أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نرين طلعت حاج محمود - الأنا العليا و سحق الإنسان














المزيد.....

الأنا العليا و سحق الإنسان


نرين طلعت حاج محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1103 - 2005 / 2 / 8 - 11:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثمة مخلوق صغير لا شكل محدد له, لم يعرف يوما كم يبلغ حجمه و لا كيف يبدو شكله و لا اختبر يوما مشاعره الأعمق و أحاسيسه أو تعرف إلى رائحته, ينتابه أحيانا شعور غامض بماهيته بأناه الفردية الخاصة المعبرة عن رغباته و تصوراته لكن سرعان ما يتلاشى هذا الشعور الغامض تلاشي الدخان أما م مخلوق آخر ضخم صلب حجري قوي.
تدور السنين و مئات السنين و آلاف السنين, تتناسل أجيال بعد أجيال في هذا الشرق و هذا الكائن الصغير ما يزال صغيرا ضعيفا عاجزا عن أي إبداع أو مبادرة فردية لأن الإبداع يحتاج إلى إدراك الذات يحتاج للاستكشاف و لا يمكن لاستكشاف أن يتم بعتمة الخوف من الكائن الحجري الضخم.
قبل أن يصبح الطغيان طغيان فئة على فئات أو ديانة على أديان أو عائلة على قبيلة هناك طغيان أعمق داخل كل انسان طغيان الكائن الحجري الضخم أو الأنا العليا بالمفهوم النفسي على الأنا الفردية التي تعبر عن الإحساس الشخصي و الحدس و الرغبات الخاصة.
الأنا العليا هي هذا الجدار الهائل الضخم من العيوب و المقدسات و المحرمات , هي الآخرين الذين كانوا منذ ألاف السنين و هي الألوف الموجودة الآن، هم بمفاهيمهم المتوارثة حول المفسدات و العيوب و في مركز الأنا العليا يقيم رب قاهر متسلط مستبد ينزل بالفرد أقصى العقوبات على أتفه الأخطاء و الهفوات و لا يقبل من الإنسان أن يقوم بأي عمل إلا بالطريقة التي يحددها له فحتى تنظيف الأسنان في رمضان لا يمكن أن يتم بإحساس و إدراك شخصي إنما لا بد من استشارته و فعل ذلك بتوجيهه فقط حتى يمكن القيام به دون شعور بالذنب ، حيث لا مكان هنا أبدا للأنا الفردية, للإدراك العقلي, للوجدان الشخصي, للضمير الذاتي أن يفكر قليلا بهذه المسألة التافهة و يقررها بل إن مثل ذلك يقود الفرد للشعور بالذنب الفادح و الخطيئة العظيمة.
و إلى جانب هذا الرب هناك كم هائل من المحرمات و العيوب التي تحاصر الطفل منذ سنوات طفولته المبكرة و قبل أن يدرك الطفل طفولته أو يدرك معنى شيء من تصرفاته حتى تثقله بمشاعر التأثيم و الشعور باقتراف الخطيئة دون أن يفهم لما هي خطيئة، حتى ابسط تصرف يرتكبه كلمس عضو معين في جسده يستحق عليه التأنيب و الاتهام بالقذارة و الرذيلة و القبح و تحت طائلة الحرمان العاطفي و التهديد بفقدان الأمان الذي تمثله العلاقة الجيدة مع الكبار في أسرته.
و بجهود متواصلة ما بين عالم المحرمات الهائل و العيوب و ربطها بالمقدسات تُسحق الأنا الفردية تماما يوما بعد يوم و يصبح كل ما يأتي منها مرتبط بالخطيئة و يصبح الإنسان مجرد كائن عضوي عاجز عن تحقيق إبداعه الشخصي أو اكتشاف نفسه و الإحساس بها, لا يجرؤ على النظر من خلال عينيه, لا يجرؤ على إدراك نفسه و يفقد ملكة الحدس العميقة بل لا يجرؤ على التفكير بشكل عقلاني حر لأن هذا المنطق يخالف الأنا العليا ذاك الكائن الحجري العملاق الذي يدفن كل يوم ملايين من أطفال الشرق تحت حجارته و يدفع ثقافات و شعوب بأكملها للذهاب معصوبة العينين باتجاه الوأد و الانتحار الجماعيين.



#نرين_طلعت_حاج_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تُشوّهوا أطفالكم
- العجوز و الياسمين
- حيث الاختلاف خلاف
- الحب بين رجل و حشد من نساء
- ما بين الايمان و العقد بون شاسع
- حكاية عن بَاتر
- المشعوذون و الفضائيات
- أساطير النارتيين
- من حضر القسمة فليقتسم
- المرأة و الإحساس بالحياة
- عشرون صالحا يشفعون لمدينة اشرار
- مكابرون حتى الرمق الأخير
- المرأة و وجدانية الرجال
- الكرسي و الطاولة
- الموؤدات
- حبة شعير
- حجز العقول
- مسؤولية المؤسسة الدينية عن الأخلاق العامة في المجتمعات الإسل ...
- المرأة في عرف المجتمع
- شلة حسب الله و الهوية الجديدة


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نرين طلعت حاج محمود - الأنا العليا و سحق الإنسان