أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نبيل جعفر عبد الرضا - دور الخصخصة في تطوير دور القطاع الخاص في العراق















المزيد.....


دور الخصخصة في تطوير دور القطاع الخاص في العراق


نبيل جعفر عبد الرضا

الحوار المتمدن-العدد: 3691 - 2012 / 4 / 7 - 22:50
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



تعد سياسات الخصخصة إحدى الوسائل التي يمكن اعتمادها من أجل تطوير نشاط القطاع الخاص في الاقتصاد لرفع كفاءة أداء المؤسسات والشركات الوطنية على أسس تنافسية من خلال توزيع الأدوار بين القطاعين العام والخاص .

أولاً : مفهوم الخصخصة وأساليبهــا
عرفت الخصخصة من عدة جوانب منها اقتصادية حيث عُرفتْ بأنها عملية الانتقال من آلية الاقتصاد المركزي إلى آلية الاقتصاد الحر في إنتاج السلع والخدمات , أي هي العملية التي يتم بموجبها إحلال القطاع الخاص محل القطاع العام في ممارسة النشاط الاقتصادي المنتج للسلع والخدمات . ومن وجهة نظر سياسية تعني إنهاء الدور المركزي والمحوري للحكومة , مقابل إعطاء هذا الدور إلى القطاع الخاص . ومن وجهة نظر اجتماعية بأنها إعادة حقوق الملكية بجميع أوجهها من الدولة إلى المجتمع بوصفه صاحب هذه الحقوق أولاً والمنتفع منها ثانياً , وهذا فيه إنهاء وتحويل للأصول الإنتاجية وماتنطوي عليه من سلطات إلى يد الفرد بعد إن كانت في يد الدولة أي تحويل ملكية المؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة جزئياً أو كلياً إلى ملكية خاصة. وتتم عملية الخصخصة بأشكال عدة سنعرض فيما يلي أبرز الأساليب المعتمدة في ذلك :-
1- أساليب تنهي ملكية الدولة وتتضمن عدة طرائق نذكر منها:-
أ‌- طريقة البيع المباشر:- تعد هذه الطريقة من أكثر الطرائق استخداماً في عمليات الخصخصة على المستوى الدولي , إذ تقوم الحكومة ببيع كامل أو جزء من المشروعات إلى القطاع الخاص .

ب‌- طريقة البيع للعاملين والإدارة :-على وفق هذه الطريقة سيكون بمقدور العاملين والإداريين الحصول على حصص أو نسب كلية أو جزئية من المشروعات ومن ثم فأن الحكومة هنا لاتحتاج إلى أن تتفاوض مع جهات خارجية محلية أو أجنبية .
ت‌- طريقة البيع في الأسـواق الماليـة :- عادة ً ماتعتمد هذه الطريقة على بيع المشروعات التي تتمتع بوضع مالي جيد وذات حجم كبير من خلال عرض أسهم تلك المشروعات للبيع في سوق الأوراق المالية للجمهور وبسعر محدد .
ث‌- طريقة البيع من خلال قسائم الكوبونات :-على وفق هذا الأسلوب يتم توزيع قسائم البيع مجاناً أومقابل أسعار محددة للمواطنين الذين يمكنهم استبدالها بأسهم في المشروعات التي تتم خصخصتها أو بيعها في السوق ضمن طريقة المزاد العلني .
ج‌- طريقة التصفية :- يمكن أن تلجأ الحكومة إلى خيار التصفية للمشروعات وبيع أصولها بدلاً عن بيعها كمشروع قابل للاستمرار في حالة حدوث خسائر كبيرة وانعدام الجدوى في مواصلة النشاط الاقتصادي أو وجود منافسة شديـدة أو في حالة عدم قدرة المشروع على التلاؤم مع ظروف السوق المستجدة أو التكنولوجيا الحديثة .
2- أساليب لا تنهي ملكية الدولة وتتضمن:-
أ‌- خصخصة الإدارة : وتهدف إلى رفع كفاءة الأداء للشركات العامة وذلك بتحسين إدارتها من خلال إدخال مفاهيم وتقنيات إدارة القطاع الخاص مع إبقاء ملكية الدولة لتلك الشركات , وتأخذ هذه الطريقة أشكالا" متعددة منها عقد الإدارة والتأجير والامتياز .
ب‌- الخصخصة التنظيمية : وتعني قيام الدولة بتحرير الاقتصاد من الإجراءات التقييدية لإدارة الملكية , وتعد من الأساليب التي يؤيدها المتخصصون الأكاديميون لأنها تعيد تنظيم العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص وذلك من خلال إلغاء بعض القيود القانونية والإجرائية التي تفرضها الدولة على نشاط وملكية القطاع الخاص ويسمح لهذا القطاع بإنتاج سلع وخدمات كانت حكراً على القطاع العام , من اجل خلق منافسة بين القطاعين الخاص والعام تهدف إلى تحسين مستوى الإنتاج وتحقيق الرفاهية للمجتمع .

