أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عمر دخان - رسالة من الجحيم















المزيد.....

رسالة من الجحيم


عمر دخان

الحوار المتمدن-العدد: 3721 - 2012 / 5 / 8 - 21:26
المحور: كتابات ساخرة
    


مرحباً، إسمي أسامة و أنا أكتب لكم هذه الرسالة مباشرة من الحياة الآخرة. لقد مضى ما يزيد عن السنة منذ قدومي هنا و سأكون صريحاً جداً معكم، الأمور هنا ليست كما كنت أتوقع، خاصة بعد أن إتضح لي أن الله يكره الناس الذي يقتلون الآخرين، و على وجه الخصوص أولئك الذين يفعلون ذلك مستخدمين إسمه.
آخر شيء أتذكره من حياتي الأرضية هو الإستيقاظ في منتصف الليل على صوت ضجيج و طلقات نارية داخل منزلي الفاخر في آبوت أباد. ما تلى ذلك كان مفاجئاً و مباغتاً، حيث و قبل أن أتمكن من الإستيقاظ بشكل كامل، وجدت أمامي ما بدا لي كجندي قوات خاصة أمريكي يصوب بندقيته إلى رأسي مباشرة، و في قلب غرفة نومي التي ظننتها منيعة. كان ذلك آخر شيء رأيته قبل أن يغرق كل شيء في الظلام ، ماسورة بندقية أمريكية يحملها جندي أمريكي.
بمجرد إستيقاظي، أدركت بأنني ميت و لكنني شعرت بأن هناك خطباً ما. لم أكن حيث توقعت أن أكون، و أعنى جنة الفردوس التي وعد الله بها عباده الصالحين. عوض ذلك، وجدت نفسي في مكان مظلم و حار بشكل لا يطاق، وفي ذلك الظلام سمعت أصوات عشرات الأشخاص يصرخون بشكل رهيب في الظلام من مكان قريب. بدأت أنا أيضاً بالصراخ خوفاً و رعباً، و بنفس الطريقة التي جعلت الناس يصرخون بها في الأرض بعد كل عمل إرهابي قمت بتدبيره.
ظللت أردد لنفسي و أنا أصرخ " لا يمكن أن يكون هذا حقيقياً. إن مكاني الطبيعي الذي أنتمي إليه هو الجنة لأن تلك هي مكافآتي التي أستحقها بجدارة نظير قيامي بقتل آلاف الأشخاص في سبيل الله لأنهم رفضوا شريعته".
نظرت حولي و أمعنت في الظلام الدامس و لكنني لم أتمكن من رؤية شيء. ظننت لوهلة أنني فقدت بصري، و لكنني أدركت بعد قليل أن عيني تعملان بشكل طبيعي و لكن الظلام كان دامساً إلى الحد الذي لا يمكنك معه رؤية شيء مهما إعتادت عيناك عليه. بدأ تأثير الحرارة يظهر على بشرتي، و الألم أخذ في التزايد بشكل أسرع، و شعرت و كأن جسدي على وشك أن يتحول إلى كتلة من اللهب من كم الحرارة المحيط بي.
إن كانت هذه هي فعلا نار جهنم، فأنا مدرك جيداً لما هو آت لاحقاً، لأنني أمضيت جُل حياتي أروع الآخرين بما ينتظرهم في جهنم إن هم رفضوا شريعة الله، شريعة إلهي أنا.
مر المزيد من الوقت، و لكن لم يطرأ أي جديد، اللهم سوى الألم الذي إزداد إيلاماً و الحرارة التي إزدادت لسعاً.
صرخت بما تبقى لي من قوة " يا الله، هل تسمعني؟ هل أنت هنا؟ لقد كنت عبدك المخلص لسنوات. لم أنا هنا؟" لم يكن هناك أي رد، فقط أصوات الصراخ ذاتها و التي بدت و كأنها تزداد قرباً.
