أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسقيل قوجمان - الجالية اليهودية في العراق سابقا















المزيد.....

الجالية اليهودية في العراق سابقا


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1104 - 2005 / 2 / 9 - 10:29
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الجالية اليهودية في العراق سابقا
كتب لي قارئ سوري يقطن في كندا طالبا مني معلومات عن يهود العراق ومؤامرة تهجيرهم الى اسرائيل للاستفادة منها في بحث يقوم باعداده. وفيما يلي وصف سريع لاوضاع الجالية اليهودية في العراق في النصف الاول من القرن العشرين ارسلته له:
سكنت الجالية اليهودية في العراق منذ العصر البالبلي حين جاء بهم بختنصر كاسرى من الدولة اليهودية. فهم من اعرق الجاليات التي سكنت العراق. وبعد الفتح الاسلامي امتزج اليهود في العراق الاسلامي اندماجا كليا واصبحت لغتهم اليومية لهجة عربية قريبة من العربية الفصحى. لذلك فان الجالية اليهودية في العراق عريقة في عراقيتها لا تماثلها في ذلك اية جالية يهودية اخرى في اي بلد عربي اخر سوى ربما الجالية اليهودية في اليمن.
لست اناقش في هذا البحث تاريخ الجالية اليهودية في العراق وانما اود ان اتحدث عن الجالية في النصف الاول من القرن العشرين وهو العهد الذي عشته كفرد من افراد هذه الجالية.
في الحرب العالمية الاولى احتل الجيش الانجليزي العراق وارادت بريطانيا ان تجعل من العراق مستعمرة مباشرة شبيهة بالهند او حتى جزءا من الهند. ولكن الشعب العراقي ثار على الانجليز واجبر انجلترا على ان تمنح العراق استقلالا جزئيا وتحكمه عن طريق حكومة عراقية تخضع لسيطرتها.
في فترة الحكم البريطاني المباشر وفترة الحكم الوطني منذ سنة ١٩٢١ دعت الحاجة الى شباب يتقن شيئا من اللغة الانجليزية. ونظرا الى ان اليهود كانت لديهم مدرستان ثانويتان تدرس فيها اللغة الانجليزية منذ ١٨٧٠ هما مدرسة الاليانس الفرنسية الاتجاه ومدرسة شماش الانجليزية الاتجاه كان الشباب اليهودي اكثر الشباب ملاءمة لسد حاجة الدولة من الموظفين الذين يجيدون الانجليزية نظرا الى الاعمال فيها كانت تجري باللغة الانجليزية خصوصا في السكك الحديدية والبريد. فاحتلوا اكثر المناصب في السكك الحديدية ووزارة المالية ودائرة البريد وفي المصارف والمؤسسات التجارية.
ساهم اليهود ككل العراقيين في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية العراقية الثقافية والصحافية والفنية والادبية والتجارية. ولم يكن اليهودي العراقي يشعر بانه يختلف عن سائر العراقيين بسوى الدين. فكانت لليهود كنسهم كما كانت للمسلمين مساجدهم وللمسيحيين كنائسهم. وفيما عدا ذلك كان جميع العراقيين يشعرون بانهم عراقيون.
لم تكن لليهود العراقيين علاقة بالحركة الصهيونية التي نشأت في اوروبا. ولكن السلطات الانجليزية وبخضوع السلطة العراقية المدارة من قبل بريطانيا عمليا وافقت على منح شخص كان يسمى "الموري" اي المعلم وكان مديرا لمدرسة ابتدائية يهودية خاصة به تحمل نفس الاسم "مدرسة موري" ان يسفر عددا معينا من اليهود الى فلسطين كل سنة. فكان يسفر عددا من الطلاب المراهقين على هذا الاساس. هذا كل ما كنا نعلمه عن وجود حركة صهيونية في العراق.
في اوائل الثلاثينات بدأنا نشعر ببعض المضايقات على اليهود كيهود. فقد وجد اليهود صعوبات في التوظف في وظائف حكومية وقلص عدد الطلاب اليهود في الكليات فمثلا كان يقبل ٣ او ٤ يهود كل سنة في الكلية الطبية ومثلهم في كلية الصيدلة رغم ان عدد اليهود المتقدمين اكثر من ذلك بكثير ودرجاتهم اعلى من الكثير من الطلاب الاخرين المتقدمين لنفس الكليات.
