أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رفيق عبد الكريم الخطابي - يوسف يبيع الإلاه بقطعة لحم في رمضان














المزيد.....

يوسف يبيع الإلاه بقطعة لحم في رمضان


رفيق عبد الكريم الخطابي

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 01:26
المحور: كتابات ساخرة
    


تحذير هام :
هذه قصة واقعية للقراءة فقط بين آذان المغرب والفجر .
كانا صديقين بنفس الحي الشعبي وبنفس المدرسة الابتدائية التي أوت أبناء الكادحين ...افترقت بهم السبل لبعض الوقت إلى أن جمعتهم إحدى الغرف بالحي الجامعي لمدينة الدار البيضاء ...كان الأول ولنسمه حسن مناضلا في صفوف النقابة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب..فيما كان الثاني ولنسمه يوسف متذبذبا لا هو مع الفعل النضالي ولا هو ضده ...يصرخ دائما بالشعار والخطاب اللذين تود سماعهما منه لكنه لا يمارس إلا على أرضية مصالحه الشخصية الضيقة ، يوسف هذا شخصية غريبة جدا ، إن كان قاطنا في غرفة مع الظلاميين فهو مؤمن بالإسلام ومدافع عنه،غير أنه غير مؤدي لأركانه من صلاة وغيره لأنه غير مهيأ وغير مستقر نفسيا ، ذلك تبريره، وإن جاء سكنه مع القاعديين مثلا فهو مادي التحليل مازال مترددا في تبني الماركسية اللينينية ولا ضير عنده من إعلان إلحاده إن غلبته الحماسة لكنه يصوم رمضان تحت مبرر أن رمضان ليس طقسا دينيا ، بل هو عادة اجتماعية يجب الحفاظ عليها حتى من طرف الشيوعيين..ورغم كل هذه المواقف الحربائية المعروفة من الجميع إلا ان يوسف هذا كان محبوبا من الجميع ،وفي الكثير من الأحيان كان يوسف محط سخريتهم أيضا ، ربما تعاطفا مع فقره المدقع أو لاستسلامه لغيره دوما وانعدام موقف واضح في كل أمور حياته...دامت العشرة بين الصديقين على نفس المنوال كل واحد يعرف الآخر ويتعاملان على هذا الأساس ، إلى أن حل رمضان من تلك السنة ، كان الأول لا يمارس أ ي طقس ديني وبالتالي لم يكن يصوم رمضان ...فيما كان الثاني يصوم ولا يصلي ...إلا أن عدم توفر الأكل بالنهار فرض عليهما الجوع معا طيلة 15 يوما الأولى من رمضان ...إلى أن تعرف حسن على أحد الطلبة لم يكن بمقدوره الصيام لأنه مصاب بمرض السكري على ما أذكر ومنعه الأطباء من الصيام لذلك ، ويتوفر على شهادة طبية تثبت المرض لكي يخرجها إذا ضبطه حراس الله المتأسلمين اللذين كانوا يسيطرون على الموقع الجامعي آنذاك ...تعارف الصديقين الجديدين وتبين لحسن أن صديقه الجديد يعاني أكثر من الصائمين وأكثر من غير الصائمين بكثير ...فقد كان يجبر في كثير من الأحيان أن يتناول غذاءه في المرحاض وهو خائف أن يضبطه أحد الظلاميين وفي أحيان كثيرة كان يقطع مسافة طويلة مشيا على الأقدام حتى يجد مكانا خاليا لتناول غذائه وأدويته...لما تعارف الصديقين الجديدين حلت مشكلة عبد الله فقد أصبح بإمكانه تناول وجبة الغذاء بكل حرية وراحة بال داخل الغرفة التي يتواجد بها الجائعين دوما حسن ويوسف ..
مر اليوم الأول عاديا ..فقد جاء عبد الله إلى الغرفة على الساعة الثانية عشرة والنصف ووضع على المائدة قطعة لحم مشوي كبيرة ، وتفاحتين وموزة وبعض السلطات من الخضار ..تناول غذاءه فيما الآخرين نائمين أو يتظاهران بالنوم ويراقبان معا تلك الوجبة التي لم يشاهدا مثلها منذ زمن بعيد واللعاب يسيل من فميهما فوق سريريهما...خرج عبد الله وترك نصف غذاءه لحسن فوق المائدة لأنه يعلم أنه لا يمارس الصيام ...بمجرد خروجه استيقظ الجائعان معا وأخذا يراقبان بلهفة كبيرة الوجبة الدسمة...أخد حسن نصف قطعة اللحم وقضمها بسرعة فائقة مع نصف التفاحة وربع الموزة ونصف ما تبقى من الخضار ، ليبقى النصف لصديقه الصائم إلى حين حلول موعد الإفطار.
بعد تلك الوجبة الدسمة أشعل حسن سيجارته الرديئة جدا ،نوع كازا معروف لدى الطلبة المغاربة، وراح يدخن ويفكر فيما ينتظره من صراع ضد تجار الدين المتأسلمين ،و من مهام نضالية لتلك الليلة كما العادة ، حلقية النقاش والتنسيق مع باقي مناضلي الكليات الأخرى بالمدينة الجامعية...لم يكن يقطع حبل تفكيره سوى رؤية زميله يوسف يطوف حول مائدة الطعام وعيناه جاحظتان في قطعة اللحم المشوية ،لا يستطيع إخفاء لعابه..وما هي إلا لحظات حتى خرج يوسف بقراره التاريخي فصرخ مخاطبا صديقه: أنظر حسن سأقوم بأكل قطعة اللحم هذه ، وسوف أعيد صيام هذا اليوم فيما بعد ، إني لا أستطيع انتظار أدان المغرب.
وفعلا أتى يوسف في لحظات على كل الأكل وجلس بجانب صديقه يتبادلان النظرات قبل أن ينفجرا معا بالضحك...
مر الأسبوعان المتبقيان من الشهر الكريم ، مع أني لا اعرف شهرا بخيلا ، على هذا الحال ، ينتظران عبد الله في فراشهما حتى ينتهي من غذائه ، ويقومان بأكل ما تبقى ، باستثناء يوم الأحد وهو يوم عطلة ، حيث كانا يواجهان الجوع معا ، يجوع حسن ويصوم يوسف ، إلى حين أن يفتح المطعم الجامعي أبوابه عند الإفطار...
انتهت القصة وكل رمضان وحرية الاعتقاد بألف خير.
ملاحظة لا بد منها:
يوسف اليوم يعملل مستشارا تجاريا وعقاريا ، أي يقو م بأعمال السمسرة ومتابعة أعمال الضرائب والمحاسبة للبرجوازية ..إلخ , لا تفوته صلاة الجماعة بالمسجد ..وأظن أن المسجد يساعده في ربط الكثير من العلاقات العامة كما يسميها الانتهازيون وأسميها أنا علاقات النفاق الاجتماعي،هذه العلاقات الضرورية بالنسبة لطبيعة عمله,
أما حسن فهو الآن متزوج وله طفل ، لكنه يعاني بدوره معاناة شبيهة بمعاناة عبد الله ، حيث أنه لا يستطيع الأكل أمام أعضاء أسرته احتراما لجوعهم أو صيامهم ، برغم أنه لا يخفي عدم إيمانه بهذه المعتقدات الدينية ، وكذلك لأنه لا يريد ان يفرض على ابنه الصغير موقفا معينا دون اقتناع منه, لذلك تراه بعد عودته من العمل حريص على قضم أي ثمرة أو قطعة حلوى سريعا ودون أن ينتبه له أحدا.
وفي الأخير نعتذر من كل القراء الذين يجدون أنفسهم مشابهين لأحد شخصيات هذه القصة فهي وإن كانت واقعية فإن أي تشابه يعتبر مجرد صدفة، ثانيا نعتذر من كل قارئ يجد فيما كتب تطفلا على شكل أدبي راقي أي القصة من جانبنا، ونحن إذ نعلن أن هذه محاولة لنقل واقعة معينة لا ندعي أننا متمكنين ولو في الحدود الدنيا من تقنيات الأدب القصصي ،بل نحن متطفلون عليه هدفنا هو مضمون هذه القصة أو الحكاية ، ونعتذر إن كان الشكل رديئا ... تضامني مع الجائعين وتحياتي للمفطرين، وشهر مبارك للصائمين



