فاروق عطية
الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 05:02
المحور:
مقابلات و حوارات
فى مكان فسيح على الحدود بين سويسرا وألمانيا وإيطاليا, فى موقع فريد مليئ بالخضرة والزهور ومحاط بالأشجار الباسقة التى دبت فيها براعم الربيع اجتمع رهط كبير من الحيوانات المسالمة مكونين برلمانا أو قل مؤتمرا عالميا للحيوان. إجتمعوا جميعا من كل فج وصوب, ومن كل أنواع الحيوان المسالم للاحتفال بالذكرى الثالثة لهولوكوست الخنازير. كان على المنصة يدير الحوار جحش باسم يدعى حُمارتنى. طرق حُمارتنى على المنصة طالبا المجتمعين بالصمت والاستماع له, وبعد أن استجاب المؤتمرون له قال: فلنقف جميعا دقيقة حدادا على أرواح شهدائنا من الخنازير المظاليم الذين اغتالتهم أيد الإنسانية الحمقاء بمصر ودفنوا أحياء بعد التعذيب والحرق بالجير الحى وغيرها من الكيماويات فى محارق جماعية أبشع من هولوكوست اليهود على يد هتلر النازى. وقف الجميع خشوعا واحتراما لهذه الذكرى الأليمة إلا من نفر من القرود والنسانيس رأوا أن الوقوف فى ذكرى الأموات عمل غير دينى فلا وقوف ولا تبجيل إلا لله وحده, لكن حُمقهم هذا أدى لسخط معظم المجتمعين. بعدها بدأ حُمارتنى محاضرته قائلا: كلنا نعلم أن ڤيروس انفلوانزا من نوعية A(H1N1) والذى أطلق عليه بالخطأ انفلونزا الخنازير قليلا ما يتنقل للأدمين, ولا يتنقل عن طريق اكل لحم الخنزير, و حتى لو اتنقل, قليلا ما يسبب انفلوانزا ادميه او تظهر له اعراض ملحوظه. رغم هذه الحقائق فقد سجلت بعض الحالات التى حدث فيها عدوى حقيقيه للأدميين, و فى الاغلب لا يحدث هذا ألا لمن هم على اتصال مباشر بالحيوان (عمال مزارع تربية الخنازير), وتسمى عدوى حيوانيه (Zoonosis) و هي حاله نادره. و الاعراض فى حالة الاصابه قريبه جداً من حالات الانفلوانزا البشريه, و هى السخونه و التوهان و تصلب المفاصل و الترجيع و فقدان الوعى و الصداع والكحه (وبالطبع ليس شرطا أن تتجمع كل هذه الأعراض), والقليل منه مايؤدى للموت. ونادرا جداً ان ينتقل هذا النوع من الإنفلونزا بين الآدميين, الا إذا حدث للڤيروس تغير چينى كبير, و أيضا ليس بالضروره أن يكون مسببا للموت. وفى شهرى مارس و ابريل 2009 ظهرت حوالى 1000 اصابه مؤكده على مستوى العالم بڤيروس من هذه النوعية A(H1N1), و الذى سمى بالخطأ"بانفلوانزا الخنازير" (يسمى أيضا بالانفلونزا المكسيكيه), هذا الڤيروس به چينات من اربع ڤيروسات انفلوانزية مختلفه (ڤيروسين لانفلوانزا الخنازير و ڤيروس لانفلوانزا الانسان و ڤيروس لانفلوانزا الطيور). الخنازير ممكن أن تصاب بالإنفلوانزا طول السنه وفى الغالب تزيد الحالات فى نهاية فصل الخريف و طوال فصل الشتاء, وهو مرض وبائى يتنقل بسهوله, ولكنه فى العاده لا يسبب الموت. الغريب أن كل بلاد العالم تقريبا إستعدت للمرض بالاحتياطات اللازمه لوقف انتشاره كتوزيع الماسكات على الناس فى الشوارع و نشر إعلانات فى التليفزيون لتوعيتهم بالمرض و طرق انتشاره كما دعوا لتقليل رحلات السفر من وإلى المناطق اللتى ظهر فيها المرض والتدقيق فى الكشف على المسافرين فى المطارات. الدوله الوحيده فى العالم التى قررت التخلص التام بالذبح وحرق كل الخنازير التى على ارضها هى مصر بعد اجتماع وزير الصحه هناك مع رئيس الجمهوريه يوم 29 ابريل 2009.