منذ سنة ١٩٣٧ بدأنا نحن الطلاب نشعر بوجود دعاية نازية بين الطلاب والمدرسين في المدارس المتوسطة والثانوية. كان في بغداد ناد يسمى نادي غروبا على اسم السفير الالماني في العراق. كان هذا النادي يدفع لكل طالب ينتمي اليه ٢٥٠ فلسا في الشهر وكان هذا المبلغ يكفي الطالب للسينما وشراء السجاير وحتى لتناول بعض وجبات الطعام خلال الشهر كله. وكانت تدفع للمدرسين مبالغ تتناسب مع رواتبهم الشهرية لدى الانتماء لهذا النادي. وطبيعي ان التثقيف في هذا النادي كان تثقيفا نازيا ومعاد لليهود بصورة خاصة. وفي العطلة الصيفية لسنة ١٩٣٨ كان مهرجان رياضي في برلين اشترك فيه وفد عراقي يضم عددا من المدرسين والمثقفين والرياضيين العراقيين. وقد شعرنا بعد رجوع هذا الوفد بتأثير الاتجاه النازي عليهم. فاحيانا كان المدرس يلقي علينا محاضرة في صف به اغلبية يهودية موضوعه "كيفية ابادة اليهود في المانيا" بدون مراعاة لاحساسنا نحن اليهود الموجودين في الصف. وكان مدرس الفيزياء مثلا يلقي علينا محاضرة في قدرة الشعب الالماني على الاكتفاء الذاتي بزراعة البطاطا في بيوته اذا نشبت الحرب. ولم تكن هذه الثقافة عميقة في نفوس الطلاب. فلم نكن نشعر بيننا بالفرق بين الطالب اليهودي والطالب المسلم او المسيحي. كنا جميعا كاخوان لا فرق بيننا. كانت تحدث حالات قد تكون مضحكة. فقد يكون طالب غير يهودي ممسكا بأخيه الطالب اليهودي بيده اليسرى وبيده اليمنى قطعة طباشير يكتب فيها على الجدار "كافحوا الذباب اليهودي" بدون ان يشعر ان في هذا مساس بمشاعر صديقه اليهودي الذي يسير معه كأخيه.
استمرت هذه الدعاية النازية حتى سنة ١٩٤١ حين حدث انقلاب جاءت فيه حكومة اعلنت عداءها لبريطانيا فاقالت الحكومة القائمة والغت سلطة الوصي على العرش وعينت وصيا اخر بدلا منه واعلنت الحرب على بريطانيا ولكن حكومة نوري السعيد والجيش البريطاني هاجم هذه الحكومة وانتصر عليها واسقط حكومة رشيد عالي الكيلاني الذي هرب مع عدد من زملائه الى خارج العراق. ولكن الجيش الانجليزي توقف عن التقدم لعبور الجسر الذي يربط جانب الكرخ بجانب الرصافة فترك جانب الرصافة من بغداد بدون حكومة لمدة ٤٨ ساعة مما وفر لبعض المجرمين فرصة نهب وسلب المراكز والمساكن اليهودية في الاحياء الفقيرة من بغداد. وقد قتل في هذين اليومين عدد كبير من اليهود ونهبت بيوت واسواق كثيرة وحتى اغتصبت العديد من النساء والفتيات. هذا الحدث يسمى الفرهود في العراق. وقد دبره الجيش الانجليزي عن قصد وسبق اصرار لكي يدخل بغداد بعبور الجسر كمحرر وكمهدئ للاوضاع. هذا الحدث جعل بامكان اليهود المتعصبين ان يتحدثوا عن اضطهاد اليهود في العراق وكانه كان ظاهرة دائمة. نعم عانى اليهود في العراق بعض الاضطهاد في الثلاثينات كما اسلفت وكان اسوأ حادث عانوا منه هذا الفرهود. ولكن العائلات المسلمة بذلت كل الجهود في المحافظة على جيرانها واصدقائها. ان عدد العوائل التي حافظت على اليهود وآوتهم بعد سلب بيوتهم كان اكثر من عدد المجرمين الذين هاجموا اليهود.
كان لهذا الحادث تأثير كبير على الشباب اليهودي العراقي. وبعد ١٩٤١ اندفع الشباب اليهودي في العمل السياسي. كان في تلك الفترة حزب شيوعي في دور النشوء بقيادة ماركسي كبير اسمه الحزبي فهد. ونشأت كذلك حركة صهيونية سرية تهدف في الظاهر الى حماية اليهود من مثل احداث الفرهود. ولم يكن امام الشباب اليهودي سوى الانتماء الى احدى هاتين الحركتين لعدم وجود احزاب وحركات سياسية اخرى علنية او سرية. ولكن الاغلبية الساحقة من الشباب اليهودي اندفعت في اتجاه الحركة الشيوعية لانهم رأوا فيها خلاصا حقيقيا للشعب العراقي كله ولليهود كجزء منه.