إستمررت في الصراخ مرددا نفس العبارة لن مراراً و تكراراً، و بعد مرور بعض الوقت، تلقيت أخيراً الرد. كان صوتاً عميقاً بدى و كأنه ينبعث من كل مكان و لا مكان. قال الصوت بشكل صارم " الله لا يرغب في الحديث إليك. هذا هو مكانك الذي تستحقه ولن تذهب إلى أي مكان آخر".
أرعبتني تلك الإجابة. هذا مكاني الذي أستحق؟ لماذا؟ لقد قضيت حياتي كلها أحاول خدمة الله عن طريق قتل أكبر عدد ممكن من أعدائه، و ذلك من أجل ضمان مكاني في الجنة.
من الواضح أن ذلك الصوت كانت له القدرة على قراءة ما يدور في ذهني، لأنني بمجرد ما إن فكرت في الفكرة السابقة، حتى نطق من جديد قائلاً " أنت لم تكن تخدم الله. لقد كنت تخدم تعطشك للدماء و القتل فقط. الجنة ليست مكاناً للأشخاص الذين جعلوا من قتل الآخرين طريقة لكسب عيشهم و هدفاً لحياتهم. الجنة ليست مكاناً للأشخاص الذين يهللون لمقتل الأبرياء. مكانك الطبيعي هو هنا، لأن الله لم يمضي وقته في خلق الحياة لتأتي أنت و تدمرها".
قلت " و لكنني كنت أتبع تعاليم الله".
قاطعني الصوت بغضب " أنت لم تكن تتبع شيئا سوى شغفك المريض لقتل الآخرين، و من ثم إستخدام الله كوسيلة لتبرير ذلك. لقد مُنِحَ لك عقل، و أنت من إخترت تعطيله. ذلك خطأك أنت وحدك، و تتحمل مسؤوليته بمفردك".
في هذه اللحظة، بدأت أشتم رائحة بشرتي و هي تحترق ببطيء، و لسبب ما الصورة الوحيدة التي خطرت على ذهني في تلك اللحظة كانت صورة الأشخاص الذين إحترقوا أحياء في العمليات التي قمت بها، و خاصة أولئك الذين حوصروا و إحترقوا أحياء في هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
حتى ذلك الحين، لم أكن أشعر بأي ندم لأنني كنت لا زلت آمل في أن هذا مجرد حلم سيء، و بأنني سأستيقظ بعد قليل في فراشي الوثير بمنزلي المحصن في أبوت أباد. الشيء الذي لم أكن أعلمه طبعاً، أنه في تلك اللحظة على الأرض، كان جسدي قد تحول إلى وجبة لذيذة لأسماك القرش في مكان ما من المحيط.
لا يمكنكم تخيل مامعنى أن تبدأ الفقاعات بالتشكل على سطح بشرتك – نتيجة للحرارة – تحت مرأى و مسمع منك. كان الألم مبرحاً جداً، و لم يكن ألماً جسديا فقط، و لكنه كان ألماً نفسياً أيضاً. لقد أضعت حياتي بأكملها في قتل الآخرين و ترويعهم، و ذلك على أمل أن كل شخص أقتله سيرفعني درجة في الجنة، لكنني كنت غير مدرك لحقيقة أنه مع كل قطرة دم تسببت في إراقتها، كان مكاني في الجحيم يزداد عمقاً.
لقد إعتقدت دائماً بأنني كنت الشخص الأكثر صلاحاً على الأرض، و قتلت كل من خالفني، حتى أولئك الذين كانوا يعملون معي. لقد إستمتعت بمشاهدة القتل و التدمير و إبتسمت و أنا أتابع عمليات قطع الرؤوس و الرجم، معتقداً أن الله كان يبتسم أيضا من فوق. لم أفكر إطلاقاً في إمكانية أن يكون الله ضد ما كنت أقوم به لأنني رأيت في نفسي إنعكاساً له، أو هكذا إعتقدت.