ثانياً :آليـة تنشيـط دور القطــاع الخــاص فـي العــراق

إن تجربة الخصخصة في الاقتصاد العراقي خلال ثمانينات القرن الماضي لم تسهم في تحقيق نتائج مرغوبة على مستوى الأداء الاقتصادي وتخفيض العجز المالي والتضخم , لعدم بنائها على أسس اقتصادية سليمة ,إلى جانب ذلك قيام الحكومة بإصدار قوانين وقرارات لخصخصة عدد من المشاريع العامة دون أن تسبقها فترة مناسبة للدراسة والتحضير والتهيئة لتنفيذ هذه الإجراءات, وبقدر تعلق الموضوع بدور الخصخصة في تنشيط القطاع الخاص في الاقتصاد العراقي فأنهُ ليس من الضروري أن تعني كل عملية خصخصة هدم للقطاع العام ببيع مؤسساتهُ إلى القطاع الخاص, بل أن تكون الخصخصة إحدى الحلول القائمة لتنشيط دور القطاع الخاص الوطني الذي مازال ضئيلاً جداً ورفع الكفاءة الاقتصادية وتوسيع القاعدة الإنتاجية لمنشآت القطاع العام التي تعاني من مشكلات وتعقيدات إدارية وبيروقراطية , لذلك يمكن تأهيل هذه الشركات عن طريق الأخذ بأسلوب الخصخصة التنظيمية التي ستعمل على الحد من احتكار الشركات العامة ويسمح بالمنافسة بين المشروعات العامة والخاصة التي ستنعكس على رفع قدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق أفضل إشباع ممكن من السلع والخدمات وقد تم اختيار عينات واسعة من الشركات التي تعمل ضمن الاقتصاد الوطني والتي يمكن تحويل إدارتها إلى القطاع الخاص عن طريق الخصخصة التنظيمية وتخفيف العبء عن إدارة الدولة وقد تبين الآتي:-
1- إن القطاع الصناعي قد أخذ الحيز الأول من مجموع الدعم المقدم من قبل الدولة من حيث أعداد الشركات الخاسرة التي بلغت 28 شركة من مجموع 66 شركة عاملة في هذا القطاع , وقد بلغ العجز 275.799 مليار دينار في عام 2008 إذ إن هناك شركات مازالت خاسرة والدولة تقوم بدعمها لغرض النهوض بها , وهذا يدل على العجز الكبير في هذه الشركات العاملة في هذا القطاع من دون تحقيق إيرادات تغطي نفقاتها .
2- ويأتي في المرتبة الثانية من حيث إعداد الشركات الخاسرة قطاع الماء والكهرباء الذي بلغ العجز فيه 3.197 مليارات دينار عام 2008 , إذ بلغ عدد الشركات الخاسرة في هذا القطاع 20 شركة من أصل 22 شركة عاملة في هذا القطاع الحيوي , أي إن معظم الشركات العاملة تعمل بعجز ولا تحقق فائضا" إلا شركتان ضمن هذا القطاع .
3- أما في المرتبة الثالثة فيأتي قطاع الخدمات إذ بلغ عدد الشركات الخاسرة بحدود 11 شركة من أصل 16 شركة عاملة وقد بلغت نسبة العجز فيه 1.104 مليار دينار عام 2008 .
4- وفي المرتبة الرابعة يأتي قطاع النقل والمواصلات إذ بلغ عدد الشركات الخاسرة 8 شركات من مجموع 14 شركة عاملة وقد بلغ العجز في عام 2008 لهذا القطاع 74.939 مليار دينار.
5- أما قطاع البناء والتشييد فيأتي بالمرتبة الخامسة من حيث عدد الشركات الخاسرة والبالغة 7 شركات من مجموع 16 شركة عام 2008 وبمعدل خسارة تقارب 36.622 مليار دينار.
6- واحتل قطاع التعدين وقلع الأحجار المركز السادس , إذ بلغ عدد الشركات الخاسرة 6 شركات من أصل 11 شركة وبلغ الدعم المقدم للشركات الخاسرة بحدود 11.083 مليار دينار .
7- ويأتي في المرتبة السابعة القطاع التجاري من حيث عدد الشركات الخاسرة البالغة 5 شركات من أصل 10 شركات عاملة ,إذ تعمل بعجز مقدارهُ 1.091 مليار دينار عام 2008 .
8- ويأتي في المرتبة الثامنة القطاع المالي إذ بلغ العجز في هذا القطاع 2 شركتين خاسرتين من أصل 13 شركة عاملة عام 2008.
9- ويأتي في المرتبة الأخيرة القطاع الزراعي من حيث عدد الشركات الخاسرة والبالغة 3 شركات من أصل 6 شركات عاملة وبدعم مقداره 1.657 مليار دينار عام 2008

