أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الجواهري - مشاهد الانتخابات ليست مجرد مشاهد رومانسية















المزيد.....

مشاهد الانتخابات ليست مجرد مشاهد رومانسية


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 1098 - 2005 / 2 / 3 - 10:03
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


2005-02-02
الانتخابات العراقية تختلف عن غيرها من الانتخابات في العالم.
إنها ليست مجرد مشاهد رومانسية، تلك التي شاهدناها يوم الانتخابات العظيم في بلاد الرافدين، فاول ما فعله أبناء الرافدين أن بصقوا بوجه تنظيم القاعدة في هذه البلاد الطاهرة، ولطموا وجوه فلول البعث الغادرة بالنعال مرة اخرى، وأخرسوا كل أصوات الحمير. لكن اردت أن أذهب بعيدا بتأمل هذه التجربة التي وإن كانت جديدة على العراقي، لكنها أثبتت لعالم أن العراق يستوعب كل جديد.
الأغلبية الصامتة كان صمتها قد طال، وهذا ما جعل المغامرين أن يستهينوا بها ويوغلوا في غييهم، وإذا بهذه الأغلبية الصامتة كانت يوم الثلاثين من كانون الثاني الأعلى صوتا بين الأصوات، هذا يعني إنها رغم صمتها، كانت تعي تماما إنها الأقوى، وأنها كانت ترى من يريد أن يتلاعب بها ويجرها لمجازر، لكنها بقيت صامتة ولم تنطق ببنت شفة، وفي النهاية تبين إن الصمت كان اقوى من كل الزعيق، واللا أبالية كانت اقوى أنواع الإلتزام، والمظهر الرث من عسف السنين كان الأكثر أناقة وأجمل من كل ما عرضته دور الأزياء. نعم لم تكن هذه المشاهد التي شاهدناها يوم الانتخابات العظيم مجرد مادة شعرية، بل كانت تعلن للعالم أجمع اننا شعب حي، وهذا ما يفسر اليوم حجم المقابر الجماعية التي ملئت ارض الرافدين، وإتساع السجون في بلاد الرافدين على ضيق أقبيتها وزنازينها المظلمة، فلو لم يكن شعبنا بهذه الدرجة من الوعي والتمسك بالإرادة لما حدث له ما حدث، وهذا ما فسر لنا أن كيف استطاع العراقيون السيطرة على ثلاثة أرباع العراق بضرف يوم أو بعض يوم خلال الإنتفاضة العظيمة في أذار عام 91 بعد غزو الكويت، وهو الذي يفسر انتفاضة الحياد العظيمة التي كانت السبب الرئيسي بإسقاط النظام الدكتاتوري الهمجي حين وقف العراقيون وقفة رجل واحد، وقفة الحياد المعروفة، ليسقط النظام البعثي بلمح البصر ذلك السقوط المهين، وهو ما يفسر فشل كل المحاولات لإشعال الفتنة الطائفية في العراق التي ما فتئت تحاول إشعالها عناصر البعث والسلفيين، ويفسر ذلك الصبر الذي فاق صبر ايوب على كل ما فعله فلول النظام المقبور منذ سقوطه ولحد الآن.
العراقي مدرك تماما لما يريد وما الذي يحركه، فهو يتحرك فقط عند الضرورة ومتى يضرب ضربته، وهذه الحالة تعتبر أعلى درجات الوعي وليس تلك المشاهد التي أوهمت العالم يوم سقوط النظام عندما اطلقوا كلابهم لتحرق وتسلب وتنهب لتعطي للعالم صورة مغايرة عن حقيقة شعبنا، فالشعب الذي يعرف متى تكون الضرورة ويعيها، هو الشعب الحر، حيث أن الحرية بمعناها الأدق والأعمق هي ""وعي الضرورة"" كما يراها الفلاسفة الكبار، فكيف يمكن أن نفسر التناقض الذي تعكسه الصورتين، صورة النهب والسلب مقابل صورة الانتخابات، وتلك الصور التي تحدث الشعب عنها عندما عارض، وعندما انتفض، وعندما صمت، وآخرها عندما يلقي الشرطي بنفسه على الإرهابي المفخخ بحزام ناسف لكي يكون درعا بشريا حتى لا يصاب أحد من المصوتين يوم الانتخابات؟ لابد أن يكون هذا الإنسان واعيا، وهذا ليس بكثير عليه فهو من علم البشرية الكتابة.