وتطورت الامور بعد قرار الامم المتحدة بتقسيم فلسطين الى دولة عربية ودولة يهودية وحين نشأت دولة اسرائيل تنفيذا للقرار شعرنا بتفاقم الاضطهاد الموجه الى اليهود كما لو كان اليهود جزءا من اسرائيل او كلهم صهاينة. وقامت الحكومة في تلك الفترة باعدام مليونير يهودي كان صديقا شخصيا للامير عبد الاله الذي كان وصيا على عرش العراق وصادرت جميع املاكه بتهمة القيام بالاتصال باسرائيل. وفي ١٩٥٠ اتخذت الحكومة العراقية قرارا بالسماح لليهود بالتخلي عن جنسيتهم العراقية والسفر الى اسرائيل ومنحتهم مدة عدة شهور لاتخاذ قرارهم. ولم يعلن من اليهود قبولهم للقرار حتى قبل اسبوعين من انتهاء مدته سوى ١٥ الف يهودي ولكن التهديدات الحكومية وعمل المنظمات الصهيونية التي القت العديد من القنابل على النوادي والكنس اليهودية جعل اليهود يندفعون في قبول القرار.
كان تهجير اليهود العراقيين مؤامرة كبرى دبرها الصهيونيون والبريطانيون والعراقيون المؤتمرون باوامر بريطانيا وتلقى بعض حكام العراق اجورا كبيرة على عملهم هذا. كان تهجير يهود العراق الى اسرائيل تقوية كبرى لاسرائيل لان الشباب اليهود اناثا وذكورا اصبحوا فورا جنودا بموجب قانون التجنيد الاجباري المعمول به في اسرائيل. وكان تهجير اليهود خسارة كبيرة بالنسبة للشعب العراقي نظرا الى ان الجالية اليهودية كانت اكثر الجاليات التي هاجرت الى اسرائيل ثقافة.
ليس في نيتي في هذا المقال ان اصف حياة اليهود في اسرائيل بعد هجرتهم لان هذا موضوع اخر خارج عن موضوع مؤامرة التهجير. ولكن لا يمكن انهاء هذا المقال بدون الحديث عن مقاومة اليهود للحركة الصهيونية في العراق واصرارهم على التمييز بين يهوديتهم وبين الحركة الصهيونية باعتبارها حركة سياسية عنصرية.
كان موضوع معاملة اليهود موضوع خلاف اساسي بين فهد قائد الحزب الشيوعي العراقي وخالد بكداش قائد الحزب الشيوعي السوري منذ الثلاثينات. فقد سلك فهد تجاه يهود العراق كما سلك لينين تجاه يهود روسيا. اعتبر فهد يهود العراق طائفة مضاعفة الاستغلال، استغلالهم مثل سائر ابناء الشعب العراقي واستغلالهم كأقلية دينية. ولذلك اعتبر فهد ان اليهود اكثر من غيرهم استعدادا لتبني المبدأ الشيوعي في العراق. وهذا ما حصل فعلا اذ اندفعت اغلبية الشباب اليهودي عمالا ومثقفين الى الحزب الشيوعي. واورد على سبيل المثال اننا كنا سنة ١٩٤٩ في المنظمة الشيوعية في سجن نقرة السلمان اكثر من ٢٥٠ سجينا كانت نسبة اليهود فيهم اكثر من ٦٠%.
وفي سنة ١٩٤٥ انشأ اليهود بتوجيه الحزب الشيوعي وقائده فهد منظمة سياسية اسمها "عصبة مكافحة الصهيونية" كانت المنظمة السياسية العلنية الثورية الوحيدة التي اجيزت رسميا وكانت لها صحيفة يومية باسم العصبة صدر منها ٥٢ عددا اصبحت اكثر الصحف العراقية انتشارا في العراق. وكانت عصبة مكافحة الصهيونية منبرا حقيقيا لا لليهود فقط بل لجميع الشعب العراقي. كان لنشاط هذه العصبة واجتماعاتها الاسبوعية وجريدتها تأثير واسع النطاق على الحركة الوطنية والثورية في العراق. واصدرت العصبة كراسا باسم "عصبتنا" كتب اسم مؤلفه رئيس العصبة يوسف هارون زلخة ولكنه في الواقع من كتابات فهد المهمة حلل فيه الحركة الصهيونية العالمية تحليلا علميا يصلح للقراءة والاستفادة منه حتى اليوم. وكتب فهد العديد من مؤلفاته المهمة في افتتاحيات جريدة العصبة. وقد ازعج نشاط عصبة مكافحة الصهيونية الحكام العراقيين فقرروا اغلاقها وسجن العديد من قادتها.
