لأجواءه وأليفة حية في دواخله, ولعلها ستساعدنا على التزود بطاقة ازالة زنجار ايام المنافي والبعد عن الاماكن الأليفة, ولعلها أيضا ستخفف بعض الوجع والأنين الذي أطر القلوب .
فوتغراف فؤاد الطائي ......مفردات عراقية تحاكي الذاكرة .



#نجم_خطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم أعد أفتقدك كثيرا ....( أغنية من السويد )
- عزف كالفوضى
- كوت المتنبي
- المؤتمر التأسيسي لتجمع قوى وشخصيات التيار الديمقراطي العراقي ...
- معذور معذور
- وأخيرا نال الشاعر السويدي توماس ترانسترومر جائزة نوبل في الأ ...
- قصائد دافئة من بلاد الثلج
- الشيوعيون العراقيون....خطى واثقة صوب مؤتمر حزبهم الوطني التا ...
- نداء تضامن من أجل إطلاق سراح المعتقلين الشباب فورا
- الإنفاق العسكري وهدر أموال الشعوب
- الهموم التي وحدت الناس
- الجنرال
- الدروس التي لم يتعلمها الحكام .....!!!
- مطالب مشروعة لخريجي الجامعات والعاطلين عن العمل في محافظة وا ...
- وداعا سلام جليل إبراهيم (ملازم فائز).. وداعا أحمد غفور كريم ...
- الشعب والفرج
- العاطلون عن العمل ليسوا سلعة للمساومة
- تلاميذ سويديون صغار وقصائد كبيرة
- أربع قصائد خائفة
- 63 الرقم الذي لم تنسه ذاكرة العراقيين ,363 الرقم الذي سيصوت ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم خطاوي - فوتغراف فؤاد الطائي مفردات عراقية تحاكي الذاكرة