أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مازن كم الماز - عندما يتصرف الجنود كبشر و ليس كآلات للقتل














المزيد.....

عندما يتصرف الجنود كبشر و ليس كآلات للقتل


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 17:03
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


كان إعلان الإمبراطورية المجرية النمساوية الحرب على صربيا في 28 يوليو تموز 1914 و الذي تلاه إعلان قيصر ألمانيا الحرب على قيصر أوروبا الآخر الروسي في الأول من أغسطس آب إشارة البدء للحرب العالمية الأولى أو الحرب العظمى كما سميت يومها . مع نهاية معركة مارن الأولى في أوائل سبتمبر أيلول 1914 انتقلت الحرب عمليا إلى حرب خنادق و حرب استنزاف طويلة بين الجيوش المتحاربة . مع اقتراب عيد الميلاد الأول من تلك الحرب دعت الدول المحايدة و بابا الفاتيكان الجديد إلى هدنة بين الطرفين لإظهار أقل قدر من الاحترام للمسيحية , دين الأطراف المتحاربة جميعها ( ما عدا الدولة العثمانية ) . في ليلة عيد الميلاد نفسها بدأ الجنود في الخنادق المتواجهة بالغناء بصوت عال ثم بدأوا في عدد من الأماكن بالغناء سوية , ثم غادر الجنود الألمان و الانكليز ( و الفرنسيون أيضا في بعض الأحيان ) خنادقهم باتجاه الأرض المحايدة بين تلك الخنادق و تصافحوا , غنوا معا , و تبادلوا الطعام و الشراب و التبغ . في بعض الخنادق قام الجنود بدفن جثث زملائهم القتلى التي كانت محتجزة تحت نيران "العدو" و قاموا أحيانا بطقوس دفن مشتركة لهم . حصل الجندي البريطاني بروس برينزفاذر على زرين من بدلة ضابط ألماني و بادلهما بزرين من بزته العسكرية . عندما علم الجنرالات و القادة بالأمر استشاطوا غضبا بالطبع و أمروا بمنع أي اتصال ودي بجنود "العدو" . لكن هذه المشاهد ستتكرر في عيد فصح 1915 و عيد الميلاد 1916 , حتى أن الجنود الانكليز و الألمان سيخوضون "مباراة في كرة القدم" هذه المرة . القادة الغاضبون أمروا بزيادة القصف المدفعي في هذه المناسبات لمنع القوات من مغادرة خنادقها باتجاه الطرف الآخر , و أخضع البعض للمحاكمات . سواء في السلم أم في الحرب , يطلب من الجنود الاكتفاء بتنفيذ الأوامر , من يصدر الأوامر بالهجوم أو الدفاع , بقتل العدو أو بالتوقف عن قتل العدو , هم القادة , من يعقد اتفاقيات السلام أو من يعلن الحرب هي الحكومات , في هذه الحالة تصرف الجنود بأنفسهم , عقدوا اتفاقهم مباشرة فيما بينهم , كبشر , مسالمين , و بكل تأكيد على الضد من رغبة الحكومات و من أوامر جنرالاتهم . لكي تقتل عليك أن تتخلى عن جزء من إنسانيتك , إنك لا تنكر على خصمك إنسانيته فقط , بل إن خصمك المقتول يسلبك إنسانيتك أيضا , لكن في هذه المرة , وسط الدم و الجثث و زئير القذائف , تصرف الجنود كبشر , و هذا شيء يرقى إلى مستوى الجريمة في أوقات الحرب , ألا تقتل في الحروب يعني أنك ترتكب جريمة قد تستحق عليها الموت . دعوات البابا و الحكومات المحايدة لهدنة في عيد الميلاد حافظا على حد أدنى من المسيحية تحولت إلى استعادة هؤلاء الناس لشيء من إنسانيتهم وسط جهنم الحرب اللا إنسانية .
على الطرف الفرنسي كان مليون جندي قد لقوا مصرعهم حتى أوائل 1917 , مع ذلك قرر القائد الفرنسي العام الجنرال روبرت نيفيل في نيسان أبريل 1917 شن هجوم كبير على الجبهة الغربية ضد الألمان . كان التكتيك الذي سيتبعه خطرا جدا , حيث ستقوم المدفعية الفرنسية بقصف خنادق العدو فقط على بعد أمتار من المشاة "الصديقة" المتقدمة بحيث تجري مفاجئة العدو قبل أن يخرج من خنادقه , بالتأكيد كانت خسائر الفرنسيين هائلة , هذه المرة بقذائف مدفعيتهم نفسها . نتيجة لهذه الخسائر و ذاك التكتيك , بدأ الجنود الفرنسيون يفرون من مواقعهم منذ أبريل نيسان و يتراجعون باتجاه المؤخرة , حسب الأرشيف الفرنسي , من أصل 113 وحدة مشاة كانت تشكل قوام الجيش الفرنسي يومها , تأثر 49 منها بهذه التمردات . ردت القيادة الفرنسية العليا باعتقالات و محاكمات جماعية للمتمردين , كانت هناك 3427 محكمة عرفية , حكمت على 23385 جندي بتهمة التمرد , و على 554 بالإعدام , لكن يعتقد أن 49 منهم فقط قد أعدموا بالفعل . في مايو أيار استبدل القائد الأعلى الفرنسي بالجنرال بيتان , الذي اضطر يومها إلى التوقف عن أية عمليات هجومية في الوقت الراهن .
على نفس الأرض الفرنسية , في بلدة إيتابلسÉtaples , في سبتمبر أيلول 1917 بعد اعتقال الشرطة العسكرية لجندي نيوزيلندي اندفع زملاؤه الغاضبون باتجاه المعسكر , و زاد غضبهم عندما أطلقت الشرطة العسكرية النار و قتلت أحدهم . اضطر رجال القبعات الحمر للهرب أمام الجنود الغاضبين . استدعت القيادة البريطانية على عجل قوة دعم من 400 ضابط من وحدة مدفعية مدعومة بفرقة من وحدة المدافع الرشاشة , و اعتقلت العديد من المتمردين . حكم على العريف جيسي روبرت شورت بالموت , و على 3 جنود آخرين بالسجن 10 سنوات و 33 آخرين بالسجن من 7 إلى 90 يوما و غرم آخرون أو خفضت رتبهم .
لكن الكثير ما زال ينتظر الجنود , في 22 أبريل نيسان 1915 استخدم الألمان غاز الكلورين لأول مرة ضد القوات الجزائرية التي كانت تخدم في الجيش الفرنسي . و في الأول من يوليو تموز 1916 خسر البريطانيون أكثر من 57 ألف ضحية في أول ايام معركة السوم , كانت هذه هي البداية فقط , في معركة السوم سيخسر البريطانيون نصف مليون جندي , نصف مليون حياة , لكن المزيد مازال بانتظار الجنود , كان من بين الجنود المتعصبين قوميا الذين رفضوا "تصرف زملائهم غير الوطني و غير المسؤول" في تآخيهم أثناء هدنة عيد الميلاد مع جنود "العدو" عريف اسمه أدولف هتلر

