وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3769 - 2012 / 6 / 25 - 15:54
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
جاء العبيد من عدة مصادر في المجتمع البابلي . فهو قد يولد عبدا ان كان ابن عبد ,او ان يصبح عبدا لعدد من الاسباب . واول هذه الاسباب هي الحروب ,ومن الاهداف الرئيسية للحروب هي الحصول على العبيد كقوة عمل كبيرة . وهم يقومون مقام الالة اليوم. وقد يضطر رب العائلة بسبب الفاقة ان يبيع كارقاء زوجته او اطفاله او حتى نفسه هو اذا لم يكن قادرا على تسديد دين تعاقد عليه .
ويشترط كذلك القانون انه اذا ما فضح ولد متبنى به نفسه , بان تخلى عن العائلة التي تبنته , فانه قد يباع كرقيق .
وقد كان العبد يوسم كنوع ورمز للملكية ويتم ختمه بقطعة حديد محمية كالحجر على جلد الرقيق مباشرة . او تعليق قطعة طينية حول رقبته مدون فيها معلومات عنه وعن اسمه واسم مالكه.
من المعلومات الموثقة بالاكتشافات الاثارية ( الاركيولوجية )تبين ان جميع العبيد كانوا من اسرى الحروب .
واما البابليون الذين يستعبدون بسبب عجزهم عن ايفاء ما بذمتهم من ديون , فان عبودية هؤلاء لايجوز لها ان تستمر اكثرمن ثلاث سنوات , مهما كان حجم الدين الذي كان بذمتهم .والدليل على ان العبيد هم اسرى حروب , هي العلامة المسمارية التي كتبت بواسطتها كلمة عبد , حيث انها تتالف من علامتين ,الاولى تمثل الرجل اذا كان العبد رجلا , او تمثل المراة اذا كانت امة . والعلامة الثانية تمثل البلاد الاجنبية .وبذلك يكون معنى العبد, رجل من البلاد الاجنبية . والامة امراة من البلاد الاجنبية .
وفيما يخص البيع والشراء فان العبد المباع او المشترى لاتعتبر صفقة بيعه او شرائه نافذة المفعول , الا بعد مرور شهر واحد على تدوين العقد , فاذا لم يظهر على العبد او الامة اي اثر لمرض خلال هذا الشهر ,فالصفقة تعتبر نافذة المفعول .ولكن مرضه خلال الشهر الاول من شرائه يعطي الحق للمشتري باعادة العبد الى صاحبه واسترجاع نقوده .
كما لايجوز ايضا ان يباع عبد وهو مطالب بدعوى ,لان ذلك يجعل صفقة البيع غير قانونية .
وقد حرمت شريعة حمورابي بيع وشراء العبيد من البابليين لان عبودية هؤلاء مؤقتة , ولذلك نصت المادة (082) من شريعة حمورابي على ما يلي : ( اذا اشترى رجل عبدا رجلا او امة رجل في بلاد اجنبية , ولما عاد الى بلده ,اكتشف مالك العبد او الامة عبده او امته , فاذا كان العبد والامة من ابناء البلاد , فيطلق سراحهما من دون قيود .
والسبب هو ان العبد البابلي ما هو الا رهينة عند سيده,ترجع له حريته بعد زوال السبب الذي رماه في العبودية ,او بعد مرور ثلاث سنوات على عبوديته . فبيعه الى شخص ثاني يحرمه من هذه الامكانيات الخاصة باعادة الحرية اليه.ولهذا منعت الشريعة بيع وشراء هذا النوع من العبيد,واذا ماحصل خلاف ذلك فعند اكتشاف المخالفة يطلق سراح العبد او الامة البابلية المباعة من دون مقابل .
ان الاولاد الناتجين عن زواج بين امراة حرة وعبد يكونون احرارا . في حين ان الامة المحظية واولادها يستردون حريتهم بعد وفاة سيدها .
وكان هناك شرط قانوني يهب الحرية للعبد البابلي الذي بعد ان بيع في سوق اجنبية , اعيد ثانية الى بابل .
ان قدرة العبد على ان يتملك وان يوفر النقود تمنحه فرصة استرداد حريته , واذا ما فعل ذلك فانه يحصل عليها بصيغة مطلقة بعد اقامة حفل رمزي للتطهير .
