أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - شريعة حمورابي















المزيد.....

شريعة حمورابي


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 17:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مبدا القصاص والغرامات
ان تحول الدولة البابلية التي يحكمها حمورابي من مساحة صغيرة لايتجاوز قطرها 80 كيلومتر الى امبراطورية واسعة تضم شعوبا مختلفة العادات والتقاليد, وتحكمها قوانين مختلفة , قد اضطره الى توحيد التشريع في ارجاء هذه الامبراطورية بالشريعة التي عرفت باسمه ( شريعة حمورابي ) والتي اقتبسها اليهود فيما بعد . ومن شريعة موسى والتلمود اليهودي اخذ المسلمون كثيرا من التشريعات والعقوبات .
ان تطبيق مبدا الغرامة على شعوب فقيرة جدا لاتكاد تملك من المال شيئا , سوف يكون امرا تعجيزيا بالنسبة لهم , وليس بامكانه تحقيق العدالة المطلوبة .لان الذي يكسر سن رجل لايستطيع ان يدفع شيقلين من الفضة عقابا لفعلته, فضلا عن ذلك لم يكن انذاك السجن معروفا كي يوضع فيه من يعجز عن دفع غرامة عقوبته . لذلك ابدل حمورابي مبدا الغرامة بمبدا القصاص فامكنه بذلك تحقيق العدالة المطلوبة .
لقد كانت شريعة حمورابي , الوحيدة التي استخدمت مبدا القصاص في كثير من موادها . ولكن الواقع الحقيقي للمجتمع البابلي وللطبيعة البشرية تجعل مبدا القصاص عاجزا ايضا في بعض الحالات عن تحقيق العدالة .
لذلك اضطر المشرع البابلي ان يستخدم مبدا الغرامة في الحالات التي يعجزالقصاص ان يحقق العدالة فيها .
وكمثال على ذلك , المادة (591 )التي تنص :
( اذا ضرب ابن اباه , فعليهم ان يقطعوا يده ) , والمادة (198 ) :
(اذا فقا رجل عين مولى او كسر عظم مولى ,فعليه ان يدفع منا واحدا من الفضة ), لان الرجل البابلي اعلى منزلة اجتماعية من المولى ولذلك لايكون عدلا بالنسبة الى هذه الاعتبارات الاجتماعية عندما يستخدم مبدا القصاص . ولذلك فرضت الشريعة غرامة مادية لتحقق العدالة في الموضوع .وعندما لاتكون الغرامة المادية منسجمة مع الاعتبارات الاجتماعية ,فقد استخدمت الشريعة عقوبات اخرى كما هو الحال في مضمون المادة (202 ):
(اذا صفع رجل خد رجل ارفع منه , فيجب ان يضرب علنا ستين جلدة سوط من ذنب الثور ) .
ومن المخالفات الاخرى التي لايمكن على الاطلاق استخدام مبدا القصاص فيها هو ما وردفي المادة ( 209 ): ( اذا ضرب رجل بنت رجل اخر وسبب لها اسقاط ما في جوفها ( اي جنينها ) ,فعليه ان يدفع عشرة شيقلات من الفضة لاسقاط ما في جوفها ) .
اما اذا توفيت بنت الرجل من جراء الضربة فالقصاص في هذه الحالة يتناسب مع الذنب ولذلك نصت المادة ( 210 )على ضرورة قتل بنت الرجل الذي تسبب في وفاة تلك البنت , لان الرجل الذي تسبب في موت ابنة الحامل يكون قد قتل نفسين في وقت واحد , ولكي يعاقب على قدر جرمه ,تقتل ابنته ليكون عبرة لمن يستهتر بارواح الناس .
وهكذا كانت كلما تطورت المجتمعات ,كان مبدا الغرامة يرتفع على حساب مبدا القصاص .
ولذا نجد معظم المجتمعات المتحضرة حاليا قد هجرت مبدا القصاص بالمثل وعوضته بالغرامة او بالسجن .
القضاء والشهود
لقد منح حمورابي القضاة صلاحية اصدار العقوبة من دون الرجوع الى موافقته .وهذه الصلاحية قد سهلت مهمة القضاة في انحاء الامبراطورية .
ولقد قام حمورابي بفصل القضاء عن السلطة التنفيذية . ومما يدل على صواب هذا الاجراء ,هو ان المحاكم حتى الوقت الحاضر منفصلة عن السلطة التنفيذية . وبالمقابل وضع حمورابي عقوبات صارمة على القضاة انفسهم ان استغلوا القضاء لمنافعهم الشخصية .