على العكس مما كنا نسمع أو يقال، من أن السنة العرب العراقيين يقاطعون الانتخابات، فها هم يشاركون بالانتخابات ويدلون بأصواتهم بذات الكثافة التي شارك بها العراقيون من باقي الأطياف، وهذا ما كنا نقوله دائما، فليس السنة من يقاطع وإن كانوا صامتين، فهم كباقي أبناء الرافدين، اغلبية صامتة، لكن مدوية بفعلها، وكان تحدي السنة العرب ربما أكبر من التحدي الذي اظهره باقي العراقيين للإرهاب، فهم تحت وابل القذائف والنار أدلو بأصواتهم، واثبتوا للعالم أجمع زيف إدعاء من يريد أن يصادر إرادتهم ويتخذ منهم رهينة له وبيوتهم ملاذا آمنا، فهم بهذا الاقدام على المشاركة أسقطوا الحجة البالية من أيد الدجالين المتاجرين بالطائفية ومشعلي الفتن الذين يدعون تمثيل هذا الطيف الجميل من أبناء الرافدين. لكن بقي المزايدين الطائفيين يروجون لغير ذلك، ظنا منهم أن ذلك سوف يؤدي لادخالهم في العملية السياسية مرة اخرى في حين هم من رفضها وخرج، وهم يعرفون تماما أن ليس هناك من يمنحهم ثقته، فخرجوا بحجج واهية قبل ان يفتضح أمرهم. لذا من الخطأ أن يمنح هؤلاء فرصة اخرى في العملية السياسية، لأن هؤلاء هم من سوف يخرب أية عملية سياسية ويحرفها عن مسيارها الصحيح، لذا عوتهم وإعادة الاعتبار لهم خطر كبير على العملية السياسية القادمة المتمثلة بكتابة الدستور الدائم.
ومما أفرزته الانتخابات من مفارقات أخرى، فعلى العكس مما كان يقال عن علاوي وأنه هو من دمر الفلوجة، فها هم الفلوجيون يوم الثلاثين من كانون الثاني يمنحون ثقتهم لعلاوي بالذات، بالنسبة للكثير تبدو هذه المسألة مفارقة إنتخابية كبيرة، لكن أهل الفلوجة يدركون تماما أن علاوي والحكومة كانت تقف أمام حالة مستحيلة متمثلة بإصرار السلفيين والإسلاميين على عدم الخروج من المدينة وإبقائها رهينة بأيديهم، ويدركون تماما أن الحكومة لم يبقى أمامها خيار آخر سوى إخراجهم من المدينة بالقوة. ربما يكون هناك سبب آخر يدفع الفلوجيين وكل أبناء الطيف السني العراقي الوقوف وراء علاوي وهو تعاطفه مع البعثيين المتساقطين من النظام المقبور بعد حل حزب البعث، حيث إن علاوي قد تمادى بهذا الأمر لكي يعطيهم رسالة قوية من أنه الأرحم بهم حيث أن معظم أبنائهم قد إنخرطوا بهذا الحزب طوعا أو إكراها، ولم يبقى لهم سوى طوق نجاة الوحيد هذا، لذا منحوه أصواتهم بقوة آملين أن يبقى على رأس السلطة التنفيذية في العراق، لكن في واقع الأمر إن مسألة استيعاب البعثيين الذين لم تتلطخ أيديهم بجرائم النظام المقبورتعتبر مهمة وطنية تتبناها جميع الأحزاب والتيارات السياسية في البلاد، إذ ليس من المعقول أن يرمي العراق بتسعة ملايين عراقي كانوا قد إنخركوا كرها أو طواعية بحزب السلطة آن ذاك، لكن مع ذلك فإن هذه الحالة تعكس درجة عالية من الوعي لدى أبناء هذا الطيف العراقي وكذا جميع البعثيين في المناطق الأخرى من العراق، وهذا يعني ايضا أنه نوعا من المصالحة والمصارحة التي تطالب بها جهات كثيرة مدعية وإنتهازية وأخرى مخلصة، فذهاب الجميع يعني أول خطوة على طريق المصالحة والمصارحة بين أبناء الشعب، وإن تبدو انها جاءت بشكل عفوي، ولكن أقول جازما أنها ليست عفوية على الإطلاق، بل جاءت عن وعي حقيقي وإدراك لمتطلبات المرحلة، وهكذا تثبت الجماهير مرة أخرى أنها هي المعلم الأول للساسة والمثقفين وحتى الفلاسفة، ويثبتون أيضا أن لا علاقة لهم بالعنف المسلح، بل كانوا ضحية له وأبلغوا هذه الرسالة لكل من غابت عن حسه وادراكه هذه الحقائق، وقد أبلغوا الرسالة أيضا لمن بقوا يحملون السلاح، من أنهم براء من هؤلاء ولا يرغبون بوجودهم بين ظهرانيهم ولا يمثلوهم على الإطلاق، وإنهم يريدون العيش بسلام مع أخوتهم من أبناء العراق. وهذا لا يعني أيضا أن المصالحة مع الإرهابيين والقتلة والذين تلطخت أيديهم بدماء أبناء الشعب أمر ممكن، حيث أن المصالحة والمصارحة لا تعني أبدا التنازل الحقوق ولا التنازل عن المواقف الأخلاقية والعرفية كما يرمي لذلك الكثير من المزايدين أو لهم أهداف غير مشروعة، وعلى هؤلاء اليوم أن يدركوا أن العراقي ليس ساذجا بل أكثر وعيا منهم، وقد قدم الدليل كما قدم تلك الأدلة سابقا.
