أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - عبدالخالق السامرائي بين النبل والخيال (٢-٢)














المزيد.....

عبدالخالق السامرائي بين النبل والخيال (٢-٢)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 08:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتوجهُ عبدالخالق السامرائي كقيادي حزبي بعثي في سبعينيات العراق في القرن الماضي لتحويل أفكاره الخيالية إلى واقع.

تلك المآثر الاجتماعية التعاونية وشمائل القبائل الفروسية التي يجب أن تدخل حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب مترددٌ بين اليمينِ واليسار، بين الإسلامِ والحداثة، بين هيمنة الجيش وتصعيد دور القوى المدنية.

هو ينقلُ تصوراته لميدانِ التطبيق العملي، محاطاً بمثقفين، وبعلاقات مع قوى التحرر العربي، واليسار في العالم، ولكن حزبَ البعثِ كان على العكس يتجهُ إلى اليمين؛ صلاح جديد في سوريا الذي يقوم بتطبيق النمط نفسه يفترسهُ الأسد ويجعله في السجن الأبدي.

والقيادة القومية أصبحت في توجه يميني، ولكن أي يمين؟ هل هو اليمين الرأسمالي الغربي الديمقراطي؟

لا، إنه يمينٌ غيرُ واضح، يتشكلُ في غبشِ العلاقاتِ الاجتماعية بين رأسماليتي دولةٍ في العراق وسوريا، لكل منهما مسارها، الذي تكونُهُ قيادةُ الدولة والقوى الاجتماعية التي تهيمنُ عليها، وفيما تتحددُ سوريا بسلطةٍ عسكرية مذهبية من لون، تتحددُ رأسماليةُ الدولة في العراق بعسكر ومن لون مذهبي آخر، ولهذا سوف يجرى تصعيدُ الطائفية وليست القومية العربية.

أما مسائل دور الحزب الطليعي في بث القيم الديمقراطية والثقافة التنويرية فهو دورٌ مخطوف، لأن الثقافةَ هنا غيرُ ديمقراطية تعددية، والسلطة في كل من البلدين تتمركزُ أكثر فأكثر، وتابعة للمجموعات المتنفذة توزيعاً ومصلحةً.

ولهذا فإن عبدالخالق السامرائي كقائدٍ سياسي ثقافي يجد مهماته الثقافية ضائعة، غير قادر على النفاذ للجمهور وتثقيفه وتحويله للمشروع السياسي الذي يريده.

لكنه لا ينشئ مجموعةً تسربُ رؤيته شيئاً فشيئاً بل يُسرع في إصدارٍ كتبٍ تعرضُ هذه الفكرة، وهي التوجه للاشتراكية، وتحويل حزب البعث اليميني إلى حزبِ عمال.

وإذا كان صلاح جديد قد شكل تجربته الطفولية (الاشتراكية) وأسس رأسمالية دولة ذات قيادة عسكرية وأراد أن يوغلَ في التأميمات فإن النفوذَ اليميني العسكري قد عالج هذا (الانحراف) بحركةٍ (تصحيحية) أبقت رأسمالية الدولة العسكرية مع تنمية نفوذ الرأسماليين فيها.

لكن السامرائي لم يكن من هذا النمط الانقلابي ولا من المولعين بذاتِهم المنتفخة الباذخة، ورأى أن ثمة ظروفاً ناضجةً في العراق لدولة كادحين حقيقية.

حين نشر كراسه الداعي إلى ذلك ارتعدتْ فرائصُ الحزب، الذي قام على هزيمةِ مثل هذا المشروع كما تجلى في منافسهِ الحزب الشيوعي.

احتوى العراق على أكثر النماذج الثقافية المرهفة لأوضاعِ الفقراء المثقلة بالعذابات والثورات على مر التاريخ، ولهذا فإن القفزةَ التاريخيةَ كانت هاجسا ملحا لهم، وظهرتْ على أشكال مختلفة، وظهرت لدى السامرائي وهو يتجولُ بين ممرات قوى مفترسة، وخاصة عند تلميذه السابق والصاعد بقوة في الحزب وهو صدام، ولهذا فإن مشروعَ تحويل حزب يميني إلى يساري مسألة معقدة وخطرة.

هذا الحزبُ المشتتُ في جذور اسمه وتكون من حزب يميني وحزب يساري، جمعتهما في سوريا علاقاتٌ شخصية حزبية، لم يتحول لدرسٍ عميق واختيار دقيق بين الاشتراكية والرأسمالية، وجاء بتناقضاتهِ لبيئةِ العراق، وأُخذ كقوةٍ ضاربةٍ ضد اليسار، وتغلغل في أدوات الجيش والسلطة والعنف والعشائر، لكن تلك التناقضات ظلت فيه، ويمثل السامرائي تلك الجذوة ذات الطهرانية الخيالية التي تتصور إزالة التناقضات العميقة عبر اللغة الثقافية الحماسية، ومن هنا كان كراسه ليس أداةً لتحويل الحزب لحزبٍ عمالي بل لتوجهه نحو الفاشية.

