أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نرين طلعت حاج محمود - الكرسي و الطاولة














المزيد.....

الكرسي و الطاولة


نرين طلعت حاج محمود

الحوار المتمدن-العدد: 843 - 2004 / 5 / 24 - 04:06
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الكرسي و الطاولة رمزان عميقان و كبيران في الذاكرة الجمعية لشعوب الشرق ينهض فيها الكرسي عاليا و تمتد الطاولة أمامه بعجرفةٍ و تكبر محاولة أن تقزم كل من يقفون أمامها حتى لا يكاد نظرهم يصل إلى سطحها لرؤية الخاتم و الصولجان و شارات الملك, و كل من يمتنع عن التقزم أمامها يصبح قضية كبيرة في الشرق فتصاغ حوله القصص و الحكايا التي تتناول بأغلبها سمعته و سلوكه و شرفه لإجباره على التقزم, و كل الأقزام الواقفين أمام الطاولة يحاولون منع أيا كان من رفض تقزمه حتى لا يشعروا بصغرهم.
أما أولئك الجالسون على الكراسي وراء الطاولات فيصبحون في ثقافة الشرق مأساة كبيرة, مأساة مستمرة و لا يعرف عن معاناتهم و آلامهم أحد.
يبدأ المدير بتجرع تلك المعاناة منذ أول يوم لوصوله إلى الكرسي الضخم و العملاق الذي يبلغ عنان السماء في وجدانه فيصبح همه الوحيد ملء هذا الكرسي و تضخيم جسده كي يكون مناسبا لمقاس الكرسي, فأقدامه لا تصل إلى الأرض و إن حاول إيصالها سيجلس حتما على طرف الكرسي , و إن حلم أن يضع رأسه على الكرسي فعليه حتما أن يقف فوق الكرسي و سيجد ذلك غير مناسب لان مهمته الأساسية كمدير هي أن يجلس على الكرسي و راء الطاولة لا أن يقف فوق الكرسي , و إن جلس سيبقى ممزقا بين رغبتين فإما أن يسند ظهره إلى مسند الكرسي فيغدوا صغيرا منكمشا و لا تصل يداه إلى الطاولة و إن استند بمرفقيه إلى الطاولة كي يأخذ وضعية إصدار الأوامر و اتخاذ القرارات فان خطورة الانزلاق عن الكرسي ستبقى ماثلة أمام عينيه و إن اسند يده اليمنى إلى المسند الأيمن فلن تصل اليسرى إلى المسند الأيسر و إن اسند اليسرى فستبقى اليمنى معلقة في الفراغ الناشىء بين جسده و المسند الأيمن للكرسي.
من يدرك من أولئك الأقزام الحساد الواقفين أمام الطاولات مدى ألم و معاناة المدير و خوفه الدائم أن يهتز به الكرسي أو أن يدرك الجميع مدى تقزمه و عدم قدرته على ملء الكرسي الضخم و الفخم في وجدانه حتى لو كان الكرسي في أتفه دائرة أو مكان هامشي من مؤسسة هامشية.
فما هي الحلول المتاحة لإنقاذ المدراء من آلامهم و معاناتهم و تأزمهم الدائمين , حسنا يمكن أن يكون الحل بانتقاء مدراء من أولئك الذين لا يتقزمون أمام الطاولات و لكن هذا صعب و عسير للغاية و يحدث فقط من أجل حالة إسعافية لإنقاذ مؤسسة ما, أما الوضع العادي و الطبيعي لاختيار المدراء فهو يخضع لاختبار العبور من تحت تسعة و تسعين حاجزا اللازمة للوصول, و التي لا يمكن أن يمر من تحتها العمالقة.
حسنا, ما يزال هناك حل آخر كأن يصغّر الكرسي و الطاولة حتى يصبح حجماهما مناسبين لحجوم البشر و لكن هذا الحل يحتاج زمنا طويلا جدا و جهدا كبيرا ينفق في زلزلة ذاكرة هذه الشعوب و تحطيم البديهيات الراسخة في عقولها منذ آلاف السنين.
إذا علينا بالحل الأخير و هو يحتاج لبرامج تغذية تتجاوز برامج التغذية التي تقدمها الأمم المتحدة للشعوب حتى يتحقق نمو شامل و يستعيد الجميع حجومهم الطبيعية و لكن هل من الممكن بالتغذية أن ينمو الجسم لحجمه الطبيعي بعد تجاوز سن المراهقة؟
و حتى يتحقق احد هذه الحلول سوف تستمر معاناة المدراء (الأقزام منهم فقط) في مليء الكراسي و سيتبقى الكراسي في نمو و تضخم مستمرين , و يستمر البشر العاديون بالتقزم حتى يصيروا يوما ما مجهريين .



#نرين_طلعت_حاج_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموؤدات
- حبة شعير
- حجز العقول
- مسؤولية المؤسسة الدينية عن الأخلاق العامة في المجتمعات الإسل ...
- المرأة في عرف المجتمع
- شلة حسب الله و الهوية الجديدة
- حرب الشيشان حرب تحرير وطني و ليست حربا دينية
- أخلاق الرعيان ...إلى متى ؟


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نرين طلعت حاج محمود - الكرسي و الطاولة