أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الغزو العربى وكيف تعامل معه المؤرخون















المزيد.....

الغزو العربى وكيف تعامل معه المؤرخون


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3754 - 2012 / 6 / 10 - 10:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



آفة أى مؤرخ قديم أوأى كاتب عصرى، هى الأيديولوجيا، سواء دينية أومذهبية أوعرقية، والجرائم الوحشية التى ارتكبها العرب ضد شعبنا بعد الغزوعام 641م اعترف بها مؤرخون دافعوا عن العرب والإسلام، أمثال الطبرى والبلاذرى والسيوطى إلخ، والمقريزى ، رغم حديثه عن ثورات شعبنا ضد الإحتلال العربى، ورغم أنه من مواليد القاهرة (تنتمى أسرته إلى لعلبك) فإنه وصف شعبنا بالجُبن . وأنّ مصرلم تسكنها الأسود، لذلك فإنّ طبيعة المصريين أقرب إلى الأرانب والحمير(المواعظ والاعتباربذكرالخطط والآثار- ص43) الذهنية العربية جعلته يتجاهل أنّ مصربها أسود عكس جزيرة العرب. وأنه عندما قبض الخليفة مروان بن محمد على رجال الكنيسة وسجنهم ((سلم أغناطيوس القديس الشهيد إلى عشرة من الأسود)) (ساويرس بن المقفع- تاريخ البطاركة- ص198) ويتمادى المقريزى فيلصق بشعبنا صفات الكيد والخبث والمكر، هذا الموقف الأيديولوجى يتضح عندما كتب يُدين ثورات شعبنا، خاصة ثوارالبشمورالذين تحدوا سلطة الاحتلال العربى ، فهم فى نظره (طباعهم أغلظ والبله عليهم أغلب وذلك أنهم يستعملون أغذية غليظة ويشربون من الماء الردىء) (المواعظ والاعتبار- ص44) وكان تعليق الراحلة الجليلة سناء المصرى (المقريزى وخلفه العقل العربى يرى أنّ سرثورات هؤلاء القوم يرجع إلى خشونة الطعام والمياه وكلها عوامل طبيعية انطبقتْ على أماكن أخرى ولم تؤد إلى تفجير الثورة) (هوامش الفتح العربى لمصر- الشعاع للنشر- عام 2004ص188) ولأنّ سناء المصرى تجرّدتْ من أية أيديولوجيا كتبتْ ((هكذا كتب المؤرخون العرب تاريخ مصرمن وجهة نظرهم ، ونعتوا فيه المصريين بأشد الصفات سوءًا ، وفسروا سُمرة المصريين بأنهم أولاد العبيد السود الذين نكحوا نساء القبط بعد الغرق واستولدوهن، كما ذكرالمقريزى، بينما العرب يرون أنفسهم أنهم ((أتم الناس عقولاوأحلامًا وأطلقهم ألسنة وأوقرهم أفهامًا)) كما ذكرالألوسى فى بلوغ الأرب فى معرفة أحوال العرب- ج1ص 144- نقلا عن سناء- ص190) والنظرة العنصرية تحكمتْ فى العربى المحتل ، ليس من خلال نهب ثروات شعبنا فقط ، وليس بكل أشكال التعذيب البدنى لمن كان يرفض أداء الجزية أوالخراج، وإنما ظهرفى كلامهم مثلما قال ابن عباس ((المكرعشرة أجزاء ، تسعة منها فى القبط ، وواحد فى سائرالناس)) أما معاوية بن أبى سفيان فذهب إلى ماهوأخطرإذْ قال ((أهل مصرثلاثة أصناف : فثلث ناس ، وثلث يُشبه الناس ، وثلث لاناس. فأما الثلث الذين هم الناس فالعرب. والثلث الذين يُشبهون الناس فالموالى، والثلث الذين لاناس المسلمة يعنى القبط)) (المقريزى- المواعظ والاعتبار- ص56) وهذه النظرة العنصرية تتفق مع الحديث النبوى (لاتكون العرب كفؤا لقريش والموالى لايكونون كفؤا للعرب) (شمس الدين السرخسى– نقلاعن خليل عبدالكريم- الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية- ص16)