صاح المجتمعون يشجبون تصرف مصر النازى ضد حيوان مسالم يخدم البيئة ويخلصها من زبالتها. وانتهز الديك هذه اللحظة وصاح مؤذنا للصلاة, فنهره حُمارتنى بشدة قائلا: أنت يا ديك طائر مرائى وأنت لست أكثر من أى منا تدينا, أنت تريد المظهرية وتقتدى بذلك الفسل الآدمى الذى أذن بالصلاة فى مجلس الشعب المصرى الغير دستورى, وهناك فرق بيننا وبين الآدميين. فنحن نُصلى لله كل لحظة من حياتنا دون أن يلحظنا أحد لأننا معشر الحيوان لا نحب المظاهر الكذابة ولكننا على صلة وثيقة بالخالق دون تربية ذقون أو افتعال ذبيبة أو ارتداء جلباب قصير وطاقية بين الذكور, أو حجاب أو نقاب بين الإناث, فتوقف عن هذا العبث ودعنا نكمل المؤتمر فى هدوء. واستمر قائلا: لم تظهر أى حالة من حالات المرض فى مصر رغم انتشاره حول العالم, ورغم ذلك افتعلت المذبحة وأقدمت السلطات المصرية على إقرار قتل ربع مليون خنزير بدم بارد, والسبب الحقيقى ليس الوقاية من المرض ولكن لأن اكل لحم الخنزير محرم فى الإسلام (محرم أيضا فى اليهوديه و الديانه المصريه القديمه), لهذا كان رد الفعل مبالغ فيه من أعضاء مجلس سيد قراره المصرى. ونشكر جميع المنظمات العالمية كمنظمة الصحة العالميه والفاو (منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة) جميعها التى انتقدت مصر لأتخذها قرار ظالم بإغتيال الخنازير و صرحت ان المرض يتنقل من الإنسان للإنسان وليس من الخنازير, ولذلك قررت منظمة الصحه العالميه و البلاد المتقدمه عدم استخدام عبارة ”انفلونزا الخنازير“ لحماية الثروة الخنازيرية. وقد جاء الخلط من أن التقارير الإخبارية العالمية الأولى قالت أن الفيروس اسمه سواين إنفلونزا أي انفلونزا الخنازير!!! وعلى الأرجح أنهم قد أطلقوا عليه اسم "الخنازير" نسبة إلى العائل الوسيط الذي تحور بداخله أو لتمييزه عن أنفلونزا الطيور أو أيا ما كان سبب التسمية فقد ندم المتخصصون على إطلاق هذه التسمية - المضللة - على هذا الفيروس البشري الذي هو فى الحقيقة خليط بين سلالات أنفلونزا طيور وأنفلونزا خنازير وأنفلونزا بشرية, ولذلك استدركت منظمة الصحة العالمية هذا الخطأ وصححت تسمية الوباء باسم الفيروس نفسه إتش 1 إن 1 انفلونزا أ, ورغم هذا أصرّت مصر على أن الخطر يأت من الخنازير بدون دليل علمى واضح. لست بحاجة لتذكيركم بالصورة الذهنية التي لدى أغلبية المصريين عن الخنزير, الخنزير في الثقافة العامة المصرية (والعربية) ليس حيوانا نجسا لا يجوز أكله وحسب بل هو حيوان ديوث لا يغار على أنثاه, وحينما تبلغ الكراهية الشعبية تجاه شخص ما يصفونه بالخنزير ولعل آرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أشهر الشخصيات التي خلع عليها العرب الوصف الخنازيري, هذا طبعا بالإضافة للتسمية الشهيرة لليهود في الثقافة الإسلامية المتشددة باعتبارهم