أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - نرين طلعت حاج محمود - أخلاق الرعيان ...إلى متى ؟














المزيد.....

أخلاق الرعيان ...إلى متى ؟


نرين طلعت حاج محمود

الحوار المتمدن-العدد: 646 - 2003 / 11 / 8 - 02:21
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


    حول إحدى الساحات العامة في مدينتي و هي مدينة من مدن العالم العربي و الإسلامي  تمتد منبسطات خضراء جميلة يلجأ إليها سكان المدينة صيفا هربا من الحرارة  محولين إياها  لمنتزه عام و خصوصا يوم الجمعة و عليه فان عملا شاقا دؤوبا  ينتظر عمال البلدية صباح السبت و هم يقضون ساعات طويلة في تنظيف الأعشاب من القمامة -  بقايا الأطعمة و العلب الفارغة و كل ما يخطر على البال - و كأن جنا و ليس إنسا مرت بالمكان ناقلة إليه كل فضلات بيوتها لرميها حول اللافتات الموزعة في المكان و الداعية للحفاظ على النظافة و المصممة بعبارات تستنهض الإحساس بالمسؤولية  بطريقة الاستجداء و التعطف او  بتأنيب  ضمائر الناس للحفاظ على نظافة هذه المنبسطات الخضراء و لما لم  يجدي كل ذلك نفعا كان ان فرزت البلدية عددا من  عمال النظافة للمرور  يوم الجمعة على الناس المفترشين للعشب و توزيع أكياس القمامة عليهم و الطلب إليهم جمع قمامتهم بها و تركها في المكان ليتولى أمرها بعد ذلك عمال البلدية و لكن النتيجة كانت ان احتفظ الناس بأكياس القمامة الموزعة عليهم لاستخدامها على ما يبدو في أمور أخرى و تركوا  قمامتهم و فضلاتهم  بين الأعشاب  و مضوا , فهل يجب فرز شرطي  لكل مواطن لمخالفته عند رميه الأوساخ ,و ما أكثر التفسيرات التي تتناول هذا السلوك العجيب و بعضهم يفسر ذلك بالعلاقة غير السوية بين هذه الشعوب و حكوماتها مما يولد سلوك عدائي و لا مبالي تجاه الممتلكات العامة و لكنهم لا يفسرون  لماذا تتحول حدائق البيوت الأرضية التي  تطل عليها شرفات الجيران إلى مجمع للقمامة إذا أهملت يوما واحدا  , و كذلك   الشوارع و مداخل الأبنية  الذين  ليسوا ملكا للحكومة  إنما هم ملك مشترك لكل الساكنين , ان هذا السلوك يتعلق  بكل ما لا يملكه الفرد ملكية شخصية يضمنها سند تمليك و كل ما عدا ذلك هو عرضة لهذا السلوك المشين الذي يحمل معنى محدد  مفاده نحن  ندخل الأماكن النظيفة لنستمتع بها ثم نرمي بها قذارتنا و نتركها ليأتي غيرنا  لينظف قذارتنا نحن.
إنَّ  هذا المجتمع الذي يمارس هذا السلوك هو المجتمع الذي يدَّعي الوطنية و القومية عند كل حدث خارجي و يعبر عنه بتحدي الآخر و تحقيره و هذه مشاعر عصبية و نزق جاهلي و لا علاقة لها بالشعور القومي لأنها تتعلق بالوطن كرمز مجرد مفرغ من أي معنى محسوس او معاش أو حياتي فالوطن  رمز  يتم  التغني  به و تمجيده و لا يُحس  إلا   في  تحدي الآخر عند   الشعور  بتفوقه ,   و لكن  أليس  الشارع و الحديقة العامة و بيت الجيران  من الوطن  حتى نرمي قذارتنا عليهم  ؟
لقد عاشت الكثير من الشعوب الحديثة في فترة من تاريخها مرحلة البداوة و الترحال   كالشعوب الآرية  قبل تحركها  إلى مراكز الحضارات   حيث المستقرات الزراعية  في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد و الشعوب  السامية  قبل تحركهم في نفس الفترة الزمنية  و المغول قبل تحركهم  في العصور الميلادية و التتار في القرن الحادي عشر  كما عاشت تلك المرحلة القبائل العربية قبل تحركها باتجاه المراكز الحضارية و المستقرات الزراعية في القرن الثامن الميلادي ,و لقد تميزت كل تلك الثقافات الرعوية قبل استقرارها بالأرض و تعايشها مع الشعوب الزراعية تميزت ثقافاتها بسمات متشابهة تطغى عليها عناصر الذكورة و تغيب فيها عنا صر الأنوثة ,لان الاستقرار بالمكان و تكوين علاقة معه هو سمة أنثوية و قد ظهرت واضحة في ثقافات المستقرات الزراعية الأولى في تاريخ البشرية مع شعوب ما يسمى رواد البحر المتوسط و  هذا المكان - الأرض في الثقافة الزراعية  هي مصدر الحياة  لاعتمادها على الزراعة المستقرة و لهذا كانت العناية بالمكان هي عناية بالحياة بينما في ثقافة الترحال البدوية الذكورية لا قيمة للمكان إلا قبل استنفاذ خيراته  قبل الرعي و يصبح لا شيء بعد استهلاكه ,و شعوب عديدة عبر التاريخ انتقلت من الحياة البدوية إلى الحياة الزراعية و تفاعلت ثقافاتها مع ثقافة الشعوب الزراعية و أخذت منها و بالتالي تطورت ثقافتها مع تغير أسلوب معيشتها  و مع الأسف ان شعوبنا العربية الإسلامية و رغم استقرارها في الأرض منذ ألف عام  إلا  انَّ ثقافتها لم تتطور  بالتوازي مع تطور أساليب معيشتها  بالانتقال لحياة الاستقرار  ِلعلَّة في هذه الثقافة تمنع تطورها , فما تزال مفاهيمها الاجتماعية تنهل من ارث بدوي ذكوري على كل الأصعدة من العلاقة مع المكان إلى المرأة و إلى  كل المفاهيم التربوية التملكية و العلاقات العائلية و تحيا بازدواجية ما بين الواقع المُعاش المحسوس و الثقافة المصابة بالجمود على كل المستويات بدءا من اللغة و حتى العلاقات العائلية و مفهوم الحب و العلاقة مع الخالق , و تصير القومية رمز يتم استحضاره فقط لمعاداة الآخر و يصير الوطن رمز مقطوع عن أي واقع محسوس و يعادى كل وطن سواه رغم استمرار رجال هذا الوطن بالتبول على شوارعه .
ان كل محاولات نشر الوعي  البيئي لن تجدي نفعا ما لم تقترن بالعمل على تطوير هذه الثقافة و نقلها من ثقافة استغلال المكان البدوية إلى ثقافة الاستقرار بالمكان و هذا يرتبط بتغيير كل المفاهيم الاجتماعية السائدة  .
 



#نرين_طلعت_حاج_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
- كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
- 16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
- اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
- الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم ...
- إصابة 3345 إسرائيليا بالحرب مع إيران و41 ألفا طالبوا بتعويض ...
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - نرين طلعت حاج محمود - أخلاق الرعيان ...إلى متى ؟