أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود جلبوط - ردا على مقال الرفيق أبو خليل














المزيد.....

ردا على مقال الرفيق أبو خليل


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1094 - 2005 / 1 / 30 - 11:43
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


رفيقي اسماعيل الحسن(أبو خليل) يعجزه النسيان في حين يعجزنني التذكر, نعم يا رفيقي إن ذاكرتي أحيانا تستعصي علي فلا تسعفني بكل التفاصيل عن سنوات القهر من العمر الذي أهدره الجلاد منا وكم هي عزيزة جدا علينا كل لحظة من العمر الذي مضى وعلى الوطن, لا تتصور يا رفيقي مدى الجهد الذي أبذله لتذكر كل التفاصيل التي جمعتنا معا نحن الأحياء و الشهداء, أسماء الذين كانوا معنا والذين مروا والذين رحلوا....إلخ, فقد نال الكبر مني وظلل بعض الصدأ الذي راكمته الجدران الرطبة جدران ذاكرتي و ذهب ببعضها أدواتهم الكهربائية. إن الكتابة عن السجن يا رفيقي ليس مسليا, ذكراه موجعة, والنتائج التي خلفها لنا أيضا موجعة, ولكن ما العمل يا رفيقي إن كان كل يوم يولد في داخلنا و حوالينا سجنا, ما العمل إن ما زال الجلاد هو الجلاد ومعه سجنه لا يشبعان منا ولا يدركهم التعب حتى يتحول هذا الجلاد إلى سجين فيصبح قصة تروى. لم أقصد يا رفيق بسردي استدرار شفقة أحد, فاستدرارها إحساس كريه ككره السجن, وأحيانا تعيد إنتاجه, فبعد ذرف الدموع تعود الناس إلى وسائدها وتنام ملء جفونها مطمئنة أنها قد أدت واجبها وكفا المؤمنون شر القتال, ويشعرون بالغبطة أنهم لم يكون نزلاء هذه الأقبية ولم يكونوا الضحية. بالتأكيد لم أقصد تعذيبك بهذا بل أردت أن أبين للذين كانوا يتفرجون كيف يمكن للإنسان أن يتحول وحشا فيكون جلادا وقاتلا , أتتصور مدى التعب الذي أصابني عندما نكأت كل الجراح, بعضها يسكن معي دائما بابنتي وردة وبغربتي عن أولادي ولا أستطيع نسيانه, أتتصور مدى الجهد والتعب باستحضار أرواح الشهداء حتى صارت تلاحقني في نومي, أردت بهذا يارفيقي أن أذكرك وغيرك بأن علينا ألا ننسى أن الجلاد مازال هنا يحكمنا بسوطه و سجنه, يحمل كرباجه فوق رؤوسنا وينهر بنا أن نسكت صونا للعار......؟ أن أذكّر بعض الرفاق الذين يتراشقون اليوم بالإتهامات وينالوا من جهد الرفاق عندما حاولوا متابعة ما كنا نحاول للوطن لما كان السجان معنا كل الموبقات يحاول, فتحول بعضهم جلادا على بعضهم . هل تتصور أنني متسول أعرض جراحنا لأدلل على ما عانينا ؟ لقد عانى من بقوا خارج الأسوار أحيانا أكثر منا, أسرنا و رفاقنا الملاحقين و المنفيين, ليتك التقيت مع بعضهم عندما كان الدكتاتور ما زال حيا ولم ندخل بعد مرحلة العلنية, ليتك تلتقي مع بعضهم في الغربة وتكتشف مدى فداحة أن تكون لاجيء أو مطاردا, أردت بسرد ذاكراتي أن أقول علينا ألا ننسى شهدائنا وعمر رفاقنا الذي نفق في سراديبهم وخلف جدرانهم الرطبة ما دام الجلاد باق , ولا ننسى المباديء التي كلفنا النضال من أجلها كل عمرنا وعمر زوجاتنا وطفولة أطفالنا, فلا ننشغل بحروب بينية جانبية تثلج قلب الجلاد والشامتين, فالمعركة لم تنتهي, فما زال يا رفيقي أمامنا ما نفعله, لنستمر في نزع الكرباج وكل أدوات التعذيب من أيدي الجلاد وإغلاق سجنه, لا أن نتحول إلى جلادين على بعضنا وعلى رفاق قضوا ورفاق مازالوا يحاولون إضاءة المشعل . نعم علينا سرد ما حدث هناك بالتفصيل حتى يسقط وإلى الأبد ولا يعود يحدث, علينا تقدير ما قدمه الرفاق والشهداء للصالح العام والحفاظ على البقية الباقية من حراك سياسي في مواجهة القتل والتعذيب الجماعي.