أحفاد الخنازير... والقردة. وبناء على هذه الكراهية السابقة التجهيز للخنزير ولمن يأكله ومن يربيه ومن يتاجر به تضخمت أكبر الأكاذيب التاريخية في مصر, وبغض النظر عن دوافع هذه الكذبة فقد تم تلفيق تهمة تكدير الأمن العام والشروع في قتل الملايين من البشر وتم إلصاقها بالمتهم البريئ خنزير مصر الطيب! وتم استغلال الخطأ العالمي بتسمية الوباء باسم "الخنازير" لتمرير مخطط حكومي في غاية الشر بدأه أولاد الأبالسة أعضاء المحظورة الذين قرروا ضرب كل العصافير بحجر واحد وانساق خلفهم أعضاء الحزن الوطنى ليثبتوا أنهم أكثر من أعضاء المحظورة إسلاما. ورغم علمهم التام أن هذا الوباء بشريا ولا دخل للخنازير فيه إلا إنهم ساقوا الهبل على الشيطنة والاستعباط على الاشمئناط لتحقيق مخططهم الشرير الذى يُتكتكون له منذ عام 2000 وغير قادرين على التنفيذ وجاءتهم الفرصة الذهبية للتخلص من الخنازير واصحابها والزرايب وسكانها والزبالين وزبالتهم. فى لحظة لن ينساها التاريخ أصبح البريئ متهما والمشرع قاضيا وجلادا, ورئيس البلاد حانوتيا! وسيذكر التاريخ بكل فخر أن سيد قراره المصرى الخنوع الذى لم يتحرك في أكثر القضايا كارثيا كغرق العبارة التي قتل ممدوح اسماعيل وحده فيها أكثر من أضعاف قتلى أنفلونزا "الخنازير" على مستوى العالم!! وكحريق قطار الصعيد ومحرقة قصر ثقافة بني سويف وكارثة الدويقة ومجموع القتلى فيها جميعا يبلغ عشرات أضعاف عدد القتلى من الوباء عالميا, لم يهب سيد قراره تلك الهبة الأسدية قويا عفيا ومفتريا في وجه الظَلًمة اولاد الحرام الذين باعوا البلد بتراب الفلوس أو صدروا غازها للعدو بسحاتيت, ولكنهم هبوا وتشمروا واستأسدوا على العدو الغشوم ومن هو؟ إنه ذلك الحيوان الودود خنزير مصر الطيب!. القانون يقول أن المتهم بريئ إلى أن تثبت إدانته ولكن مشرعوا مصر أخذوا القرار السريع بالإعدام فورا وحتى لم يعرضوا أوراق المتهم البريئ على فضيلة المفتى كالعادة, وتم إصدار الحكم على الخنزير البريئ يوم الأربعاء 29 أبريل 2009 وتم التصديق على الحكم بإعدامه من رئيس الجمهورية (الحاكم العسكري) وخرج المنفذون بالشوم والحجارة وكل ما هو قادر على القتل بلا رحمة صائحين وحدوووووووه ما دايم إلا وجه الدايم, والله يخرجنا من دار البلا بلا بلا, وكانت المذبحة قتلا ورجما ودفنا للأحياء تحت الجير الحى والكيماويات الحارقة والتى سأعرضها عليكم فى هذين الرابطين تسمعون فيه نقاشات مثل تسلم يا عم محمد وجميل يا مصطفى و تسلم إيدك يا حمادة: http://adham2009.blogspot.ca/2009/05/blog-post.html
http://besara7a.wordpress.com/2009/05/18/%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-