لذلك فأن أسلوب إدارة القطاع الخاص لتلك الشركات سيكون مناسباً جداً , خاصة ًوان هذا الأسلوب يعتمد على مبدأين أساسيين هما (الكلفة والعائد) وهذا التنافس بين الكلفة والعائد يدفع رجال الإعمال بالسعي نحو تحسين أداء المشروع وتنويع المنتجات وتحديثها وجعلها أكثر قدرة على المنافسة , مما سيدفع ذلك إلى تنشيط الاقتصاد وجعلهُ أكثر ديناميكية , وفي المقابل تكون الصورة مختلفة مع القطاع العام في ظل التخطيط المركزي , إذ تمتزج الأهداف الاقتصادية وغير الاقتصادية وتكون عادة ًمقيدة بمركزية اتخاذ القرارات ودور محدود للمبادرة الفردية في التغير ويتحول الأداء الاقتصادي إلى مجموعة مؤشرات تسعى الوحدات الإنتاجية إلى تحقيقها وبوتيرة أبطأ نسبياً في الاستجابة للتغيرات المستمرة في حاجات الأفراد ورغباتهم من السلع والخدمات .
لذا فقد كان التحول إلى القطاع الخاص هو الآلية الأساسية للتحول إلى اقتصاد السوق , وكذلك الإستراتيجية الرئيسة لتحفيز إعادة الهيكلة في شركات القطاع العام , وبموجب ذلك ارتبطت برامج الإصلاح ارتباطا ًوثيقا ًبجهود توسيع قاعدة الملكية لدى الأفراد وزيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وزيادة وزنهُ النسبي في الإنتاج والاستثمار , مقابل تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد وتخفيف الأعبـاء عن الموازنة الحكوميـة, أما فيمـا يخص واقع القطاع الخـاص في الاقتصاد العراقي فما زال ضعيفاً تعوزهُ العديد من القرارات التي تجعلهُ قادراً على مسايرة عمليات الخصخصة, وعليه يتطلب الأمر أولاً بتأهيل القطاع الخاص ومن ثم توفير البيئة الملائمة لهُ ومن ثم إجراء عملية تحويل إدارة مشاريع القطاع العام إليه وهذه العملية تتطلب الكثير من الإجراءات لعل من أبرزها الآتي :-

