أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نرين طلعت حاج محمود - الموؤدات















المزيد.....

الموؤدات


نرين طلعت حاج محمود

الحوار المتمدن-العدد: 727 - 2004 / 1 / 28 - 06:29
المحور: الادب والفن
    


هذه ليست قصة غريبة و فوق عادية , لا أبدا إنها قصة عادية جدا في مضمونها  فلا جديد تحت الشمس و لكن كتابتي لها ستجعلها شيئا جديدا ستجعلها قصة كنز غير عادي و هو حقا  غير عادي لأنه كنز اكتشاف لا كنز امتلاك.
هذا الكنز لا يفتح بابه  إذا كررنا عبارة افتح يا سمسم او أي عبارة فارغة أخرى ,انه يفتح بابه بمفرده حين يحس انه راغب بذلك و من يفتحه عنوة فلن يعرف شيئا عن ثراءه و لن يستمتع بكشفه ,و لكن لو أردتم التوصل لطريقة تجعله يفتح بابه لكم فعليكم بكل بساطة ان تكونوا طبيعيين, أي ان تكونوا انتم كما خلقكم الله و لا تفسدوا فطرتكم بالأفكار المجردة و الكلمات المنتفخة و المدعية .
ُيحكى انه في زمن من الأزمان في بقعة من الأرض الواسعة الأصيلة,و هي اشد أصالة من الإنسان بالتأكد لأن الله  خلقها قبل ان يخلق الإنسان.
في تلك الأرض كان ثمة كنز عظيم أحيط بالأشواك المرتفعة و الجدران السميكة و غطي بأغصان النخيل اليابسة و نسجت العناكب حوله غزلها و سفت الريح عليه رمالها و أتربتها و تراكمت عليه الأوساخ فليس ثمة من يعتقد ان كنزا يقبع تحت هذا الركام و لتتخيلوا كم كان ليبدوا هذا المكان جميلا لو كشف عن هذا الكنز و منح حقه من الشمس و الهواء.
و رغم كل هذا الركام الذي يخبيء الكنز كان حراس غلاظ  بكلاب و كائنات وحشية يحرسون المكان كي يمنعوا احد من التسلل إليه و لم يكن أولئك الحراس يحرسون بملل كي يتقاضوا أجورهم طبعا لا  فهذه قصة غير عادية و حتى الحراس فيها غير عاديين لقد كانوا يحرسون دون ان يدفع احد لهم أجرا على ذلك, و كانوا يحرسون بكل أمانة و بدافع قوي و رغبة عارمة تدفعهم للقبض على كل من يتجرأ على مسِّ الكنز  و كانوا يقضون أوقاتهم يدغدغهم حلم القبض على السارق, و لكن من يكون السارق هل عرفتم ؟ انه شخص واحد ,واحد فقط المتهم بمحاولة سرقة الكنز , انه صاحبه, نعم صاحبه هل يبدوا هذا غريبا عليكم,حسنا فهل علمتم من يكون صاحبه , ان صاحب الكنز و المتهم الوحيد بمحاولة سرقته هي الحرمة , نعم الحرمة هي صاحبة الكنز و قد ورثته عن أمها التي ورثته عن جدتها و لكن أحدا لن يسمح لها ان تتصرف بما تملك, ستقولون هل هذا ممكن و لكن الحق بيِّن و الباطل بيِّن, من يمنع احد من التصرف  بما يملك و من يستطيع تقرير ذلك  أقول لكم يقرره القانون ألا تحترمون القانون انه هو من يمنع ذلك و لكن الحق و الملكية واضحة هنا؟ نعم الحق الطبيعي واضح وضوح الشمس و لكن من  يهتم بالحق الطبيعي ,نحن جميعا نحيا ضد الطبيعة و عكس القانون الطبيعي و الحق الوحيد الذي نتبعه هو الحق المكتوب على ورق و ما القانون أليس ورقا و كلمات و لا علاقة لها بالحق الطبيعي و لذلك الجيمع يعيشون بائسين لأنهم لا يعيشون طبيعتهم بل يعيشون ما يمليه عليهم الورق.