وفتح حُمارتنى رئيس المنصة باب المناقشة للأعضاء وتقدم آكل النمل وهو يضع يده ليخفى أنفه الطويل, فبادره حُمارتنى وهو يبتسم قائلا: لا تخفى أنفك الطويل ولا تحاول أن تفعل ما فعله البلكيمى السلفى المصرى المنافق بعملية تجميل أضاعت سمعته وهيبته بما اقترفه من كذب وافتراء. ضحك جميع الأعضاء وابتسم آكل النمل ورفع يده عن أنفه وقال: كان هناك تقرير لمنظمة الصحة العالمية يفيد بأن نصف سكان الكرة الأرضية كانوا معرضين نظريا للإصابة بفيروس إتش 1 إن 1 انفلونزا أ, أما علماء بني وهاب بدو الرمال وعلى رأسهم مفتي السعودية عبدالعزيز آل الشيخ وسلمان العودة و طالح الخسران وغيرهم من الغرانيق ذو الرؤوس الفارغة والتى يدور فيها من تفاهات فهم يفرحون لكل كارثة وضيق يصيب دار الكفر, فاستبشروا خيرا بظهور هذا الوباء في المكسيك هذا البلد المجاور للولايات المتحدة الأمريكية وكانوا يتمنون أن يستشري هذا الطاعون في اقرب الآجال ليبيد حواضر الغرب الصليبي الكافر، أليس هم من يردد هذا الدعاء " اللهم أحصهم عددا واقتلهم مددا ولا تغادر منهم أحدا واجعل أطفالهم و نسائهم وأموالهم غنيمة للمسلمين "؟؟ ولكن خيب الله دعائهم وانتهى الوباء وظلت بلاد الكفر قوية راسخة وظلوا هم فى جهلهم يعمهون.
وتقدم خنزير شاب هارب من هولوكست الخنازير المصرية قائلا: نشكر الله رغم مصابنا الأليم ونحتسب ضحايانا شهداء هند ربهم ينعمون, وبالقطع هم الآن ككل الشهداء ينعمون فى الفردوس بالحور العين والغلمان المخلدين. وصاح الشمبانزى قائلا: أخشى أن الأصوات التى طالبت بإعدام الخنازير لأجل الوقاية من انفلونزا الإتش 1 إن 1 وتم تدبير الهولوكوست على أساسها أن يقرأوا ما جاء في كتاب العلوم المقرر على طلبة السنة التانية اعدادي - إن فيروس نقص المناعة المكتسبة (إتش آي في) المسبب لمرض الإيدز قد تحور وتطور داخل قردة الشمبانزي فيتخذوا قرارا مماثلا لمكافحة الأيدز بإعدام وإبادة جميع قردة الشمبانزي في العالم!!
وعلق حمل وديع قائلا: ينتشر الآن فى مصر وباء الحمى القلاعية بين الأغنام والأبقار, هل هم قادرون على إبادة ثروتهم الحيوانية درءا لهذا الوباء؟ ورد عليهم حُمارتنى المثقف قائلا لينهى الاجتماع: أيها السادة كانت مجزرة الخنازير بإصرار من المتأسلمين لسببين وجيهين من وجهة نظرهم. أولهما كما ذكرت سابقا أن الخنزير فى الثقافة الأسلامية حيوان نجس وديوث, وثانيهما التخلص من الأقباط المسيحيين وإفقارهم بالتخلص من مصدر أرزاقهم. ولا يخشى الغنم أو الأبقار من تكرار هذه المجزرة. وأشكركم جميعا لتلبية الدعوة لعقد هذه الندوة بذكرى هولوكست الخنازير لتنبيه العالم حتى لا تتكرر مرة أخرى, وتصديقا لكلامى أعرض عليكم هذين الرابطين لعرض مدى استنكار أقباط مصر المسيحيين لهذه المجزرة.
http://www.youtube.com/watch?v=UbdqPYu1wjs
http://www.youtube.com/watch?v=eZOPEinjNos
#فاروق_عطية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