|
الندم مفهومه وعلاقته في بعض المتغيرات النفسية الآخرى
سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)
الحوار المتمدن-العدد: 3748 - 2012 / 6 / 4 - 11:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الندم مفهومه وعلاقته في بعض المتغيرات النفسية الآخرى يشعر الفرد على نحو عام بضرورة محاسبة ذاته ومراجعتها عما ارتكبت من سلوكيات أو أفعال ، ويصاحب هذه الحالة الآلام نفسية أو ارتياح كل حسب ما سبقه من فعل . ومهما كان الانسان على قدر من الاتزان النفسى لابد من إرتكابه بعض الافعال المشينة أو الاخطاء أو شعوره بالخطأ الواقعى ويرتبط بالإتيان بأخطاء محددة نحو الذات أو الآخرين . والشعور بالندم ضرورة تهذيبية كى يقلع الفرد عن أخطائه ولكن لا يصل الى حد الشعور بالندم الوهمي الذى قد يعرقل تفكير الفرد ويجعله يضخم الأخطاء كما هو لدى مريض الاكتئاب ، حيث يعتبر الندم أحد العوامل المكونة للذنب. والذنب أحد المكونات الاساسية للاكتئاب والذى يعد بدوره من أكثر الإضطرابات النفسية شيوعا فى العالم. فقد برهنت بعض الدراسات أن الفرد المذنب يعانى من الشعور بالندم والازدراء والوحدة والاشمئزاز والإنعصاب والغضب والوساوس القهرية وعدم الثقة بالنفس والقلق . فقد كشفت نتائج بعض الدراسات المسحية التى قام بها احد الباحثين على عينات من طلاب احدى الجامعات الامريكية تبين أن 16.9% من أفراد العينة يعانون من الندم . وكشفت نتائج دراسة الأنصارى التى أجريت على عينات متنوعة من افراد المجتمع الكويتى أن 14.9% من طلبة الثانوى وأن 16.4% من طالبات الثانوى يعانون من الندم ، كما أن 8.9% من طلبة الجامعة وإن 17.4% من طالبات الجامعة يعانون من الندم ، وان 10.2% من الموظفون و 13.3% من الموظفات يعانون من الندم ، كما أن 4% من المسنون و 28.6% من المسنات يعانون من الندم ، فضلا عن أن 22.3% من ربات البيوت يعانون من الندم وإن 6.9% من المدرسون و5.2% من المدرسات يعانون من الندم. ويبدو واضحا من نتائج هذه المسوح - التى تعرضنا لها فى عجالة - ان نسب انتشار الندم لا تعتبر هينة أو بسيطة لدى عينات متنوعة من المراهقين والراشدين والمسنين والمرضى . كما يتضح أن الندم أكثر شيوعا بين الاناث عنه لدى الذكور فضلا عن انتشار أعلى معدلات الندم لدى المسنات وربات البيوت . إن تاريخ البحوث النفسية التى تعرض بالدراسة العلمية لمفهوم الندم Remorse وعلاقته بمتغيرات الشخصية - مثل الذنب والخزى وغيرها - تاريخ حديث نسبيا ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى أن هذا المفهوم من المفاهيم الحديثة فى تاريخ الدراسات النفسية الإمبريقية وعلى الرغم من وفرة كتابات أصحاب نظرية التحليل النفسى بمفهوم الندم. ولعل المهتم بظاهرة " الندم " سرعان ما يكتشف أن هناك جوانب غموض فى استخدام بعض الباحثين لمفهوم الندم ، فضلا عن علاقته ببعض المتغيرات مثل (الذنب والخزى ) . ومع ذلك لايزال عدد