النقطة المختلفة في الانتخابات العراقية عن الأخرى، فهي على العكس مما يقال عن الانتخابات في العالم أجمع، من أن النتائج هي الأهم، لكن في العراق، تعتبر نسبة المشاركة أكثر أهمية من النتائج، والسبب بسيط للغاية، وهو ان قانون الانتخابات الذي يعتمد التمثيل النسبي للقوائم المغلقة والدائرة الانتخابية الواحدة يضمن تمثيل الجميع بلا استثناء مهما قل عددهم، لأنها سوف تكون معروفة من الآن بحيث الكل سيأخذ القدر الذي يستحقه من التمثيل في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، لكن نسبة المشاركة بالمقابل تعني كل ما ذكرناه من عبر تمخضت عنها الانتخابات، فالمشاركة في العراق أكثر أهمية من النتائج النهائية.
الانتخابات في العالم دائما تعتبر شأنا داخليا لذلك الشعب، لكن في العراق الأمر مختلف إلى حد بعيد وإن بقيت تحمل الصفة الذاتية، من إنها شأن عراقيا داخليا، حيث هي بذات الوقت تعتبر نوعا متحضرا من أنواع التحريض على الأنظمة الشمولية في المنطقة، لذا فهي ليست شأن داخلية بحت، فهي يمكن أن تكون أقوى من الطلقة لمواجهة الأنظمة التي أرادت بنا الشر وتقسيم بلادنا، بل أقوى من قنابل هيروشيما ونكزاكي لمثل هذه الأنظمة المتعفنة، لذا كانت الانتخابات العراقية هي الوحيدة التي لم يبارك نجاحها الزعماء العرب والزعماء للدول الاسلامية، ولذات السبب هي الانتخابات الوحيدة في العالم التي لها أعداء ألداء يقتلون من يشارك بها ويعلنوا بلا خجل إنهم ضدها.
الآنتخابات في العالم اجمع هي الوسيلة الوحيدة التي تضع الحكومات أمام وضع مريح لمواجهة التحديات، لكن هذه الانتخابات تجعل من العراق على حافة الهاوية إذا لم يرتفع السياسيون العراقيون إلى مستوى المسؤولية التاريخية التي يقفون أمامها، فإنها سوف تكون وبالا على العراق بدلا من أن تكون طوق النجاة، والسبب هو كثرة المزايدين والانتهازيين والقتلة الذين يريدون للعملية السياسية أن تخسر، أدواتهم كثرة التناقضات التي أفرزها الواقع الموضوعي في العراق سواء كان من مخلفات الأنظمة السابقة أو من خلال تشابك الأطياف الكثيرة وتعارض مصالحها، وعلى المجلس الوطني المنتخب أن يخرج من هذه الغابة المليئة بالمفاجئات بدستور يمثل كل العراقيين، إنه أمر فيه من التحدي ما لم يواجهه سياسي في أي مكان آخر من العلم لحد الآن.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصائح كسينجر وشولتز الجديدة للإدارة الأمريكية
- المأزق الحقيقي بعد الانتخابات
- الديمقراطية عدوهم اللدود
- لم لا نحلم معا أيها الصديق؟
- نتائج أولية للانتخابات العراقية
- خارطة المواقف من الانتخابات وهذيان الشعلان
- المسافة بين استئصال البعث إعادة تأهيل البعثي
- تأجيل الانتخابات مقابل إجتثاث البعث
- حق التمثيل في العراق يشوبه التشويه
- حل القوات المسلحة الصدامية لم يكن خطأ، بل أصح قرار
- الانتخابات العراقية، قائمة إتحاد الشعب
- منهجية جديدة للبعث في الإرهاب
- أمير الدراجي والانتحار انتخابيا
- البعث، أس البلاء، ولعبة شد الحبل مع الذات
- تيار ولاية الفقيه لا يهدد الديمقراطية في العراق
- الديمقراطية لابد قادمة لأنها إرادة شعب
- العراقي يستطيع أن يحمي صناديق الانتخابات
- لدي اعتراض
- حديث في الانتخابات، الكورد واليسار العراقي
- حديث عن الانتخابات، قائمة الشيعة


المزيد.....




- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...
- حزب الله يقصف مستوطنة ميرون ومحيطها بوابل من الصواريخ
- وزير الخارجية الفرنسي يستهل جولته في الشرق الأوسط بزيارة لبن ...
- مفتي سلطنة عمان معلقا على المظاهرات الداعمة لفلسطين في جامعا ...
- -عشرات الصواريخ وهجوم على قوات للواء غولاني-.. -حزب الله- ين ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الجواهري - مشاهد الانتخابات ليست مجرد مشاهد رومانسية