الفضل لكوننا أحياءا ليس بطولاتنا وإنما لأنه وفرتنا آلة تعذيبهم و أخطأتنا مذابح الجزار الداخلي و الجزار الصهيوني والأمريكي الخارجي. إن صبرا وشاتيلا أصبحت رقما في قائمة طويلة من المدن المذبوحة, ولم يعد المجرم المحلي ينفذ جرائمه بالوكالة فهاهو المجرم الأكبر بنفسه بين ظهرانينا يقدم لنا هدية في الفالوجة وبقية المدن العراقية بالترافق مع المدن الفلسطينية.


عندما سقط ما كان في بلاد السوفييت لم أسقط ولم أتلخبط فلقد نأيت بماركسيتي مبكرا عن رأسمالية دولته وعن مماراساته القمعية والإرهابية وبقيت ماركسيا ولم تسقني العاصفة التي ألمت إلى الليبرالية الجديدة التي لم تنجح ولا مرة في تضليلي و بقيت بماركسيتي منحازا إلى قضايا الفقراء والمظلومين والمقهورين , ماركسية لايعتورها أمراض النرجسية و الجمودية ولا تدعي الحقيقة المطلقة و لا تنفي الآخر و تؤمن بالتعددية والمنافسة السياسية عن طريق صندوق الإقتراع وقانون يحفظ للجميع حقوقهم وحق الوجود والبقاء, يساوي بينهم ويمكنهم من حياة كريمة في ظله.



نعم يا رفيقي فأنا لست ضليعا في كتابة فن المقال, وليس لي باع طويل فيها , وما زلت أتمرس في فن الكتابة و إنني أحاول أن أتعلم, وأرحب بنقدك ونقد أي قاريء, رفيق كان أم صديق, وعنواني البريدي أروس به كتاباتي لمن يريد أن يراسلني, كما وأشكر كل الرفاق أو الأصدقاء الذين راسلوني أو هاتفوني بالهاتف, ناقدين ما أكتب و مشجعين , وأشكر لهم إطراءاتهم. وسلمت يا رفيقي أبو خليل وسلم عندك الوطن.





#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذاكرة معتقل سابق 15
- من ذاكرة معتقل سابق 14
- من ذاكرة معتقل سابق 13
- من ذاكرة معتقل سابق 12
- من ذاكرة معتقل سابق 11
- 10من ذاكرة معتقل سابق
- من ذاكرة معتقل سابق 9
- الفرق بين فن الكتابة وفن الحكي والكلام
- إهداء مذاكرات المعتقل السابق
- توضيح وإقرار إلى أجهزة المخابرات السورية
- العمليات الفدائية الفلسطينية الأخيرة
- من ذاكرة معتقل سابق 8
- ديموقراطية ناقصة ..ولكن
- كفانا تابو
- من ذاكرة معتقل سابق7
- إلى أين الرحيل ؟
- من ذاكرة معتقل سابق 6
- من ذاكرة معتقل سابق 5
- من ذاكرة معتقل سابق 3
- 4من ذاكرة معتقل سابق


المزيد.....




- غزة.. فضحت -حرية التعبير- الغربية وسخّفت تهمة -معاداة السامي ...
- -حماس- تحذر من وصاية أي جسم دولي على -الأونروا- كبديل عن الأ ...
- حماس تحذر من أي بديل عن الأمم المتحدة للإشراف على الأونروا
- حملة اغتيالات واعتقالات جديدة في الضفة الغربية
- قصف واشتباك مسلح.. ارتفاع حصيلة القتلى في غزة واعتقالات بالض ...
- اعتقال 8480 فلسطينا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر
- اليونيسف ترصد ارتفاع عدد الأطفال القتلى في أوكرانيا
- -أدلة- على -انتهاك- وحدات من الجيش الإسرائيلي حقوق الإنسان
- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود جلبوط - ردا على مقال الرفيق أبو خليل