تطوف الكائنات العدوانية حول الركام ,تحرسه تتشمم دروبه ترقب مدخله ,طبعا ستعتقدون ان هذه الوحوش لا تنام إنكم لستم واقعين فحتى الوحوش تنام و لكنها تنام لوقت قصير فقط لان اليقظة و النوم من سمات الحياة,و الحياة  تبدل الأدوار و المواقف بينهما ,تأخذ من هذا و تعطي لذاك و الوحوش تنام نوم الكائنات و تتبادل الأدوار و الرؤى فتحرس المكان في يقظتها و هي تسميه ركاما  حقيرا و في نومها يصير كنزا هائلا  تحلم باقتحامه و تمُّلك كل ما فيه و تستيقظ على رغبة  قوية بحراسة الركام و احتقار الركام.
أرأيتم كيف يتكامل النوم و اليقظة في الحياة ,اخطأ من اعتقد ان النوم ليس من الحياة.
في نوم الوحوش كان الوحش النهم ذي العينين الجاحظتين و الشفاه الكبيرة يطوف مابين الصحو و اليقظة  و تراءى له بعض ما يراه النائم او اعتقد بأنه يرى حقا في الطريق المؤدي لمدخل الكنز الحرمة و هي  تمشي كأنها تتهادى فوق ماء صافية , مرت أمامه و أرديتها التي تغطيها و تغلفها تماما تتهادى معها ,فهاهنا حيث يتحرك الرداء الواسع عند منتصف جسدها فهذا هو  الخصر و إلى الأسفل حيث تمد خطوها  للأمام  يتهدل الرداء فوق الفخذ و ينثني عند الركبة فهاهنا الفخذ و هاهنا حيث الانثناء  توجد الركبة  ,و لجت الحرمة إلى مدخل الركام , أي ركام من عنبر صار هذا الركام, لحق بها على درب البوابة فانبعثت أشعة من نور غامر أضاءت في عالمه أحلام التفاح و الرمان و مياه رقراقة  و طيور مغردة و بستان حلوى و أطعمة شتى,  سعى وراءها آملا ان يأكل من فتات موائدها, و كاد يخطو إلى الكنز حين فتح عينيه على ظلام دامس و طريق خاوي نهض و ركض في كل اتجاه ليس من شعاع نور و لكنه لا يريد ان يصدق أنها كانت رؤى تشمم الأرض بحث عن أثر خطوها فطن أنها كانت تتهادى على ماء صافية و الماء لا يحفظ للخطو  أثر .
ما أسوء العيش بين الوحوش ,عليك ان تكون متحفزا في كل لحظة لرد أذيتهم عنك ,متعب ان تكون وحشا طوال الوقت.
و ان تعتقد ان بإمكانك  حفظ إنسانيتك و أنت تحيا بين الوحوش فهذا كلام حالم ,لن يتركوك لنفسك سيشوهونك و يجعلوا منك وحشا و ستقتُلْ كي لا تُقتَلْ و سَتكذب كي لا تُخدع و لن تبقى إنسانا.
الذين حفظوا إنسانيتهم بين الوحوش كانت حياتهم قصيرة و ذهبوا منذ أمد بعيد.
اهرب من وجههم و لكن إياك ان توقظ وحشيتك بين الآدميين ستكون مجرما لأنك تدفع الجميع ان يصيروا وحوشا.
و الوحوش بائسة تحيا في هذا الظلام و لا تستطيع ان تغير سلوكها الغبي في حراسة الركام تتصارع يعض بعضها بعضا تتضارب تنهش لحم بعضها مشدودة لحراسة الركام  و لا تعرف ما معنى ان تقوم بهذا العمل الحقير الذي يجلب الظلام
اقبل السيد بخاتمه و صولجانه ,شارة الشرف مطرزة على كتفه الأيمن و شارة العفاف على كتفه الأيسر.
تبادل النظرات مع الوحوش بادروه السلام نظر في عيونهم لمس إقرارا بملكه اطمأن,مرَّ أمامهم و هو يضرب بقدميه على الأرض بقوة تلحق به الحرمة و ما ان صار داخل الكنز حتى بدأ يعدُّ الأشجار شجرة شجرة.
جرَّ الحرمة من شعرها هددها ان يدق عنقها ان لمست الكنز وافقته جعلها تكرر خلفه عبارة هذا الكنز ليس لي انه لك أنت  تسود علي و من حقك التصرف به كما تشاء انه لك , عدَّ الأشجار ثانية و ثالثة ثم عدَّ التفاحات تفاحة تفاحه و هددها ثم عدَّ ثمار الكرز ثمرة ثمرة و هددها عدَّ حتى ذرات التراب و عرف ان كل شيء في مكانه و لم يطمئن بعد,لماذا لا تطمئن نفسك , لأنك تعلم في أعماقك ان الكنز ليس لك لقد سطوت عليه,ماذا لو فكر أصحابه باسترجاعه, يجن جنونك تقسم الحرمة ان الكنز لك.