من الباحثين يصرون على ضرورة التمييز بين هذه المتغيرات ، لانها تمثل ظواهر مستقلة على الرغم من وجود ارتباطات متوقعة بينها . وعرف لويس الندم بانه عبارة عن الألم النفسى الناتج عما ارتكبه الفرد من فعل أو اقتراف معصية أو فاحشة ، أو أى أمر خلقي يعاقب عليه المجتمع وغالبا ما يلازم الشعور بالندم الشعور بالذنب ولكن الفرق بين الندم والذنب ، هو أن الاول يرتبط بارتكاب الأمور المحرمة مثل الفواحش ، على حين لا يشترط الذنب ارتكاب مثل هذه الفواحش أو الأمور التى يحرمها المجتمع ويعاقب عليها . وميز " تايلور " بين الندم والذنب فى أن الندم يحدث نتيجة لارتكاب أمر خلقي وبالتالي يشعر الفرد بالأسف والحسرة على ما أقترفه من فعل ، على حين ينظر الى الذنب بانه مفهوم قانوني ويكون الشخص مذنب اذا تخطى القانون التشريعي وبالتالي يستحق العقاب نتيجة ارتكابه للفعل . ويرى " كارول " بأن الندم أحد الأعراض العامة للذنب ويصفه بانه ذنب أخلاقى ناتج عن صحوة الضمير مما يدفع الفرد إلى الشعور بالندم والأسف والرغبة فى التوبة أو التعويض عن الأذى الذي يعتقد الفرد المذنب بأنه قد ألحقه بشخص ما . كما فرق كل من " هاردر ، لويس " بين الندم والذنب والخزي فى أن الندم عبارة عن الشعور بالأسف والحسرة على ما ارتكبه الشخص من فعل ولا يشترط بان يكون لهذا الفعل قد تسبب بأذى أو ضرر على الآخرين ، على حين يعرف الذنب بأنه ينتج عن ايقاع الفرد الضرر على شخص ما بمحض إرادته وبالتالي يشعر بالندم والأسى والحسرة والأسف على ماأرتكبه فى حق الغير من أذى أو ضرر ، وبهذا فهو دائما مشغول بمثل هذا التفكير أو غير راضٍ عن نفسه ، ومن هنا يختلف الذنب عن الخزى فى أن الذنب نابع من تفكير الشخص المذنب ووساوسه عما ارتكبه من فعل وليس عبارة عن ردود فعل انفعالية لما حدث فى الموقف الاجتماعى الذى يظهر فيه الشخص بصورة مناقضة لذاته أمام الآخرين . وأشار كل من " ليث " ، بوميستير " بأن الفرق بين الندم والذنب والخزى فى إن الندم عبارة عن شعور الفرد بالأسف نتيجة لاقترافه فعل ما وهو بمثابة الإعتراف بالخطأ وكلما إزدادت مشاعر الندم فانها تستثير الشعور بالذنب خاصة عندما يزيد الضرر على الضحية، وبالتالى ينتاب الفرد شعور غامض موصول بانه مذنب آثم يستحق عليه العقاب وتقديم التعويض للمتضرر ، على الرغم أن هناك بعض الأفراد لا يشعرون بالذنب حتى عند ارتكاب الافعال غير القانونية ، ولذلك فإن الذنب عادة ما يستثار لدى الافراد الذين يؤسفون أو يندمون على ما ارتكبوه من سلوكيات ، في حين أن الخزى فى المقابل يتضمن مشاعر سلبية عن الذات بكل أبعادها وليس تجاه فعل معين، لذلك تقديم الاعتذار للآخرين لا يخفف من هذه المشاعر وإنما تستمر المشاعر السلبية نحو الذات وإعادة تفهم الذات الكلية ومن ثم فإن الضيق والانعصاب الناتج عن هذا التقييم السلبى للذات قد يعيق الفرد عن التعامل بصورة واقعية أو طبيعية على الموقف الاجتماعى الراهن .