اذا ما تم شراء امة من قبل امراة متزوجة كخادمة لها او محظية لزوجها ( وذلك لغرض ان تحول الزوجة اذا لم تنجب الاطفال دون ان يتخذ زوجها محظية اخرى )فان هذه الامة تبقى ملكا خالصا للزوجة . وعلى الاقل الى الوقت الذي يكون لها فيه اطفال .وهذه الصيغة القانونية تنطبق على سارة زوجة ابراهيم الخليل , حيث تملكت امة هي هاجر وذلك لعدم قدرة سارة على الانجاب . وهذا يبين ان اسفار التوراة بدا التدوين فيها خلال السبي البابلي وفق الشرائع والقوانين البابلية . اي في القرن السادس قبل الميلاد والى القرن الثاني قبل الميلاد . ويستطيع العبد برضا سيده ان يتزوج امراة حرة , واذا لم تجلب مهرا معها , فانهاهي نفسها واولادها يظلون احرارا . اما اذا جلبت بائنة معها واستثمرتها بالاشتراك مع زوجها في بعض الاعمال , فعند ذلك تسترد الارملة اذا ما توفي زوجها او هرب مهرها لكنها لاتستلم سوى نصف ارباح ذلك العمل في حين يتسلم سيد زوجها النصف الثاني .
ولما كان من مصلحة مالكي الارقاء ان يزيدوا عدد ارقائهم , فانهم كانوا يشجعونهم على الزواج , وبهذا القصد
كانوا يشترون الرقيق من الذكور او الاناث طبقا لجنس اولئك الذين كانوا يملكونهم قبلا . ويصبح الاطفال الناتجون عن هذا الزواج ملكا لمالك الرقيق الذي يستطيع ان يبيعهم على انفراد .ومع ذلك كانت العادة الشائعة ان لايتم تفريق العائلة الواحدة .
لقد كان العبيد يعملون كحرفيين وتجار وصيارفة ومزارعين , وبعض الحرفيين منهم يمتلكون مشاغل حرفية تعليمية . وكانت لهم عوائلهم الخاصة ويحق لهم تملك الارض والبيوت واموال منقولة مختلفة ويقرضون ويقترضون الى ومن اشخاص احرار كانوا ام عبيدا .
ويحق لهم اخذ الرهائن بمختلف انواعها من مدينتهم ضمانا لقروضهم , ورهن حيازاتهم واموالهم لدى الاخرين .
الا انه لم يكن لهم الحق في رهن انفسهم .اما بالنسبة لوضعهم القانوني ,فقدشهد تطورا في هذه الفترة ,فغدى للعبد حق الدخول في عقود تجارية وغير تجارية مع عبيد اخرين او مع مواطنين احرار.كما كان يحق له امتلاك حتم خاص به . كذلك كان للعبد الحق في دخول كطرف في الدعاوى القضائية مع مختلف الافراد ,احرارا كانوا ام عبيدا,باستثناء مالك العبد . وللعبد الدائن حق القاء القبض على الشخص الحر المدين له والذي لم يفي بدينه . او اقامة دعوى قضائية عليه في المحاكم .
وبامكان العبيد المثول امام المحاكم كشهود في مختلف الدعاوى القضائية ,بما فيها الدعاوى التي تخص سادتهم .
يبدو لنا ان ما حصل عليه العبيد من حقوق اقتصادية وقانونية , يمثل بداية تدهور وانحلا ل النظام العبودي في بلاد بابل بشكل عام .وان اشتراكهم في قطاع الصناعة والزراعة قد مكنهم من الحصول على ثروات ساعد استغلالها في هذين المجالين ,على تقوية حركة الاقتصاد وارتفاع المستوى المعاشي لسكان بابل على السواء .
عبودية اليهود في بابل
في الاسر البابلي جاء البابليون باسراهم الى بابل ,واسكنوهم في جوار مدنهم الرئيسة , كما ان نبوخذ نصر لم يعمد الى نقل جماعات بديلة لاسكانهم في اماكن المرحلين .
ان احتمالات المساعدة التي قدمها اليهود في بابل لكورش تزيد رجاحة من العلاقة الحسنى بين كورش واليهود . وارجع لهم ما اخذه نبوخذ نصر من كنوز المعبد , وبالمقابل فقد اعتبر اليهود كورش (المسيح )او (المخلص او المنقذ ) ويعني هذاخروج فكرة الخلاص عند اليهود من بيت داود وصارت تطلق على اي شخص يسدي فضلا عليهم .ان ترحيل عام 597 (ق.م ) حدث نتيجة لعصيان الحاكم اليهودي وامتناعه عن دفع الجزية لمدة ثلاث سنوات . وفي سفر الملوك الثاني من التوراة ( 24- 14)بلغ عدد اليهود المرحلين عشرة الاف يهودي .بينما يقدم سفر ارميا رقما اقرب الى الواقع وهو( 3023) اسيرا وهو يقترب من اخبار يوسيفوس ,المؤرخ اليهودي الروماني الذي اعطى رقم 3000 يهوديا .