1- وجود إرادة إصلاحية معلنة وثابتة ومدعمة بشرعية داخلية راسخة ومتبلورة , تعمل على تشجيع ثقافة اقتصاد السوق والتي تشمل بجانب القيادة السياسية فئات العاملين ورجال الأعمال والمستهلكين والمواطنين .
2- لاتخصيص مجدٍ وعادل دون إطار قانوني مؤسسي وتشريعي يفسح المجال أمام القطاع الخاص للدخول في إدارة تلك المشاريع بشكل يمنحهُ القدرة على المنافسة مع المشروعات الاقتصادية الأخرى.
3- لابد من استحداث قانون تخضع بموجبه المؤسسات التي تعجز عن المنافسة أو مواكبة السوق لإجراءات الإفلاس والتصفية التي تخضع لها مؤسسات القطاع الخاص دون أن يتحمل دافع الضرائب أو الدولة أي مسؤولية تجاه العاملين بهذه المؤسسات عند إفلاسها.
4- تشكيل هيأة خاصة للخصخصة ثابتة وموثوقة وذات صلاحيات حصانة , ذلك إن ربط التخصيص بهيئة سياسية يتناقض مع فلسفتهُ , لتكون مهماتها الرئيسة مسح عام لجميع المنشآت العامة وإعادة تقييمها ودرجها من حيث الأهمية ومدى فاعلية كل منها أي تقوم بتشخيص المنشآت ومدى قابلية الحكومة على الاستمرار بها وذلك من خلال أهميتها للمجتمع .