وفيما يبدو أن عملية وضع محكات فارقة بين المتغيرات الثلاث أمر سابق لأوانه لان ذلك يتطلب دراسات تحليلية وصفية لمظاهر السلوك ( المعرفي ، الانفعالي ، النزوعي) الخاص بالندم والذنب حتى نتمكن من التفرقة بينهما من خلال ملاحظة السلوك وبالتالي سوف تساعدنا هذه البيانات فى بناء اطار نظري لكل متغير على حدة . ومن هنا ينبغى تناول الندم على نحو أكثر عمقا وتفصيلا مع ضرورة إعطاء أهمية لترتيب هذه المواقف ودرجة تأثيرها فى ما تحدثه من الشعور بالندم ، كما ينبغى دراسة الندم على عينات مختلفة من الافراد فى السن والجنس والعرق. وامتدادا للمحاولات التى قام بها بعض الباحثين للتوصل الى تعريف مقبول للندم ، فإننا نبين ابرز ماتوصلت اليه الكثير من الدراسات حول الندم وهي مايلي:
كشفت نتائج الدراسات عن وجود علاقة ايجابية جوهرية بين سمة الندم وكل من المتغيرات التالية : الذنب واللوم والأسف والخزى والاكتئاب والقلق الاجتماعى والغضب ونقد الذات والخوف والحرج والقرف والخزى والذل والحرج والعداوة والذهانية والشك والوسواس القهرى . والحزن، والضيق ، والاشمئزاز ، والفزع، والخوف، والازدراء، والكره والسخط، ووهن العزيمة. كما كشفت نتائج الدراسات عن وجود علاقة سلبية جوهرية بين حالة الندم وكل من متغيرات البهجة والسعادة والسرور . وخلاصة الموضوع وددت ان اقو لان الشعور بالندم متغير نفسي ينبغي دراسته على عينات من المجتمع العراقي وخاصة المجرمين والجانحين ومن سواهم.
#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)
Sawsan_Shakir_Majeed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الارهاب، مفهومه، اسبابه، وتوصيات للحد منه
-
كتاب الجودة الشاملة في التعليم
-
دور الحوافز في إيقاظ وإثارة الدوافع لدى الأفراد
-
نحو إنشاء مركز متخصص للقياس والتقويم التربوي لضمان جودة الجا
...
-
الجودة في التعليم دراسات تطبيقية
-
الجودة الشاملة والاعتماد الاكاديمي في التعليم
-
التعليم عن بعد خطوة من خطوات التقدم الجامعي
-
الجودة والاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العام والجامعي
-
التوافق النفسي وابعاده وخطوات تحقيقه.
-
مصادر الضغوط النفسية واتجاهات تفسيرها لدى علماء النفس
-
الحوافز والمكافآت مؤشر آخر ينطق بالجودة
-
الاسترخاء وأهميته ومهارات استخدامه
-
اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب مؤشر آخر ينطق بالجودة
-
انواع الذاكرة ، وخصائصها ، وانماط التخزين
-
هل فكرت وزارة التربية في مشاركة طلابنا في أختبارات بيزا الدو
...
-
أساليب التعلم وأنواعها وتفضيلاتها عند الطلاب
-
لماذا نستخدم القياس والتقويم في العملية التربوية والتعليمية؟
...
-
الاكتئاب ، مفهومه، اعراضه، وأسبابه
-
الاختبارات النفسية (نماذج)
-
اعلان بولونيا اصلاح للتعليم العالي الاوروبي ( الفلسفة، الاهد
...
المزيد.....
-
كيف أدت -حقيبة يد- لتعميق مشاكل رئيس كوريا الجنوبية السياسية
...
-
-البنتاغون- لا يقرّ بإسناده -قسد- في ضربتين بمنطقة الفرات في
...
-
الرئيس يتراجع.. كوريا الجنوبية تدخل أزمة سياسية حادة بعد -ال
...
-
ماذا نعرف عن المعارك الدائرة في شمال سوريا؟
-
تصاعد الأزمة بكوريا الجنوبية والمعارضة تهدد بعزل الرئيس
-
استشهاد فتى بالقدس واشتباكات مع الاحتلال في قلقيلية
-
مصدران لـCNN: كاش باتيل مرشح ترامب لرئاسة FBI تعرض لعملية قر
...
-
لماذا يعد الشوفان خيارا مثاليا لصحة القلب وفقدان الوزن؟
-
هاتف متطور من Honor يكتسح الأسواق قريبا
-
حل مبتكر للحد من غازات الأبقار المسببة للاحتباس الحراري
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|