وخير دليل على ذلك المادة الخامسة من الشريعة : ( اذا نظر قاض قضية قانونية واصدر بخصوصها حكما وثبت الحكم على رقيم مختوم , وبعد ذلك غير قراره , فاذا ثبت ان ذلك القاضي قد غير حكمه في القضية التي نظر فيها , فعليه ان يتحمل عقوبة تلك الدعوى اثني عشرمثلا . وفضلا عن ذلك يطردوه بلا رجعة من مجلس القضاء ومن على كرسيه , ولايحق له ان يجلس مع القضاة للنظر في دعوى ) .
وفيما يخص التهم الكاذبة التي تؤدي بالمتهم الى الموت اذا لم يثبت كذبها , فان عقوبتها الاعدام , لان اتهامك الناس من دون ادلة ثابتة قضية سهلة يستطيع كل انسان فعلها . ولذلك وجب على من يتهم الاخرين ان يكون متاكد مما يقول ,لكيلايفلت المجرم الحقيقي وينال البريء العقاب بدلا عنه .لان المبدا المعتمد في القضاء البابلي يقول :
ليفلت من العقاب مئة مجرم ولايذهب بريء واحد جراء الخطا . لان المجرم الذي يفلت من وجه العدالة مرة او مرتين ,لابد له وان يمسك في المرة الثالثة او الرابعة . ولكن البريء الذي يعدم لايمكن رد اعتباره حتى لو ثبتت برائته فيما بعد .
القسم الخاص بالزواج والعائلة والتبني
لقد كان نظام الزواج يعتمد مبدا الزوجة الشرعية الواحدة .اي بمعنى ان الرجل ماكان يجوز له اطلاقا ان يحتفظ بزوجتين شرعيتين في وقت واحد ,الا في حالة واحدة , وهي عندما تصاب زوجته الاولى بمرض عضال فيحق له الزواج بثانية مع شرط الاحتفاظ بالزوجة الاولى .
امنا اذا فضلت الزوجة الاولى الطلاق والرجوع الى بيت ابيها فيحق لها ذلك.وقد حرمت شريعة حمورابي الطلاق الكيفي ولكنها اباحته في الحالات التي تنسجم والهدف الاساس من الزواج . ولذلك يحق للرجل ان يطلق زوجته في حالتين فقط ,الاولى عندما لاتمتلك زوجته القدرة على انجاب الاطفال . والحالة الثانية عندما تسيء سلوكيات الزوجة الى سمعة زوجها .
وهذا الحق الثاني في طلاق الزوج لزوجته تتمتع به الزوجة كذلك , حيث اذا ثبت للقضاة ان سلوكيات الزوج تسيء فعلا الى سمعة زوجته ,فلها الحق في طلاقزوجها .
ولقد تشددت شريعة حمورابي مع من يسيء الى سمعة النساء من دون مبرر , حيث تشير المادة (127 )من شريعة حمورابي الى :
(اذا تسبب رجل في ان يشار بالاصبع الى كاهنة الاينتوم او الى زوجة رجل , ولكنه لم يثبت اتهامه ,فعليهم ان يجلدوا هذا الرجل امام القضاة وان يحلقوا نصف شعر راسه .
ويشترط في الزواج الشرعي ان يكون مثبتا في عقد رسمي وهو ما اكدته المادة (128 )من شريعة حمورابي . والحقيقة ان شريعة حمورابي لم تفرق على الاطلاق بين الرجل والمراة من حيث الحقوق الزوجية لكل واحد منهما .فعندما منحت الشريعة الحق للرجل بطلاق زوجته غير القادرة على الانجاب والزواج بامراة ثانية ,فقد منحت الحق نفسه للمراة عندما لايستطيع الرجل ان يؤدي واجباته الزوجية تجاه زوجته .حيث منحت الشريعة الحق للزوجة التي يبتعد زوجها لاي سبب كان ولم يترك لها ما يعيلها , فلها الحق في الزواج من رجل ثاني , وخير شاهد على ذلك المادة ( 134) . وفيما يخص زواج الكاهنات فلايختلف عن زواج النساء الاعتياديات ما عدا حالة واحدة تتعلق بزواج الكاهنة الناديتوم والاينتوم , حيث سمحت لهن الشريعة بالزواج ولكنها حرمت عليهن انجاب الاطفال . وقد كانت الكاهنات من هذا النوع يقمن بدور العروس في طقس الزواج المقدس والذي يهدف الى توفير الخصوبة في الارض .ولذلك كان العريس يقوم بتمثيل دور الاله تموز والعروس بدور الالهةعشتار . والاطفال الذين يولدون من هذا الزواج عندا يكبرون يدعون الى الالوهية على اعتبار انهم نتجوا عن ابوين كل منهم يتقمص دور اله . وكانت هذه الناحية تؤثر على الملوك خصوصا عندما تستغل من قبل خصومهم .
