أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - حتي لا تتكرر الواقعة














المزيد.....

حتي لا تتكرر الواقعة


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3229 - 2010 / 12 / 28 - 23:47
المحور: حقوق الانسان
    


أبى عام 2010م أن يرحل دون أن يقدم لنا هدية آخر السنة وهى عبارة عن حادث مأسوى وغير مسبوق فى حقل التعليم الجامعى. كنا نسمع ونقرأ عن أولياء أمور يتوجهون إلى المدارس بهدف رد الاعتبار لأبنائهم الذين يتعرضون للضرب أو الإهانة سواء من أقرانهم أو معلميهم. لكننا لم نسمع عن حدوث مثل هذه التجاوزات فى حق أساتذة الجامعات. إن الحدث الذى شهدته جامعة إقليمية فى الدلتا يعتبر غريبا ويصعب تخيله وبالفعل يستحق أن يقف المجتمع حياله للتأمل والتدبر عسى أن يعثر على البوصلة المفقودة التى قد تحمل البلاد لبر الأمان. ماذا حدث فى هذه الجامعة؟

يوم الأحد 19 ديسمبر كانت أستاذة ورئيسة قسم بكلية الآداب تلقى محاضرة عندما دخل شاب فى مقتبل العمر وخطيبته الطالبة بالكلية قاعة المحاضرات وجلسا سويا فى المقاعد الخلفية حيث يتعذر على الأستاذ المحاضر رؤية ما يحدث خاصة إذا كانت القاعة مكتظة بمئات الطلاب. المهم بدأ الشاب فى التدخين والتهكم على المحاضرة التى لم يأت للاستماع إليها مما أغضب طالبتين كانتا تجلسان على المقاعد المجاورة، فتقدمتا بالشكوى للأستاذة التى طلبت من الشاب تقديم إثبات الشخصية حينئذ هددها الشاب قائلا "إنتى مش عارفة أنا مين؟ دا أنا هأربى أهلك"، وفوجئت به يتعدى عليها بالضرب بقدمه، وبسبها بألفاظ خارجة مما دعاها لطلب الحرس للتعامل مع الشاب الذى تبين أنه ضابط شرطة برتبة ملازم أول.

لقد عملت فى الجامعة أكثر من ربع قرن ولم نسمع عن أستاذ جامعى أو حتى معيد تعرض للضرب أو الإهانة بالسب والقذف داخل أسوار الجامعة. الغريب أن تتعرض هذه الأستاذة للإهانة فى مدرج الجامعة وفى حضور نحو 700 طالب مما دفع الدكتورة الضحية أن تصرح بأنها لم تعد تصلح رئيسة قسم ولا حتى أستاذة فى الجامعة. وفى الواقع فنحن نلتمس العذر للدكتورة التى خاضت هذه التجربة المريرة غير أن ما يخفف وطأتها هو أن الحرس الجامعى لم يتقاعس عن إلقاء القبض على الشاب وسرعة تقديمه للنيابة التى أمرت بحبسه على ذمة التحقيق وتقديمه لمحاكمة عاجلة.

من المفيد أن نؤكد هنا أن هذا الشاب لا يمثل جموع ضباط الشرطة الشرفاء المخلصين الذين يحترمون القانون. ولا يستطع أحد أن ينكر دور الشرطة فى الحفاظ على أمن المواطن والوطن، فكلاهما وجهان لعملة واحدة: فلا وطن إذا افتقد فيه المواطن الإحساس بالأمن. كما إن المواطن يفقد صفة المواطنة إذا لم يوفر الوطن الأمن والأمان. لا شك أن هنالك نماذج لا حصر لها لرجال شرطة قدموا حياتهم دفاعا عن مواطنين أبرياء غير أن هنالك فئة قليلة من صغار الضباط لا تستوعب حجم مسئولية الوظيفة الأمنية. يقول بوب هيربرت فى صحيفة نيويورك تايمز الصادرة فى 7 مارس 1997م إن رجال الشرطة الذين يخرقون القوانين لا يقدمون أية فائدة للمجتمع، بل إن سلوكهم وتصرفاتهم تقلل من قيمة الجهود الحقيقية التى يبذلها المخلصون من أقرانهم. إن الامتثال للقانون واحترامه يعد جزءا لا يتجزأ من كيان رجل الشرطة الذى يحترم وظيفته، فلا يأتى بأفعال من شأنها أن تقلل من قدرها. لكن يبقى السؤال لماذا سلك شاب صغير هذا المسلك ولاسيما أن والده أستاذ فى ذات الكلية التى تعمل فيها الأستاذة؟

لعل القارئ قد توقف عند عبارة"إنتى مش عارفة أنا مين؟" التى أطلقها الشاب فى وجه أستاذة جامعية زميلة لوالده فى الكلية وتقوم بالتدريس لخطيبته الطالبة فى القسم الذى تتولى الأستاذة رئاسته. وهذه العبارة توضح لنا أن الشاب يظن أن دوره أصبح أكثر أهمية من دور والده الذى كان من الممكن أن يكون المحاضر فى ذلك اليوم المشئوم. قد يقول قائل—وهذا صحيح— إن العمل الشرطى يعتبر من الوظائف التى تمثل عبئا ثقيلا على الجهاز العصبى حيث يواجه المرء يوميا ضحايا القتل والعنف والحوادث وخلافه وهذه الضغوط المتراكمة عبر عشرات السنين تترك أثرها على شخصية الشرطى مهما تمتع من صحة وتوازن نفسى ومهما كان مدربا. وعلى حد قول عالمة النفس الأمريكية بيفرلى أندرسون فإن طبيعة العمل الشرطى قد تغير بشكل ملموس خلال السنوات الماضية حيث إن إدارات الشرطة فى العالم الغربى تبادر بتقديم خدمات نفسية لرجال الأمن وعائلاتهم.

نحن فى حاجة إلى علماء نفس يقدمون لنا شرحا وافيا عن التغييرات النفسية التى تطرأ على شاب كان بالأمس القريب يتلقى المصروف من والده ثم فجأة وجد نفسه فى وظيفة مرموقة يخشاه الناس ويخاطبونه بألقاب كانت متداولة فى العهد الملكى. ويبقى سؤال آخر يبحث عن إجابة: هل هناك إعداد نفسى يواكب هذا التحول فى حياة شبابنا الصغار الذين يجدون أنفسهم فى مواقع السلطة؟



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوزيه البرتغالى والدورى المصرى
- ايجابيات انتخابات شعب 2010
- الجامعة وأنواعها
- مستقبل السودان بعد الاستفتاء
- البلكونة هى الحل
- جامعاتنا وجامعاتهم
- هل انتخابات الكونجرس تعكس عدم الرضا بسياسة أوباما؟
- العصا السحرية التى أضاعها أوباما
- هل تحققت وعود أوباما الانتخابية؟
- فبركة الصور والصور المفبركة
- تجاهل المعلمين المتميزين فى محافظة أسوان... لماذا؟
- لسانك حصانك فى أمريكا
- تلميذة أوشكت على الانتحار!
- حلم بعيد المنال
- ماذا لو بقيت لوحة زهرة الخشخاش فى متحف عالمى؟
- التغيير الذى نريده
- الوطن والشعب فى خدمة الشعب والوطن
- الوظائف الحكومية فى ظل الوساطة والمحاباة
- حرب الفئات فى مصر: القضاة والمحامون
- لماذا غاب السلوك المتحضر من مجتمعاتنا؟


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - حتي لا تتكرر الواقعة