أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - كابوس النفاق والتملق














المزيد.....

كابوس النفاق والتملق


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 11:48
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


كنت متوجها للعمل وأنا أفكر فى تلك المحاضرة التى سوف ألقيها على الطلاب ومحاولا تذكر عناصرها الرئيسية التى سهرت الليل كله ألملم خيوطها متنقلا بين هذا الكتاب وذاك المرجع ثم فجأة رن التليفون فرددت عليه فإذا بأحد مسئولى فرع الجامعة يطلب منى ضرورة الحضور فورا وحين دخلت مكتبه وجدته يخبرنى بأن السيدة الأولى أو الهانم سوف تأتى إلى أسوان وسوف يمر موكبها من أمام البوابة الرئيسية للجامعة. فقلت له وماذا نفعل لها؟ قال مطلوب من كل عميد كلية أن يسارع بتجهيز عدة لافتات ترحيب بها ولا مانع من تعليق لافتات تشير إلى الأعمال العظيمة التى تتبناها مثل محاربة الختان ومشروع القراءة للجميع ومشروعات خيرية أخرى. كما علمت أيضا أن الجميع سوف يجتمع فى مكتبه للتوجه إلى المدينة الجامعية حيث سنقوم باصطحاب الطالبات إلى الشارع المقابل للبوابة الرئيسية. وقفت حائرا متسائلا: هل السيدة الأولى سوف تأتى لزيارة الجامعة حيث تلتقى بالأساتذة والطلاب؟ بدد المسئول حيرتى حين أخبرنى أنها ستمر من أمام البوابة ونحن نريد أن نقف لتحيتها. تمتمت بأسى وحزن: تماما كما يفعل تلاميذ المدارس. ثم استطردت قائلا: وهل ستتوقف سيادتها لرد التحية أو لمصافحة العمداء والطالبات؟ قال: لا أظننى أنك أبله فكيف بالله عليك تتوقف سيدة أولى أو حتى ثانية لمصافحة جماهير تقف فى الشارع. واصل المسئول حديثه موضحا أنها سوف تتوجه لافتتاح بعض المراكز والمواقع المهمة فى أسوان ومراكزها. استأذنت للانصراف عازما تكليف أحد العاملين لسرعة إعداد لافتات السعادة والفرحة بمرور السيدة بجوار البوابة الرئيسية للجامعة.

وبالفعل وصلت إلى الكلية متحمسا للمهمة التى نحن بصددها وسرعان ما أصدرت تعليماتى لإدارة رعاية الشباب طالبا سرعة إعداد اللافتات المرحبة بالسيدة الأولى. لم اعبأ بالطلاب الذين ينتظرون المحاضرة بل ربما تبخرت المعلومات التى أردت نقلها لهم. لم تمض بضع دقائق حتى توجهت مرة أخرى إلى مكتب القيادة الجامعية حيث كان يجلس فى معيته رهط من الأساتذة والعمداء وجميعهم يجتهدون فى تأليف الشعارات التى تحملها اللافتات والبعض يقدم اقتراحات تتعلق بالمواقع المناسبة لوضع اللافتات. لقد أقترح أحدهم بأن تعلق اللافتات على الأشجار القريبة من الشارع الرئيسى غير أن آخرين اعترضوا بحجة أن السيدة لن ترى اللافتات وهى داخل السيارة. فقرر المسئول أن يتأكد بنفسه من هذا الأمر حيث استقل سيارته وسار بها فى الطريق لعله يستطيع أن يحدد المواقع المناسبة لوضع اللافتات. وبالفعل نجح المسئول ومرافقوه فى تحديد المواقع وتم تكليف العمال بالبدء فى تعليق اللافتات فورا لأن موعد طائرة السيدة قد اقترب.