وبعد ذلك فأن التوجه نحو تحويل إدارة الشركات العامة إلى القطاع الخاص سيكون توجه سليم من الناحية الاقتصادية وستكون عملية انطلاق لكلا القطاعين العام والخاص من نقطة شروع واحدة , إذ يتضمن هذا الأسلوب السماح للقطاع الخاص في إدارة وتشغيل مشاريع القطاع العام كلاً أو جزءاً وهذه العملية لايعني حتماً نقل ملكية هذه المنشآت إلى القطاع الخاص , ومن ثم لاتفرض على الدولة التزامات قانونية تتعارض مع توجهاتها السياسية ولكنها تعني بالترجيح النسبي نقل إدارة وتشغيل هذه الشركات العامة إلى إدارة القطاع الخاص الوطني , لضخامة الأصول وصعوبة بيعها كلاً أو جزءاً إلى القطاع الخاص الذي يعاني من شحة رؤوس أموالهُ , إن هذه الطريقة ستحقق مكاسب أكبر فيما لو بقيت تلك الشركات تحت إدارة القطاع العام إذ إن الإدارة الجديدة من قبل رجال الأعمال ستوفر لهم حافزاً أكبر على رفع الكفاءة لأنهم سيتحملون نتائج قراراتهم وكذلك فأن اختيار المدراء سيكون على وفق المؤهلات والكفاءة وليس لأسباب سياسية أو فكرية , الأمر الذي يعمل على تحقيق المنافسة مع شركات ومعامل القطاع العام وخصوصاً في حالة الاعتقاد بأن أداء القطاع الخاص أفضل من أداء القطاع العام وتحقيق مبدأ البقاء للأصلح , ولكن في كل الحالات لايعني ذلك إلغاء دور الدولة في عملية المراقبة والإشراف وتوجيه المنشآت الاقتصادية العامة كما ينبغي التأكيد على إن الدولة تؤدي دورا" متوازنا" ومتكاملا" مع السوق , فالقطاع الخاص بحاجة إلى الدولة, وفي حالة العراق اليوم , وبعد مرور ثماني سنوات على تغير النظام السابق لم يتمكن القطاع العام من إعادة بناء وتشغيل العديد من المصانع ومنظومات الماء والكهرباء والصرف الصحي والاتصالات وغيرها بالرغم من توافر الجزء الأكبر من البنية الأساسية لهذه المشاريع .
مما سبق يمكن القول , إن أهم القطاعات التي يمكن إسنادها إلى القطاع الخاص هي القطاعات الخدمية إذ إنها مؤهلة لعملية الخصخصة التنظيمية بشرط أن تكون هناك تعديـلات أساسيـة في الأسعار بما يحقق مصلحة الأفراد أي المستهلكين والقطاع الخاص وفي المقابل سوف تتخلص الدولة من نفقات مالية كبيرة لقطاعات الخدمات والمشكلات التي تعاني منها , ولنجاح ذلك لابد من صدور التشريعات المنظمة لبرامج الخصخصة التي من أهدافها منع الاحتكار وتشجيع المنافسة وعلاوة على ذلك إنشاء هيئات رقابية نزيهة لمتابعة أعمال المشروعات المحولة إلى القطاع الخاص لحماية المستهلك وضمان منافسة عادلة , إن التفكير في تحول إدارة القطاع الخدمي العام إلى القطاع الخاص لايستند فقط إلى عدم توافر الإمكانات المالية للحكومات للاستمرار بها , وإنما ينطوي مثل هذا التحول على أهداف أخرى لاتقل أهمية في مجال التصدي للضغوط الناتجة عن استمرار زيادة الطلب على خدمات البنى الأساسية , فضلاً عن ماقد يترتب على هذا التوجه من ترشيد واستخدام أمثل للخدمات الأساسية التي أصبحت تتصف بالندرة وارتفاع تكاليفها العالية , أما فكرة إسناد القطاع الصناعي إلى القطاع الخاص الوطني مثل صناعة الغزل والنسيج والصناعات الغذائية , لايمكن أن يكتب لها النجاح مالم تتوافر الحماية الكافية لمنتوجات هذه الصناعات التي لم تتمتع بالميزة التنافسية بسبب عدم مواجهة هذه الصناعات للسلع المستوردة بسبب تباين الجودة , والتكاليف , وإذا ما استمرت نسبة الضريبـة الكمركية على السلع المستـوردة نحو5)%) فقط فأنها ستعوق عمل القطاع الخاص وبالنتيجة ستكون العملية غير مجدية تماماً .
من هنا فأن إعادة النظر وإجراء إصلاحات اقتصادية مهمة على الأنشطة الاقتصادية أصبح أمراً تحتمه الظروف الاقتصادية والمالية وضرورة تحسين كفاءة التوظيفات الاستثمارية للدولة من ناحية أخرى , ففي إطار جهود الحكومة العراقية في السعي لخصخصة المشاريع الإستراتيجية فقد صادق مجلس الرئاسة بجلستهُ المنعقدة في 2007-12-2 على قانون الاستثمار الخاص في صناعة تكرير النفط الخام في العراق وحسب قانون رقم 64 لسنة 2007 وكان الهدف من هذا القانون تشجيع القطاع الخاص في المشاركة بعملية التنمية الاقتصادية في العراق والإسهام في بناء القاعدة الصناعية من خلال الدخول في نشاط تصفية النفط الخام وتضمن القانون أيضاً منح القطاع الخاص صلاحية إنشاء مصافي تكرير النفط الخام وامتلاك منشآتها وتشغيلها وإدارتها وتسويق منتجاتها , وكذلك منح القانون للشركة المستثمرة حق استخدام المرافق العامة كالمستودعات ومرافق التصدير والأنابيب بموجب عقد بينها وبين وزارة النفط والوزارات ذات العلاقة بتنظيم حقوق والتزامات الطرفين.
وتأسيساً على ما تقدم نجد أن هناك حاجة ملحة تدفع الدولة إلى التوجه نحو اقتصاد السوق وتوزيع الموارد إدارياً لصالح القطاع الخاص ولكنهُ بصورة معتدلة وليس بالتوسع المفرط وذلك لتحقيق أهداف متعددة أهمها التوزيع الكفوء للموارد في ظل اقتصاد مفتوح يدعم الناتج المحلي غير النفطي بالمعدلات التي تطمح إليها عبر استثمارات متجددة لرأس المال الخاص الوطني في تلك القطاعات الاقتصادية .