كم صعب ان نحاول الاحتفاظ بما  ليس لنا ,و كم خطر ان نتحدى الأشرار و نطالبهم بملكنا الذي ورثناه عن أهلنا و مهين ان نسكت عنه.
يخرج السيد ظافرا منتصرا تلحق الحرمة بأذياله .
سِحْرُ الشرق ,
كيف تبدوا لكم هذه العبارة ؟ ان أُخِذتُم بها فانتم غرباء لان أهل البلد يعرفون أنها عبارة واهمة لا تعني شيئا.
إنها عبارة معلقة في فراغ لا شيء تحتها و لاشيء فوقها.
الليل سحر و حلم لا ينتهيان, الليل حب و الليل هو البدء و هو كان  قبل ان تصير السماء سماء و قبل أن تأخذ مكانها الأشياء, و الليل بيادر  حنطة, و الليل أزهار بألوان شتى .....
كيف تبدو لكم هذه العبارات؟
إنها هراء , الليل في بلادنا عفريت أسود يكره العاشقين و يطارد المحبين, في يده عصا من الأشواك, تفرقوا أيها المحبين العفريت الأسود يجوب الطرقات الخاوية في عينيه الشرار, اختبئوا  في الكهوف لوذوا بمكان آمن و اصبروا ألف دهر حتى يطلع عندنا النهار.
تأتي الحرمة متسللة إلى دروب كنزها برغم عفريت الموت الأسود تلج كنزها و لكن خطر جدا ان نطالب بملكنا  عودي أيتها المرأة عودي حُرمة و اتشحي بالسواد,لوذي بكهف صغير كي أغمض عيني كي أنام  مطمئنة في كهفي ,عودي  كي لا يقتلوك.
تنزلق المرأة على ساقية الذهب,
ما دمت صرت امرأة فأبصري كنزك و اعرفيه.
تتهادى المرأة في دروب من لآلىء و من كروم, تنزلق على مرايا من ياسمين,و على ضفة البحيرة حيث مراتع الدفء حطت طيور الشمال أحمالها و إوزة بيضاء مدت رأسها و صفقت بجناحيها و نادت الطبيعة ان تأتي بالحياة ,و أجابت الطبيعة و أتت بالحياة, فرقصت أزواج البجع على بحيرات من رخام حركت المرأة جناحيها فطارت و طارت و حلقت في الأعالي, إلى أين تمضين؟ إلى سبع سماوات طباقا تريد ان تبلغ عروش السماء ترتفع إلى الغمام و إلى ما فوق الغمام و تمر بالسماوات السبع,طارت ألف عام كي تصل لعرش السماء كي تخاطب الجالس على عرش السماء سجدت عند قدميه قبلت العرش و بكت و سألت لماذا خلقت لي ساقين و لماذا خلقت لي جناحين إن أردت أن أزحف مع الزاحفين و ردت السماء و رددت كل ملائكة السماء قدر ذو الساقين أن يمشي و قدر ذات الجناحين أن تطير,قبلت عرش السماء فرحا و بكاءا, وطارت و هي تنشد قدر ذات الجناحين أن تطير و حلقت في السماء و مرت الأشجار و المروج و البساتين تحتها و تراكض الغمام و التحمت بأسراب اللقالق في دورانها و نزلت إلى مراتع الدفء آمنة تردد قدر ذات الجناحين ان تطير.
أضاء الركام نورا أيقظ المتوحشين , جلبة و فوضى و وعيد و تهديد ,كُسِّرتِ الأشجار و تناثر التفاح في كل مكان و تفرط الرُّمان ,جرَّ السيد المرأة من شعرها و خلفه الوحوش النهمة امسكوها من كل طرف ,من ساقيها من يديها من ظهرها وضع السيد رأسها على الأرض رفع السيف الصارم و هوى.
ليل دامس و ظلام ,ما من احد . 



#نرين_طلعت_حاج_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبة شعير
- حجز العقول
- مسؤولية المؤسسة الدينية عن الأخلاق العامة في المجتمعات الإسل ...
- المرأة في عرف المجتمع
- شلة حسب الله و الهوية الجديدة
- حرب الشيشان حرب تحرير وطني و ليست حربا دينية
- أخلاق الرعيان ...إلى متى ؟


المزيد.....




- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نرين طلعت حاج محمود - الموؤدات