وحين اطمأن المسئول على سلامة اللافتات ومواقعها قرر أن نتوجه جميعا إلى المدينة الجامعية لاصطحاب الطالبات بعد توزيع الأعلام عليهن. تلاحظ أن بعض الطالبات حاولن الاعتذار عن أداء هذه المهمة القومية غير أن المسئول هددهن بالفصل من المدينة إذا لم يمتثلن للأوامر. قالها بشكل صريح ومباشر مشيرا إلى أن هذا الأمر "أكبر منى ومنكم وإنتو شايفين حتى العمداء لن يستطيعوا الاعتذار لأي سبب من الأسباب." تعالى صوت إحدى الطالبات التى عبرت عن رغبتها فى حضور المحاضرات والشكاسن حيث لن تستطيع أن تفهم الدروس إذا تأخرت أو غابت عن قاعة المحاضرات. رد المسئول قائلا: "يا إبنتى أن هذه المهمة أهم واشرف من المحاضرات. فالمحاضرات يمكن تعويضها وسوف اطلب من المعيد أو الدكتور أن يعيد الدروس وهو لن يستطيع أن يرفض إذا عرف إنكم كنتم فى مهمة وطنية سوف ترفع من مكانة الجامعة فى نظر حبايبنا الحلويين" وأضاف: "وعلى فكرة تقاريرهم متخرش المية. فأرجوكم... العيون مسلطة علينا ولا نريد مشاكل مع أحد." أردفت الطالبة قائلة إنها أمضت ثلاث سنوات فى ربوع الجامعة وعمرها لم تخرج إلى الشارع لتحية مسئول." رد المسئول قائلا: "إن الأمر مختلف الآن فلابد أن نعبر عن فرحتنا وسعادتنا الصادقة أو الزائفة بزيارة أى فرد من أفراد الأسرة الحاكمة التى تستطيع أن تفعل أى شىء فى هذا البلد ولن يستطيع كائن ما كان أن يتبوأ منصبا إذا لم يكن محل ثقتهم وأنا أريد أن أحول الفرع إلى جامعة حتى أترأسها وبالطبع تعرفون من يقوم بتعيين رؤساء الجامعات فى البلد." قالت طالبة: "يا دكتور بس أنتو كده بتعلمونا فنون النفاق والتملق." رمقها المسئول نظرة قاسية معرضا ومشيحا بوجهه عنها.

وفجأة استيقظت على صوت آذان الفجر لأجدنى مستلقيا على السرير وأنا أتصبب عرقا وأشعر بعطش شديد. فتناولت كوب ماء ليساعدنى على اجتياز الكابوس الذى تملكنى طوال الليل وهو الكابوس الذى زالت أثاره بمجرد أن استيقظت وتذكرت ثورة 25 يناير وتوابعها التى انتشلتنا من مستنقع الإذلال والتردى والانحلال.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة المرؤوسين فى مصر
- دستور يا أسيادنا والبرلمان الاخواطنى فى مصر
- زلازل مصر واليابان
- طلاب الثورة وثورة الطلاب
- أساليب التضليل لتشويه الثورة الشعبية
- ثورات العرب فى القرن الحادى والعشرين
- ثورة الانترنت فى مصر
- لا للتعصب .. لا للعنف .. لا للإرهاب
- متى تختفى خفافيش الفساد من مصر؟
- حتي لا تتكرر الواقعة
- جوزيه البرتغالى والدورى المصرى
- ايجابيات انتخابات شعب 2010
- الجامعة وأنواعها
- مستقبل السودان بعد الاستفتاء
- البلكونة هى الحل
- جامعاتنا وجامعاتهم
- هل انتخابات الكونجرس تعكس عدم الرضا بسياسة أوباما؟
- العصا السحرية التى أضاعها أوباما
- هل تحققت وعود أوباما الانتخابية؟
- فبركة الصور والصور المفبركة


المزيد.....




- دبي بأحدث صور للفيضانات مع استمرار الجهود لليوم الرابع بعد ا ...
- الكويت.. فيديو مداهمة مزرعة ماريغوانا بعملية أمنية لمكافحة ا ...
- عفو عام في عيد استقلال زيمبابوي بإطلاق سراح آلاف السجناء بين ...
- -هآرتس-: الجيش الإسرائيلي يبني موقعين استيطانيين عند ممر نتس ...
- الدفاع الصينية تؤكد أهمية الدعم المعلوماتي للجيش لتحقيق الان ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /20.04.2024/ ...
- ??مباشر: إيران تتوعد بالرد على -أقصى مستوى- إذا تصرفت إسرائي ...
- صحيفة: سياسيو حماس يفكرون في الخروج من قطر
- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - كابوس النفاق والتملق