في فترة تهجير اليهود الى اسرائيل كان على رأس الحزب الشيوعي قائد اسمه الحزبي باسم. كان على الحزب الشيوعي واجب هام هو ان يفضح مؤامرة التهجير والخدمة التي تؤديها لاسرائيل بزيادة سكانها من جهة وتزويدها بآلاف الشباب الذين يتحولون منذ اليوم الاول جنودا في اسرائيل. ولكن الحزب في تلك الفترة قصر في القيام بهذه المهمة ولم يبد مقاومة لسياسة التهجير او اذا ابدى شيئا من المعارضة فانها كانت مجرد مقاومة شكلية لا تتناسب مع المهمة التي كانت ملقاة على الحزب الشيوعي في هذه القضية.
كانت سياسة خالد بكداش تجاه اليهود معاكسة لسياسة فهد تماما. اعتبر خالد بكداش جميع يهود العالم خونة لا يمكن ان يكونوا شيوعيين ولذلك لم يقبل الحزب الشيوعي السوري اي يهودي في صفوفه. بل انه بالغ الى درجة اتهام كارل ماركس بانه هو الذي قرر هذا الموقف من يهود العالم وترجم مقالا كتبه ماركس عن القضية اليهودية قبل ان يصبح ماركسيا كبرهان على ذلك كان يدرس في صفوف الحزب الشيوعي السوري. لم اورد هذا لانتقاد الحزب الشيوعي السوري وانما اوردته لانه اثر على العديد من الكوادر الشيوعية العراقية حين كانوا لاجئين في سورية.
طالما كان فهد على رأس الحزب ثم على راس المنظمة السجنية في سجن الكوت سارت الامور بالصورة التي وضعها فهد تجاه اليهود. واستمرت هذه السياسة بعد اعدام فهد في شباط ١٩٤٩ في جيمع السجون السياسية واكبرها سجن نقرة السلمان في الصحراء قرب الحدود السعودية. استمرت هذه السياسة حتى المجزرتين اللتين اقترفتهما الحكومة العراقية في سجن بغداد السياسي وسجن الكوت السياسي. كان من نتائج المجزرتين عزل السجناء اليهود عن سائر السجناء السياسيين ونقلهم الى سجن نقرة السلمان حيث اصبح في الواقع سجنا لجميع السجناء اليهود على شتى صفاتهم السياسية فكان هناك الشيوعيون واليساريون والسجناء الذين انفصلوا في فترة ما عن المنظمة الشيوعية والصهاينة وحتى جميع السجناء العاديين غير السياسيين الموجودين في سجون العراق. ولم يكن في هذا السجن من غير اليهود سوى اربعة سجناء اعتبرتهم الحكومة اشد خطورة من غيرهم اذ كان بينهم باسم الذي كان سكرتيرا للحزب الشيوعي عدة سنوات عاشوا مع اليهود الشيوعيين. لم يكن في هذه الفترة موضوع معاملة اليهود الشيوعيين موضوعا واردا لعدم وجودهم ضمن جميع السجناء الشيوعيين في تلك الفترة.
في ١٩٥٥ نقلت الحكومة العديد من السجناء غير اليهود الى سجن نقرة السلمان الذي اصبح انذاك سجنين اذ انشأت الحكومة سجنا كبيرا يتسع لاكثر من الف سجين الى جانب القلعة التي كانت السجن السياسي منذ ١٩٤٩. فارسلوا عمال نفط البصرة المضربين الى سجن القلعة وارسلوا عددا كبيرا من السجناء القدماء الى السجن الكبير حيث كان اليهود.
