أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - الشيخُ القرضاوي والوعي بالديمقراطية (١-٢)















المزيد.....

الشيخُ القرضاوي والوعي بالديمقراطية (١-٢)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3727 - 2012 / 5 / 14 - 09:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتحدث فضيلةُ الشيخ يوسف القرضاوي عن الديمقراطية بشكلٍ أدبي، مؤيداً الديمقراطية ورافضاً الاستبدادَ والمستبدين، لكنه يحولها لمعنى عامٍ مجرد:

(إن جوهر الديمقراطية - بعيدًا عن التعريفات والمصطلحات الأكاديمية - أن يختار الناس من يحكمهم ويسوس أمرهم، وألا يفرض عليهم حاكماً يكرهونه، أو نظاماً يكرهونه، وأن يكون لهم حق محاسبة الحاكم إذا أخطأ، وحق عزله إذا انحرف، وألا يُساق الناس إلى اتجاهات أو مناهج اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية لا يعرفونها ولا يرضون عنها. فإذا عارضها بعضهم كان جزاؤه التشريد والتنكيل، بل التعذيب والتقتيل)، من مقالته الديمقراطية واتفاقها مع روح الإسلام.

وهذا في الواقع معنى عامٌ غيرُ تاريخي وغيرُ اجتماعي معلقٌ في الهواء، فلابد من معرفة هؤلاء الناس وفي أي سياقٍ وشروط تاريخية يعيشون فيها.

والشيخُ يفهمُ التاريخَ بشكلٍ ديني أدبي، ويطبقُ قراءته هذه على نصوص القرآن وتاريخ الإسلام، فحقيقةً أن الناسَ مساقون في عيشهم في عالم الاستبداد وفي ثورتهم عليه، الناس يظلون مهيمنٌ عليهم في المراحل التاريخية كافة التي عاشتها الإنسانية.

ثمة شروط تجعل من المستعبَدين يثورون، ولكن بيد من تبقى القيادة؟ وهل من يقودهم للثورة سوف يحقق الحرية؟ وهل هناك حرية مطلقة أم حريات نسبية مع تطور أشكال الإنتاج والأنظمة؟

ولهذا فإن الشيخ حين يصل إلى هذا المعنى العام المجرد الذي توصل إليه يمضي به إلى الديمقراطية الحديثة بقفزة واحدة.

فالديمقراطيةُ هي صراعٌ اجتماعي بين أغلبية شعبية وأقلية محتكرة للسلطة، لكن أي تغيير في السلطة المستبدة السابقة لن يؤدي بالضرورة إلى ديمقراطية شعبية وعدالة اجتماعية. فحين تظهر ادوات التصويت والبرلمان والاقتراع وغيرها من الأدوات الغربية الحديثة ويتم نقلها في الدول العربية فهذا لا يعني ديمقراطية موجهة لـ (الظالمين والمستكبرين) وكل هذه الكلمات التي يتفضل بها الشيخ يوسف. فما يحدث الآن هو انتقال السلطة من جماعة رأسمالية إلى جماعة رأسمالية أخرى.

فكلماتٌ مثل أن الحاكمَ (يفرضُ عليهم نظاماً يكرهونه) هذا تعبيرٌ أدبي، وليس تعبيراً موضوعياً، فمن الأنظمة من فرضَ نظاماً كان مقبولاً للناس في سنين لأنه يقدم لهم تطوراً اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً. لكنهم ثاروا عليه حين عجز هذا النظام عن تقديم المكتسبات للناس، وتحولت الطبقة الحاكمة إلى عقبة أمام هذا التطور، وليس بالضرورة أن تكون ثورتهم والنظام الذي ينجمُ عنها مُلغيين لشروط الاستغلال بل جاءتْ أشكالٌ جديدة منه، ربما أخف ربما أسوأ حسب فاعلية الناس ووعيهم.

إن الشيخَ حين يصل لذلك المعنى المجرد المبهم غير الدقيق يواصل عرضَهُ التعميمي عبر توسيع نتائجه:

(هو جوهر الديمقراطية الحقيقية التي وجدتْ البشريةُ لها صيغًا وأساليب عملية، مثل الانتخاب والاستفتاء العام، وترجيح حكم الأكثرية، وتعدد الأحزاب السياسية، وحق الأقلية في المعارضة وحرية الصحافة، واستقلال القضاء.. إلخ).

ومرةً أخرى يضعُ الشيخُ القضيةَ في تجريد عبر قوله (وجدتْ البشريةُ)، فليس ثمة تجارب بشرية مطلقة بل هي التجربة الغربية الديمقراطية الرأسمالية، والبشريةُ لم تعرف غيرها إلا كلمحات طفيفة لدى اليونان في عصر المدن السابق.

وبالتالي فإن الشيخ القرضاوي حين يقطعُ جذورَ الديمقراطية وكيف نبتتْ يستمر في منهجهِ اللاتاريخي، وهذا المنهجُ يسمحُ له بالانتقاء، فيذكرُ شروطاً ويلغي شروطاً أخرى، حسب رؤيته وموقعه السياسي الاجتماعي.

