أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الأقباط وقوة التحمل عبر التاريخ














المزيد.....

الأقباط وقوة التحمل عبر التاريخ


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3702 - 2012 / 4 / 19 - 01:09
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


لعل البعض يعتقد أن التفجيرات التى شهدتها كنيسة القديسين فى الإسكندرية فى مستهل عام 2010م نجحت فى ترويع الأقباط وجعلتهم عاجزين وعازفين عن أداء شعائر دينهم أو التوجه إلى كنائسهم، الأمر الذى يمثل تهديدا للوحدة الوطنية التى طالما تشدق بها المصريون على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم. وفى ظنى فإن هذا الاعتقاد يجانبه الصواب لأن الأفراد أو الجماعات التى دبرت ونفذت هذا العمل الإجرامى يدركون كل الإدراك أن مصر تأتى فى مقدمة الدول التى فتحت ذراعيها للديانات السماوية وفى مقدمتها الديانة المسيحية حيث يعتبر القديس مارك أول من أدخل المسيحية فى مصر فى العقد الأول من القرن الميلادى الأول وأن انيانوس (البطريك الثانى) يعد أول من تحول إلى المسيحية على يد القديس مارك الذى استشهد تاركا كرسى البابوية لأنيانوس. ومنذ ذلك التاريخ فإن كرسى البابوية لم يبق شاغرا حتى يومنا هذا مما يجعل الكنيسة القبطية إحدى أقدم الكنائس فى العالم. كما تعتبر مصر مهدا للأديرة المسيحية المنتشرة فى الصحراء وتقطنها جماعة من الرهبان الذين يكرسون حياتهم للطاعة وتحمل الفقر الاختيارى. لعل هؤلاء الآثمون يعلمون أن الأقباط مشهود لهم عبر التاريخ بالشجاعة وتحمل الصعاب والصمود فى مواجهة اضطهاد الرومان والحرص على وحدة الوطن وتماسكه حيث حافظوا على الثقافة والهوية المصرية التى واجهت خطر الفكر الهيلينى الذى ساد فى المنطقة خلال الحكم البطلمى (332-30 ق.م.) وقبل قدوم الرومان إلى مصر فى عام 30 قبل الميلاد.

لقد قام الأقباط فى مصر بمواجهة اضطهاد الرومان، الاضطهاد الذى لم يوقف المسيحية عن الانتشار حتى وصل إلى الفيوم فى 257م. ففى الوقت الذى كان المسيحيون الرومان يمارسون شعائر دينهم فى الخفاء كان المسيحيون فى مصر يبنون الكنائس والأديرة بشكل علنى وكانوا يمارسون شعائر دينهم نهارا جهارا وعلى مرأى ومسمع من الرومان. وكلما سقط أحدهم شهيدا لاضطهاد الرومان كلما أقبل آخرون لاعتناق الديانة المسيحية. ويعتبر ديوكليتيان (284م-305م) أكثر أباطرة الرومان شراسة وقسوة حيث قام بإعدام 248 مسيحيا، الأمر الذى دفع الكنيسة القبطية أن تعتبر هذا التاريخ بداية لتاريخ الشهداء. كما إن مكسيمنوس دايا (270م-313م) حاكم مصر لم يستجب لنداءات وقف أساليب البطش ولم يسع لتخفيف وتيرة الاضطهاد الذى زادت حدته مما مثل تحديا لفرمان الإمبراطور الرومانى. وبلغ التحدى ذروته حين خرج مكسيمنوس على رأس جيش عبر أسيا الصغرى متجها إلى أوروبا حيث لاقى قوات الإمبراطور الرومانى بقيادة ليسنيس الذى حذا حذو قسطنطين حين صلى مع قواته على الطريقة المسيحية قبل الانتصار على قوات مكسيمنوس. وبهزيمة مكسيمنوس انتهى عصر اضطهاد المسيحيين فى مصر.

ويعتبر المسيحيون بكافة مذاهبهم مصر مهدا للأديرة المسيحية. لعله من السهل التوصل لأسباب هذا الاعتقاد إذ تكتظ مصر بالأديرة التى تتناثر على أرضها. ويكفى أن نشير إلى العبارات التى جاءت فى كتاب تاريخ الرهبنة فى مصر: لا توجد قرية أو مدينة فى مصر لا تحتوى على أديرة. لقد ظهرت الرهبنة المسيحية كحركة حقيقية فى القرن الرابع الميلادى. ومن المهم أيضا أن نشير إلى أن فكرة الرهبنة كانت موجودة فى الفكر المسيحى حيث إن القديس انطونيو، بعد وفاة والديه فى عام 270م، عهد أخته لدار الراهبات مما يبين أن النساء لعبن دورا مهما فى نشأة الرهبنة. ويتفق المؤرخون أن الفضل فى وضع الأديرة فى أماكن بعيدة عن العمران يعود إلى القديس انطونيو الذى قام ببناء دير له فى عام 305م.

لا شك أن المسيحية ساهمت فى الحفاظ على الثقافة المصرية التى واجهت تهديدا صريحا من قبل الثقافة الواردة من الخارج. من الملاحظ أن سنوات تكوين الديانة المسيحية لم تكن خالية من الأزمات حيث خاضت المسيحية فى مصر صراعا مريرا مع الديانات الوثنية ذات الآلهة المتعددة التى تبنتها الثقافة الإغريقية الرومانية والحركة الهيلينية التى نشأت فى الإسكندرية قبل أن تنتشر فى المدن الكبرى الأخرى. لقد قام القادة المسيحيون بتأسيس مدرسة فى القرن الثانى الميلادى لمواجهة الأفكار الهيلينية التى طالما وجهت انتقادات حادة للديانة المسيحية الوليدة. ما يثير الدهشة أن هذه المدرسة صارت فيما بعد ركيزة للفلسفة المسيحية التى كانت تضم معلمين عظام وخطباء من أمثال كليمنت واوريجين الذين استطاعوا مواجهة ودحض آراء الفلاسفة الهيلينيين.

من المؤكد أن الشعب الذى رحب بالديانة المسيحية فى مهدها واعتنق وحفظ نصوصها التى تدعو إلى السلام والمحبة والإخاء وتحمل فى سبيلها كل ألوان البطش والاضطهاد من دون أن ينحنى رأسه لن يرضخ بسهولة للمؤامرات التى تحاك فى الظلام بهدف ضرب الوحدة الوطنية فى مصر.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصريون بين الفسيخ والتفسخ
- أنصاف الثورات مقابر للشعوب
- كابوس الانتخابات
- شائعات وزحام حول مقعد الرئيس فى مصر
- حالة الفوضى تسود مصر
- ملامح نجاح الثورات العربية: الثورة المصرية نموذجا
- من ذكريات ثورة 25 يناير
- كابوس النفاق والتملق
- ثورة المرؤوسين فى مصر
- دستور يا أسيادنا والبرلمان الاخواطنى فى مصر
- زلازل مصر واليابان
- طلاب الثورة وثورة الطلاب
- أساليب التضليل لتشويه الثورة الشعبية
- ثورات العرب فى القرن الحادى والعشرين
- ثورة الانترنت فى مصر
- لا للتعصب .. لا للعنف .. لا للإرهاب
- متى تختفى خفافيش الفساد من مصر؟
- حتي لا تتكرر الواقعة
- جوزيه البرتغالى والدورى المصرى
- ايجابيات انتخابات شعب 2010


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الأقباط وقوة التحمل عبر التاريخ