فإذا انتقلنا من المؤرخين القدامى إلى العصرالحديث، نجد كاتبًا مثل د. جمال حمدان يعتبر الفرس والرومان واليونان والمغول إلخ غزاة، إلاّالعرب فكتب : آلتْ كل جزرالبحرمن قيرس حتى صقلية إلخ للنفوذ العربى ((وهكذا لم تتحطم نظرية وحدة البحرالمتوسط بمفهومها اللاتينى الاستعمارى فحسب ، بل تحوّل البحرجميعًا إلى بحيرة عربية شبه خالصة. ولوأنّ العرب سموه بحرالعرب بدلامن بحرالروم لما تعسفوا الحقيقة التاريخية أوالجغرافية فى شىء. أما فى الجنوب فقد انطلقت الموجة العربية لتـتحلق حول المحيط الهندى بسواحله الإفريقية والهندية، حيث تغلغل النفوذ العربى (الحضارى) وبهذا تحوّل المحيط الهندى إلى بحيرة عربية لايُشارك فيها مشارك) الأيديولوجيا شوّهتْ عقل هذا (المثقف) الذى قرأ آلاف الكتب فعاند العقل الحروكتب ((الحقيقة أنّ الدولة العربية كانت امبراطورية تحريرية بكل معنى الكلمة. فهى التى حرّرتْ كل هذه المناطق من ربقة الاستعمارالرومانى أوالفارسى واضطهاده (الوثنى) وابتزازه المادى)) (استراتيجية الاستعماروالتحرر- دارالشروق- عام 83- ص25، 26) هنا يستخدم التعبيرغيرالعلمى (وثنى) ويُغالط إذْ يتجاهل وقائع التاريخ التى أثبتت أنّ الغزاة العرب كان هدفهم الأول هونهب ثروات الشعوب المغزوة، ولأنّ أ. خليل عبدالكريم تجرّد من الأيديولوجيا لذلك اختلف مع جمال حمدان وكتب ((فى صعيد مصرالذى دهستْ أراضيه قبائل كثيرة مع الغزوالعربى الاستيطانى بقيادة عمربن العاص ذلك الذى فعل الأفاعيل هووجنوده فى مصر، عكس مايزعمه حملة المباخرمن المؤرخين المُحدثين)) وكتب عن خالد بن الوليد ((الذى فعل الأفاعيل فى حروب الردة وفى الغزوالاستيطانى لبلاد الجوار)) (فترة التكوين فى حياة الصادق الأمين- ميرت للنشر- ص47، 282) ويستمرجمال حمدان فى الدفاع عن رؤاه العروبية / الإسلامية فكتب عن (النواة النووية) فى جزيرة العرب ((التى أصبحتْ دارالإسلام ، دارالعرب الكبرى فانتقل ذلك المركزإلى الشام الأموية ثم غادرها إلى العراق العباسى إلخ)) ثم يُردّد كلام الأصوليين منذ جمال الدين الإيرانى الشهيربالأفغانى عن الرابطة الدينية فكتب (أى جمال حمدان) ((واضح إذن أنّ أخوة الدين كان يقابلها أخوة الأقاليم ، وسواسية الناس كانت تترجم سياسيًا إلى سواسية الولايات والمقاطعات)) والأكثرتضليلا ((الحقيقة أنّ الدولة العربية الإسلامية كانت شركة مساهمة بين كل أعضائها وأطرافها. وأنها كانت أول كومونولث فى التاريخ وأنها لم تمربالمرحلة الاستعمارية المُشينة التى مرّبها كومونولث اليوم)) ويستمرفى التضليل فكتب (الحقيقة أنّ دولة العرب الإسلامية هى فصل – أول فصل – فى جغرافية التحرير، وأبعد شىء عن جغرافية الاستعمار) وتساءل : ((كيف تمكنتْ قوى الصحراء الطاردة الخاوية من الموارد الطبيعية والانتاج الاقتصادى ، أنْ تـُقهر وتخضع قوى البر والبحر- فارس شرقا وروما غربًا؟)) سؤال مهم بينما إجابته تتشابه مع أصحاب الرؤى الغيبية إذْ كتب ((علينا أنْ نُسلم بأنّ هناك حوافزوقوى ميتافيزيقية لاتستمد من الواقع المادى بل