ثالثاً : أنمـوذج الخصخصـة التنظيمية لبعض شركات القطاع العام في العــراق

إن فكرة عملية الخصخصة أوسع نطاقاً وأعمق مضموناً من عملية بيع منشآت القطاع العام إلى القطاع الخاص فبموجب الخصخصة التنظيمية التي تبقي على ملكية الدولة يمكن خلالها تنشيط أداء
القطاع الخاص ورفع كفاءة القطاع العام خصوصا" وأن الاقتصاد العراقي الآن في أمس الحاجة إلى إعادة هيكلة قطاعاتهُ الاقتصادية .
وإذا أخذنا إصلاح وخصخصة الشركات العامة لوزارة التجارة في العراق أنموذجاً سنجد إن وزارة التجارة استحدثت منذ أربع سنوات مديرية لتطوير القطاع الخاص , كانت سبباً في تضخم القطاع الحكومي والهيكل الرئيس للوزارة دون تقديم شيء يعتد به في مجال تطوير قدرات القطاع الخاص وفسح المجال لهُ لقيادة القطاع التجاري , وهناك ثلاث شركات تتولى إدارة نظام البطاقة التموينية وهي إدارة ضعيفة وبيروقراطية وينتابها الفساد الإداري والمالي وهي الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية , والشركة العامة لتجارة الحبوب والشركة العامة لتصنيع الحبوب , إذ لايمكن خصخصة الشركات الثلاث إلا بتقنين نظام البطاقة التموينية أو إجراء تغيير في إدارتها عن طريق شركات القطاع الخاص , بما يسهم بفعالية في إدارة الشركات وجعلها تعمل على وفق معايير تجارية .
فيمكن من خلال إصدار كوبونات البطاقة التموينية على غرار(الفيزا كارت) وتكون مقبولة في الأسواق مقابل مفردات عينية محددة من حيث الكم والنوع يحق لحامليها تنقيدها في المصارف الحكومية والخاصة , ولكن تحتاج هذه الطريقة نظاما" مصرفيا" كفوءا" من أجل التعامل مع أشباه النقود (الكوبونات) وفتح حسابات في المصارف تخص الكوبونات التموينية , الأمر الذي سينجم عنهُ سعي القطاع الخاص التجاري لتطوير قدراتهُ الاستيرادية والخزنية والتوزيعية من أجل إشباع الطلب الكبير على مفردات البطاقة التموينية مما سيخلق منافسة بين شركات الإنتاج يجعلها مضطرة إلى رفع إنتاجيتها وتحسين نوعية سلعها وخدماتها وتخفيف أسعارها ليس على مستوى القطاع الخاص بل حتى مع شركات القطاع العام , وكذلك الأثر سيكون ايجابياً على القطاع الزراعي لأن تحرير أسعار السلع الداخلة في البطاقة التموينية والمدعمة أساساً من الحكومة سيؤدي إلى رفعها وهذا ما يخلق الحافز للمزارعين كما يمكن التعاقد مع شركات خاصة لاستيراد وإيصال مفردات البطاقة التموينية بالكم والنوع المحدد لمدة سنة وبمعدل شركة واحدة لكل محافظة , أما دور وزارة التجارة فيقتصر على الرقابة والإشراف ,وبذلك يمكن خصخصة الشركات الثلاث بالكامل مع إبقاء ملكية الدولة , ويمكن أيضا ً لوزارة التجارة بيع وإيجار المخازن والكراجات ووسائل النقل وغيرها إلى القطاع الخاص , ويمكن أيضاً خصخصة الشركة العامة للأسواق المركزية عن طريق عرضها للبيع لتكون (مولات) فهناك 21 سوقاً مركزياً منها 9 صالحة و 6 مدمرة جزيئاً و 6 مدمرة كلياً , وهناك أيضا 37موقفاً ومسقفاً ومخزناًيمكن عرضها للبيع والإيجار وتحويل العاملين الذين يتخلى عنهم المستثمر إلى دائرة الموظفين الاحتياط , التي يمكن استحداثها إليهم في وزارة التجارة لينقل إليها الموظفون الفائضون في الشركات العامة أيضاً ويستمرون في الحصول على رواتبهم كاملة من الموازنة العامة للدولة ويخضعون لضوابط الترقية والعلاوة أو حسب تعليمات الدائرة , كما يجب شمولهم بالتقاعد على وفق السن القانونية وخلق الحوافز للتقاعد المبكر كإعطاء رواتب لثلاث سنوات قادمة , أما بالنسبة للشركة العامة لتجارة المواد الإنشائية والشركة العامة لتجارة السيارات , فعلى الرغم من كونها تعد من المنشآت الرابحة كونها معفية من الضرائب الكمركية من جانب ولأن مؤسسات الدولة ملزمـة بالشراء منها حصراً من جانب آخر ,إلا إن هذا الأمر أوجد أفضلية احتكارية لاستيراد السيارات من قبل القطاع العام فقط , لذا يجب السعي بجعلها شركات مساهمة من خلال إصلاح هيكل إدارتها لكي تعمل على وفق معايير تجاريـة , أو خصخصتها وتحويل ملكيتها إلى القطاع الخاص .