لم يكن الصوت يتحدث طوال هذه الفترة، و لكن كان لدي شعور بأنه كان يستمع إلى أفكاري. تأكد شعوري ذلك لأنه بمجرد تفكيري بالصوت، إنطلق يتحدث من جديد " الآن أنت تعلم. لقد كنت عدو الإنسانية على الأرض و أنت عدو الله في السماء. أذقت الأبرياء الجحيم على الأرض، و لن تحصل على أقل من ذلك هنا، أنت و كل من هو مثلك. لقد خلق الله الحياة لكي تحمى و يتم الحفاظ عليها، و ليس لكي يتم إطفاءها بواسطة أشخاص مولعين بالموت و القتل من أمثالك. أنت لم تقم فقط بقتل الآخرين، و إنما قمت أيضا بقتل الإنسانية في نفوس الكثيرين عن طريق إجبارهم على العمل لديك و نشر الكراهية و الأحقاد. ما هو أسوأ من ذلك كله هو أنك إستخدمت إسم خالق تلك الحياة كمبرر لتدمير الحياة. لذلك، أنت لن تغادر هذا المكان أبداً. سوف تذوق أنواع الآلام التي سببتها للآخرين في الأرض، و سيستمر ذلك إلى الأبد" صمت الصوت لبضعة ثوان، ثم أضاف قائلاً "حتى الشيطان أصبح يجد صعوبة في منافستك. إنه قلق فعلاً من أن يفقد لقبه كسيد الشر الأول لصالح أشخاص مثلك".
كان ذلك آخر ما قاله الصوت. كانت بشرتي قد بدأت في الذوبان هذه اللحظة، و بدأت أشعر بأجزاء من جسدي تذوب و تتساقط، و لكن الغريب أنه - على الرغم من كل الألم المهول - لم يغم علي أو أمت . أنا أعلم جيداً مالذي يحدث الآن لجسدي. إن الله لا يريدني أن أفوت لحظة واحدة من الألم بالإغماء أو الموت. هذا بالضبط ما وعدت به الآخرين، و لكنه يحدث لي الآن و ليس لهم. يداي بدأتا في الذوبان و لا أعتقد أنني سأتمكن من إكمـ.........
* * *
كانت تلك نهاية الرسالة التي أرسلها أسامة بن لادن من مثواه الأخير في الجحيم، حيث يقضي عقوبته الأبدية كثمن لكل الآلام التي سببها للبشرية، هو و كل شخص قام بما قام به.
إذا كنت تؤمن بإله، أي إله، بغض النظر عن دينك أو معتقدك، يجب أن تؤمن أيضا بأنه لا يقبل بأن تسلب الحياة التي قام بخلقها من قبل أشخاص آخرين مهما كان السبب. جميعنا، المؤمنون و غير المؤمنين، تلقينا هذه الحياة على هذا الكوكب لأسباب عديدة، و قتل الآخرين ليس أحدها.
هذه رسالة أيضاً لكل أولئك الذين مازالوا يخططون لقتل الآخرين، لتخبرهم أن ذلك أمر غير مجدٍ. ليس هناك إله سيكافئك على إراقة الدماء، و من المستحيل أن تصل إلى الجنة عن طريق التسبب في آلام الآخرين و إرهابهم، بغض النظر عن ما يؤمنون به أو لا يؤمنون. ذلك شيء بينهم و بين خالقهم و ليس له أي علاقة بك.
عش و دع غيرك يعيش.



#عمر_دخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قردة و خنازير
- المهزلة الإنتخابية
- -إسرائيل هي السبب!-
- كم يدفعون لك؟
- سفاح تولوز و الدعم الوطني
- الحرب القانونية القذرة
- المشكلة
- التعليم في مقابل التلقين
- من كثر كلامه
- يساريون إسلامويون
- المفسدون في الأرض
- أتركوا العراق لأهله...يا عرب!
- حرام عليكم حلال علينا!
- المكتوب
- الوهم العربي
- الفرق بين الطفل الصيني و الطفل العربي
- أولاد الذوات
- حقوق المرأة بين الرجعية و الإنحلال
- تحليل بسيط لمقارنة سطحيه
- غباء مشفر


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عمر دخان - رسالة من الجحيم