تتخطاه. لاشك أنّ جذوة الحماس الدينى المُتقدة هى التى ألهبتْ خيال (المؤمنين) حتى تحوّلتْ بهم إلى شعلة ملتهبة وتحوّلوا هم بها إلى مشعل مضىء)) بعد هذه الجملة كتب علينا أنْ نبحث عن أسباب مادية صلبة. وعندما قرأتُ ماكتبه لم أجد هذه (الأسباب المادية) وإنما كلام عن الهلال الخصيب فى العراق والشام أما مصر(رأس الجسرفى التوسع الإفريقى غربًا وجنوبًا) أى تبريرللغزوالذى لايُريد أنْ يعترف به، وإنما أكد على أنّ (القوة العربية الصاعدة مع الإسلام وإنْ بدأتْ قوة صحراء ورعاة.. فإنها خرجت عن وصاية الصحراء لتضع قوى العالم الكبرى البرية والبحرية تحت وصايتها) وبسبب العقلية العربية/ الإسلامية التى تملكته، لم ينتبه للتناقض الذى وقع فيه عندما كتب عن (الصراع بين الرعاة والزراع) وأنه ((صراع بين الرمل والطين)) ثم يُغالط نفسه عندما نصّ على أنّ الصراع بين الفلاحين والرعاة هو((صراع أشباه أكثرمنه صراع أضداد)) فكيف غاب عنه التناقض بين الفلاحين المُستقرين الذين وفروا لأنفسهم الطعام والكساء والمأوى ، وبالتالى لم يُفكروا فى غزوشعوب أخرى، وبين الرعاة الذين اعتمدوا على الغزولنهب ثروات الشعوب؟ وهونفسه الذى كتب ((تحت تأثيرطرد البيئة الرعوية الفقيرة وماقد يعتريها من نوبات من الجفاف، مع إغراء المناطق الغنية الرخية، كانت جحافل الرعاة تخرج كالطوفان لتنتشركالمروحة. ومع الانتخاب الطبيعى القاسى الذى تفرضه البيئة. وبفضل حركة الخيل الكاسحة، كانت هذه الموجات تزحف آلاف الأميال لتهوى عاتية كالمطرقة على مناطق الاستقرارالمحيطة.. ومن هذا جميعًا نفهم كيف أمكن (لتراب الرعاة) أنْ يُسيطرويتغلب على (الارسابات البشرية) الكثيفة المُستقرة فى تضاعيف الغابة أوأودية الأنهار)) (من ص 13- 29)
أما د. سيدة إسماعيل كاشف فهى تلتقط جملة كتبها يوحنا النيقوسى قال فيها ((وساد المسلمون (الأدق العرب) مصر. وكان عمربن العاص يقوى كل يوم ويأخذ الضرائب التى حدّدوها . ولم يأخذ شيئًا من مال الكنائس ولم يرتكب شيئا سلبًا أونهبًا وحافظ عليها طوال الأيام)) وكان تعليق سناء المصرى ((هكذا نصل إلى الجملة التى اقتطعتها د. سيدة لتـُدلل بها على سماحة الجيش العربى من خلال شهادة قبطى . ولكن كما نرى فإنّ إقرارالسماحة الذى ذكره النيقوسى عن العرب مرّعبرأهوال كثيرة ذاقها المصريون حتى خضعوا واستتبتْ الأمورللفاتحين (= الغزاة) الجدد . وفهم عمروبن العاص أنّ التغاضى عن مال الكنائس هوالحصول على كل الثروة، بل هومفتاح الخضوع الكامل للشعب القبطى المحب لكنيسته) وتجاهلتْ د. سيدة أنّ النيقوسى كتب ((لما استولى عمربن العاص على الاسكندرية جعل نهرالمدينة يابسًا وزاد الضرائب قدرإثنين وعشرين عصا من الذهب، حتى اختبأ الناس لكثرة البؤس وعدموا مايؤدون)) وكان تعليق سناء أنّ ((قراءة النيقوسى قراءة صحيحة تقتضى النظرللجانبين : جانب استخدام العنف للقضاء على مقاومة أهل البلاد ، وجانب التسامح مع رجال الكنيسة أصحاب السلطة الروحية المُهيمنة على الشعب، والنظرإلى الجوانب العديدة التى تملأ مخطوطته)) (مصدرسابق- ص 108، 109) كما أنّ د. سيدة تعترض على ما ذكره ساويرس