نستنتج مما سبق , إن أي محاولات بذلك الاتجاه سوف لن تكون مجدية مالم تتوافر الأطر القانونية اللازمة لإدارة القطاع الخاص لمشاريع القطاع العام , وفوق كل ذلك يجب أن يكون نظام البلد أهلاً لثقة مستثمري القطاع الخاص الوطني ولن يحدث ذلك إلا في جو الحرية والانفتاح السياسي والمعلوماتي لكونها صمام الأمان للقطاع الخاص للوصول إلى الهدف النهائي وهو خلق حالة مُرضّية أو مناسبة من النمو الاقتصادي المستدام .



#نبيل_جعفر_عبد_الرضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرتكزات الأساسية للقطاع الخاص في العراق
- واقع القطاع الخاص في العراق
- جدلية الامن والتنمية في العراق- الحلقة الثالثة
- جدلية الامن والتنمية — الحلقة الثانية
- جدلية الامن والتنمية في العراق -- الحلقة الاولى
- البيئة الاستثمارية في البصرة
- اللامركزية في العراق
- رؤية إستشرافية للدولة الريعية في العراق
- مفهوم الدولة الريعية
- منظمات الأعمال في البصرة :
- الآثار الاقتصادية لتحرير التجارة الخارجية في العراق
- إستراتيجية مقترحة لمعالجة الفساد في الاقتصاد العراقي
- مناخ الاستثمار النفطي
- بيئة الاعمال في البصرة
- مخاطر الاستمرار بتثبيت الدينار العراقي
- التجارة في البصرة
- القدرات التصديرية المستقبلية للغاز الطبيعي في العراق
- البصرة تعوم على اكبر بحيرة نفط في العالم
- الأهمية النفطية لبحر قزوين
- نحو إستراتيجية جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى العراق


المزيد.....




- المغرب وفرنسا يسعيان لتعزيز علاقتهما بمشاريع الطاقة والنقل
- مئات الشاحنات تتكدس على الحدود الروسية الليتوانية
- المغرب وفرنسا يسعيان إلى التعاون بمجال الطاقة النظيفة والنقل ...
- -وول ستريت- تقفز بقوة وقيمة -ألفابت- تتجاوز التريليوني دولار ...
- الذهب يصعد بعد صدور بيانات التضخم في أميركا
- وزير سعودي: مؤشرات الاستثمار في السعودية حققت أرقاما قياسية ...
- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية
- أسعار النفط تتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين
- -تيك توك- تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نبيل جعفر عبد الرضا - دور الخصخصة في تطوير دور القطاع الخاص في العراق