حتى العناصر اليمينية ذات الاستشراف الإنساني كميشيل عفلق تم إبعادها، فمع تصاعد العسكرة فإن العناصر «النهضوية» الفردية التي من الممكن أن تكون ذات أدوار مختلفة تُلغى وتصفى بحكم الآلة العسكرية الأمنية التي تغدو السلطة المطلقة.

وهذا التمركز في الحزب يعودُ به لدوائر التخلف المذهبية والقبلية التي نهض على تجاوزها واستبدال منظومة الحداثة بها، مثلما صعّد ستالين القوى السكانيةَ المتخلفة ونحى العناصرَ المفكرة البارزة في الحزب، وهذه الدروس كانت على مرأى المسرح الحزبي نفسه للسامرائي كما حدث الأمر ذاته في سوريا وكانت الأجسامُ تتطاير محترقةً وهاربة.

إن روح الفروسية والنبل وتلك التقاليد الشعبية المدافعة عن الفقراء ونقلهم لعالم آخر، تشد السامرائي بحيث لا يقرأُ الخريطةَ الاجتماعية الموضوعية، ولكن هذه الدونكيشوتية الحلمية غير موجودة في عالم الضواري، فلا يرى المواد اليومية عن الاغتيالات واختفاء الشخصيات بأشكالٍ تآمرية.

لقد رسخَ في ذهنه انه قادرٌ على تغيير الحزب وتوجيهه نحو ما يراه، وخلق ثقافة سياسية مختلفة وعبر أدوات الحزب التنظيمية، فيما هذه القواعد التنظيمية مخروقة من كل مسامها.

لكن حقيقةَ الحزب ظهرتْ له في آخر أيامه، وربما لو كَتبَ شيئاً، أو أوصل مادة ثقافية لربما كانت تمثل آخر أسئلته وملاحظاته على خيالٍ عاش فيه، ونظام هو ليس للفقراء بل لأعدائهم، وعلى كارثة شخصيةٍ حَلت به، فمن القيادة إلى السجن والإعدام، ومن النضال المشترك مع الرفاق إلى بطش رفاق به بتهمة التآمر على الحزب والنظام.

هي دروسٌ للذين يسهمون في الشموليات المختلفة وهي تنمو وتطحنهم في آلتها التي قاموا هم بتصعيدها.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالخالق السامرائي بين النبلِ والخيال (١-٢)
- صراع قوتين في الانتخابات المصرية
- الشيخ يوسف القرضاوي والوعي بالديمقراطية (٢-٢)
- الشيخُ القرضاوي والوعي بالديمقراطية (١-٢)
- الإخوان المسلمون بين إعصارين
- صعودُ الاشتراكيين الديمقراطيين
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرة السحريةُ (٣-٣)
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرة السحرية (٢ - ٣)
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرةُ السحريةُ (١٣)
- ميلاد سياسي فوضوي لشعوب عربية
- قضية حق أُريدَ بها باطلٌ
- مَن يخدمُ الاستعمار؟
- حمزةُ البهلوان وصراعُ العربِ والفرس
- ضد الفاشية وليس ضد الإسلام
- الثورة السورية والخذلانُ العربي والدولي
- المشروعُ الإيراني ينخرُ شعبَنا البحريني
- تطورُ الديمقراطيةِ مرهونٌ بهزيمةِ ولايةِ الفقيه
- الصراعُ غيرُ الخلاق
- مجددا حول السياسة الفاشية في إيران
- القوميات ورأسمالية الدولة


المزيد.....




- البحرين.. جملة قالها الشيخ ناصر أمام بوتين وردة فعل الأخير ت ...
- مردخاي فعنونو: كيف عرف العالِم سر الترسانة النووية الإسرائيل ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي: أخرنا إمكانية امتلاك إيران لسلاح ن ...
- إسرائيل تضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان ...
- -تمويل بغباء-.. ترامب يكشف سرا عن سد النهضة
- سفن وصواريخ.. كيف تساعد أميركا إسرائيل في صد هجمات إيران؟
- -شالداغ-.. خطة إسرائيل البديلة للتعامل مع منشأة -فوردو-
- إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري ...
- عراقجي لشبكة إن بي سي: خيار التفاوض أو الحرب متروك للأميركيي ...
- الجامعة العربية تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتدعو للتهد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - عبدالخالق السامرائي بين النبل والخيال (٢-٢)