ولهذا منع الملوك الاوائل لسلالة بابل هذا النوع من الكاهنات من انجاب الاطفال تفاديا لتاليه ظاهرة الاطفال في الكبر لانفسهم .
وقدظهر التحريم واضحا في شريعة حمورابي في المادة (144 )حيث اذا تزوجت كاهنة الناديتوم او الانيتوم فعليها ان تهدي زوجها امراة لتقوم هذه المراة بانجاب الاطفال لزوجها .ومنع هذا النوع من الكاهنات من انجاب الاطفال قد تسبب فعلا في عدم ظهور من يدعي الالوهية خلال فترة حكم سلالة بابل الاولى .
وفيما يخص التبني فان شريعة حمورابي قد بينت وجود نوعين من انواع التبني .الاول يتمثل بتبني الاطفال منذ ولادتهم من قبل العوائل التي لم ترزق باطفال .وفي مثل هذا النوع من التبني يفقد الطفل علاقته بعائلته نهائيا ولايحق لوالديه استرجاعه فيما بعد . والمادة ( 185) توضح هذه الحقيقة : (اذا تبنى رجل طفلا ليسمى باسمه وقام بتربيته ,فلا يطالب بذلك الطفل المتبنى ).
والنوع الثاني من التبني يتمثل بتبني الاولاد وهم في سن السابعة من العمر .ومن شروط هذا التبني هو ان يعلم الرجل حرفته للولد الذي تبناه, واذا لم يعلمه حرفته فيعتبر هذا التبني باطلا .المادتين( 188 ) و ( 189 ).
ان هذا النوع من التبني يمثل ضمان اجتماعي للموظفين والحرفيين والعمال , فرب العائلة لايعتمد الا على اولاده لان القانون يلزم الاولاد باعالة ابائهم عند المرض او العجزاو الكبر .ولذلك فان اصحاب الحرف كانوا لايعلمون حرفتهم الا الى اولادهم ليضمنوا بذلك مستقبلهم ومستقبل اولادهم .اما اذا لم يرزق الحرفي بولد فهو لايعلم غريبا حرفته الا بعد تبنيه .ان عملية التبني هذه تلزم الولد المتبنى باعالة الشخص الذي تبناه في حالة المرض او العجز او الكبر . والحقيقة ان شريعة حمورابي حققت الضمان الاجتماعي للابناء ايضا حيث منعت الشريعة الاباء من حرمان ابنائهم من الميراث ,الا في حالة ان يكون الابن عاقا فعلا والمادتان (168 ) و ( 169 )تبين ذلك.
على المودة نلتقيكم ...
المصدر
(الملك حمورابي مجدد وحدة البلاد )د . فوزي رشيد – ط1- 1991-الناشر وزارة الثقافة والاعلام – دار ثقافة الطفل



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبيد في المجتمع البابلي
- في الاخلاق الليبرالية
- سرجون الاكدي , رجل الحداثة والعلمانية الاول
- الليبرالية الجديدة
- النظرية السياسية والاقتصادية الليبرالية
- ما لايعرفه الليبراليون عن الليبرالية
- الولايات المتحدة تمدد الحصانة على اموال العراق
- بين الشيوعية الاجتماعية وشيوعية الاحزاب
- الغزو الفكري والثقافي الاميركي - رعد الحافظ انموذجا
- الحنيفية والاسلام
- اسباب تخلف المجتمعات العربية - الاسلامية
- الفتح بدلا من التجارة
- الربا في الاسلام
- الموانع الاقتصادية لظهور الاسلام
- مال العرب قبل الاسلام
- نرجسية اصحاب الشهادات العليا والمثقفين
- المشروع التغريبي في تفريس وتعجيم العراق ...ج3
- شقائق النعمان وجراح اودنيس
- المشروع التغريبي لتفريس العراق وتعجيمه .. ج 2
- المشروع التغريبي لتفريس العراق وتعجيمه


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - شريعة حمورابي