في تلك الفترة بدأنا نحن السجناء اليهود الموجودين مع السجناء الشيوعيين غير اليهود نشعر بوجود بعض التمييز في معاملتنا. ولكن هذا التمييز كان طفيفا لم يظهر واضحا وجليا ولكنه كان مع ذلك محسوسا. وبعد تهجير اليهود الى اسرائيل لم يبق في الحزب خارج السجن اي عضو يهودي لذلك اصبحت معاملة الشيوعيين اليهود محصورة في السجن. بعد حرب ١٩٥٦ نقل جميع السجناء الى سجن بعقوبة الذي انشأته الولايات المتحدة بموجب مساعدات النقطة الرابعة للرئيس ترومان ليكون صالحا لتحطيم تنظيم السجناء الشيوعيين واخضاعهم كليا لرغبات الحكومة وقد نجحت الحكومة في تحقيق ذلك الى حد كبير. ثم نقلوا السجناء اليهود ايضا الى نفس السجن ووضعوهم في غرف انفرادية مغلقة طوال الليل والنهار معزولين عن السجناء غير اليهود. بقي هذا الوضع حتى ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ . بعد الثورة فتحت ابواب السجن واجتمعنا مرة اخرى مع رفاقنا السجناء غير اليهود. في هذه الفترة شعرنا بالتمييز بابشع صوره. ففي البرقية التي ارسلها السجناء الى حكومة الثورة تأييدا لها حذفت تواقيع السجناء اليهود رغم ان تواقيع السجناء الشيوعيين الذين وقفوا الى جانب الشرطة في تعذيب رفاقهم ابقيت ولم تحذف. وشعرنا ان بعض السجناء الذين قضينا معهم سنوات طويلة يتحاشون الحديث معنا او تناول الطعام في فرق الطعام التي كانت عادة تنظم بفرق من ستة اشخاص يأكلون معا اذا كان بينهم يهودي واحد. وحين اطلق سراح مجموعة من اليهود بعد الثورة نصحتهم القيادة السجنية بعدم مقاومة التهجير الى اسرائيل لعدم احراج حكومة الثورة.
لم يبق من الشيوعيين اليهود او المحسوبين على الشيوعية بعد ذلك سوى ثلاث سجينات واربع سجناء. وفي يوم من الايام جاءت بعض اهالينا للمواجهة فاخبرونا بان السجينات اليهوديات الثلاث قد اعلن اسلامهن فأصبحن مسلمات. واخبرونا بأننا يجب ان نفعل نفس الشيء. وفي نفس اليوم فوجئنا بمجيء عضو في المكتب السياسي للحزب لزيارتنا. وظهر انه جاء في الواقع لاقناع اليهود باعلان اسلامهم. اجتمع عضو المكتب السياسي مع ثلاثة من السجناء اذ ان السجين الرابع لم يوافق حتى على بحث الموضوع لانه اعتبر اعتناق دين جديد نبذا للشيوعية وانحرافا عن الماركسية. ووافق السجناء الثلاثة مبدئيا على اعلان اسلامهم ظنا منهم ان ذلك كان شرطا لبقائهم في العراق وعدم تهجيرهم الى اسرائيل. ولكن حين اطلق سراح اثنين من السجناء المتبقين احدهم هو السجين الذي لم يوافق على اعتناق الاسلام وحين لم يكن الاسلام شرطا لاطلاق سراحه وابقائه في العراق واعادة الجنسية العراقية اليه التي كانت قد سلبت من السجناء اليهود بدون علمهم تراجع الاثنان الباقيان عن قرارهما ولم يعلنا اسلامهما وهكذا لم يسلم من السجناء الذكور سوى سجين واحد. ولكن السجناء الثلاثة الذين بقوا يهودا لم يقبلوا في الحزب بعد الثورة.
ارجو ان اكون قدمت لك صورة واضحة عن حياة الجالية اليهودية في العراق قبل تهجيرها الى اسرئيل وعن مساهمة الشباب اليهودي في الحركة الشيوعية العراقية وفي مكافحة الصهيونية قد تقدم لك بعض الفائدة في البحث الذي تقوم في اعداده واذا كانت لديك اسئلة او استفسارات حول الموضوع فانا اكون سعيدا في الاجابة عليها اذا توفر لي من المعلومات ما يؤهلني للاجابة عليها.
حسقيل قوجمان



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كتاب ستالين حول المسائل الاقتصادية للاشتراكية
- حول موقف الاتحاد السوفييتي من قرار تقسيم فلسطين
- هل اسرائيل ديمقراطية؟
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
- جواب الى الاخ خالد بهلوي
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراسية
- داوود الصائغ ودوره في الحركة الشيوعية العراقية
- كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - الحلقة الثان ...
- الحياة الثقافية في سجون العراق
- الى الاخوة في اتحاد الجمعيات المندائية
- الطبقة ام الحزب؟
- كتاب ستالين عن المسائل الاقتصادية - الحلقة الاولى*
- حول مجزرة بشتآشان
- المفمهوم الحقيقي للمقام العراقي
- هل الحرب الاهلية محتملة بعد الانتخابات؟
- أسئلة الى عبدالله ابو عوف
- جواب على رسالة
- اجتماع المبادرة
- حرية المرأة
- التاريخ الحقيقي لانهيار الاتحاد السوفييتي


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسقيل قوجمان - الجالية اليهودية في العراق سابقا