اما الترحيل الثاني فكان عام 586 ( ق. م ) وبلغ عدد الاسرى 832 يهوديا . ويبدو ان الغالبية العظمى من اليهود قد هربوا اثناء رفع الحصار المؤقت بعد وصول الامدادات المصرية التي اجبرت الجيش البابلي على التراجع لبعض الوقت .اما بالنسبة للترحيل الثالث 582 ق .م فقد بلغ عدد الاسرى 745 يهوديا حسب سفر ارميا .
اثبتت النصوص البابلية نقل نبوخذ نصر , للحاكم اليهودي يهو ياكين وليس يهو ياكيم , كما اشارت لذلك بعض اسفار التوراة . وربما يكشف لنا ابقاء البابليين على لقب يهوذابجانب اسم يهو ياكين على المعاملة الطيبة التي عومل بها اليهود في الاسر وليس كما تذكر كتابات اليهودوخاصة ملوك اليهود الذين حافظوا على العهد مع البابليين وليس مثل صدقيا الذي اشتهر بنقضه للعهد الذي قطعه للبابليين ,لذلك كان عقابه شديدا .
كذلك ليس لدينا مايشير الى ان الاسرى اليهود كانوا سجناء ولكن هذا لايعني انهم كانوا احرارا بالمعنى العام لهذه الكلمة .واستنادا الى سفر ارميا9 -5 فانهم استطاعوا ان يبنوا لهم بيوتا ويشتغلوا في الزراعة . ووجودهم في بابل على الارجح شجع ملك بابل على استخدامهم في اعمال البناء التي نشطت على عهده .ويبدو معقولا ان سياسة نبوخذنصر تجاه اليهود قد جنب الادارة المالية البابلية عبء معيشتهم , اضافة الى اعطائهم فرصا لتحسين ظروفهم الحياتية .وقد اشارت اسفار التوراة الى بعض المستوطنات التي سكنها اليهودالاسرى ,استنادا الى سفر حزقيال 1(1 -3 ) فان المركز الرئيس للمنفيين الاسرىكان ضفتي نهر خيبار chebar
التي كانت مستقرا لحزقيال ومجموعة كبيرة من اتباعه .ويذكر بعض الباحثين ان نهرخيبارو يمثل احد القنوات التي ورد ذكرها في النصوص المسمارية والتي تمتد ما بين بابل ونفر .
كما ان هناك مستوطنة اخرى على مقربة من قناة خيبار تعرف ب( تل ابيب ) tel abib اضافة الى مستوطنات اخرى تركزت في جنوبي بلاد بابل ومنها تل الملح وتل مرشا التي يشير البعض الى كونها مستوطنات زراعية منحت اليهود المرحلين بعض الحرية والفرصة للاشتغال بالزراعة . كما ان مدينة نفر تمثل المركز الرئيس لاستيطان اليهود في حدود القرن الخامس . وقد دلت النصوص التي عرفت بنصوص موراشو murashu ان بعض اليهود اشتغلوا بالتجارة والصيرفة في العصر الاخميني .بين ثقافتين زراعية – حضرية وثقافة بدوية
هكذا نرى الاكديون اصحاب علم وحضارة واكتشافات وصناعة وزراعة , قد اغنواالحضارة الانسانية بعلومهم وبين ثقافة بدوية ليس لها صلة بالارض .لقد كان الزواج عند البابليين رجل واحد لامراة واحدة ولايوجد تعدد في الزواج لم يفرض الاكديون ومنهم البابليون الهتهم على شعوب العالم وعلى الشعوب التي تم فتحها .
في الختام ..
حرستكم الهة العلم الكتابة والتعليم (نيسابا)...
على المودة نلتقيكم ..
المصادر
1 –نبوخذ نصر الثاني ( 604 – 562 ق . م ) للباحثة حياة ابراهيم محمد – رقم الايداع في المكتبة الوطنية ببغداد 194 لعام 1983- حقوق الطبع محفوظة للمؤسسة العامة للاثار والتراث – وزارة الثقافة والاعلام – طبعت بمطابع دار الحرية ببغداد عام 1983ص 92 و 93
2 –الملك حمورابي , مجدد وحدة البلاد
بحث وتاليف د .فوزي رشيد- ط1- 1991 – جميع الحقوق محفوظة للناشر – وزارة الثقافة والاعلام –دار ثقافة الاطفال – العراق – بغداد
3 – الحياة اليومية في بلاد بابل واشور
تاليف جورج كونتينو – ترجمة سليم طه التكريتي وبرهان عبد التكريتي – ط 2 – 1986م – وزارة الثقافة والاعلام – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
