أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود جلبوط - من ذاكرة معتقل سابق7














المزيد.....

من ذاكرة معتقل سابق7


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 09:38
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


من ذاكرة معتقل سابق(7)
كابوس

يوما ما, متى بالضبط لا أدري,بعيد توقيفي ربيع عام 1980 , اختلطت لدي الألوان وتداخلت الأشكال, لم أعد أسمع سوى صرخات كالعواء, صوت

أبواب تفتح وتغلق, وثلّة من الأشكال كأنها الذ ئاب تلوّح بأكبال كهربائية وتستقر فوق جسدي. لم أكن أستطيع تمييز أشكالهم ولا المعرفة الد قيقة لما

يجري حولي بسبب الطمّاشة الموضوعة على عينيّ كأنها طبقة رصاص ثقيل, ولا أستطيع إزالتها بالطّبع لأن يديّ كانتا مقيّد تين إلى الخلف. أسقط في

يد ي, فلا حيلة لدي في إدارة هذه الحوارية من الصراخ والشتائم وآلة الضرب من الأ سلاك ,ليس لي حيلة سوى الصراخ, لم يكن حتّى باستطاعتي عدّ

الضربات, حتّى الصراخ لساني لم يطاوعني عليه, الغرفة كلّها تتحرّك, أهرب أحاول إتّقاء ضرباتهم بالصعود على الطاولة تارة أو بالنزول تحتها تارة

أخرى.

لا جدوى, فالأ كبال تطالني. ينفر الدّم من رأسي, من أنفي, من ظهري, من عيني, اغرق في الدّ م, اتعجّب من أين أتتني تلك القد رة على القفز للحواجز

و القد رة على تحمّل هذا الكم الهائل من الضربات أصرخ يخرج صوتي مبحوحاَ لاأحد يسمع. الوحوش تحاصرني, تتقدّ م, أتراجع, أصرخ, أستحلفهم بكلّ

مقدّ ساتهم,استحلفتهم بالله, بالقرآن بمحمد بعلي لا فائدة فلكل مقدس عندهم له نوع من الأكبال, يضحكون كالحيوانات وتتقد ّم نحوي. الظلمة تتكاثف,

تكوّرت كقنفذ لكن بلا أشواك لأحمي وجهي وبطني و جهازي التناسلي من ضرباتهم الطائشة.

يدي المتكوّرة فوق رأسي فتحت طريقاَ إلى جرحٍ عميق في رأسي, اللّعاب يتساقط من فمي, الحسه مختلطا بالدّ م المنساب من أنفي ورأسي

لم أكن أجرأ أن ألتفت أو أتحرّك من وضعيّتي لكي لا تطالني الضربات المجنونة الطائشة على وجهي. تنبعث رائحة كريهة منّي, رائحة نفّاذة توحي بانّي

قد عملتها في ملابسي. الد م ّيتكاثر, وضرباتهم تتسارع وتزداد, يتساقط الد م أكثر من رأسي فيملأ جسمي العاري, يتقد م أحدهم إليّ كذ ئب, عرفت لاحقاَ

أنه قائد الحفل المهيب هذا, شدني من شعري إلى الأعلى وصرخ في وجهي قائلا:(سأجلب زوجتك إلى هنا و سأفتعل بها أمامك لأنني أحقّ بها منك لأنّها

علويّة مثلي وأنت الخنزير السنّي تنجّسها عندما تنام معها), رغم الألم اعترضت عليه وقلت له :إنني لست سنيا بل شيوعي . قاطعني:ولكنك ابن سني .

قلت:وما الفرق فكلنا إسلام, و ما ذنبي إن كنت قد ولدت سنيا, فهذا لم يدفعني أن أكره الآخرين, وعندما أحببت وتزوجت كانت علوية. قال :إنك فلسطيني

قذر. قلت:ولكن كلنا عرب وهذا لم يمنعني من أن أناضل من أجل سوريا أفضل.قال:وهل تفتقر سوريا للشباب فاستنجدت بك أيها القذر؟ قلت: لا و لكن

كثيرا من السوريين وغيرهم من العرب مسلمين و غير مسلمين قاتلوا على أراضيها واستشهدوا ألا تذكر عزالدين القسام إنه سوري؟ قال:لا تتفزلك

فأنتم الشيوعيون شاطرين بالحكي, بدكم تتحرروا العالم.قلت:وما الخطأ بذلك فكلنا بشر وحلمنا كبير. صفعني على وجهي فارتميت أرضا لأنها غافلتني

و ختم بضربات صاعقة من كرباجه, كانت ضرباته قويّة ومميزة عن الآ خرين, فقد رووا لي فيما بعد أنّه كان بطل سوريّة في المصارعة.

تشتد الظلمة من حولي, أفقد إحساسي بالألم, كانت لحظة جميلة أن لم أعد أشعر بالألم لاأد ري كم مرّ من الوقت وهم يتناوبون نهش جسدي المتمنّع,

وبالطبْع لا أدري ما الّذي فعلوه معي فترة غياب الوعي, ولكن عند ما استعد ت وعيي, وجد ت نفسي ملقاَ على الأرض في زنزانة ضيّقة عرفت لاحقاَ

أنها كانت تحمل الرقم سبعة(7) وكان اسمي لذ لك طوال فترة السرايا رقم سبعة.



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أين الرحيل ؟
- من ذاكرة معتقل سابق 6
- من ذاكرة معتقل سابق 5
- من ذاكرة معتقل سابق 3
- 4من ذاكرة معتقل سابق
- من ذاكرة معتقل سابق 1
- من ذاكرة معتقل سابق 2


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود جلبوط - من ذاكرة معتقل سابق7