بن المقفع الذى أشارإلى أنّ الهروب من الجزية كان أكبرعامل على انتشارالإسلام، رغم أنها فى الصفحة المُقابلة كتبتْ أنّ الحجاج بن يوسف الثقفى ((فرض الجزية والخراج على الأعاجم (أى كل من ليس عربى) الذين أسلموا)) (مصرالإسلامية وأهل الذمة- تاريخ المصريين- رقم 57- هيئة الكتاب المصرية- عام93ص 76، 77) أى أنّ المصريين ظلوا يدفعون الجزية رغم إسلامهم، والأكثرفداحة أنّ الأرض ظلت (كافرة) كما أنها تستشهد بما كتبه ابن عبدالحكم والمقريزى من أنّ الخليفة عبد الملك بن مروان كتب إلى أخيه وواليه على مصرعبد العزيزبن مروان ، أنْ يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة. فكلمه بن جحيرة فى ذلك وقال (أعيذك بالله ياأميرأنْ تكون أول من سنّ ذلك بمصر) وكتبتْ أيضًا أنّ حيان بن سريح متولى خراج مصرفى خلافة عمربن عبدالعزيز كتب إلى الخليفة يقول ((أما بعد فإنّ الإسلام قد أضرّبالجزية)) (ص78) أى أنّ تحصيل الجزية أهم من نشرالإسلام.
كما أنّ د. سيدة كاشف اعترفتْ بالثورات العديدة ضد الاحتلال العربى فكتبتْ ((قامتْ أول ثورة للفلاحين المصريين ضد الضرائب فى الوجه البحرى سنة 107هـ / 725م فى خلافة هشام بن عبدالملك وفى ولاية عبيد الله بن الحبحاب على الخراج. وتتابعتْ ثورات المصريين فى الوجه البحرى والقبلى ضد أعباء الضرائب وزيادة الخراج. وبعدما أصبح الخراج يُفرض على الأرض بغض النظرعن دين مالكها. وبعدما أصبح العرب يدفعون الخراج على الأراضى الزراعية بدلا من العُشر، أصبح العرب يثورون مع المصريين ضد الحكومة العربية بسبب الخراج. واشترك فعلا العرب مع المصريين فى الثورات بسبب الأعباء الضريبية منذ خلافة المهدى العباسى ومنذ سنة 167هـ/ 783م) وبلغة محايدة أضافتْ ((لم يكن الذين هربوا من أراضيهم الزراعية أوثاروا من المصريين المسيحيين فقط وإنما كانوا من المصريين مسلمين ومسيحيين ومن العرب . كذلك يظهرمن النصوص المختلفة أنّ كلمة قبط كانت تعنى المصريين مسلمين كانوا أومسيحيين)(82، 83) وتعترف أنّ ولاة الخلافة العباسية ((كانوا فى كثيرمن الأحيان لايدفعون كل ماتعهدوا بدفعه (لمركزالخلافة) وذلك بحجة الانفاق على الجند الذين كانت الحكومة المركزية تـُرسلهم إلى مصر لقمع الثورات) (مصرفى عصرالإخشيديين- تاريخ المصريين رقم 29عام 89ص103) وذكرتْ أنّ مصروقعتْ فى ((كـُم عمربن العاص حين زارالاسكندرية فى الجاهلية)) (ص66) وأنّ محمد بن سليمان أمر((بحرق القطائع فأحرقتْ وأطلق سراح المسجونين ونهب جنده مدينة الفسطاط واستباحوا النساء وأتوا من الفظائع والمُنكرات ماتقشعرله الأبدان. وأنّ قائدهم نفسه كان مضرب المثل فى أخذ المصريين بالشدة والقسوة، وحسبنا ماكتبه بن تغرى بردى فى هذا الصدد، قال كان ((حكم محمد بن سليمان فى أهل مصربضرب أعناقهم وبقطع أيديهم وأرجلهم جورًا. وتمزيق ظهورهم بالسياط وصلبهم على جذوع النخل. ولم يدع من آل طولون أحدًا ثم سيق جماعة إلى محمد بن سليمان ممن كان أمّنهم فذبحوا بين يديه)) (المصدرالسابق ص17، 18) الدرس هنا صراع على السلطة بين غزاة وغزاة، وكلهم يرفعون راية وشهادة (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله) أى أنهم موحدون مسلمون ، ولكن يبقى الأساس الأول للغزو، أى نهب ثروات شعبنا وليس نشرالإسلام. وعندما ثارأحد الضباط من الجيش الطولونى (محمد بن على الخليج) أمرالخيفة (المُكتفى) بالقبض عليه ثم طيف به وبأصحابه على ظهورالجمال فى بغداد ثم قتل شرقتلة. وكان تعقيب د. سيدة ((لايُمكننا أنْ نفسرنجاح ابن الخليج وتحديه للحكومة المركزية فى بغداد دون أنْ نأخذ بعين الاعتبارتحمس الشعب المصرى ضد تلك الحكومة التى قضتْ على دولة لها فى مصر طابع قومى، وكانت الأموال المصرية تنفق على يدها فى مصرولاتتسرب إلى بيت مال الخليفة وكبارالموظفين فى بغداد، فضلاعن أنّ تخريب القطائع ترك ألمًا وحسرة فى نفوس المصريين)) (ص23) وعن تقسيم البشرإلى سادة وعبيد نقلتْ ماذكره الهمذانى بن الفقيه فى (مختصركتاب البلدان) من أنّ الفضل بن يحيى أحد الحاشية فى العصرالعباسى قال ((الناس أربع طبقات: ملوك ووزراء وعلية القوم. أما الطبقة الرابعة فهم: زَبَد جُفاء وسَيْل غُثاء، لـُكع ولكاع، وربيطة اتضاع (238) إنها نفس الذهنية العربية كما ورد من أمثلة فى السطورالسابقة. ونظرًا لحاجة جيوش الغزوإلى الجنود، اضطربعض الولاة إلى تحريرالعبيد (ليس حبًا فى الحرية وإنما من أجل الخدمة العسكرية) لذلك أعتق أحدهم مائة ألف مملوك فى حياته ((وكان كثيرمن العبيد المُعتقين يحملون السلاح وينخرطون فى سلك الجيش، وكان بعضهم يصل إلى مكانة عالية فيه. وقد يعده ذلك لتقلد بعض الوظائف الرئيسية فى الإدارة، وفضلاعن ذلك كان لبعض الغلمان والجوارى سلطان كبير على سادتهم) ولكن هل تخلص العبيد من وصمة العبودية؟ كتب المتنبى : فلاترج الخيرعند إمرى /مرّتْ يدُ النخاس فى رأسه. وأيضًا : العبد ليس لحرصالح بأخ/ لوأنه فى ثياب الحرمولود (243، 244) هذا هو المتنبى المفروض على أولادنا فى التعليم البائس والثقافة السائدة فى مصرالأشد بؤسًا، خاصة وأنّ المتنبى لايُجمل نفسه عندما ينضح بعنصريته المقيتة عندما قال (لاتشترالعبد إلاّوالعصا معه/ إنّ العبيد لأنجاس مناكيد) وإذا كان هدف المتنبى نقد الإخشيد فكان يجب عليه (لوأنه شاعربحق وحقيق) أنْ ينتقد الحكم الظالم الواقع على الجماهيرالشعبية (مصريين وعرب) ولكنه هاجمه بعد أنْ منع عنه المال. فمثلا من جرائم الإخشيد أنه أرسل قائدًا على رأس جماعة من الجند قبضوا على البطريرك وعلى الأسقف تاوفيلس وخـُتمتْ الكنيسة ومُنع الناس من الصلاة فيها وحُمّل مافى خزائنها من الأموال والتحف إلى الإخشيد (242) ود. سيدة كاشف التى اقتطعت جملة من كتاب يوحنا النيقوسى لتـُدلل على تسامح العرب، هى نفسها التى نقلتْ عن ابن عبدالحكم فى كتابه (فتوح مصروأخبارها) أنّ عمروبن العاص قال (من كتمنى كنزًا عنده فقدرتث عليه قتلته) وسمع عمروأنّ أحد أهالى الصعيد اسمه بطرس عنده كنزفلما سأله أنكرذلك، وعندما تبيّن لعمرصحة ماسمع عنه أمربقتله. فلما سمع بذلك الأقباط أخرجوا كنوزهم خوفـًا من القتل. وكان تعليق د. سيدة ((اهتمّتْ الخلافة عقب فتح مصرمباشرة باستغلالها وبجباية أموالها. وتشهد المكاتبات التى دارت بين الخليفة عمربن الخطاب وعمربن