#رفيق_عبد_الكريم_الخطابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى 25 لاغتيال الشهيد مهدي عامل...بعض من ملامح حضور فك ...
- للرفيق النمري كل أكاليل الورد الأحمر في عيد ميلاده
- • أفاق اليسار الثوري على ضوء الانتفاضات الشعبية الراهنة -الم ...
- انتفاضة 23 مارس 1965...الذكرى والعبر
- شهادة الشيوعيين : الواقع اصدق انباء من الكتب
- النمري ,,من الدعاية للشيوعية إلى الدعاية للأنظمة الملكية
- المناضل عز الدين الروسي ,,,عشق الحرية يكسر قضبان الزنزانة
- السيد رعد الحافظ وديالكتيك الدعاية
- استنهاض الجماهير شرط أساسي لنشوء حركة يسارية حقيقية
- كمال الحساني ومحمد بودروة: بين مفهوم الشهادة ...وجرائم الصحا ...
- الشهيد عبد اللطيف زروال ...القائد الشيوعي والمعلم الأبدي
- العدل و الاحسان ...بين الشعار الديني و العمالة للامريكي
- من اجل مقاطعة : الحج الى مكة وآل سعود في السلطة..كما نقاطع ا ...
- تأملات أخرى حول الأضحى أو حين يتساوى الإنسان و الكبش... من ق ...
- الحج إلى مكة حلال أم حرام ، بوجود آل سعود في السلطة؟! من وجه ...
- من تفجير مراكش...إلى اعتقال رشيد نيني هل هي تكتيكات جديدة لل ...
- هل هي حركة تصحيحية من داخل حركة 20 فبراير موقع الدار البيضاء ...
- ليبيا ..هل هي محاولة لفرملة الثورة و.د.ش. في المغرب والجزائر ...
- رشيد نيني...حين يصبح خادم الديكتاتور منظرا للثورة
- انهيار الديكتاتور...ومهام الثوريين ............ تحية لشعب تو ...


المزيد.....




- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رفيق عبد الكريم الخطابي - يوسف يبيع الإلاه بقطعة لحم في رمضان