أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - الرعب في أغاني الأطفال!














المزيد.....

الرعب في أغاني الأطفال!


فليحة حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3740 - 2012 / 5 / 27 - 19:52
المحور: الادب والفن
    


الرعب في أغاني الأطفال!
تمتد جذور أغاني الأطفال الى عصر ما قبل الإسلام حين كانت الأم تُسمع وليدها أشعاراً وهي تراقصه كي تخلق منه شخصية متكاملة يمكنها أن تستمر في الكد والعناء في الحياة وتنمي فيه الإقدام والشجاعة والإقبال عليها ،
من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما توارث عن (ضباعة بنت عامر بن قرط ) حين غنت لابنها (المغيرة بن سلمة) وعددت في أغنيتها تلك مكارم وعزة وأصالة المحتد الذي ينتمي إليه أهلها وبني قومها محاولة منها في زرع تلك الخصال الحميدة في وليدها وتنشئته عليها فقالت : (نما به في الذرا هشام ،
قروم وآباء له كرام

جحاجح خضارم عظام

من آل مخزوم هم الأعلام

الهامة العلياء والسّنام )
ولا تفترق كثيرا أغاني جداتنا بلهجتها العراقية الدارجة حين كنَّ يسمعننا إياها زارعات بأرواحنا التفاؤل والجمال مضيفات َ أسمائنا إلى تلك الأغنيات فنردد بعدهن (شدة يا ورد ،شدة ، من هي الورد ، شدة ،زهراء الورد ،شدة ،نومته ورد ،شدة ،كعدته ورد ،شدة ،ضحكته ورد، شدة ،كل أحنه ورد ،شدة ) ونصحو على صبح نتخيل به أنفسنا وروداً يانعة تتفتح بألق فياض لتصنع جمال زاه لمستقبل مقبل ،
غير إن الحال لم تعد ذاتها حين داهمت سطوة الحروب أنفسنا وصبغت الشوارع بيافطات الفقد وصور الراحلين ، إذ استبدلت حناجر جداتنا وأمهاتنا الحانيات بأصوات مذياع لا يريد من الطفل إلا أن يكون وريث حرب وسليل دماء لا تتوقف،
فصار يعمد الى إسماع الطفل ما يبقيه في دائرة الحرب المنغلقة حوله،وشاعت حينئذ أغاني البندقية التي لا تصدأ حتى وان تعاورتها الأيدي ،وصرنا نسمع الحناجر الصغيرة تردد مقلدة بعد ملقنيها حتى أصوات دوي الطلقات( أنا جندي عربي ، بندقيتي بيدي ، احمي بيه وطني ، طيك، طيك، طاك)
فدب الرعب في أرواحنا حين عُمد الى إزالة الفرح والتفاؤل من أرواح أطفالنا بأغاني الحروب المتواترة تلك ،
غير إنا كنا نأمل بالكثير حين أُزيلتْ جدران الظلام وخمّنا إن فرحاً قادماً ستكتبه الأنامل من جديد لتصدح به حناجر أطفالنا التي شبعت انكسارات ، وقلنا سنسمع من جديد أغان تشابه عفوية طفولتنا حين كنّا نردد ( داير ما داير غطينه يا شميسه شويه شويه ، شما نلعب نلعب خلينه يا شميسة شويه شويه) ،
لكننا نتفاجأ ونحن نتابع شاشات التلفاز بمحطاتها المخصصة للأطفال وكيف إنها تمعن في بث الرعب في أرواح أطفالنا تحت مسمى نشيد إسلامي ، فتسمعهم كلمات اشد من القسوة بحجة الترغيب عن مفاسد الدنيا والترهيب من النار كلمات من مثل :
(حين تزول جلود البشر من حر جهنم وتذاب
تتبدل بجلود أخرى ليذوقوا أصناف عذاب )
والمتأمل في هذا النشيد الإسلامي لا يجد فيه غير صور الرعب المتمثل بإذابة النار لجلود البشر ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن تلك الجلود المتجددة في ذوبانها متواصل عذابها ،
هذه الصورة التي يحملها هذا النشيد تشعر الشخص البالغ بالهلع وتوصله الى درجة كبيرة من الخوف ،فكيف بالطفل الصغير الذي تبدأ شخصيته بالتكون من هذه المرحلة الحياتية المهمة بل الخطيرة ؟!
في اعتقادي قد تؤدي بذلك الصغير حين الإدمان على الاستماع إليها الى الانكفاء على الذات وعدم مخالطة الناس خشية أن لا يرتكب المعاصي فيدخل في تلك النار الخالدة التي تواصل إذابة جلده الى ابد الآبدين ،
وبهذا نكون وبدلاً من الإسهام في خلق شخصية سوية تحمل على عاتقها بناء مستقبل الشعوب وتنهض به، نكون قد بنينا شخصية هشة ضعيفة مدمرة محطمة لا تقوى حتى على تحمل مسؤوليتها ،
شخصية ابسط ما تكونه تصبح عالة على المجتمع ومن ثم نكون نحن الخاسرين ،
ورب قارئ لمقالتي يعترض فيقول لكن هذه الكلمات مستلة من القرآن ووظفها الشاعر في النصح والإرشاد هنا ليس إلا ،
حينها أجيبه نعم هي مستلة من القرآن فعلاً لكنها لا تصلح في موقف النصح للصغار أبداً لكثرة ما تحمل من ترهيب وتخويف كبيرين ، ثم ألا يصلح النصح والإرشاد مع الترغيب في اكتساب الحسنات بفعل الخير والحث عليه ،
وإذا كانت الشيماء أخت محمد (ص) في الرضاع ترقّصه صغيراً في بادية بني سعد بكلمات كلها دعاء بالخير له والبقاء والسيادة والدوام في العز في الدنيا كما تذكر كتب التاريخ فتقول :
( يا ربّ أبق لنا محمّداً
حتىّ أراه يافعاً وأمردا
ثم أراه سيداً مسوّدا
واقتل أعاديه معاً والحسدا
وأعطه عزّاً يدوم أبدا)
فلماذا إذن نخيف صغارنا من دنياهم ونزرع الرعب منها في قلوبهم الوردية ؟
لماذا ....لا أدري !



#فليحة_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تدخل سرقة الحوارات ضمن السرقات الأدبية؟!
- إيران ولعبة استنساخ الإمام علي (ع) ؟
- ضغطة الزر المرعبة
- (أغمض عيني لأراك!)
- معجزة الافطار / قصيدة اليزابث بشوب ترجمة / فليحة حسن
- المشهد الثقافي العراقي دعائي وملفق بعد التغيير وقبله!
- ستالينغراد
- قصائد هايكو / بقلم رتشارد رايت / ترجمة فليحة حسن
- قصيدة (شمعدان)
- قصيدة مترجمة
- لماذا ( اللأيمو ) في العراق؟!
- موزونتان
- الشعر النثري
- النجف
- طابوقة
- مسرحية من فصل واحد!
- لقب شاعر!
- المعنى السلوكي للثقافة !
- الأدب النسوي ثانية
- مشهد من رواية نمش ماي أمرأة........ !


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - الرعب في أغاني الأطفال!