العاص عقب الفتح على أنّ الخليفة كان يُريد جباية نفس القدرالذى كان يجبيه الروم من مصر.. لذا نجد أنّ المصريين سرعان ما عادوا إلى ما كانوا فيه تحت حكم الروم فوقعوا تحت الأعباء المالية الكثيرة التى تطلبتها الخلافة. وكان هَمْ الوالى جمع مايُمكن جمعه من المال لنفسه أولا، وللخلافة أولصاحب الاقطاع ثانيًا. ويظهرأنّ العنصرالمالى الذى كان يهتم به العرب هوالجزية. ولذا كانت الجزية سببًا فى إسلام كثيرمن الأقباط الذين أرادوا التخلص منها، وهذا معناه نقص فى دخل الدولة، وربما حدا هذا بالخلفاء إلى مضاعفة مقدارالجزية على من بقى من الأقباط على دينه، حتى أنّ الخليفة عمربن عبدالعزيز أرسل إلى حيان بن سريح عامله على خراج مصرأنْ يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم . وروى أكثرمن مؤرخ أنّ عمروبن العاص جبى من مصر12مليون دينار، وجباها عبد الله بن سعد بن إبى سرح فى خلافة عثمان أكثر. وهذا ما أبهج عثمان بن عفان وعاتب عمر بن العاص : يا أبا عبدالله درّتْ اللقحة بأكثرمن درها الأول . فقال عمرو: أضررتم بولدها. وذكر المقريزى أنّ الذى جباه عمروثم عبدالله إنما هومن الجماجم (أى جزية الرؤوس دون ضريبة الخراج) (مصرفى عصرالولاة- من الفتح العربى إلى قيام الدولة الطولونية- تاريخ المصريين رقم 14- عام 88- من ص 127- 129) تاريخ الغزويمتلىء فى كتب كتبها مؤرخون مؤمنون بالعروبة والإسلام، ولكنهم التزموا الأمانة فى نقل وقائع الثورات وقمعها بوحشية. ونهب خيرات مصرالذى فاق مافعله كل الغزاة السابقين. العقل الحرالقارىء لهذه الوقائع يؤمن بأنّ الغزوالعربى كان هدفه نهب ثروات مصر(مثل أى محتل أجنبى) وليس نشرالإسلام كما يُردّد حملة المباخر، على حد قول أ. خليل عبدالكريم، ورغم تلك الوقائع المُشينة فى تاريخ الغزوالعربى، يكتب د. جمال حمدان أنّ غزوات العرب على كل شعب احتلوه (وليس على مصرفقط) أنشأت ((امبراطورية تحريرية بكل معنى الكلمة)) فلماذا انحدرهذا الجغرافى الكبيرإلى هذا المستوى؟ سؤال أترك إجابته لتقديركل قارىء.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية المصرية ونتيجة الانتخابات
- الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية
- قراءة فى دساتير بعض الدول
- الغزوالعصرى لأسلمة شعوب العالم
- الإبداع المصرى فى مجموعة (عيب إحنا فى كنيسة)
- الحب والتعددية فى مواجهة الكره والأحادية
- مِن القومية الإسلامية إلى القومية المصرية : لماذا ؟
- ثورة يناير والإبداع الروائى
- الأعياد المصرية : الماضى وآفاق المستقبل
- الطبقة العاملة واليسار المصرى
- مجابهة الأصولية الإسلامية
- التقويم المصرى
- الحضارة المصرية : صراع الأسطورة والتاريخ
- السوداء والمشمية - قصة للأطفال
- الشخصية اليهودية والروح العدوانية
- ثروت عكاشة : دراما العلاقة بين الثقافة والسياسة
- الجذور التاريخية لمأساة الشعب الفلسطينى
- درس من خبرة الحركة الوطنية
- صياغة التعصب الدينى بالإبداع
- دستور وطنى دائم أم شخص الرئيس


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الغزو العربى وكيف تعامل معه المؤرخون