أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نرين طلعت حاج محمود - حبة شعير














المزيد.....

حبة شعير


نرين طلعت حاج محمود

الحوار المتمدن-العدد: 703 - 2004 / 1 / 4 - 12:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كان احدهم يصاب بنوبة خوف هستيرية إذا صادف ديكا , و أدرك بفضل نصائح المحيطين به انه مصاب بمرض نفسي فسعى للعلاج و صرح للطبيب بأنه يعتقد نفسه حبة شعير وكلما رأى ديكا خشي ان يلتقطه و يأكله فيصاب بهذه النوبة الهستيرية و بعد عدة جلسات اخبر طبيبه بأنه يشعر بتحسن بعد إدراكه انه إنسان و ليس  حبة شعير , فقام الطبيب بإجراء اختبار للتأكد من مدى استجابة المريض للعلاج فاحضر له ديكا لكن المريض أصيب بنوبة الخوف الهستيرية إياها و حين سأله الطبيب عن سبب ذلك ؟
 أجاب المريض :لقد  اقتنعت بأني  لست حبة شعير و لكن من يقنع الديك بأنني لست كذلك .
هذه الطرفة على بساطتها تعبر عن حالة محزنة و مؤلمة تتمحور حول  الفكرة الثابتة التي تسيطر على نفوس العامة و  الخاصة من  المثقفين  في البلدان النامية  و هي ضرب من ضروب التركيز المرضي حول مسألة معينة ,فالفكرة الثابتة أشبه برسالة واحدة حيث ثمة جزء صغير من الدماغ  في حالة من النشاط المبالغ به و جميع الأجزاء الأخرى في حالة نوم و بالتالي فإنَّ الفرد المصاب بالفكرة الثابتة يعجز عن ملاحظة أي شيء كان مما يحيط به و  تخضع  المكابرة و العناد و الآراء العنيفة للآلية ذاتها فالمكابرة و العناد شبيهان بالفكرة الثابتة إذ يستحوذ على الشخص رأي وحيد و حكم مسبق ويصبح أشبه بمسمار مغروس في الذهن ,هذه المكابرة هي إذن رسالة وحيدة تحكمها القوانين العصبية التي تحكم التركيز و الفكرة الثابتة أي ان جزءا صغيرا من الدماغ في حالة العمل و جزءا كبيرا منه في حالة رقاد
و لذلك فالعنيد و المصاب بالفكرة الثابتة و المكابرة يفتقر إلى الوضوح قطعا بسبب انكماش الشعور لديه أي  أنه حالة تركيز لا إرادية و دون أي نتيجة عملية .
قرأت منذ أيام مقالا لأحدهم  يتوه فيه القارىء بين الفرضيات المحددة مسبقا و بين كم من الأسئلة و التفسيرات المختلفة و الأجوبة المحتملة لهذه الأسئلة ,  و تساءلت عن كمية  الطاقة المهدورة  لدى كاتب أو كاتبة  المقال و الطاقة المهدورة لدى شعوب بأكملها و هي تهدر   طاقاتها النفسية  من اجل تحقيق التوازن عن طريق الفكرة الثابتة و العصاب  بدل ان تصرف هذه الطاقات في أعمال مبدعة و خلاقة .
حقا ان هذا الموضوع يجب أن يأخذ  اهتماما  اكبر في أوساط المثقفين الذين يهتمون  بمساعدة هذه الشعوب التي وصل وعيها بذاتها  و محيطها لحالة منفصلة تماما عن الواقع و هي أشبه بفهم الأحداث على أنها عبث أقدار  و ليس على اعتبار أنها أحداث واقعية تنتج عن ظروف و شروط واقعية و محددة  يمكن فهمها و تفسيرها , و مع استمرار عجز هذه الشعوب عن القيام بأي دور فعال في حياتها استقر في لا شعورها إدراك  يقوم على ان كل الحوادث الواقعية التي تجري في العالم و في محيطها قد وقعت في زمن ما و انتهت و أنَّ ما تراه و تشهده هو استعراض مسرحي لما حدث او تقرر حدوثه سابقا و الفرد أمام هذا المشهد هو مسيَّر تماما و خاضع تماما لما تقرر و ما عليه سوى المتابعة و المشاهدة و السخرية و التندر من ذلك و تصبح الحالات البائسة الوحيدة من أجل تغيير هذا الواقع  هي حالات تمرد عنيفة تبدو كرد فعل  تجاه  العجز و التسيير بسبب بعدها عن أي قراءة   واقعية موضوعية , و انطلاقها من هذا الفهم يجعلها  أشبه بالانتحار السريع الذي لا يغير من الواقع شيئا.
و عدت لعقدة الرجل الذي يعتقد انه حبة شعير و بعد العلاج استمرت المشكلة ذاتها في رأسه  مع تعديل طفيف يرضي به طبيبه المعالج حين قال أنا اقتنعت و لكن من يقنع الديك بأني لست حبة شعير  ففي الأمس و أنا أحدث إحدى الصديقات عن مواضيع تشغل الإنسان المسلم هذه الأيام و بعد جهد و لأي و طول بال  و نحن نستعرض  تاريخ الامبرطوريات القديمة  توصلنا معا لفكرة ان للشعوب و الدول مصالح مختلفة ,أحيانا  تتفق مصالحهم فيتعاونون على تحقيقها و أحيانا تفترق و أحيانا تتعارض فيلجئون  للتفاوض بحيث يضع كل منهم أعلى سقف واقعي من مطالبه الممكنة التحقيق  و ليس الخيالية و الحالمة و بالتالي  فكل الشعوب تنطلق من تحقيق مصالحها و ليس من أفكار و أحلام واهمة و عبثية إنما من حاجات واقعية و انتهى الحديث حيث انتهى الرجل المصاب بهوس حبة الشعير حين قالت لي حقا ,  و لكن المشكلة ليست في الشعوب الإسلامية  إنما في  الغرب الذي عليه  ان يقتنع بذلك  و يتخلى عن أحلامه  القديمة في  تدميرنا و القضاء علينا .



#نرين_طلعت_حاج_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حجز العقول
- مسؤولية المؤسسة الدينية عن الأخلاق العامة في المجتمعات الإسل ...
- المرأة في عرف المجتمع
- شلة حسب الله و الهوية الجديدة
- حرب الشيشان حرب تحرير وطني و ليست حربا دينية
- أخلاق الرعيان ...إلى متى ؟


المزيد.....




- شاهد لحظة انهيار منازل في المحيط إثر أمواج قوية سببها إعصارا ...
- في فيتنام.. احتس قهوتك على بعد سنتيمترات من قطار يعبر أمامك ...
- مع بروز اسمه في مستقبل غزة.. نظرة على تاريخ توني بلير المثير ...
- من هو أول شخص في التاريخ ظهر على شاشة التلفاز؟
- المغرب: استمرار المظاهرات الشبابية وسط اشتباكات عنيفة مع الش ...
- تجويع غزة كسلاح بيولوجي لا تكتيك حربي
- كيف يرى السوريون دورهم في انتخابات مجلس الشعب؟
- تأثير نتائج الانتخابات في مولدوفا على خيار التوجه نحو أوروبا ...
- وسط محاولات إقناع من مصر وقطر وتركيا.. غموض حول موقف حماس من ...
- -بعيدًا عن ميادين السياسة-.. جدل حول فيديو لأحمد الشرع وهو ي ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نرين طلعت حاج محمود - حبة شعير