مازن كم الماز



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكتيكات اليسار و الثورات العربية
- تعليق على مقال خالد عودة على الإخوان أون لاين : إنهم يكذبون ...
- إلى الرفاق الاشتراكيين الثوريين في مصر : ملاحظة سريعة على مش ...
- أخطاء فؤاد النمري التاريخية
- حان الوقت لكي نقول ما نرى
- عندما اتفق ابن رشد و الغزالي
- مصير الربيع العربي قد يتقرر في إيران أو السعودية
- إلى الصديق محمد عبد القادر الفار
- دفاعا عن القرامطة و المجوس , و عن الثورة السورية
- الحزب و الطبقة للشيوعي المجالسي الهولندي أنطون بانيكوك 1936
- النضال في سبيل الإدارة الذاتية : رسالة مفتوحة إلى الاشتراكيي ...
- أفكار عن الإله لمارك توين
- أي نوع من الديمقراطية يحتاجها العالم العربي ؟ للرفيق الأنارك ...
- الدين - الإيديولوجيا - السلطة
- الإيمو ظاهرة احتجاجية
- مستشفيان يونانيان تحت سيطرة العمال
- مجموعة أناركية ( لا سلطوية ) لا طليعة لينينية للأناركي الأمر ...
- عام على الثورة السورية
- أبنية المدراس الجديدة يتعذر تفريقها عن السجون الجديدة أو الم ...
- ألبرت ملتز , من كتاب الحجج ضد الأناركية و معها


المزيد.....




- بعد تحريك ترامب لوحدات -نووية-.. لمحة عن أسطول الغواصات الأم ...
- مقبرة الأطفال المنسيّة.. كيف قادت تفاحة مسروقة صبيين إلى سرّ ...
- الوداع الأخير.. طفل يلوح لجثامين في جنازة بخان يونس وسط مأسا ...
- مستشار سابق للشاباك: حرب غزة غطاء لمخطط تغيير ديمغرافي وتهجي ...
- نفاد تذاكر -الأوديسة- قبل عام من عرضه.. هل يعيد كريستوفر نول ...
- بين الرخام والحرير.. متحف اللوفر يستضيف معرض الكوتور لسرد قص ...
- أزمة حادة بين زامير ونتنياهو بشأن استمرار الحرب على غزة
- فورين أفيرز: لماذا على تايوان إعادة إحياء مفاعلاتها النووية؟ ...
- فيديو الجندي الأسير لدى القسام يثير ضجة في إسرائيل
- بلغراد تندد بتثبيت حكم على زعيم صرب البوسنة


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مازن كم الماز - عندما يتصرف الجنود كبشر و ليس كآلات للقتل