فالديمقراطيةُ نظامٌ متكاملٌ تتداخلُ فيه السماتُ العلمانية والعقلانية وفصل السلطات، وهو لا يحققُ عدالةً مطلقة، بل هو صراع اجتماعي سياسي، وكل طبقة تقومُ بتقديم برنامجها، وتؤسس النظام بوحدةِ الطبقات العمالية والبرجوازية، واتفاقها عليه، وأبعدتْ منه رجالَ الكنيسة ومحاولاتهم الدخولَ ليس كأشخاص مستقلين ولكن كسلطة واستغلال حكمهم المطلق السابق في تاريخ أوروبا في الديمقراطية النسبية الجديدة، أي أن الديمقراطية هي صراع سياسي اجتماعي عصري بين قوى ذات برامج متباينة تجد الرفض أو القبول وتسهم في تطورِ البناء الاقتصادي والواقع ككل.

ثم بعد ذلك يعرضُ الشيخُ مقتطفاتٍ دينية قائلاً في إحداها:

(الواقع أن الذي يتأمل جوهر الديمقراطية يجد أنه من صميم الإسلام، فهو ينكر أن يؤم الناس في الصلاة من يكرهونه، ولا يَرضون عنه).

هنا ينتقلُ الشيخُ من عبادةٍ دينيةٍ إلى معنى سياسي عصري مغاير، فهذه العبادة لا تتدخل في القرارات السياسية ولا تُتخذُ بالأكثرية والأقلية، فهي مظهرٌ عبادي، وتتحكم فيه الدولُ، فهل هذا المعنى الأخلاقي الذي ظهر في المرحلة التأسيسية في الإسلام غدا مظهراً سياسياً وكان الناس قادرين على تنفيذه في مختلف العصور؟

وكما يلغي الشروطَ الموضوعيةَ التي جرتْ فيها الصلاة وكيف هيمن الحكامُ على المصلين والفقهاء، فهو كذلك يلغي شروطَ تكوّن الرسالات النبوية عبر العصور ويضعها في فهمه الأدبي الإنشائي المجرد.

فيتوجهُ الشيخُ للعصور القديمة المعبرة عن زمنية العبودية وهو محق في نقدها بطبيعة الحال، لكنه يجعلها ثلاثة أطراف:

(وقد كشفَ القرآنُ عن تحالفٍ دنس بين أطراف ثلاثة خبيثة:

الأول: الحاكم المتأله المتجبر في بلاد الله، المتسلط على عباد الله، ويمثله فرعون.

والثاني: السياسي الوصولي، الذي يسخر ذكاءه وخبرته في خدمة الطاغية، وتثبيت حكمه، وترويض شعبه للخضوع له ويمثله هامان.

والثالث: الرأسمالي أو الإقطاعي المستفيد من حكم الطاغية، فهو يؤيدهُ ببذلِ بعض ماله، ليكسبَ أموالاً أكثر من عرق الشعب ودمه، ويمثلهُ قارون).

إن الأسلوبَ الانتقائي المستخدمَ هنا يبعدُ القضيةَ عن التاريخ العربي الإسلامي الذي بدأ فضيلةُ الشيخ من بؤرته، ولهذا فإن التاريخَ الموضوعي غائبُ الملامح، فمصطلحا الرأسمالي والإقطاعي يُوضعان في عصر العبيد، فما كانت زمنية الحكومات القديمة سوى أزمنةٍ عبودية وكانت فيها إنجازات حضارية كبيرة كذلك، ولكن لم يكن فيها سوى حكام وتجار ورجال دين وعبيد. ولكن القوتين المهيمنتين كانتا هما الحكام والكهنة، وليس هذه الكائنات الاجتماعية العصرية مثل الوصولي والرأسمالي. وهذا موجود في أي كتاب للتاريخ. وإخراجُ الشيخِ للكهنةِ أو لرجال الدين من الطبقة الحاكمة في عصر الفراعنة أو عصر بلاد الرافدين وكل التاريخ القديم هو أمرٌ له دلالته الاجتماعية السياسية كما سوف نرى لاحقا.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمون بين إعصارين
- صعودُ الاشتراكيين الديمقراطيين
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرة السحريةُ (٣-٣)
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرة السحرية (٢ - ٣)
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرةُ السحريةُ (١٣)
- ميلاد سياسي فوضوي لشعوب عربية
- قضية حق أُريدَ بها باطلٌ
- مَن يخدمُ الاستعمار؟
- حمزةُ البهلوان وصراعُ العربِ والفرس
- ضد الفاشية وليس ضد الإسلام
- الثورة السورية والخذلانُ العربي والدولي
- المشروعُ الإيراني ينخرُ شعبَنا البحريني
- تطورُ الديمقراطيةِ مرهونٌ بهزيمةِ ولايةِ الفقيه
- الصراعُ غيرُ الخلاق
- مجددا حول السياسة الفاشية في إيران
- القوميات ورأسمالية الدولة
- لينين في محكمة التاريخ (٢-٢)
- لينين في محكمةِ التاريخ (١-٢)
- ارتباكُ الإصلاحاتِ العربية
- حزبُ الشعبِ الإيراني (توده) بين التحللِ والجمود (٣- ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - الشيخُ القرضاوي والوعي بالديمقراطية (١-٢)